أعلن يوم أمس في انواكشوط عن وفاة القارئ المقرئ والشاعر واللغوي الكبير محمد عبد القادر بن محمد المامي المعروف ب"قاري"، عن عمر ناهز السبعين سنة.
وكان قاري من أبرز شعراء وأدباء السبعينيات، ولكنه لم يكن من محبي الأضواء والشهرة، رغم رسوخ قدمه في فنون وبحور الشعر العربي كلها ودواوينه، وفي علوم اللغة العربية.
وكان قد أدى الخدمة العسكرية في شبابه إبان الحرب (1976-1980). وتخرج من المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
ثم تفرغ في النهاية لخدمة القرآن الكريم، دراسة وتدريسا وتلاوة وقياما... واشتغل في تلك الأثناء بالإمامة والخطابة، في الرياض بانواكشوط، ثم في الرياض بالمملكة العربية السعودية.
ترك الرجل ديوانين حافلين بدرر الشعر المتنوع في الفن والأغراض: ديوان القصائد والمقطوعات العام في أغراض الغزل والاجتماعيات والرثاء... وديوان قصائد السياسة والتوجيه، يطغى عليه التأثر بمشاكل الأمة الإسلامية وقضاياها المصيرية ومن أبرزها القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى... حتى أطلق عليه في التسعينيات "شاعر الصحوة".
وكانت دراسة شعره موضع رسالة جامعية.
عرف العلامة قاري بمواقفه الشجاعة ومحاربته للعنصرية ودفاعه عن العدالة والمساواة.
ومن أشهر الحوادث السياسية في حياة الخطيب قاري نصيحته للرئيس السابق معاوية ولد سيداحمد الطائع.
ففي نهاية التسعينيات، وبينما كان ولد الطائع يحضر في الخفاء لإقامة العلاقات مع "إسرائيل" اجتمع بوفد من الأئمة في القصر الرئاسي، كان الفقيد بينهم ـ بالصدفة ـ وعند دوره في الكلام، قال للرئيس: لن تخلد في هذا المنصب، فسوف تخرج منه بانقلاب عسكري أو بأمر آخر، فقم بأمانته العظيمة، و"احذر بطانة السوء فإنها لن تعينك إلا على ما يضرك ويضر البلاد والعباد"...