تعزية من زاوية الشيخ محمد المامي في وفاة العلامة الشيخ حمدا بن التاه رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
فإن موت العلماء ثلمة في الدين ومن أعظم المصائب التي تحل بالأمم، قال الله تعالى: ﴿أولم يروا انا ناتي الارض ننقصها من اطرافها﴾ (الرعد: 41). قال ابن عباس: "خرابها بموت فقهائها وعلمائها وأهل الخير منها". وقال الحسن البصري: "كانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
وفي الحديث المتفق عليه: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".
وقد تلقينا في زاوية الشيخ محمد المامي، ببالغ الأسى والأسف، نبأ وفاة الإمام العلامة الشيخ حمدا بن التاه، عالم عصرنا وصوفيه وأديبه.
لقد اشتهر الفقيد الكريم بنبوغه وعبقريته، منذ نعومة أظفاره، وقد ورث المشيخة العلمية والصوفية عن أجداده الكرام، وصار من الراسخين في العلم، بما أفاض الله عليه من فتوحات في العلوم الشرعية والأدبية.
لقد كان الإمام العلامة الشيخ حمدا مفكرا إسلاميا عظيما وفقيها مجددا، تميز بفهم ثاقب لنصوص الشريعة ومقاصدها، وبالجمع بين الرسوخ في العلوم الشرعية وفهم الواقع، وكانت فتاويه منارة هادية للمعاصرين، لما تميزت به من التزام بالأصول الشرعية مع مراعاة التيسير والتسهيل.
وكان في مؤلفاته مثالا للمفكر الوسطي، والباحث المتعمق، كما كان في أحاديثه الإذاعية والتلفزية ومحاضراته العامة، مثالا للداعية المخلص، والمصلح الاجتماعي.
وكان الشيخ أيضا شاعرا أديبا، تميز في سلوكه وتعامله بالرقة والظرافة والأدب.
هذا إلى ما رزقه الله تعالى من محاسن الأخلاق وطيب الشيم، بحيث صار مضرب الأمثال في هذا المجال.
وذلك ما أهله لتسنم أعلى المناصب السياسية والعلمية في بلادنا، من الوزارة إلى رئاسة رابطة العلماء.
وعلاوة على ما كان يربط الفقيد الكريم بزاوية الشيخ محمد المامي، من علاقة علمية وصوفية عامة، فقد كانت له علاقة خاصة بالشيخ محمد المامي، فقد كان معجبا بالشيخ مهتما بتراثه، شارحا لعلومه وفكره، وقد خلد ذلك في أحاديثه ومحاضراته، وقد تكرم رحمه الله بكتابة مقدمات لمنشورات الزاوية، أبرز فيها علاقته بالشيخ واهتمامه بآثاره.
وبهذه المناسبة الأليمة فإننا نعزي أنفسنا ونعزي أسرة الفقيد الكريم، وجميع تلاميذه ومحبيه، وسائر الموريتانيين والمسلمين في العالم، ونذكرهم بقول الله تعالى: ﴿وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ (البقرة: 155 - 157).
وندعو الله تعالى أن يرحم الفقيد الكريم ويسكنه فسيخ جناته مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان، وأن يبقى علمه وفكره منارة للأجيال القادمة، للاهتداء به إلى الصراط المستقيم.
عن المجلس العلمي لزاوية الشيخ محمد المامي، الرئيس: محمد المامي بن محمد بن عبد العزيز بن الشيخ محمد المامي