الأخبار (نواكشوط) – أكد وزير البترول والطاقة والمعادن عبد السلام ولد محمد صالح أن قطاعه يعكف "منذ سنتين على إنجاز برنامج تحول طموح من شأنه تمكين قطاع الكهرباء من أن يلعب دوره الريادي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد".
وأضاف ولد محمد صالح في مقابلة شاملة مع وكالة الأخبار أن هذا البرنامج سيعطي "الحكومة الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف التي حدّدها برنامج فخامة رئيس الجمهورية في أفق 2024، وأهداف التنمية المستدامة في أفق 2030".
وأردف ولد محمد صالح أن هذا البرنامج يتناول على "وجه الخصوص تنظيم وتحسين أداء وإعادة هيكلة المشغّل التاريخي للمرفق العمومي أي الشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك)، وهو ما يمثّل جزءًا مهمًا من برنامج التحوّل في قطاع الكهرباء، بما في ذلك تحديث الإطار القانوني والمؤسسي للقطاع".
وكشف الوزير أن تشكلة الشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك) المُعاد هيكلتُها ستشمل الكيانات الأربعة التالية التي سيتم تنظيمُها، وفقا لأهداف مدونة الكهرباء الجديدة، بغية ضمان استمراريتها ومنع الإعانات المتبادلة المنافية لمبدء المنافسة، وهي شركة خاصة بإنتاج ونقل الكهرباء، وشركة خاصة بتوزيع وتسويق الكهرباء، وأخرى خاصة بالكهربة الريفية، وتتبع هذه الشركات لهيئة قابضة بوصفها الشركة الأم".
ولفت الوزير إلى أن هذا الخيار تم اعتماده إثر دراسة تم اعدادها بالتعاون مع الاتحاد الأوربي، مؤكدا أن هذه الإصلاحات تستهدف "إضفاء المزيد من الحيوية والتنافسية إلى القطاع من أجل ضمان جودة واستمرارية خدماته".
وتحدث الوزير عن إطلاق شركة "صوملك" عدة حملات من بينها "حملة واسعة لتحسين جودة الخدمة وزيادة الوعي بين المشتركين بشأن توفير الكهرباء"، وأخرى "لمكافحة الاحتيال والاسترداد والفواتير".
وقال إنها حددت ما يقرب من 35% من المخالفات (قيد المعالجة) في عينات المشتركين التي تمت معالجتها.
وأضاف الوزير أن الشركة تنفذ برنامجا للتحول الرقمي والرقمنة لتحسين وتطوير جميع قطاعات الإدارة التجارية للشركة (حوسبة جميع العمليات، الدفع الإلكتروني لتوفير تكاليف النقل على المستهلكين وتسريع المعاملات، المنصات التفاعلية مع المشتركين والتخطيط لإدخال العدادات الذكية).
وأكد الوزير إطلاق مشروع لجعل الشبكات والمحطات وأجهزة القياس واتصالات المشتركين متوافقة، مما يشكل أساسا لعقود مزود الخدمة للتسويق، مضيفا أن المناطق والمراكز التي تم إصلاحها وتهيئتها، في إطار هذا المشروع، ستكون موضوع برنامج تجريبي لخصخصة التوزيع والتسويق.
وذكر الوزير بأن الشركة عرفت في الماضي تراجعا في الأداء الفني والمالي وانعكس ذلك جليا على الخدمة وعلى كفاءة المنظومة الفنية للمولدات والمحطات الكهربائية وتزامن ذلك مع تراجع الكادر البشري المؤهل مع ما يترتب على ذلك من غياب الصيانة وتراجع الأداء.
وأشار الوزير إلى أنه مع تحسين العمليات المتعلقة بالمناقصات والطلبات ونوعية المشتريات والتموين والتخزين تم الاقتراب تدريجيا من تحقيق عدة أهداف من بينها الشفافية في الإجراءات المتعلقة باقتناء المعدات وصيانة المنشآت وتطوير البرامج الموجهة نحو جودة المنتج وسلامته وتم وضع خارطة طريق نحو النهوض بالأداء.
وأكد الوزير أنه على مستوى المؤشرات، تم وضع وتنفيذ كتيبات الإجراءات للجان المشتريات "صوملك"، كما مكنت استشارات المجموعة وإبرام العقود للطلب من الشركات المصنعة من ضمان جودة المنتج والوصول إلى تخفيضات في الأسعار قاربت الـ25٪ على بعض الأصناف.
