بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة
لن أتطرق للحديث عن الدفع بالمادة 93 من الدستور للأسباب التالية:
لأن قرار الإحالة المؤكد من طرف غرفة الاتهام ومن طرف المحكمة العليا يكفي في حد ذاته.
أن الزملاء الذين رافعوا قبلي في الملف بينوا بما فيه الكفاية من الأدلة القانونية والفقهية الفرق بين الأفعال المنفصلة والأفعال المتصلة التي يقوم بيها رئيس الجمهورية أثناء تأديته لوظيفته.
لأنكم قطعا بعد ما أثير أمامكم أثناء التحقيق في الجلسة من استجواب المتهمين وشهادة الشهود ومن الأسئلة التي وجهت للجميع أصبحت لديكم قناعة راسخة أن هذه الأفعال التي قام بها المتهم محمد ولد عبد العزيز لا علالقة لها بوظيفة رئيس الجمهورية وليست محصنة من المادة 93 ويمكن مسائلته عنها أمام محكمتكم الموقرة.
لن أتطرق كذلك لحق الدولة وهي المتضرر الأول من كل هذه الأفعال في أن تكون طرفا مدنيا لأن محكمتكم الموقرة سبق أن حكمت بطرفيتها.
فمرافعتي المقتضبة ستركز على جانب من هذا الملف لم يتطرق له الكثير وأرى أنه من صلب الموضوع ألا وهو الغلول الذي هو من أكبر الكبائر.
سأحاول في البداية أن أعرفه وأن استطرد بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تطرقت للغلول ثم أحاول اسقاطها على الجرائم المرتكبة في هذا الملف وأخلص إلى طلباتنا.
فأقول وبالله التوفيق إن مما عمت به البلوى وخاصة في زماننا هذا تسلط حب المال على قلوب الكثيرين.
فالمال من أعظم الفتن على البشرية قال الله تعالى «وأعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم.» وقال الصادق المصدوق "إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال" ويقول صلى الله عليه وسلم «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أم من حلال أم من حرام وإن مما قد ساهل به بعض الناس، مما يتعلق في الأموال وحقوق البشر الغلول وهو الاستيلاء على أموال الناس وخاصة أموال الدولة التي يملكها عامة الشعب وهو من كبائر الذنوب.
والغلول هو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة وكل من خان في شيء خفية فقد غل قال تعالى «وما كان لنبيء أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون» لأن الغلول يأتي به الغال محمولا على ظهره ورقبته معذبا بحمله وثقله ومرعوبا بصوته وموبخا بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره قال: «لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء على رقبته فرس لها حمحمة يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك وعلى رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك وعلى رقبته صامت (الذهب والفضة) فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك أو على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك. (رقاع تخفق كناية عن وثائق ملكية الأراضي وتخفق معناه بالحسانية تصركك)
الحديث الثاني
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «من استعملناه منكم على عمل كتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة»
وقال صلى الله عليه وسلم «إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه وأضربوه»
وفي الحديث كذلك أن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر فذكرو ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلوا على صاحبكم فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال إن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين.
ومن أمثلة الغلول في عصرنا هذا الهدايا التي تعطى للمسؤولين ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "استعمل عاملا فجاءه العامل حين فرغ من عمله فقال يا رسول الله هذا لي وهذا أهدي لي فقال له أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدى لك أم لا".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن.»
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يأخذ أحد شبرا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة.»
بعد استطراد هذه الأحاديث سنحاول اسقاطها على المتهمين الماثلين أمامكم وعلى التهم الموجهة إليهم.
تهمة تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية
فحين يقوم المتهم محمد بن عبد العزيز بقرار شخصي ببيع القطع الأرضية التي كانت تشغلها مؤسسات عمومية دون الاستناد إلى تقارير أو معطيات مقدمة من الجهات الفنية المختصة حيث جاء في تصريح المتهم يحيى بن حدمين الذي كان يشغل منصب الوزير الأول عدة سنوات أنه تلقى تعليمات مباشرة من الرئيس السابق بمعاينة مدارس حددها له بالاسم دون علم الجهات المختصة.
