الأخبار (خاص) – شهد قطاع التنقيب عن المناجم في موريتانيا قفزة عددية واضحة منذ العام 2010. فقد سجل عدد الرخص الممنوحة للتنقيب تضاعفا بنسبة 540% خلال السنين الثلاث الماضية مقارنة بالفترة 2006-2009. لكن الانعكاسات المباشرة لهذه القفزة على التنمية تبقى غير ملموسة.
محاباة المقربين
وقد حازت شركات لرجال مقربين من النظام حصة الأسد في الرخص رغم مخالفتها للمعايير. حيث حصلت شركة "Wafa Mining" التابعة لمجموعة أهل غده فور إنشائها عام 2010 على 8 رخص لتكون أكبر الشركات حصة في ذلك العام، رغم حداثة نشأتها وافتقارها للخبرة، حيث لا تتوفر على موقع على الإنترنت مثلا، أما موقع المجموعة الأم على الشبكة فلا يزال "قيد الإنشاء" (اضغط هنا).
كما حصلت مجموعة رجل الأعمال اعزيزي ولد المامي، المقرب من الرئيس الموريتاني، على تسع تراخيص استحوذت على خمس منها عن طريق شركة "MACOBA TP" غير المتخصصة في التعدين والتي تقدم نفسها في موقعها على الإنترنت على أنها متخصصة في الأشغال العامة (اضغط هنا). فيما ذهبت أربع رخص لشركة ID-GEOSERVICES التابعة للمدموعة والناشطة بالفعل في المجال.
ويشكل مجال التعدين في موريتانيا حسب مصادر عارفة مجالا خصبا للكثير من الممارسات الضارة بالبيئة حيث تنعدم أو تكاد الرقابة على نشاط التنقيب بسبب ضعف الوسائل وغياب أجهزة رقابة قادرة فضلا عن الفساد والتواطئ.
تضاعف قياسي
فحسب المعطيات التي جمعتها وكالة "الأخبار" المستقلة منحت موريتانيا 78 رخصة تنقيب سنة 2010 في مقابل 149 رخصة في 2011. أما النصف الأول من 2012 فقد سجل منح 39 رخصة، بما فيها تلك التي أعيد تجديدها.
وتظهر حصيلة السنوات الثلاث الماضية (266 رخصة) زيادة بأكثر من خمسة أضعاف مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة (2007-2009) و التي لم يتجاوز فيها معدل عدد الرخص 16، طبقا للمعطيات التي حصلت عليها الأخبار
أهم مجالات رخص التنقيب |
|
الحديد (المجموعة 1) |
65 |
الذهب والمواد المصاحبة (المجموعة 2) |
134 |
اليورانيوم والمواد الأخرى المشعة (المجموعة 4) |
49 |
الكوارتز (المجموعة 5) |
13 |
الماس والأحجار الكريمة (المجموعة 7) |
3 |
اطلع هنا على إحصاء مفصل للرخص حسب الشركات والسنوات
وتتعلق 134 رخصة تنقيب، من أصل 266 تم منحها بين يناير 2010 ويوليو 2012، أي ما يزيد على النصف بالتنقيب عن الذهب والمواد المصاحبة (المجموعة 2)، بينما تتعلق 65 رخصة بالحديد والمواد المرتبطة به (المجموعة 1). بينما تم منح 49 رخصة للتنقيب عن اليورانيوم والمواد الأخرى المشعة (المجموعة 4)، فيما تم منح 13 رخصة لتنقيب عن الكوارتز (المجموعة 5) وثلاث رخص للتنقيب عن الماس والأحجار الكريمة (المجموعة 7).
غياب حكومي
وضمن الرخص الممنوحة منذ يناير 2010، يلاحظ غياب شبه تام للقطاع العمومي. ورغم أن اسنيم حصلت في مارس 2011 على رخصتين للتنقيب عن الذهب وحصل المكتب الموريتاني للبحث الجيولوجي على اثنتين للتنقيب عن الحديد في أبريل 2009، إلا أن حصة الشركات الحكومية تتوقف عند هذا الحد، ليستحوذ القطاع الخاص على هذا الميدان، لاسيما من خلال شركات أجنبية يتولى تمثيلها رجال أعمال موريتانيون.
رخص التنقيب حسب السنوات |
|
2012 – يوليو |
39 |
2011 |
149 |
2010 |
78 |
2009 |
12 |
2008 |
20 |
2007 |
17 |
اطلع هنا على جرد بأبرز الشركات الموريتانية الحاصلة على رخص تنقيب
غير أنه طبقا لمصادر عارفة بالقطاع فإن عددا من الشركات الموريتانية، رغم عدم اختصاصها في المجال، تحصل على رخص تنقيب ومن ثم تدخل في شراكة مع شركات أجنبية ترغب في التنقيب ولديها الوسائل اللازمة.