كما تحدث الوزير عن تعزيز الرقابة الإدارية والتكثيف من نشاط التفتيش عن طريق القيام برقابة مفاجئة ودائمة.
كما ذكر بأن الشركة تمر بظروف صعبة جدا، وشهدت تدهورا مستمرا منذ 12 سنة على جميع المستويات، على المستوى التنظيمي، وعلى المستوى المالي، وعلى المستوى الفني، لافتا إلى إصلاحها يمثل "أحد المحاور الأساسية للاستراتيجية الوطنية للكهرباء".
وأكد الوزير أن الشركة نفذت في عام 2021، برنامجا متعدد المستويات تتمثل أولويته في إصلاح وتحسين الأداء الفني والتشغيلي والتجاري والمالي للشركة. وقد نتج عن ذلك، في نهاية عام 2021، زيادة 3.4 نقاط في المعدل الإجمالي للعائد، وزيادة هامة في مستويات التحصيل (+18%) مقارنة بعام 2020، فضلا عن تحسن كبير في استمرارية الخدمة العامة في جميع أنحاء التراب الوطني.
وأضاف أنه على الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب بشكل خاص (ارتفاع أسعار المحروقات والأزمة المرتبطة بزيت الوقود)، تمكنت صوملك، نهاية يونيو 2022، من تحسين فواتيرها بنسبة +12%، وعائداتها بنسبة +10% والعائد الإجمالي بِـ1%.
وتحدث ولد محمد صالح في المقابلة عن موضوع المحروقات، وعن مبررات الزيارة الأخيرة، وكذا عن موضوع الكهرباء، وواقع الشركة وآفاقها، إضافة لتوقعات الحكومة من الغاز، وآفاق مشاريع الهيدروجين الأخضر، فضلا عن تفاصيل متنوعة.
وهذا نص المقابلة:
الأخبار: لماذا الزيادة في هذا الوقت الذي بدأ فيه مؤشر أسعار الوقود عالميا في الانكسار، وفي بعض الدول المجاورة كالمغرب تم خفض سعر المحروقات؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
أشكركم على إتاحة الفرصة لإنارة الرأي العام والإجابة على التساؤلات المطروحة.
كما تعلمون، نحن نعيش أزمة عالمية غير مسبوقة تتميز بارتفاع مذهل للأسعار واضطراب كبير في أسواق النفط نتيجة الحرب في أوكرانيا التي نجم عنها انخفاض كبير في وفرة البترول ومشتقاته.
وتزامَنَ مع هذه الأزمة ارتفاع كبير لأسعار بعض المواد الغذائية التي وصلت مستويات تاريخية كما أن العالم لم يسيطر بعد على أزمة كوفيد وتجلياتها.
ونتيجة لهذه العوامل كلها فإن اقتصاد العالم يعيش وضعا متأزما يتسم بضبابية الرؤية، وليس هناك أي وضوح لما سيأتي فيما بعد.
ويكفي فقط الإشارة للخطابات المنذرة بالخطر لبعض قادة العالم خلال الأسابيع الماضية، وكذلك مراجعة صندوق النقد الدولي لتوقعاته للنمو العالمي وإنذاره أن الكثير من الدول النامية قد تواجه أزمات اقتصادية وأزمات ديون حقيقية.
وفي خضم هذا الوضع فإن مسؤولية الحكومة أولا وقبل كل شيء هي حماية الوطن والشعب وإعداده لمواجهة تحديات المستقبل القريب والبعيد عبر توفير هوامش مالية واقتصادية تُمَكِّنُ الدولةَ من التصرف والتعامل مع المخاطر المحتملة.
وكما تعلمون فان الحكومة تنفذ استراتيجية وبرامج كبيرة لا سابقة لها في البلاد لحماية المواطن وإنصاف الفئات الأكثر هشاشة عبر تنفيذ برامج تآزر ومفوضية الأمن الغذائي وبرامج أمل ودعم المزارعين والمنمين والصيد التقليدي.
وفي هذا الإطار، فان الدعم الذي توفره الدولة للمحروقات يلعب دورا هاما في تثبيت الأسعار وخفض كلفة الحياة. وقد قارب هذا الدعم 68 مليار أوقية منذ بداية ارتفاع الأسعار منها 20 مليارا للغاز المنزلي، و48 مليار للبنزين والغازوال (المازوت).
وقد يصل إجمالي الدعم للفترة المتبقية من السنة الحالية ما بين 120 و140 مليار أوقية حسب سيناريوهات أسعار البترول العالمية.