وكذا شهادة وزير التعليم وقتها با عثمان الذي أفاد بأنه قدم تقريرا عن الافتتاح الدراسي لم يضمنه أية إشارة إلى ضرورة التخلص من أي بناية مدرسية وأن قرار البيع جاء دون أن تكون لمصالحه المختصة دور في الإشارة به.
وكذا شهادة المدير العام للأمن الوطني الأسبق اللواء أحمد ولد بكرن الذي صرح أمامكم أنه تلقى تعليمات شفهية عبر الهاتف من المتهم محمد ولد عبد العزيز أمره بموجبها بتسليم جزء من مدرسة الشرطة للبيع لأشخاص سيتصلون به لهذا الغرض وتابع المتهم محمد ولد عبد العزيز تنفيذ هذه التعليمات بشكل شخصي حتى تمت.
فالقانون العقاري ومراسيمه التطبيقية لا يتضمن أي منها ما يمكن على أساسه تفويت أراضي الدولة عبر مسطرة البيع بالمزاد العلني و يتأكد القصد الإجرامي بمآل عدد معتبر من هذه القطع الأرضية حيث بدى أن الباعث لبيعها لم يكن تقديرا للمصلحة العامة بل كان يتمثل في الرغبة في الاستحواذ على هذه العقارات لمصالح شخصية إذ آلت ملكية الكثير منها لدوائر قريبة من المتهم محمد ولد عبد العزيز حيث أثبت التحقيق أن ملكية خمس قطع أرضية من أصل 15 قطعة تم بيعها من أراضي مدرسة الشرطة آلت لابن المتهم محمد عبد العزيز أحمدو ولد عبد العزيز رحمه الله.
ألا يعتبر هذا تبديدا لممتلكات الدولة العقارية وغلولا ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
مثال أخر على تبديد ممتلكات الدولة يتجلى في صفقة المطار الجديد بين الدولة وشركة خصوصية حديثة ليست لها أية تجربة في بناء المطارات وتم بموجبها التنازل عن مساحات كبيرة من أراضي الدولة على شكل مقايضة لا وجود لها في قانون الصفقات العمومية وتبين لاحقا أن الدافع الرئيسي هو استفادة شخصية. لأن محي الدين السالك أبوه المستفيد عبر شركة النجاح من صفقة المطار تنازل عن عدد كبير من القطع الأرضية التي حصل عليها بموجب الصفقة لصالح زوج المتهم محمد ولد عبد العزيز.
ألا يعتبر هذا تبديدا لممتلكات الدولة العقارية وغلولا ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
مثال آخر عندما يعطي المتهم محمد ولد عبد العزيز تعليمات كما صرح بذلك المتهم محمد عبد الله ولد أداعه بإبرام خيرية اسنيم صفقة لشراء أعلاف فاسدة أدت إلى خسارة الدولة مبلغ 600 مليون أوقية.
ألا يشكل هذا تبديدا لممتلكات الدولة النقدية وغلولا ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون »
السيد الرئيس السادة أعضاء المحكمة الموقرة
مثال آخر
عندما يعطي المتهم محمد ولد عبد العزيز أوامر شفهية لمدير شركة اسنيم بدفع مبلغ 15 مليار أوقية قديمة لشركة خصوصية تعود ملكيتها للسيد محي الدين السالك أبوه الذي ذكرنا أنه تنازل عن مجموعة من القطع الأرضية لصالح زوج الرئيس السابق ويعطي أوامر لوزير المالية والاقتصاد بتوقيع صفقة هذا القرض وإعطاء ضمانات باسم الدولة لشركة اسنيم دون أن تكون لشركة اسنيم صفة في الإقراض.
ونتج عن هذه الأوامر ضياع هذه المليارات من الأموال العمومية بعد أن عجزت الشركة الخصوصية عن التسديد لتتحمل الدولة التسديد من المال العام مقابل اتفاق جديد مع الطرف الخصوصي دون أن يكتمل التنفيذ إلى الآن.
