الأخبار (نواكشوط) – يلف الغموض مضامين الاستفتاء الشعبي الذي تنوي الحكومة تنظيمه يوم 05 أغسطس المقبل، والذي افتتحت حملته الدعائية ليل الجمعة الماضية، وذلك بفعل عدم نشر مضامين هذه التعديلات عبر وسائل الإعلام، إضافة للتغيير الذي طالها رغم صدورها في مرسوم يوم 30 مارس 2017، حيث طال الإلغاء والحذف 25% من مواد مشروع القانون الاستفتائي رغم مصادقة الحكومة عليه.
وأدى التغييرات التي طالت مشروع القانون الدستوري الاستفتائي إلى التغييرات المتعلقة بالباب من الدستور بشكل كلي، في خلف الأمر حالة من "الارتباك" أدت لحدوث أخطاء شكلية واضحة، وفروق جلية بين نسخة المرسوم التي صدرت عن الحكومة فور المصادقة، والنسخة الأخيرة التي طالها الحذف، وصدرت في كتيب عن اللجنة المستقلة للانتخابات يوليو 2017.
كما تم إجراء هذه التغييرات على مشروع القانون الدستوري الاستفتائي، والذي جاء ضمن خلاصات الحوار السياسي المنظم سبتمبر / أكتوبر 2016، دون أن تعلن اللجنة المسؤولة عن متابعة نتائج الحوار عن إدخالها تعديلات على خلاصاته.
وكانت الأطراف المشاركة في الحوار قد اتفقت على تشكيل لجنة لصياغة الخلاصات التي تم الاتفاق عليها، كما أصدرت الحكومة نهاية مارس الماضي مشروعي قانونين استفتائيين تضمن أحدهما تعديل المادة: 8 من الدستور، وهي المادة المتعلقة بالعلم الوطني، فيما تضمن الأخيرة بقية التعديلات، وجاء في 12 مادة.
وبموجب التغييرات التي طالت المرسوم بعد ذلك تقلصت مواده إلى 9 مواد فقط، حيث حذفت 3 مواد كانت في المرسوم المصادق عليه يوم 30 مارس 2017.
حذف "عدالة الجمهورية"
الحذف طال المواد المتعلقة بمحكمة العدل السامية، وهي المحكمة المختصة في محاكمة الرئيس وأعضاء الحكومة، وطال الحذف مقترح تغيير الباب، ومقترح إلغاء المحكمة وإحالة اختصاصها لهيئة قضائية مؤلفة من أعلى المحاكم في التنظيم القضائي في البلاد.
وكانت المقترح الصادر عن اللجنة المشكلة من الأطراف السياسية المشاركة في الحوار قد اقترح تغيير عنوان الباب الثامن من الدستور إلى "حول عدالة الجمهورية"، بعد أن كان عنوانه: "حول محكمة العدل السامية".
إلغاء الإلغاء
نسخة المرسوم التي نشرتها اللجنة المستقلة للانتخابات في كتيب صادر عنها يوليو 2017 تضمنت إلغاء لـ"إلغاء محكمة العدل السامية"، حيث تم حذف المواد الثلاث التي كانت متعلقة بالمحكمة.
وكان المرسوم في نسخته الأصلية يتضمن تعديل المادة: 92 من الدستور بحيث تلغى محكمة العدل السامية، ويصبح نص المادة: "يحاكم رئيس الجمهورية والوزير الأول وأعضاء الحكومة على الأفعال المنصوص عليها في المادة: 93 أمام هيئة قضائية مؤلفة من أعلى المحاكم في التنظيم القضائي في البلاد".
ويعني هذا الألغاء بقاء المادة: 92 على أصلها، والتي كان يقول نصها: "تنشأ محكمة عدل سامية.
وتتشكل من أعضاء منتخبين وبعدد متساو من بين أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، بعد كل تجديد عام أو جزئي للغرفتين، وتنتخب رئيسا من بين أعضائها.
يحدد قانون نظامي، تشكيل محكمة العدل السامية، وقواعد سيرها، وكذلك الإجراءات المتبعة أمامها".
لا أخاف المحكمة
وكشف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال حديثه في مهرجان جماهيري الاثنين الماضي أنه هو من اقترح هذا الإلغاء، ودعا للتراجع عن إلغاء محكمة العدل السامية، مشيرا إلى أن المعارضة تحدثت عن إلغاء هذه المحكمة، ورأت أن سبب اقتراح إلغائها هو خوفه من المثول أمامها.