إن خفض دعم المحروقات الذي تقرر إجراؤه جاء بعد مراجعة شاملة للميزانية أظهرت صعوبة الإبقاء على المستوى الحالي لهذا الدعم دون المساس بالبرامج الاجتماعية المذكورة آنفا أو بالبرامج الاستثمارية قيد التنفيذ. ولا يفوت عليكم أنه حتى بعد أن خفضت الدولة ميزانية التسيير والنفقات تبقى نسبة العجز المالي في الميزانية معتبرة.
ويعتبر قرار خفض دعم المواد البترولية من بين الإجراءات الأكثر فاعلية في احتواء العجز المالي لأن الكميات والمبالغ معروفة وتحت سيطرة الدولة.
صحيح، أن القرار له انعكاسات على فئات واسعة من بينها الفقراء، وطبعا نأسف لذلك لكن الحكومة تتخذ الإجراءات المصاحبة للتخفيف من إثر القرار على الفئات الأكثر هشاشة.
وفي نفس الوقت لا يخلو هذا القرار من الجدوائية ومن العدالة حيث إن الكل سيشارك في تحمل جزء من هذا العبء وطبعا أصحاب الدخل المرتفع الذين يستهلكون المحروقات أكثرْ، هم من سيتحملون جزءا مهما من هذا العبء. هذا أولا..
ثانيا، إن هذا القرار من المسؤولية بمكان لأنه يُحَضِّرُ المواطن ويُشْعِرُه بحقيقة العالم الصعب والمتأزم الذي نعيش فيه كما أن مِنْ شأنِه تشجيعُ ترشيد استهلاك الطاقة.
خاصة إذا علمنا أن فاتورة الطاقة ارتفعت من 600 مليون دولار السنة الماضية إلى مليار و200 مليون دولار، وهذا يُشَكِّلُ عبئًا كبيرا على ميزانِ المدفوعات، واحتياطي العملة الصعبة وميزانية الدولة.
وهنا أنتهز الفرصة لدعوة الجميع الى الكَفِّ عن كل استهلاك أو نفقة غير أساسية من المحروقات أو من الكهرباء لأن ذلك سيوفر مالا على المستهلك ويوفر أعباء على الدولة والشركات.
وفي الأخير أُذَكِّر أن الحكومة لا تزال تتمسك بثلثين من الدعم المقدم للمحروقات كما تتحمل بالكامل دعم الغاز المنزلي وتثبت سعره في الوقت الذي ارتفعت أسعاره بصفة مذهلة بعد الحرب كما تثبت أيضا سعر الكهرباء رغم ارتفاع سعر تكلفة إنتاجه.
الأخبار: هذه هي أكبر زيادة دفعة في تاريخ البلاد، ألا ترون أن هذه الزيادة مجحفة في حق غالبية الشعب، ما دامت ستنعكس على كل المجالات؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
أولا، أريد أن أصحح أن الأمر لا يتعلق بزيادة لسعر تتحكم فيه الدولة تماما، بل زيادة لأسعار عالمية. وقد اضطرت الحكومة إلى تخفيض الدعم مما أدى فعلا إلى زيادة السعر ولو أن الدعم لم يكن موجودا، كما هو الحال في الكثير من الدول، لما كنا نتحدث أصلا في الموضوع بهذا الشكل.
وبالتالي يجب تصحيح زاوية النظر إلى الموضوع، والحقيقة أن الدعم وصل إلى مستوى غير قابل للاستمرارية. وبالفعل تتخذ الدول الواحدة تلو الأخرى قرارات برفع الأسعار لأنه لا يمكن لميزانية أي دولة في العالم غير منتجة للبترول استيعاب هذه الصدمة.
أما فيما يخص التوقيت، فكلما تأخر القرار كلما زادت الكلفة على الميزانية، وزاد مستوى ارتقاع الأسعار الضروري لمواجهة تلك الكلفة.
وبالتالي فإن خفض الدعم اليوم قد يجنبنا غدا خفضا أكبر وارتفاعا أكثر في الأسعار في حال ظلت الأسعار العالمية على مستواها الحالي.
ولا يفوتكم أن القرار يتعلق بخفض ثلث الدعم فقط، وتبقى الدولة مستمرة في تحمل الثلثين الباقيين.
الأخبار: لماذا غابت توقعات ارتفاع أسعار الوقود عالميا عن ميزانية 2022 الأصلية، رغم أنها كانت منشورة ومعروفة لحظة إقرار الميزانية؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
لقد تم رصد مبلغ في الميزانية الأصلية لكنه كان قليلا جدا، ولم تكن هناك توقعات آنذاك بارتفاع الأسعار، وكانت حرب أوكرانيا التي اندلعت فيما بعد هي العامل الذي غير اللعبة كُلِّيةً.