ألا يشكل هذا تبديدا لممتلكات الدولة النقدية وغلولا ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون »
عندما يعطي المتهم محمد ولد عبد العزيز تعليماته لوزير المالية الأسبق تيام جومبار كما صرح بذلك أمامكم بإنشاء شركة مع شركاء أجانب تسمى الشركة الموريتانية للتنمية والتعاون وبموجب نفس التعليمات تم منح الشركة قطعة أرضية كبيرة في منطقة مطار انواكشوط الجديد وتم دفع مبلغ 200 مليون أوقية كجزء من مساهمة الدولة في الشركة المذكورة وقد أثبتت التحقيقات أن تلك الشركة كانت شركة وهمية وأن الشركاء الأجانب سحبوا مشاركتهم المالية بينما اختفى المبلغ الذي دفعته الدولة الموريتانية.
ألا يشكل هذا تبديدا آخر لممتلكات الدولة العقارية والنقدية وغلولا ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون »
مثال آخر.
عندما يمنح مجلس الوزراء برئاسة المتهم محمد بن عبد العزيز بشكل نهائي قطعة أرضية في تفرغ زينة تبلغ مساحتها 32 الف متر مربع لابن خالته المدعو محمد فال سيد احمد ولد اللهاه (افيل علما).
على أنها مخصصة لشركة للإسمنت واللبن وهي شركة أثبت المحضر نفسه أنها شركة وهمية تم إنشاؤها صوريا لتكون غطاء لمنح القطعة الأرضية محاباتا للشخص المذكور وتم منح هذه القطعة دون أي مسوغ قانوني ولم يعثر في إطار التحقيق على الملف الأصلي الذي تم على أساسه المنح مما يثبت أن المنح بسبب علاقة القرابة بين المتهم والمستفيد.
ألا يعتبر هذا تبديدا للممتلكات الدولة العقارية وغلول ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
مثال آخر
عندما يسمح المتهم محمد ولد عبد العزيز باستخدام جزء من مبلغ مالي عمومي منحته شركة اسنيم للدولة في إطار تخليد ذكرى خمسينية الاستقلال في انجاز أشغال في منتجع خصوصي يملكه عند الكلم 70 على طريق انواكشوط أكجوجت وقد تمت الأشغال فيه بعلم ومعرفة ومشاهدة المتهم.
ألا يشكل هذا تبديدا آخر لممتلكات الدولة وغلول ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
تهمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية.
أثبتت التحقيقات أن المتهم محمد ولد عبد العزيز قام في خرق واضح لمقتضيات قانون الصفقات العمومية بإعطاء أوامر مباشرة بمنح صفقة خط الجهد العالي (بين انواكشوط وأنواذيبو) لشركة هندية تدعى kalpataru وذلك بعد أن دخل في مفاوضات مع ممثلي الشركة الهندية المذكورة واستقبل ممثلين عنها في القصر الرئاسي وقد أثبتت تصريحات الشهود وجود علاقة مباشرة بين صهر المتهم محمد ولد عبد العزيز ومسؤولي الشركة الهندية وأثبتت كذلك تدخل المتهم المباشر في القضية وتهديده للشركاء المحليين السابقين للشركة بالسجن.
أليس هذا مثالا حيا على جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية وغلول ما فوقه غلول ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
مثال آخر
فقد صرح أمامكم المتهم الطالب بن عبدي فال بأن المتهم محمد بن عبد العزيز أثار بهامش أحد اجتماعات مجلس الوزراء موضوع إنارة بعض الشوارع بالطاقة الشمسية وتحدث عن شركة صينية تدعى JOY SOLAR وقد كشف التحقيق أن شريكهما المحلي هو ابن المتهم محمد ولد عبد العزيز المرحوم أحمد ولد عبد العزيز وقد حصلت هذه الشركة بموجب تدخل المتهم محمد ولد عبد العزيز على مزايا خاصة منها حصولها على 30% من قيمة الصفقة كسلفة لبدء العمل دون تقديم ضمانات وهو ما يخالف مدونة الصفقات العمومية وقد تم تعديل المرسوم المطبق للمدونة ليسمح بتمرير تقديم السلفة دون ضمانات وعند توريد أعمدة الإنارة وتركيب ما تم تركيبه منها تبين أن 70% منها غير صالحة للاستخدام ولم تتحمل الشركة تبعات ذلك.
