انتقيت في شهر ربيع الأول منذ سنوات أبياتا من همزية البوصيري المديحية رحمه الله تعالى.
وقد جعلتها ثلاثة محاور، واجتهدت أن تتضمن هذه المختارات أبرز محاور القصيدة العصماء، مع المحافظة على ترتيب الأبيات المختارة في الهمزية.
أرجو أن أكون موفقا في هذا الاختيار.
وسأعيد نشر هذه المختارات احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف.
مع خالص التقدير والامتنان.
وفيما يلي نص الاختيارات:
1. مديح وتنويه بالليلة الغراء:
كيف ترقى رقيك الأنبياء
يا سماء ما طاولتها سماء
لم يساووك في علاك وقد حال (م)
سنى منك دونهم وسناء
إنما مثلوا صفاتك للناس (م)
كما مثل النجوم الماء
أنت مصباح كل فضل فما تصدر (م)
إلا عن ضوئك الأضواء
لك ذات العلوم من عالم الغيب (م)
ومنها لآدم الأسماء
لم تزل في ضمائر الكون تختار (م)
لك الأمهات و الآباء
ما مضت فترة من الرسل إلا
بشرت قومها بك الأنبياء
تتباهى بك العصور وتسمو
بك علياء بعدها علياء
وبدا للوجود منك كريم
من كريم آباؤه كرماء
نسب تحسب العلا بحلاه
قلدتها نجومها الجوزاء
حبذا عقد سؤدد وفخار
أنت فيه اليتيمة العصماء
ومحيا كالشمس منك مضىء
أسفرت عنه ليلة غراء
ليلة المولد الذي كان للدين (م)
سرور بيومه وازدهاء
2. من الشمائل الشريفة:
ألف النسك والعبادة والخلوة (م)
طفلا وهكذا النجباء
وإذا حلت الهداية قلبا
نشطت للعبادة الأعضاء
رب إن الهدى هداك وآياتك (م)
نور تهدي بها من تشاء
فصف الليلة التي كان للمختار (م)
فيها على البراق استواء
وترقى به الى قاب قوسين (م)
وتلك السيادة القعساء
رتب تسقط الأماني حسرى
دونها ما وراءهن وراء
ثم وافى يحدث الناس شكرا
اذ أتته من ربه النعماء
فتنزه في ذاته ومعانيه (م)
استماعا إن عز منها اجتلاء
واملإ السمع من محاسن يمليها (م)
عليك الإنشاد والإنشاء
سيد ضحكه التبسم والمشي (م)
الهوينا ونومه الإغفاء
ما سوى خلقه النسيم ولا غير (م)
محياه الروضة الغناء
رحمة كله وحزم وعزم
ووقار وعصمة وحياء
لا تحل البأساء منه عرى الصبر (م)
ولا تستخفه السراء
كرمت نفسه فما يخطر السوء (م)
على قلبه ولا الفحشاء
جهلت قومه عليه فأغضى
وأخو الحلم دأبه الإغضاء
شمس فضل تحقق الظن فيه
أنه الشمس رفعة والضياء
أمع الصبح للنجوم تجل؟
أم مع الشمس للظلام بقاء؟
كل فضل في العالمين فمن فضل (م)
النبي استعاره الفضلاء
3. توسل ودعاء:
يا أبا القاسم الذي ضمن إقسامي (م)
عليه مدح له وثناء
بالعلوم التي عليك من الله (م)
بلا كاتب لها إملاء
ومسير الصبا بنصرك شهرا
فكأن الصبا لديك رخاء
وبأصحابك الذين هم بعدك (م)
فينا الهداة والأوصياء
وبأزواجك اللواتي تشرفن (م)
بأن صانهن منك بناء
الأمان الأمان إن فؤادي
من ذنوب أتيتهن هواء
ضقت ذرعا مما جنيت فيومي
قمطرير وليلتي درعاء
قد تمسكت من ودادك بالحب (م)
الذي استمسكت به الشفعاء
ولك الأمة التي غبطتها
بك لما أتيتها الأنبياء
لم نخف بعدك الضلال وفينا
وارثو نور هديك العلماء
فانقضت آي الانبياء وآياتك (م)
في الناس ما لهن انقضاء
والكرامات منهم معجزات
حازها من نوالك الأولياء
إنما فضلك الزمان وآياتك (م)
فيما نعده الآناء
فسلام عليك تترى من الله (م)
وتبقى به لك البأواء
وسلام عليك منك فما غيرك (م)
منه لك السلام كفاء
وسلام من كل ما خلق الله (م)
لتحيا بذكرك الأملاء
وصلاة كالمسك تحمله مني (م)
شمال إليك أو نكباء
وسلام على ضريحك تخضل (م)
به منه تربة وعساء
وثناء قدمت بين يدي نجواي (م)
إذ لم يكن لدي ثراء
ما أقام الصلاة من عبد الله (م)
وقامت بربها الأشياء
ملحوظة: كتابةحرف الميم بين قوسين في آخر الشطر تعني أن البيت مدور: أي أن الحرف الأخير أو الحرفين الأخيرين قبل هذه الميم هو أو هما أول الشطر الثاني من البيت. وهذه ظاهرة عروضية شائعة في البحر الخفيف الذي جاءت القصيدة على إيقاعه.
تنويه: اخترت هذه المقطوعات الثلاث من نسخة قديمة مطبوعة من الهمزية. ثم صححتها بحمد الله تعالى على النسخة المنشورة في الجزء الأ ول من كتاب (المجموعة النبهانية في المدائح النبوية)، وهي مطبوعة بعناية وتصحيح المؤلف الشيخ يوسف النبهاني رحمه الله. وقد ذكر في المقدمة أنه اعتمد على أكثر من نسخة خطية أو مطبوعة لكل قصيدة نشرها في كتابه.