الأخبار (نواكشوط) ـ قال رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد فال ولد بلال إنه تولى رئاسة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات CENI في «ظروف معقدة وصعبة للغاية»، مشيرا إلى أنه يشعر براحة الضمير عن أدائه رفقة زملائه.
وأضاف ولد بلال ـ الذي أشرفت مأموريته باللجنة على الانتهاء ـ في مقابلة مع الأخبار: «الكل يتذكر كيف كان الوضع السياسي مأزوما، وكيف كانت الثقة منعدمة أو شبه منعدمة بين الأطراف السياسية المتنافسة داخل العملية الانتخابية».
كما أشار إلى الصعوبات التي واجهت تشكيل اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وظروف نشأتها «وكيف كانت تنعكس الأزمة السياسية عليها من باب الحكم على مصداقيتها ومشروعيتها».
ولفت إلى أن اللجنة عالجت المنافسة بين 2055 لائحة، مشيرا إلى أنه «كان لزاما علينا أن نعمل المستحيل حتى نمد جسور ما تيسر من الثقة بيننا وبين الرأي العام والطبقة السياسية، وكنت ألقاهم ليلا نهارا متى شاؤوا وأين ما شاؤوا، وبدأت المسار بالتنقل إليهم في مكاتبهم ومقراتهم».
وأضاف رئيس اللجنة: «ما أستطيع قوله هو أني ِأشعر براحة بال وراحة ضمير لما قمت به وزملائي من جهود خالصة للوطن، والإخلاص لا يمنع من الهفوات ولا يمنع من الأخطاء والنواقص، لكن الضمير يرتاح كلما شعر الأنسان أنه قام بما بوسعه.. ولن يأتي أي إنسان إلا بما هو متاح».
نص المقابلة:
الأخبار: على مشارف انتهاء المأمورية، هل أنتم راضون عن أدائكم خلال الفترة السابقة وأنتم تودعون هذه اللجنة؟
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم، أود بداية أن أرحب بكم في مباني اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، السؤال عن الأداء لا يوجه إليً بالدرجة الأولى، بل يوجه لغيري.. كيف تقيمون أنتم وغيركم أدائي وكيف تحكمون عليه، أما أنا فما أستطيع قوله هو أني ِأشعر براحة بال وراحة ضمير لما قمت به وزملائي من جهود خالصة للوطن، والإخلاص لا يمنع من الهفوات ولا يمنع من الأخطاء والنواقص، لكن الضمير يرتاح كلما شعر الأنسان أنه قام بما بوسعه.. ولن يأتي أي إنسان إلا بما هو متاح.
نحن باشرنا هذا العمل في ظروف معقدة وصعبة للغاية، فالكل يتذكر كيف كان الوضع السياسي مأزوما وكيف كانت الثقة منعدمة أو شبه منعدمة بين الأطراف السياسية المتنافسة داخل العملية الانتخابية، والكل يتذكر الظروف التي نشأت فيها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وكيف كانت تنعكس الأزمة السياسية عليها من باب الحكم على مصداقيتها ومشروعيتها.. والكل يتذكر ما كان يعيشه المجتمع السياسي الموريتاني من تشتت وتشظي.. عالجنا المنافسة بين 2055 لائحة.. أقول 2055 لائحة، من بينها ما يقارب 900 لائحة متنافسة على البرلمان، وزيادة على 1000 لائحة متنافسة على البلديات وما يناهز 200 لائحة متنافسة على المجالس الجهوية وتجاوز إلى الشوط الثاني أيضا، نظمناه في 9 ولايات من أصل 13 وعدد من المقاطعات، إلى آخره.. وبالتالي كان لزاما علينا أن نعمل المستحيل حتى نمد جسور ما تيسر من الثقة بيننا وبين الرأي العام والطبقة السياسية، وكنت ألقاهم ليلا نهارا متى شاءوا وأين ما شاءوا، وبدأت المسار بالتنقل إليهم في مكاتبهم ومقراتهم.