وشدد ولد عبد العزيز أمام الجماهير التي حضرت المهرجان على بقاء محكمة العدل السامية، متحدثا عن إمكانية أن يتم إلغاءها في تعديل دستوري لاحق، ضمن تعديلات أخرى تحدث حاجة الدستور الموريتاني لها من أجل أن يصبح دستورا للبلاد، وليس مستنسخا من دستور دولة أخرى.
ارتباك واضح
وظهر الارتباك جليا في تعاطي الحكومة وكذا لجنة الانتخابات مع المرسومين، المرسوم الصادر عن الحكومة عشية اجتماعها يوم 30 مارس عدد في مادته الأولى المواد التي سيطالها التعديل أو الإلغاء، ولم يذكر منها المادتان 92 و 93 من الدستور في حين أنه أوردهما في تفاصيله، وخصص لهما المواد: 4 و5 منه، فيما تناولت المادة: 3 من المرسوم تغيير عنوان الباب.
أما النسخة الأخيرة من المرسوم، والصادرة عن اللجنة المستقلة للانتخابات فأوردت المواد 92 و93 ضمن مادتها الأولى، لكن لو تورد عنها أي شيء في التفاصيل، ووقع ذلك في نسختي الكتيب الصادر عن اللجنة المستقلة للانتخابات وفي الصفحة: 61 من النسخة العربية، و59 من النسخة الفرنسية.
وخلافا لهذه المواد التي ذكرت في المادة الأولى، وحذفت من التفاصيل، وردت المادة: 94 في تفاصيل المرسوم، دون أن يرد لها أي ذكر في المادة الأولى.
وتبعا لهذا الحذف، تغير مضمون المادة: 8 من نسخة مرسوم لجنة الانتخابات، وهي المادة: 11 من نسخة المرسوم الصادرة عن الحكومة، حيث حذف اسم محكمة العدل السامية من الهيئات الدستورية التي سيتم تغييرها أو إلغاؤها أو دمجها.
حذف لممثل للمعارضة
كتيب لجنة الانتخابات حذف أحد ممثلي المعارضة في المجلس الدستوري، حيث كان المرسوم الصادر عن الحكومة يمنح المعارضة ثلاثة ممثلين في هذا المجلس البالغ عدد أعضائه 9 أعضاء، وذلك وفقا للمادة: 81 من الدستور.
ففي المرسوم الصادر عن الحكومة مارس 2017، قال نص المادة: 81 المقترحة: "يتكون المجلس الدستوري من تسعة (9) أعضاء، فترة انتدابهم تسع (9) سنوات، غير قابلة للتجديد. يتم تجديد ثلث أعضاء المجلس الدستوري كل ثلاث (3) سنوات.
يعين رئيس الجمهورية خمسة (5) أعضاء أحدهم بناء على اقتراح من زعيم المعارضة الديمقراطية، ويعين الوزير الأول عضوا واحدا (1)، ويعين رئيس الجمعية الوطنية ثلاثة (3) أعضاء، اثنان منهم يقترح أحدهما ثاني حزب معارض من حيث ترتيب الأحزاب المعارضة الأكثر عدد نواب في الجمعية الوطنية، ويقترح الثاني ثالث حزب معارض حسب نفس الترتيب".
أما نسخة المرسوم المنشور في كتيب اللجنة المستقلة للانتخابات فأوردت نص المادة كما هو في الصفحة: 66، غير أنها توقفت قبل عضو الحزب المعارض الثالث، وجاء نص المادة في الكتيب على النحو التالي: "يتكون المجلس الدستوري من تسعة (9) أعضاء، فترة انتدابهم تسع (9) سنوات، غير قابلة للتجديد. يتم تجديد ثلث أعضاء المجلس الدستوري كل ثلاث (3) سنوات.
يعين رئيس الجمهورية خمسة (5) أعضاء أحدهم بناء على اقتراح من زعيم المعارضة الديمقراطية، ويعين الوزير الأول عضوا واحدا (1)، ويعين رئيس الجمعية الوطنية ثلاثة (3) أعضاء، اثنان منهم يقترح أحدهما ثاني حزب معارض من حيث ترتيب الأحزاب المعارضة".
غياب للنشر القانوني
المرسوم رقم: 82 – 2017 الصادر بتاريخ: 12 يونيو 2017 والذي ينص على تأجيل الاستفتاء الدستوري من 15 يوليو 2017 إلى 05 أغسطس 2017 نص في الفقرة الأخيرة المادة: 2 على إلحاقه بمشروعي القانونين المعروضين للاستفتاء.