الأخبار: أين المبالغ التي جنتها الدولة خلال السبع سنوات الماضية من فارق أسعار الوقود؟ ولماذا لم تستخدمها الآن؟ ولماذا الحكومة تتذكر مساعدة المواطن لها عند الارتفاع وتنسى مساعدته عند الانخفاض العالمي للأسعار؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
إن نظام تثبيت أسعار المحروقات يرتكز على اعتماد حساب الدعم الذي يولد عجزا حين تصل الأسعار إلى 65 - 70 دولار، وفائضا حين تنخفض عن ذلك.
وقد تم اعتماد هذا النظام منذ 2012 حيث بقيت الأسعار مثبتة رغم تقلباتها عالميا، وعلى العموم فإن إنفاق الدولة على تثبيت الأسعار منذ 2012 يزيد على ما جنته من هذا النظام.
الأخبار: أعلنتم إبريل الماضي أن الأسعار لن ترتفع مهما وقع، أو سيقع، فما الذي تغير لتتخذوا قرار هذه الزيادة الكبيرة؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
أريد أن أصحح بعض ما ورد في السؤال.
لقد جاء تصريحي حول عدم نيتنا رفع الأسعار في خضم شائعات كبيرة مفادها أن الحكومة بصدد رفع سعر المحروقات وسعر الغاز المنزلي. وبدوري أطرح عليكم السؤال: كيف تكذب عن مثل هذه الاشاعات الخطيرة التي ينتج عنها عادة المضاربات وتخزين واحتكار المواد والترقبات المتشائمة للخ. لا يمكن تكذيب مثل تلك الشائعات إلا بتصريحات حاسمة لا تترك أي مجال للشك.
وفعلا لم تكن للحكومة أي نية في رفع الأسعار في تلك الآونة.
ولم يبدأ النقاش حول خفض الدعم إلا شهر يونيو في إطار مراجعة الميزانية، حيث أظهرت تلك المراجعة ضرورة قرار خفض الدعم.
الأخبار: لماذا غاب التدرج، المعتمد عالميا، في رفع أسعار المحروقات، لتعلن 30% دفعة واحدة؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
التدرج ممكن، لكنه يزيد الكلفة، ويتطلب تخفيضا أكثر للدعم، وكلما زاد الزمن تطلب ذلك خفضا أكثر للدعم لتعويض نفس المبلغ الذي تحتاجه الميزانية، وكذلك سيزيد من الضبابية لدى الفاعلين الاقتصاديين، وسيتكون لدى الناس والفاعلين ترقب وشائعات كلما زادت الأسعار العالمية، وهذا ما لا نريده.
الأخبار: ألغيتم مناقصة بطلب منكم كوزير فازت فيها شركة "أداكس" بسعر مقبول نسبيا، وتم ذلك أياما قبل الحرب الأوكرانية، ثم عدتم لمنح الصفقة بميزة 120 مليون دولار إضافية؟ لما ألغيت أولا؟ ولماذا منحت الصفقة بعد ذلك لنفس الشركة بهذه الميزات؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
يجب أن نضع كلتي المسألتين في نطاقهما الصحيح، ففيما يتعلق بالمناقصة الأولى، فقد تم اجراؤها قبل اندلاع الحرب وكانت العروض المقدمة فيها مرتفعة بطريقة لا تبررها معطيات السوق حينها، ولذلك تم إلغاؤها.
أما فيما يخص الصفقة الحالية فقد تم إجراؤها بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا حيث تغيرت وضعية السوق العالمي، وأصبح تأمين التوريد أولوية بالنسبة للحكومة مثل ما هو الحال بالنسبة لمعظم الدول.
وكانت نفس الشركة تقدمت بعرض بعد عزوف معظم الشركات عن المشاركة نظرا لضبابية الأسواق مبررة عزوفها بصعوبة الالتزام بأي مستوى من الأسعار على مدى ستة أشهر.
الأخبار: ماذا بعد ستة أشهر من صفقة أداكس؟ لم تعلنوا عن مناقصة جديدة رغم مضي شهرين من عقد أداكس قصير المدة؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
ما زلنا ندرس كل الخيارات الممكنة لضمان تأمين البلاد بالمحروقات بأقل كلفة.