وتتوزع ستة عشر شركة موريتانية أو أجنبية يمثلها موريتانيون على 103 رخص في مجالات الذهب والحديد واليورانيوم من أبرزها شركة "MACOBA TP" التابعة لمجموعة اعزيزي ولد المامي والتي تستحوذ على خمس تراخيص للتنقيب عن الحديد واليورانيوم، رغم كونها متخصصة في الأشغال العامة وليس في التعدين. كما تستحوذ شركة ID-GEOSERVICES التابعة لنفس المجموعة على أربع رخص للبحث عن الذهب والحديد واليورانيوم.
كما تمتلك شركة MAURITANIA MIMNERALIS التابعة لمجموعة أهل عبد الله 10 رخصة تنقيب في مجالات البحث عن الماس واليورانيوم والذهب وعلى خمس رخص أخرى من خلال شركة SOMASO. وتستحوذ مجموعة أهل غده من خلال شركة Wafa Mining على 8 تراخيص للتنقيب عن اليورانيوم والذهب والحديد، فيما حصلت OreCorp Sarl Mauritania، وهي شركة أمريكية تقيم شراكة مع رجل الأعمال محمد ولد اجّه، على 13 رخصة للذهب.
حضور أجنبي لافت
من جانبها تتوفر شركة MAURITANIA RESOURCE EARTHSTONE المملوكة لرجل الأعمال حمي ولد الطنجي على 9 رخص للبحث عن الذهب، فيما تتوفر TAFOLI MINERALS، المملوكة للمرابط ولد محمد مختار على 7 رخص للتنقيب عن الذهب. أما مجموعة TAYSSIR RESOURCES لأحمد سالك ولد ابوه فلديها 4 رخص للذهب بينما لدى مجموعة BSA لمحمد ولد بوعماتو 3 رخص بحث عن الذهب واليورانيوم.
وتتوزع 163 رخصة تنقيب الباقية، من أصل 266 منحت منذ يناير 2010، بين شركات مختلفة غالبيتها أجنبية.
وحسب قانون المعادن الموريتاني (المدونة المعدنية الصادرة في 2008) تمنح رخصة تنقيب لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرتين. ولا يمكن أن تتجاوز مساحة الرخصة الواحدة 1000 كلم2 في المجموعات من 1 إلى 6، فيما يمكن أن يصل حجم المساحة المرخصة في حالة المجموعة 7 (الأحجار الكريمة) إلى 5000 كم2.
ويلزم القانون الموريتاني المستثمر بمباشرة نشاطه من خلال استثمار لا يقل عن 15.000 أوقية بواقع كل كيلومتر مربع في السنوات الثلاث الأولى، و20.000 أوقية في فترة التجديد الأولى و30.000 أوقية في فترة التجديد الأخيرة، وذلك تحت طائلة مصادرة الضمانة المالية التي يودعها المستثمر.
أما رخص الاستغلال فتحتفظ الدولة بموجبها بـ10% من قيمة المنجم وتعتبر كل الخامات الموجودة ملكا خاصا بالمستثمر الذي يحظى إضافة لذلك بإعفاء ضريبي كامل في السنوات الأولى للاستغلال.
"إجراءات خصوصية"
مصادر مطلعة في وزارة الطاقة والنفط قالت للأخبار إن متسوط مساحة الرخصة المعدنية الممنوحة من مجلس الوزراء يتراوح ما بين 500 إلى 600 كلم مربع، ما يعني أن حوالي 133 ألف كلم مربع من مساحة موريتانيا قد منحت لأقل من تسعين شخصا، وخلال فترة لا تتعدى 31 شهرا من فترة حكم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.
ومع المعدل المتسارع لمنح الرخص، وارتفاع أرقام مساحتها، يكون خيار "تفويت" موريتانيا للخصوصيين واردا –يقول مدافعون عن البيئة- وعلينا خلال فترة وجيزة توقع تحول الأراضي الموريتانية إلى "إقطاعيات" للشركات الخصوصية، ومواطن للبحث عن خيرات الأرض واستخراج مكنونها.
وخلال هذا الفترة (يناير 2010 – يوليو 2012) والتي تصل إلى 30 شهرا، و124 أسبوعا، يصل معدل منح الرخص من قبل الحكومة الموريتانية للشركات الخصوصية إلى رخصتين أسبوعيا.
وسبق لوزارة البيئة الموريتانية أن أبلغت وزارة الطاقة الموريتانية عن خرق الشركات الخصوصية العاملة في مجال التنقيب للإجراءات البيئية المعتمدة في هذا المجال، حيث تحول المناطق التي تنشط فيها إلى حفر ومرتفعات، مغيرة بذلك طبيعة المنطقة، دون أن تكلف نفسها احترام الضوابط البيئية والقوانين الحاكمة للمجال.