الأخبار (نواكشوط) – قال سكان أحياء توجنين القريبة من طريق المقاومة، إن مستوى تلوث الهواء جراء الدخان المنبعث من المصانع الموجودة على هذا الطريق يعرضهم حياتهم للخطر، نتيجة انتشار الأمراض المتنوعة، وقد دفع عددا منهم للهجرة عن المنطقة.
وأكد السكان في أحاديث لفريق من الأخبار أن مستوى تلوث الأهواء لم تعتد تحتمل، وحولت الحياة في المنطقة إلى جحيم لا يطاق، وانتظار للموا، نتيجة دخان مصانع تدوير الحديد وزيوت السيارات المستعلة.
ويقول سكان الأحياء، إنهم عانوا ويعانون من ضيق التنفس، والاختناق، وتلوث البيئة المحيطة، وذلك بسبب انتشار المصانع في المنطقة، وعدم احترامها للضوابط والشروط البيئية.
وعدد السكان من المصانع القريبة منهم مصنع «توب سيتافير» للحديد، ومصنع البنجاب للحديد، ومصنع «راف شاميكال" لإعادة تدوير زيوت المحركات.
انتشار الأمراض
وتقول زينب بنت إدوم، إن أمراضا معينة عرفت تسارعا بين سكان الأحياء منذ ظهور هذه المصانع، كسرطان الرئة، والفشل الكلوي، فضلا عن موجات الاختناق والربو، وغيرهم، وخصوصا في صفوف النساء المقيمات بشكل دائم في المنطقة.
فيما يقول محمد محمود الإمام، وهو أحد سكان الحي، إن تلوث الهواء يزيد من خطر الأمراض التنفسية والقلبية، معتبرا أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة للتأثير الضار لهذا الدخان.
ويعدد ولد الامام أنواع السرطانات الناجمة عن التلوث البيئي الناتج عن مصانع الحديد عالميا، مشيرا إلى أنه لا اختلاف بين مخلفات مصنع حديد في أي دولة في العالم مع مصنع في موريتانيا.
ويحذر ولد الامام، من خطورة انتشار أنواع مختلفة من السرطانات، بالإضافة إلى أمراض القلب والشرايين التي يؤكد ظهورها في فحوصات بعض سكان الحي
شيرف ولد ابراهيم ولد الطيب يشير إلى ظهور أعراض غريبة لدى أفراد أسرته بسبب رائحة الدخان المنبعث من المصانع، وذلك في ظل عجزهم عن توفير مكان سكن بديل، والهجرة عن المنطقة.
ويضيف ولد الطيب، أن أحد أطفاله محتجز في المستشفى بسبب ضيق في التنفس، "وقد احتاج إلى الأوكسجين".
ويؤكد ولد الطيب أن سيدتين من أسرته تعرضتا لأعراض حساسية مفاجئة، مرجحا أن سببها الأول هو تلوث الهواء والمحيط.
وفيات مفاجئة
عالي ولد اندلَّ – وهو أحد سكان الحي – يتحدث عن حصول وفيات مفاجئة لم يكن أصحابها يعانون من أي أمراض سابقة، مؤكدا أن نقل صديقه الذي كان بصحة جيدة إلى المستشفى بسبب اختناق مفاجئ، ليتوفاه الله تعالى فور وصوله إلى المستشفى.
ويشير ولد اندل، أن الأطباء أبلغوه عن تضرر صديقه من اختناق بسبب الدخان، مؤكدا أنه لم يكن مدخنا و"إنما اختنق بسبب انبعاث الدخان من المصانع".
ويتحدث ولد الطيب عن نفس الحادثة، مشير إلى أن صديقهم الذي كان يسكن الحي، لم يكن يدخن ولا يعاني من أي مرض قبل اختناقه، لافتا إلى وجود حالات مشابهة توفيت بسبب الاختناق أو التأثر من دخان المصانع.
ابيليگه بنت اگنيفيد، تحكي بمرارة ما يتعرضون له بسبب الدخان الذي ينبعث من المصانع، متحدثة هي الأخرى عن حالات وفيات غامضة ومفاجئة في أقاربها ومعارفها.
وتقول بنت اكنفيد إن عمل هذه المصانع ليلا، والناس نيام نوع من إعدام الساكنة، وتعريض حياتهم للخطر.
شكاوى إدارية
ولد الامام يؤكد أنهم تقدموا بعدة شكايات منذ عام 2020، إلى اليوم، وتم تقديمها إلى مختلف الإدارات المعنية بقضية التلوث البيئي.
ويستعرض ولد الامام نسخا من مختلف الشكايات تحمل إثبات استلام من عدة جهات إدارية وسياسية، من بينها وزارة الداخلية، ووزارة الطاقة والمعادن، وجهة نواكشوط، وبلدية توجنين، وعدد من النواب البرلمانيين.
ويشدد ولد الامام، على أن قضية هذه المصانع تحتاج إلى حل فوري يضمن سلامة سكان المنطقة، وتحميهم من الموت المؤكد، وتوقف معاناتهم الدائمة.
مطالب وآمال
ويطالب سكان أحياء توجنين بنقل المصانع إلى مناطق بعيدة عن الأحياء السكنية، حيث يرى ولد اندل، أن هذا سيقلل من تأثير دخان المصانع على السكان.
ويعتبر ولد اندل، أن بقاء هذه المصانع يعني قتل السكان في منازلهم أو تهجيرهم من مناطق سكنهم، فيما يعبر ولد الطيب عن أمل السكان في أن تتخذ الحكومة إجراءات صارمة للرقابة على المصانع وفحص انبعاثاتها الضارة.
ويؤكد ولد الطيب شعور السكان بخيبة أمل بالغة نتيجة عدم استجابة الحكومة لمطالبهم طيلة السنوات الماضية، رغم المخاطر الحقيقة المحدقة بهم، ومعاناتهم الشاملة.
لمشاهدة التقرير بالصوت والصورة: إضغط هنا