وعلى كل حال ما زال أمامنا الوقت الكافي لإطلاق المناقصة وتحضير عقد جديد وعمل كل ما هو مطلوب.
الأخبار: أولى شحنات "أداكس" بعد الميزات الجديدة كانت شحنة غير قابلة للاستخدام من مادة "فيول" مما كبد "صوملك" و"اسنيم" خسائر كبيرة، وشكل ضغطا على مادة "الـغزوال"، هل عاقبتم "أداكس" جراء ذلك؟ ولماذا لم يتم تغريمها؟ ولماذا ألغيتم غرامتها السابقة جراء شحنات مماثلة؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
شحنة فيول الثانية للمورد الذي ذكرتكم لم تكن صالحة للاستخدام، مع أنها كانت تمتلك شهادات أصلية تفيد بمطابقتها للمواصفات المحددة، وهو ما أكدته التحاليل الأولية لشركة "سومير".
إلا أن التحاليل الإضافية المعمقة التي تم إجراؤها في مختبرات عالمية ليست حتى موجودة في القارة أثبتت أن الشحنة غير صالحة للاستخدام. وظلت الشركة الموردة تعترض على ذلك.
وفيما يخص التغريم فهو محدد في عقود التوريد، ولا ينطبق على هذه الحالة لأن الشحنة المذكورة لم يتم تفريغها في الخزانات ولا استلامها أصلا.
يجدر الذكر أن كلا من الأطراف المعنية يرتبط بعقد توريد منفصل مع المورد يحدد الواجبات والالتزامات وشروط التعويض.
وفيما يخص الشحنة الأولى التي أتت في سنة 2021 فقد كانت تمتلك نفس الشهادات الأصلية وتم تفريغها فعلا في الخزانات واستخدامها حتى من طرف بعض الشركات قبل أن تؤكد التحاليل المعمقة عدم صلاحيتها. وتوصلت الأطراف الأربعة (صوملك، سنيم، أم.سي. أم، تازيازت وأداكس) إلى اتفاق يُحَمِّل المورد مسؤوليةَ سَحْب الشحنة كاملة على حسابه واستبدالها بشحنة مطابقة للمعايير مقابل عدم ملاحقتها من الأطراف المتضررة.
وعكس ما كان يحصل في الماضي، فإن الوزارة ستظل صارمة مع الجميع فيما يخص تطبيق معايير الجودة المنصوص عليها.
الأخبار: ختاما للأسئلة في ملف المحروقات، هل نترقب زيادات جديدة في أسعارها في المستقبل القريب، في حال تواصلت الأزمة أو تخفيضها عما كان عليه قبل الزيادة إذا انخفضت الأسعار؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
قرار خفض الدعم كان مبنيا على مبررات واضحة، وستظل الحكومة تراقب وضعية السوق العالمي وتقلباتها وتقيم انعكاساتها وتستخلص النتائج على ضوء المعطيات الاقتصادية والمالية للبلاد وتتخذ القرار المناسب لمصلحة المواطن والبلد.
الأخبار: لننتقل إلى ملف آخر من ملفات قطاعكم، وهو المعادن، بلغة الأرقام، كم من رخصة تنقيب واستغلال ممنوحة في موريتانيا؟ وكم مساحتها التي تغطي؟ ولماذا لم يتم سحب الرخص التي لم تستغل في الآجال المحددة؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
تتميز بلادنا ولله الحمد بوجود مقدرات معدنية كبيرة وسجل معدني غني ومتنوع مع وجود أكثر من 2000 مؤشر معدني. إلا أن استغلال هذه الإمكانات ما زال تحت المستوى المطلوب. ونحن نعمل على اتجاهات عدة منها رفع مستوى إنتاج الشركة الوطنية للصناعات والمناجم "اسنيم" التي أطلقت مشروع فديرك الذي سيرفع الإنتاج بـ3 مليون طن إضافية، ومشروع العوج المشترك مع شركة كلينكور الذي دخل مرحلة البحث عن التمويل، والهادف إلى إضافة 11 مليون طن من الحديد، ونعمل على تشجيع الاستثمار الخارجي في المعادن الثمينة مثل الذهب والكوبالت والنيكل والنحاس وكذلك اليورانيوم.
وبلغة الأرقام وللإجابة على سؤالكم الكريم، يبلغ عدد رخص البحث الممنوحة حاليا في موريتانيا 55 رخصة، بينما يبلغ عدد الطلبات المسجلة لرخص البحث 76 طلبا قيد الدراسة.
