بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الكريم،
وبعد،
أيها المواطنون، أيتها المواطنات،
السادة والسيدات في قيادات أحزابنا السياسية،
شبابنا ونساءنا وكل قوانا الحية والفاعلة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد
فإننا نقف اليوم على عتبة محطة بالغة الأهمية في تجربنا السياسية المعاصرة، تتمثل في تنظيم انتخابات تشريعية وجهوية وبلدية، حيث يجد شعبنا فرصته كاملة غير منقوصة ليقول كلمته، ويختار إداراته المحلية، وسلطته التشريعية، كما اختار من قبل سلطته التنفيذية في محطة سابقة بكل حرية وشفافية.
إن الاستحقاقات الانتخابية محطات مفصلية في مسيرة الشعوب على درب تنمية وعيها السياسي، وترسيخ تجربتها الديمقراطية، وتحسين حكامتها، وتعزيز ثقتها بمنظومتها المؤسسية. فهي بفعل ما يلمسه المواطن خلالها عمليا من قيمة صوته وتأثير موقفه تقوي إحساسه بالانتماء لهذا الوطن، وبالمسؤولية عنه وتعزز استعداده للإسهام بفعالية في مجابهة كل التحديات الوطنية.
أيها السيدات والسادة،
تشكل هذه الاستحقاقات – بحق – استثناء لم يتقدم له نظير في تاريخ البلاد، فهي أول انتخابات تجرى بتوافق تام بين كل القوى السياسية، يؤسسه إجماع موثق على قواعدها وأسس تسييرها، فشكرا لكل القوى السياسية وكل الفاعلين على ما طبع تعاطيهم من إيجابية ونفس توافقي، ونضج في الطرح والتزام بالمصلحة العامة ومرونة في النقاش.
إن ما تحلى به الجميع من انفتاح ومسؤولية وتغليب للمصلحة العامة، هو الذي أسس لما نشهده اليوم من تسيير توافقي للعملية الانتخابية في جميع مراحلها.
كما أنه شكل طيلة السنوات الماضية دعما قويا لقدرتنا على الصمود وعلى اجتياز الأزمات الحادة التي طال تأثيرها الهدام العالم بأجمعه، كوباء كوفيد 19، وتداعيات الأزمة الأوكرانية حيث تمكنا من إبقاء تأثير هذه الأزمات في أدنى الحدود الممكنة، بالتخطيط محكم، وترتيب للأولويات، وترشيد للموارد، وبكفاءة الحكومة في تدبير الملفات الكبرى، والتعاطي الفعال مع الانعكاسات الأكثر حدة لهذه الأزمات.
وها نحن اليوم بفضل الله تعالى وتوفيقه، وبدعم ومواكبة من الجميع، نحافظ على توازناتنا الاقتصادية الكبرى، بتأمين استقرار سعر الصرف، والتحكم في التضخم، والتغلب على معضلة المديونية، كما نوسع وننوع باستمرار شبكات الأمان الاجتماعي، ونعزز أمننا الغذائي بالعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وقد قطعنا في هذا المضمار أشواطا قد لا تكون كافية في الوقت الراهن، لكنها واعدة ومبشرة.
ولذا فإن وضعنا الاقتصادي اليوم مريح، تدعمه ثقة عالية لدى شركائنا، وفرص واعدة ستسهم لامحالة في تحقيق والتقدم والازدهار.
أيها السادة والسيدات
إنما طبع ساحتنا السياسية طيلة الأعوام الثلاثة الماضية، من الهدوء، والاختلاف في ظل الاحترام، والتباين في المواقف دون تشنج، كان مني تعهدا والتزاما قطعته على نفسي، وبذلت جهودا كبيرة لتحقيقه أولا، وللمحافظة عليه ثانيا، لكنه ما كان ليتم لولا استعدادكم وتجاوبكم جميعا، ومساهمتكم الفعالة في ترميم ما أفسدته الأجواء المتوترة والمشحونة التي سادت ساحتنا السياسية خلال مراحل سابقة.
إنني أود هنا أن أغتنم هذه الفرصة لأنبه إلى أن هذا الهدوء، وهذه العلاقات الطبيعية بين مختلف مكونات ساحتنا السياسية، تشكل في حد ذاتها مكسبا يلزمنا جميعا أن نحافظ عليه، وأن نصونه.. فلنختلف باحترام، ولنعبر عن تباين آرائنا برقي، ولنتنافس بقوة لكن في إطار من المسؤولية الأخلاقية والالتزام الأدبي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني