ثكلت البنادق ابنها الغالي،وبكت الألواح والأقلام رفيقا مخلصا،وانطفأت شمعة أضاءت درب أجيال المدرسة النظامية الموريتانية عقودا طويلة،واختفى اسم علم كبير تمكن في ذؤابة اترارزة،إنه المرحوم الشيخ ولد أحمد عيشة.
غادر إلى العالم الآخر مساء الأربعاء 15/08/2018 وترك سيرة وخلفا وتاريخا مثلت حاصل عمله في امتحان الحياة،فكانت نتائجه مشرفة،فله التهنئة ولكم العزاء.
التزم ببنود البيعة مع الله فجالس العلماء واهتم بأمور المسلمين وسعى في إصلاح ذات بينهم وتذويب الفوارق الاجتماعية بين الشرائح والعرقيات،محاربا ما في الثقافة السائدة من تخصص وظيفي ظالم للزوايا والعرب حتى ضرب الناس بعطن.
تكونت قناعته بإصلاح المجتمع والدولة فركب مطية التربية والتعليم رغم انتمائه لبيت عريق من قبيلة لعلب التي كانت أحياؤها زمن المخاوف مدارس عسكرية تعد النخبة على مدار الساعة للمشاركة في هجوم أو صد غارة وشيكة.
وقف في وجه الثقافة السائدة إيمانا بقضيته تلك وامتهن التدريس الذي لم يكن مهنة أجداده،وبدأ التفكير في الطرق التربوية المناسبة فوجد في الأراجيز والموزون الحساني وسيلة فعالة لمواجهة نسيان قواعد اللغة الفرنسية مستلهما موروث المحظرة ومثلها القائل:العندو النص ما يطمص.
أثبتت طريقته تلك نجاحا مذهلا وساهمت الأجيال التي عاشتها في تدعيم استقلال البلاد،وهي طريقة تستحق أن تعتمد في كل عملية إصلاح للتعليم.
كان الفقيد رجلا لا ككل الرجال لإسهامه في إيجاد تربية متوازنة للإنسان الموريتاني المكون - كغيره- من روح وجسد لا يستقل أحدهما عن الآخر إلا عند الوفاة.
رحم الله الفقيد الشيخ ولد أحمد عيشة وأسكنه فسيح جناته،وألهم ذويه الصبر والسلوان،وإنا لله وإنا إليه راجعون.