أما بالنسبة لرخص الاستغلال فعدد الممنوح منها 21 رخصة، في حين يبلغ عدد طلبات رخص الاستغلال 8، ويغطي الجميع مساحة قدرها 66000 كم مربع أي ما يعادل 6,5% من المساحة الوطنية الإجمالية. مما يبين أنه على الرغم من التاريخ المعدني الطويل لموريتانيا وتعدد أنشطة التنقيب والاستغلال الذي بدأ قبل وبعد السنوات الأولى للاستقلال الوطني، تبقى أكثر مناطق بلادنا غير مستكشفة.
ومن باب توفير المعلومة، يمكن للجميع مطالعة وضعية السجل المعدني بشكل لحظي ومفتوح على الرابط: portals.landfolio.com/Mauritania/fr
وبخصوص شق السؤال المتعلق بسحب الرخص التي لم تستغل في الآجال المحددة، فقد تم سحب جميع الرخص غير المستوفية الشروط أو لم يتم تجديدها. وندرس حاليا اعتماد معايير تقنيه ومالية شفافة لتطبيقها على الجميع وستحد من انتشار ظاهرة المضاربات في الرخص.
أما بخصوص رخص الاستغلال فلم يتم سحبها لأن الفاعلين تحججوا بالظروف القاهرة التي نتجت عن كوفيد 19 وحدت من التنقل وبناء الشراكات مع المستثمرين. وفي انتظار عودة الأمور إلى طبيعتها سنقيم الموضوع نهاية سنة 2023 ونتخذ القرارات الملائمة.
الأخبار: تستعد الحكومة لطرد المنقبين من تيجريت وتفرغ زينة لماذا تمنعون المنقب البسيط من استغلال ثروته، وتمنحونها لشركات أجنبية تستنزف ثروته؟ أو لمحليين لا يستغلونها وتتحول لملكية عقارية عندهم؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
كما تعلمون، فإن توجه المواطنين بكثافة نحو التنقيب التقليدي عن الذهب حصل 2016 في ظروف فوضوية وارتجالية.
وبتوجيه من صاحب الفخامة رئيس الجمهورية، تم إنشاء شركة معادن موريتانيا من أجل تأطير وضبط ومواكبة نشاط الذهب التقليدي وشبه الصناعي.
وقد لعبت الشركة دورا بارزا في تنظيم هذا القطاع، وقد تطلب ذلك عملا كبيرا، وجهدا ميدانيا مستمرا، وتشاورا مطولا مع كل الأطراف المعنية. وخصصت الوزارة مناطق على شكل أروقة وضعتها تحت تصرف شركة معادن مخصصة لممارسة أنشطة الذهب التقليدي.
إلا أنه مع الأسف فإن بعض المنقبين لا يحترمون أحيانا هذه الأروقة والمناطق المخصصة، حيث يتجه البعض منهم لمناطق مرخصة لشركات أجنبية دولية لممارسة التنقيب في حيز الرخص الممنوحة لتلك الشركات.
ونحن حريصون كل الحرص على الالتزام بالاتفاقيات مع الشركات، وعلى حقوق الملكية لها، لأنها ضمان لحماية المستثمر والشركات التي تستثمر كثيرا في البلاد، وتشغل اليد العاملة، والأطر والمهندسين الموريتانيين، وتساهم في ميزانية الدولة وتساعد في تطوير مهارات البلاد.
أما بخصوص موضوع تيجيريت، فهناك شركة كندية تمتلك رخصة استغلال منذ 2017، تعود ملكية 15% منها للدولة الموريتانية.
وفي الوقت الذي استعدت الشركة لبدء الاستغلال وجدت أمامها منقبين يحتلون الحيز الجغرافي المحدد في الرخصة. غير أن التشاور قائم مع المنقبين من أجل أن تتم عملية إخلاء الموقع بصفة طوعية وبأقل تكلفة للجميع.
الأخبار: أعلنتم عن مشاريع في مجال الهيدروجين الأخضر، أين وصل التحضير لإنتاجه؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
تطوير الهيدروجين الأخضر في بلادنا يمثل توجها استراتيجيا يشكل إحدى أعمدة الاستراتيجية الوطنية للطاقة التي أوشكنا على الانتهاء من إعدادها. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تحقيق الأمن الطاقوي للبلاد، وتوفير الطاقة لكافة الموريتانيين بأسعار مقبولة، وجعل الطاقة محركا أساسيا للنمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
وسيتم تنفيذ هذه الاستراتيجية على ثلاث مراحل:
- المرحلة الأولى من 2023 إلى 2027 وهي مرحلة بداية الإنتاج في مشاريع الغاز والبترول.