ألا يعتبر هذا استغلالا لمركزه الوظيفي كرئيس للجمهورية من أجل خرق مقتضيات قانون الصفقات العمومية المنصوص عليه في المادة 6 من قانون مكافحة الفساد نجم عنه غلول ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
أما فيما يخص تهمة الإثراء غير المشروع
فقد كشفت التحقيقات امتلاك محمد ولد عبد العزيز وأفراد أسرته الذين لم تكن لهم وظائف ولا نشاطات تجارية لثروة هائلة لا تجد تبريرها في مصادر دخلهم المشروع تمثلت هذه الثروة في أعداد كبيرة من العقارات (بنايات وقطع أرضية) وشركات ومصانع وحظائر تحوي عشرات السيارات من مختلف الأنواع والأحجام وأرصدة بنكية وودائع بالمليارات وقطعات متنوعة من الماشية.
حيث يتضح من البون الشاسع بين المستوى المادي الذي أصبح عليه المتهم عند مغادرة السلطة مع ما كان عليه لحظت توليه منصب رئيس الجمهورية مستوى الثراء غير المشروع الذي طرأ عليه خلال هذه الفترة.
من أين له كل هذه الأموال الطائلة أليست ناتجة عن الغلول ! «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
ألم يقل الصادق المصدوق " لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني" فما بالكم بمن يجيء يوم القيامة وهو يحمل على رقبته كل هذه الأموال من ناطق وصامت وشركات وأسواق ومنازل وشقق وعمارات ضخمة وأنواع الماشية من إبل وبقر ومعز وجاموس وصفقات عمومية مشبوهة وعمولات صعبة وشركة Joy Solar و Kalpataru ويقول يا رسول الله أغثني فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم لا أغنى عنك من الله شيئا قد أبلغتك فيقول الله عز وجل مخاطبا دفاعه « ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا.». صدق الله العظيم.
يا لطيف
فماذا أعددتم زملائي الأعزاء للرد على هذا السؤال أخشى أن تكونوا منشغلين في تحضيري الدفاع عن أنفسكم: «يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
يا لطيف
في ذلك اليوم لا يمكن الانسحاب ولا يمكن الدفع بالمادة 93 التي تحصن رئيس الجمهورية في الأفعال المتصلة بوظيفته.
قال الله تعالى: " ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقالَ حبة من خردل آتينا بها وكفى بنا حاسبين" صدق الله العظيم
إنه يوم عظيم سماه الله يوم التغابن يوم الفزع الأكبر يوم يقوم الناس لرب العالمين. قال صلى الله عليه وسلم: " يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه."
سأل النبي صلى الله عليه وسلم صحابته رضوان الله عليهم: " أتدرون من المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال صلى الله عليه وسلم إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار." والحقوق تؤدى حتى بين الحيوانات.
ففي الحديث الصحيح « لتؤدن الحقوقُ إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.» فالشاة الجلحاء حسب وثائق الملف تمثل الشعب الموريتاني المسكين الذي يرى أمواله يتلاعب بها ولا حول له ولا قوة أما الشاة القرناء فلكم أن تتصوروها.
السيد الرئيس، السادة أعضاء المحكمة الموقرة.
صحيح أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز ينحدر من آل البيت لكن لن يشفع له ذلك لأنه عند ما نزلت « وأنذر عشيرتك الأقربين» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر قريش اشتروا أنفسكم لا أغنى عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغنى عنكم من الله شيئا يا عباس بن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئا و يا صفية عمة رسول الله لا أغنى عنك من الله شيئا ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغنى عنك من الله شيئا.
