بسم الله الرحمن الرحيم
هو محمد محمود ولد أحمد من مواليد 1950 في أطار، تربى في بيت من بيوتات أولاد بوسحاق الشمسديين الأطاريين القلقميين في أطار، بعد المحظرة التحق بالمدرسة النظامية، تابع تعليمه إلى أن تخرج من الجامعة ثم المدرسة الإدارية أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ثم ما لبث أن تقلد مناصب عليا في وزارة الداخلية، فكان بالنسبة لوزارة الداخلية رجل المهمات الصعبة.
عين واليا في ولاية لعصابه سنة 1987، وصدفة كنت في كيفه مدرسا في الأقسام التربوية وجمعتنا الخدمة في المدينة، ويستحق علي أن أذكر بعض ما قدمه للوطن ليكون نموذجا في المسؤولية للأجيال، وخاصة الإدارة الإقليمية.
فعرف عن المرحوم محمد محمود ولد أحمد التواضع ونكران الذات مع اليقظة والنباهة والتجربة العميقة.
مواهـــــب حاز هبـــــــة وارثــــــا وأحياهـــــــا مواتــــــــا واشـــــتراها
كان من أسلوب المرحوم محمد محمود ولد أحمد تقريب الإدارة من المواطن والرقابة على المؤسسات العمومية كي تعطي ثمرة جيدة أو مقبولة على الأقل، وكان كل يوم عند بداية العمل في الصباح يركب سيارته قبل أن يدخل مكتبه ويقوم بجولة بين المدارس والمستشفيات والمصحات ومكتب المقاطعة ليطمئن على الحضور، فيقف أمام المؤسسة بأدب وأريحية ويقول لمن استقبله جئت للسلام عليكم وأنبهكم أني في خدمتكم من أجل إصلاح العمل، ولا مانع من أن يصطدم بمن يحتاج إلى (تحمير العين).
حالة أخرى: قام بجولة روتينية في الولاية ومعه جميع رؤساء المصالح في جنوب الولاية ثم عاد من جولته وبعد أسبوعين زرته في مكتبه للسلام عليه، ثم توسعنا في حديث جانبي فقلت له أنت أوصيتني مرة أن لا أرى ما يحتاج إلى نصحك وإرشادك إلا ذكرتك به في الوقت المناسب، فقال لي نعم، قلت ذلك وما زلت، فقلت له: إن ملاحظتي بسيطة لكنها غير مألوفة من مثلك من المسؤولين الكبار فقلت له: قال لي أحد سكان الولاية في الجنوب إنه وجدكم في القيلولة تحت دوحة في الغابة والأحياء والمنازل تحيط بكم من كل جهة قال لي: صحيح هو كذلك، يا أخي لا أرغب في أن أزعج مواطنا وأكلفه بضيافة هذا الخلق فالمواطن ضعيف اقتصاديا ولا ينتظر من الدولة إلا الزيادة لا النقصان وأنا لا أملك شيئا أعوضه له ودائما أحب هضم النفس فكم من دعاني لضيافتي من رجال الاعمال والشخصيات الاعتبارية في الولاية فرفضت، وكم من عرض علي الحلائب في فصل الخريف في الولاية فرفضت فهذا التكسب تعافه نفسي إلا من قريب أو صديق حميم.
حول محمد محمود- صاحب الترجمة – بعد ذلك واليا على ولاية اترارزه سنة 2000 بعد ما نظف أجواء ولاية لعصابة وقرب الإدارة من المواطن ثم بعد ذلك عين مديرا بوزارة التخطيط والعمران، ولما سجن نظام العشرية الماضية ثلاثة من رجال الأعمال من أبناء عمومته كانوا يضيؤون في سماء نواكشوط وتعرض مرارا للكثير من المضايقات في نظام العشرية قدم استقالته منه وانتقل بالسكن إلى انواذيبو فاستقبله أبناء عمومته من الشماسيد استقبال الأبطال فجعلوه منسقا لهم في مناحي الحياة، إلى أن جاء ذلك الذي لابد منه، وشيع يوم الجمعة في موكب بهيج ودفن في مقبرة لكصر سنة 2021 .
رحمك الله يا محمد محمود –ونحن ما زلنا في حداد مستمر عليك منذ (55 يوما)، وما عقمت أمة أنجبتك ولا خابت إدارة وظفتك ولا ضاع لك حق في قلوب المحبين لك.
الإمام الأمين ولد عبد الجليل
إمام جامع بعرفات
انواكشوط 20/05/2021