- المرحلة الثانية من 2027 إلى 2030: رفع مستوى إنتاج الغاز حتى يصل إلى ذروته وبدء إنتاج البترول في حال أكدت البحوث الجارية حاليا وجوده والبدء في منشآت شاريع الهيدروجين الأخضر.
- أما الفترة ما بعد 2030، فستعرف بدء إنتاج الهيدروجين والأمونيا على نطاق واسع.
نحن نتحدث إذا عن استراتيجيات وبرامج على المدى الطويل قد تغير تماما الاقتصاد الموريتاني نظرا لانعكاساته الإيجابية على توفير الكهرباء بأقل الأسعار، ولدوره في الصناعات الخضراء للحديد الذي سيكون مطلوبا عالميا، كذلك في تصدير الطاقة الخضراء للدول المتقدمة. ونحن الآن بصدد تقديم خارطة الطريق لتطوير الهيدروجين وستعرض قريبا أمام مجلس الوزراء.
أما بخصوص المشاريع، فإن مذكرات التفاهم التي وقعنا مع كل من CWP وCHARIOT فقد دخلت بالفعل مراحل مهمة، وهي تحضير اتفاقيات المشاريع التي نتوقع أن يتم الانتهاء منها في شهر مايو 2023 حينئذ سينطلق التحضير لكلى المشروعين لاتخاذ قرار التمويل في سنة 2026، والبدء في مرحلة بناء المنشئات سنة 2027.
الأخبار: هل تحدد وقت تقريبي لأول شحنة للغاز سيتم استخرجها؟ وما هو؟ وما هي كلفة إنتاج الغاز؟ وما هي مردوديته بالأرقام على ميزانية 2024؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
تتواصل وتيرة إنجاز المرحلة الاولى من حقل السلحفاة الكبرى - آحميم حيث بلغت الاشغال زهاء 80% مع نهاية شهر يونيو 2022، ويتوقع أن يتم تصدير أول شحنة من الغاز المسال في نهاية 2023.
كما يتوقع أن يكون الإنتاج السنوي للمرحلة الأولى 2,5 مليون طن من الغاز المسال وتبلغ تكلفة تطوير هذه المرحلة وحدها حوالي 6 مليار دولار أمريكي. وكما تعلمون فإن المرحلة الأولى ستكون لها مردودية محدودة لأنها تتحمل أغلب الاستثمارات الثابتة للمشروع، وهناك عوامل كثيرة تتحكم في مساهمتها في الميزانية خاصة أسعار الغاز التي لا يكمن التكهن بمستواها في 2024.
الأخبار: قلتم إن نسبة 57% من إنتاج الكهرباء هي التي تتم فوترتها؟ أين ذهبت البقية؟ ومتى يتوقف النزيف؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
تمر شركة "صوملك" بظروف صعبة جدا، وشهدت تدهورا مستمرا منذ 12 سنة على جميع المستويات، على المستوى التنظيمي، وعلى المستوى المالي، وعلى المستوى الفني. ويمثل إصلاح الشركة الموريتانية للكهرباء أحد المحاور الأساسية للاستراتيجية الوطنية للكهرباء.
وإجابة على سؤالكم، فعلى الرغم من الأزمة المالية المرتبطة بزيت الوقود، نفذت صوملك، في عام 2021، برنامجا متعدد المستويات تتمثل أولويته في إصلاح وتحسين الأداء الفني والتشغيلي والتجاري والمالي للشركة. وقد نتج عن ذلك، في نهاية عام 2021، زيادة 3.4 نقاط في المعدل الإجمالي للعائد، وزيادة هامة في مستويات التحصيل (+18%) مقارنة بعام 2020، فضلا عن تحسن كبير في استمرارية الخدمة العامة في جميع أنحاء التراب الوطني.
وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الصعب بشكل خاص (ارتفاع أسعار المحروقات والأزمة المرتبطة بزيت الوقود)، تمكنت صوملك، نهاية يونيو 2022، من تحسين فواتيرها بنسبة +12%، وعائداتها بنسبة +10% والعائد الإجمالي بِـ1%.
أطلقت صوملك أيضا حملة واسعة لتحسين جودة الخدمة وزيادة الوعي بين المشتركين بشأن توفير الكهرباء.
وفي مواجهة التطور المتسارع لظاهرة الاحتيال على الكهرباء، أطلقت صوملك أيضًا حملة لمكافحة الاحتيال والاسترداد والفواتير.