يا لطيف
وصحيح كذلك أن مجموعة من الموظفين السامين في الدولة شاركت مع المتهم محمد ولد عبد العزيز في ارتكاب جرائم تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية ومنح امتيازات خاصة غير مبررة في مجال الصفقات العمومية واستغلال النفوذ وإساءة استغلال الوظيفة والإثراء غير المشروع ومن أمثال ذلك.
المتهم: محمد سالم ولد براهيم فال الملقب المرخي
فهذا المتهم قام بخرق القوانين والنظم عبر تقديمه لشركة Joy Solar قيمة 80% من صفقة إنارة محور كرفور صباح ومطار انواكشوط الجديد وذلك قبل توريدها أي شيء من المعدات المتعاقد معها عليها بهدف تقديم منفعة غير مستحقة لهذه الشركة.
ألا يشكل هذا جريمة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية وغلول «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
كما قام المتهم محمد سالم ولد براهيم فال حسب التحقيق بتحويل مبلغ مالي من حسابات الشركة الوطنية للكهرباء لصالح الشركة الصينية Joy Solar إلى حساب لديها في مصرف بنك التجارة والصناعة ثم قام باستعادة هذا المبلغ ليحوله من جديد إلى حساب شخصي لصيني على علاقة بالشركة وتثبت هذه الواقعة العلاقة الزبونية بين المتهم والمسؤولين عن الشركة الصينية.
ألا يشكل هذا تلاعبا بأموال الدولة العمومية وإساءة استغلال الوظيفة وغلول «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
كذلك أعترف أمامكم المتهم محمد سالم ولد براهيم فال أن منح صفقة خط الجهد العالي بين انواكشوط وانواذيبو تم بطريقة مخالفة للقوانين والنظم المعمول بها.
وبارتكاب كل هذه الأفعال المجرمة من بين أخرى حصل على ثروة هائلة وهو إثراء غير مشروع تمثل في وجود مبلغ ما يقارب 3 مليارات في حساباته الشخصية ووجود كذلك الكثير من السيارات الفاخرة والمنازل والقطع الأرضية والعمارات المشيدة في انواكشوط وانواذيبو ووو ...
من أين له هذا وهو موظف في الدولة ويمنعه القانون من ممارسة أي عمل تجاري.
ألا يعتبر هذا غلول فأخشى ما أخشى أن يأتي بدوره وهو يحمل على رقبته هذه الثروة الهائلة ويقول يا رسول الله أغثني فيقول رسول صلى الله عليه وسلم لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك.
يا لطيف
يشارك المتهم محمد بن عبد العزيز كذلك صهره محمد ولد أمصبوع في جريمة استغلال النفوذ وإساءة استغلال الوظيفة وإثراء غير المشروع.
يتجلى ذلك في أن اكتتاب المتهم محمد ولد امصبوع وحصوله على وظيفة متميزة في الإدارة التجارية لشركة اسنيم في باريز تم بتدخل مباشر من صهره المتهم محمد ولد عبد العزيز الذي كان يشغل وقتها وظيفة رئيس الجمهورية وأعترف كذلك أن شركة اسنيم كانت تتولى تكاليف دراسة أبنائه في فرنسا كل هذا بأوامر مباشرة من الرئيس السابق محمد بن عبد العزيز في الوقت الذي شهد فيه جميع المديرين المتعاقبين على شركة اسنيم أنه لم يسبق لأي إطار من الشركة بالاستفادة من هذه الميزات.
ألا يعتبر هذا استغلالا للنفوذ وإساءة استغلال الوظيفة وغلول «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
ألم يصرح أماكم يا سيادة الرئيس أحمد سمي أن محمد ولد أمصبوع كان يرسل معه كمية كبيرة من الذهب والفضة ليهربها إلى دبي بحماية أفراد من الحرس الرئاسي 500 ألف دولار في احدى المرات و20 كلغ من الذهب في احدى المرات دون المرور بالجمارك ودون علم البنك المركزي.