الأخبار: يثار الآن نقاش حول فنية أعضاء اللجنة أو تسييسهم ما هو رأيك بالأفضل حسب تجربتك، سياسيون حكماء أم حكماء غير سياسيين؟
لا.. ينبغي الخلط بين الإثنين، المهم بالنسبة للجنة هو أن تكون محل ثقة على مستوى الطيف السياسي، بداية الفكرة أصلا أتت من أصل بسيط جدا وهو أن العملية الانتخابية عملية تعني الأحزاب السياسية، وبالتالي انطلقوا من مبدأ أن السارق أودعني.. يعني ما دامت هذه قضيتهم دعوهم هم من يسيرها ويؤطرونها كما يحلوا لهم المهم هو رضاهم عن العملية الانتخابية وعن ظروف تنافسهم..
يبقى أنه من مصلحة الأحزاب أن تختار ذوي الخبرة وعملية الانتخابات صارت الآن مادة تدرس في الجامعات، يعني قد تكون حائز على دكتوراه في أي فن من الفنون ولا تعرف ماهي اللائحة الانتخابية وماهو السجل الانتخابي وما هو المحضر وكيف يملأ وما هو المستخرج.. إلى آخره، إذا لا بد للأحزاب السياسية أن تختار ولكن تختار من بين ذوي الخبرة والاعتدال وذوي الضمير.. إلى آخره.
الأخبار: من الإشكالات المثارة، ما أثاره الرئيس الأول للحنة المستقلة للانتخابات، السفير صاحب المعالي الشيخ سيدي أحمد ولد باب امين حول السجل الانتخابي وتحييد ما أسماه مليون ناخب.. ماهو تعليقكم على هذا؟
نعم.. عطفا على السؤال الماضي، إذا لم تتفق الأحزاب السياسية على لجنة فكل ساحة تحتاج إلى حكم.. كل ساحة تحتاج إلى حكم وينبغي العودة إلى ذلك الحكم، وهذا الحكم في كل بلدان العالم هو رئيس الجمهورية الذي تتمثل فيه الجمهورية بكافة قواها قانونيا ودستوريا وإلى آخره.. ينبغي العودة إليه والرجوع إليه.
الأخبار: إذا أنت تقترح أنه في حال عدم اتفاقهم فاليفوضوا الرئيس لاختيارهم؟
هو مفوض بطبيعة الحال.. هو مسؤول عن تسيير مؤسسات الدولة وهذه مؤسسة من مؤسسات الدولة والأهم هو الحوار والبحث عن حلول مشتركة ووفاق بكل الوسائل والطرق الممكنة.. إذا حصل فذلك يحسب لنضج الطبقة السياسية ولإخلاصها ولخدمتها للوطن، وإذا لم يحصل لأي سبب كان فرئيس الجمهورية بصفته المسؤول عن تسيير المؤسسات الدستورية ومؤسسات الدولة يأخذ مسؤولياته ويقترح لجنة لتباشر العمل والمطلوب منها هو الحصول على تزكية من خلال أدائها وعملها.
أما عن السؤال.. فقد سمعت ما تفضل به الشيخ سيدي أحمد ولد باب أمين أخي وصديقي وهو طبعا من ذوي الخبرة في هذا المجال، إلا أنه هناك احتمالان حسب اعتقادي لرسم السجل الانتخابي.. احتمال يأخذ مباشرة من سجل السكان، يعني أنت بلغت 18 سنة فأنت ناخب، وتأخذ في اللائحة الانتخابية هذا اختيار وموجود عند بعض الدول كتونس والأردن وغيرهما.. لكن موريتانيا اختارت أن تكون العملية الانتخابية اختيارية، يعني عندما تبلغ 18 سنة يلزمك أن تسجل نفسك على اللائحة الانتخابية حتى تكون ناخبا.