ورغم صراحة الفقرة فلم يتم نشر القانونين في الجريدة الرسمية كما نص المرسوم على ذلك إلى الآن.
وجاء نص المادة: 2 من المرسوم آنف الذكر على النحو التالي: "تستدعى هيئة الناخبين يوم 05 أغسطس 2017 من أجل التصويت على المشروعين القانونيين التاليين:
ـ مشروع القانون الدستوري الاستفتائي المتضمن مراجعة المادة: 08 من دستور 20 يوليو 2017.
ـ مشروع القانون الدستوري الاستفتائي المتضمن مراجعة بعض أحكام دستور 20 يوليو 2017.
يلحق بهذا المرسوم مشروعي القانونين المعروضين للاستفتاء".
فراغ قانوني وتهميش للمجلس الدستوري
مصادر قانونية تحدثت لصحيفة الأخبار إنفو عن فراغ قانوني في مجال تنظيم الاستفتاءات الشعبية في المنظومة القانونية الموريتانية.
ورأت هذه المصادر أنه رغم الترسانة القانونية المكتملة تقريبا في مجال تنظيم الانتخابات بكل أنواعها، فإن مجال تنظيم الاستفتاءات يعرف حالة فراغ قانوني حقيقي، معتبرة أنه من الضروري تكميله، مشيرة إلى المجلس العسكري في العام 2006 لجأ لمراسيم لملأ هذا الفراغ، لكن لم تتم المصادقة على أي قوانين في هذا المجال.
وحملت الإجراءات المتخذة في إطار التحضير للاستفتاء عرفت تهميشا للمجلس الدستوري، وهو إحدى الجهات المسؤولة عن المجال بنص الدستور.
ويقول نص المادة: 85 من الدستور الموريتاني: "يسهر المجلس الدستوري على صحة عمليات الاستفتاء ويعلن نتائجها"، كما جاء الباب السابع من الأمر القانوني رقم: 04 – 92 الصادر بتاريخ: 18 – 02 – 1992 والمتضمن القانوني النظامي المتعلق بالمجلس الدستوري تحت عنوان: "مراقبة عمليات الاستفتاء وإعلان النتائج".
ونصت المادة: 46 من هذا الأمر القانوني استشارة المجلس من قبل الحكومة حول تنظيم عمليات الاستفتاء، وإبلاغه بكل الإجراءات في هذا المجال فورا، وهو ما أكدت مصادر في المجلس عدم حصوله.
كما منحته المادة: 49 مباشرة مراقبة الإحصاء العام، ويطلق على اللائحة الانتخابية، وكذا تعيين مندوب أو مناديب من بين القضاة وتكليفهم بمتابعة العمليات في عين المكان، وذلك طبقا لنص المادة: 48 من ذات الأمر القانوني.
محتويات بطاقة التصويت
اللجنة المستقلة للانتخابات استملت الاثنين الماضي بطاقات التصويت في الاستفتاء الدستوري المقرر السبت 05 أغسطس القادم، والتي تولت طباعتها هذا المرة مطبعة لبنانية، وذلك عقب إدانة القضاء البريطاني للشركة التي كانت تتولى طباعة بطاقات التصويت في الانتخابات الموريتانية بتهمة تقديم رشى لمسؤولين في عدة دول إفريقية بينها موريتانيا.
وجاءت محتويات بطاقتي الصويت على النحو التالي:
بطاقة التصويت على تغيير العلم، حملت السؤال التالي:
هل تصادقون بـ: نعم، حيادي، لا، على مشروع القانون الدستوري الاستفتائي المتضمن مراجعة المادة: 8 من دستور 20 يوليو 1991؟
أما البطاقة الثانية، فحملت السؤال التالي:
هل تصادقون بـ: نعم، حيادي، لا، على مشروع القانون الدستوري الاستفتائي المتضمن مراجعة بعض أحكام دستور 20 يوليو 1991؟
ـ إلغاء مجلس الشيوخ، وتخول الجمعية الوطنية الصلاحيات التي كانت تمارسها الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ.
ـ إنشاء المجالس الجهوية المنتخبة لترقية التنمية المحلية.
ـ إنشاء المجلس الأعلى للفتوى والمظالم محل المجلس الإسلامي الأعلى، ووسيط الجمهورية، والمجلس الأعلى للفتوى والمظالم.