حددت هذه الحملة ما يقرب من 35% من المخالفات (قيد المعالجة) في عينات المشتركين التي تمت معالجتها.
من ناحية أخرى، يتم تنفيذ برنامج التحول الرقمي والرقمنة لتحسين وتطوير جميع قطاعات الإدارة التجارية للشركة (حوسبة جميع العمليات، الدفع الإلكتروني لتوفير تكاليف النقل على المستهلكين وتسريع المعاملات، المنصات التفاعلية مع المشتركين والتخطيط لإدخال العدادات الذكية).
الأخبار: أين وصل تقسيم شركة الكهرباء لشركة للإنتاج وأخرى للتوزيع؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
فيما يخص الإصلاح الهيكلي، فإن الوزارة تعكف منذ سنتين على إنجاز برنامج تحول طموح من شأنه تمكين قطاع الكهرباء من أن يلعب دوره الريادي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وإعطاء الحكومة الوسائل الكفيلة بتحقيق الأهداف التي حدّدها برنامج فخامة رئيس الجمهورية في أفق 2024، وأهداف التنمية المستدامة في أفق 2030.
ويتناول هذا البرنامج على وجه الخصوص تنظيم وتحسين أداء وإعادة هيكلة المشغّل التاريخي للمرفق العمومي أي الشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك)، وهو ما يمثّل جزءًا مهمًا من برنامج التحوّل في قطاع الكهرباء، بما في ذلك تحديث الإطار القانوني والمؤسسي للقطاع.
تبعا لذلك، وإثر دراسة تم اعدادها بالتعاون مع الاتحاد الأوربي، تشمل تشكيلة الشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك) المُعاد هيكلتُها الكيانات الأربعة التالية التي سيتم تنظيمُها، وفقًا لأهداف مدونة الكهرباء الجديدة، بغية ضمان استمراريتها ومنع الإعانات المتبادلة المنافية لمبدء المنافسة:
- شركة خاصة بإنتاج ونقل الكهرباء،
- شركة خاصة بتوزيع وتسويق الكهرباء
- وأخرى خاصة بالكهربة الريفية.
تتبع هذه الشركات لهيئة قابضة بوصفها الشركة الأم.
وتستهدف هذه الإصلاحات إضفاء المزيد من الحيوية والتنافسية إلى القطاع من أجل ضمان جودة واستمرارية خدماته.
وقد تم اعتماد المدونة الجديدة للكهرباء في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء.
الأخبار: لماذا لا تتم خصخصة التوزيع على غرار الحاصل في بعض الدول المجاورة؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
تم إطلاق مشروع لجعل الشبكات والمحطات وأجهزة القياس واتصالات المشتركين متوافقة، مما يشكل أساسا لعقود مزود الخدمة للتسويق.
المناطق والمراكز التي تم إصلاحها وتهيئتها، في إطار هذا المشروع، ستكون موضوع برنامج تجريبي لخصخصة التوزيع والتسويق.
الأخبار: تحدثتم عن الفساد في الشركة في الحقبة الماضية؟ فهل توقف هذا الفساد وما هي مؤشرات ذلك؟
وزير البترول والطاقة والمعادن:
عرفت شركة "صوملك" في الماضي تراجعا في الأداء الفني والمالي وانعكس ذلك جليا على الخدمة وعلى كفاءة المنظومة الفنية للمولدات والمحطات الكهربائية وتزامن ذلك مع تراجع الكادر البشري المؤهل مع ما يترتب على ذلك من غياب الصيانة وتراجع الأداء. غير أنه مع تحسين العمليات المتعلقة بالمناقصات والطلبات ونوعية المشتريات والتموين والتخزين تم الاقتراب تدريجيا من تحقيق عدة أهداف من بينها الشفافية في الإجراءات المتعلقة باقتناء المعدات وصيانة المنشآت وتطوير البرامج الموجهة نحو جودة المنتج وسلامته وتم وضع خارطة طريق نحو النهوض بالأداء. فعلى مستوى المؤشرات، تم وضع وتنفيذ كتيبات الإجراءات للجان المشتريات "صوملك"، كما مكنت استشارات المجموعة وإبرام العقود للطلب من الشركات المصنعة من ضمان جودة المنتج والوصول إلى تخفيضات في الأسعار قاربت الـ25٪ على بعض الأصناف.
وتم تعزيز الرقابة الإدارية والتكثيف من نشاط التفتيش عن طريق القيام برقابة مفاجئة ودائمة.