إذا قد تكون بلغت 18 سنة وأنت لست على اللائحة الانتخابية لأي سبب كان، إمما خلل في الحالة المدنية وإما لم يشملك الإحصاء وإما أنت على الجالية الموريتانية التي لم تحسب حتى الآن في إحصاء على النطاق الانتخابي، وعليه لا أنكر ما تفضل به الشيخ سيدي أحمد ولكن أفسره وأبرره بهذا الاختيار الذي فضلته موريتانيا، فلو أخذنا اللائحة الانتخابية من السجل الانتخابي الذي هو بيج مؤسسة من مؤسسات الدولة وتابعة لوزارة الداخلية لقيل لنا، إنها لائحة من وزارة الداخلية.
الأخبار: تميزت الانتخابات في عهدكم بوجود ثلاث أشواط لأول مرة في تاريخ الانتخابات الموريتانية.. تقويمكم لهذه التجربة بنظرة بعدية لها؟
كان الأمر قضائيا.. جرى الشوط الثالث أو إعادة الشوط الثاني لنقل، بأمر من القضاء الموريتاني وبالتالي نحن كنا مضطرين وأنا قلت هذا الكلام في حينه، كنا مضطرين لتنفيذ قرار القضاء، يعني مضطرين لتنظيم شوط ثالث في عرفات وفي الميناء بسبب القضاء.. القضاء بنى رأيه أو حكمه على أساس أنه حصلت أغلاط في عدد من البطاقات تحسبها اللجنة لاغية وهي صالحة، وبالتالي أمر قضائي ونحن طبقناه ولكن يسرني أن أسجل أنه حتى في الإعادة لم تتغير النتائج التي أعلنت عنها اللجنة أصلا.
الأخبار: الإنجاز الأبرز الذي تعتزون به الآن والخطأ ولو البسيط الذي ترون أنكم ارتكبتموه؟
الإنجاز الأبرز قد يكون على المستوى اللوجستي أننا نلنا ولله الحمد ثقة الشركاء الموريتانيين وتعاملنا مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية الاقتصادية وزودنا بهذه الوحدة المطبعية التي تشاهدون، اليوم اللجنة قادرة على أن تقوم بطباعة كل الأوراق التي تحتاجها المحاضر والمستخرجات والتقارير وبطاقات الناخب، إلى آخر ذلك.. نحتاج فقط من خارجنا لبطاقة التصويت، وذلك بسبب طبيعة الأوراق وسريتها، فتلك الخدمة ليست عندنا، ولكنها أصبحت موجودة في البلد وهذا إنجاز أيضا يحسب أن تكون الانتخابات من ألفها إلى يائها موريتانية.
عندنا خادم حاسوب مستقل عن جميع شركات الاتصال في البلد وتتحكم فيه اللجنة بشكل كامل ولديه مفاتيح إذا واحد أو إثنين من الموريتانيين تغيبوا لا يفتح أبدا، وأعتقد أنه حصل تقدم كبير على المستوى اللوجستي والأخطاء كثيرة ومنها أنه فور انتهاء العملية الانتخابية، فرضت علينا الظروف المادية أن نترك مديرين وخبراء وأناس موثوقين وسدينا مكاتبهم بسبب نقص في الموارد، لأنه لم يبق لدى اللجنة إلا ما يكفي لتسييرها من التكاليف المفروغ منها، وهذا قطعا مؤسف جدا.. مثلا المشرفين على قطاع المعلوماتية لم يتبق منهم سوى شخص واحد، أما الآخرون فاضطروا للذهاب إلى مكاتب أخرى للدولة وللإدارة.