ألا يعتبر هذا استغلالا للنفوذ وإساءة استغلال الوظيفة وغلول «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
ألم يصرح أمامكم يا سيادة الرئيس الشاهد سليمان ولد داداه أن الرئيس السابق انتزع منه تمثيل الشركة الهندية Kalpataru التي فازت بصفقة خط الجهد العالي بين انواكشوط و انواذيبو محاباة لصهره محمد ولد امصبوع وبمجرد اتصال محمد ولد امصبوع بالشركة تغيرت الموازين وحصلت الشركة على مزايا عدة في خرق سافر لقانون صفقات العمومية وعندما استنكر هذا الظلم واتجه إلى العدالة هدده الرئيس السابق بالسجن عن طريق محسن ولد الحاج رئيس مجلس الشيوخ السابق.
ألا يعتبر هذا استغلالا للنفوذ وغلول «ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون»
بالنسبة لجريمة الإثراء غير مشروع
فقد كشفت التحقيقات أن المتهم محمد ولد أمصبوع يمتلك ثروة هائلة لا يمكن لمن هو في سنه ويعمل في وظيفته الحصول عليها في وقت وجيز. فأشفق عليه أن يأتي هو الآخر يوم القيامة يحمل على رقبته كل هذه العمارات والأسواق والقطع الأرضية والمصانع والشركات ويقول يا رسول الله أغثني فيقول رسول صلى الله عليه لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك.
يا لطيف
يشاركه كذلك المتهم محمد ولد اداف في جريمة تبديد ممتلكات الدولة العقارية واستغلال النفوذ وإساءة استغلال الوظيفة بمساعدة المتهم محمد لمين ولد ألكاي عبر تنظيم عمليات بيع صورية في غياب أعضاء اللجنة المشرفة على البيع بالمزاد العلني في خرق سافر للقوانين حصلا من خلاله على مكتسبات مادية معتبرة.
ألا يعتبر هذا تبديدا لممتلكات الدولة العقارية وغلول "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "
فأخشى ما أخشى أن يأتيا يوم القيامة كل منهما يحمل على رقبته (رقاع تخفق) كما في الحديث وهي عبارة عن وثائق الملكية والسندات العقارية التي غل فيها فيقول كل واحد مهما يا رسول الله أغثني فيقول رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا قد أبلغتك.
يا لطيف
ويشاركه كذلك باقي المتهمين يحيى ولد حدمين ومحمد سالم ولد البشير ومحمد عبد الله ولد أداعة، والطالب ولد عبدي فال، ومحمد الأمين ولد بوبات ويعقوب ولد العتيق كل يحمل على رقبته نصيبه من هذا الغلول فيقول يا رسول الله أغثني فيقول رسول صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئا قد ابلغتك.
يا لطيف
وبعد هذه الصورة المخيفة التي قدمنا عن الغلول فمازال باب التوبة مفتوح لأنه وقياسا على أن الغال إذا رد المال الذي غل قبل أن تتفرق الجماعة أثناء تقسيم الغنيمة وقبل أن ينصرف الإمام يشفع له ذلك بأذن الله فقياسة على ذلك هذه فرصة أمام هذه الجماعة المتهمة أمامكم ان ترد طواعية كل هذه الأموال التي حصلت عليها بغير حق شرعي وتتعهد أمامكم بالكشف عن أموالها الموجودة في الخارج قبل النطق بالحكم عسى الله أن يتوب عليهم.
فإن لم يفعلوا ولن يفعلوا فإننا نطلب من محكمتكم الموقرة إصدار حكم عادل يرضي الله تعالى أولا وأخيرا ورادع لكل من سولت له نفسه المساس بالمال العام من رؤساء ووزراء وكل الموظفين في الدولة ويحسب كل واحد منهم ألف حساب قبل أن يتجرأ على ذلك ومن خلال ذلك الحكم تدخلون التاريخ من بابه الواسع في منطقتنا العربية والإفريقية.
ذلك الحكم الذي لا يمكن أن يكون إلا بمصادرة جميع الأموال المحجوزة ورفض كل طلبات الاسترداد المكشوفة وسنوافيكم بتفاصيل طلباتنا في مذكرة اللفيف التي ستقدم إليكم لاحقا.