الأخبار: بعد هذا الأداء، ما الأمر الذي لو استقبلت فيه ما استدبرت من أمرك لاتخذت غيره؟
الحقيقة تعاملت مع اكتتاب رؤساء المكاتب وطواقم اللجنة بشيء من السهولة وعدم التمعن والتمكن، بحيث أنه لو أعيد الأمر لما فعلته بنفس الطريقة.. الواقع هو أن اللجنة على المستوى المركزي كيان قد يكون صالحا وقد يكون مفيدا، ولكن صلاحه وإفادته لا تعطي نتيجة إلا بقدر ما يكون رؤساء المكاتب وطواقم الداخل على المستوى المطلوب.
الأخبار: أيهما ترى أنك نجحت في العلاقة به الدولة أو الحكومة والسلطة أم الأحزاب السياسية المعارضة؟
وقد أكون فشلت في العلاقة مع كل منهما.. وأعتقد أن الأحزاب السياسية أكثر رضى علي شخصيا وعلى أدائي من السلطة.
الأخبار: الرئيس محمد فال الإنسان.. ما هو الموقف الذي أغضبه والآخر الذي تعتزون به الآن خلال هذه التجربة؟
غضبت ذات يوم بسبب ما يشبه إملاء أو تدخل في غير محله من إحدى الحملات في الانتخابات الرئاسية.. غضبت غضبا شديدا لأنني ما كنت أظن ولا كنت أرجو أن أخاطب بما يشبه الإملاء أو الطلب في غير محله من إحدى الحملات، ذلك اليوم غضبت غضبا شديدا، ولكن المسؤولية تقتضي أن تمتص الغضب وتواصل عملك.
أما الرضى فكان عندما أعلنت عن نتائج الانتخابات الرئاسية في أقل من 72 ساعة التي يمنحها القانون، وأعتقد أنها كانت أول مرة في موريتانيا وحتى في معظم البلدان، والمجلس الدستوري أكد تلك النتائج، ثم قبل ذلك في 2018 ممارسة كل الضغوط لكي يؤجل الشوط الثاني في داخل البلد بسبب الأمطار والموسم وكذا كذا، حرصنا أن يبقى الشوط الثاني في موعده حتى تكتمل العملية الانتخابية.
الأخبار: لو استنصحكم الرئيس القادم للجنة، بما ستنصحونه على السريع؟
أقول لهم حكموا ضمائركم، الوطن كله ينظر إليكم والمهمة صعبة لكنها ممكنة، وأنتم تستطيعون ولا يهمكم القيل والقال وما إلى ذلك فلن ترضوا الجميع، سيكون هناك فائز وخاسر على كل حال والثقافة الديمقراطية مازالت في البلد ناشئة وتقتضي أن يلومكم الخاسر بخسارته والفائز لا يعترف لكم حتى هو بأن لكم دورا في فوزه، بل يقول إنكم لو لم تكونوا موجودين لكان فوزه أعظم، فاصبروا وصابروا وحكموا ضمائركم وطبقوا القوانين التي عندكم.
الأخبار: أحمد فال الأديب والشاعر، هل قلتم أو سجلتم في هذه المرحلة أدبا، ولم ستطيعوا نظرا للموقف كتابته وإعلانه؟
"كاف وطلعة"، أما "الكاف" فأتذكر زوبعة إعلامية تتعلق بموضوع فساد كبير في البنك المركزي، وتم الحديث عن ملايين الأورو تسحب في صناديق وقلت "كافا" وحفظته لنفسي نظرا للتحفظ، وهو:
ما تتقدم دوْلَ قرْشِ فيه مزال المسؤولُ
لا بدَّالُ من يطفك شِ يسو لو واسو ماهو لو
وبعد ذلك أعتقد حصلت تعيينات، كان أبرز ما فيها بعض مسؤولي العشرية الفارطة، فقلت "طلعة" بيني مع نفسي:
حس المقال كيفت شي قال
عن هذا الحال يحسن في
أيدو مزال فالعشرية
هذا لم أكن أنشره وإنما كنت أكتفي بقوله بيني ونفسي، لكن الأخبار تستخرج كل الأسرار.