الأخبار (نواكشوط) - أكسبته تجربته الممتدة لسنوات كطبيب جراح، معرفة العديد من الأمراض التي يعاني منها الموريتانيون، ويَعتبر أن تجربته السياسية لزهاء عقدين، مكنته كذلك من معرفة الأمراض التي تعانيها البلاد، ويعد بأنه إذا انتخب رئيسا سيداويها.
أوتوما أنتوان سليمان سوماري، ولد عام 1971، حصل على شهادة البكالوريا في سن 18، تابع دراسته الجامعية في فرنسا، حيث درس الطب العام 6 سنوات، وتخصص بعد ذلك في جراحة الأعصاب.
اشتغل سوماري لسنوات بمستشفى فرنسي، كما درَّس بإحدى الجامعات الفرنسية، لكنه آثر في النهاية العودة إلى بلاده لينقل لها خبرته وتجربته.
اكتتب أوتوما كطبيب جراح عام 2001، وبعد فترة طويلة عين مديرا للمركز الاستشفائي للتخصصات الطبية، فراكم تجربة مهنية وإدارية، وحظي بسمعة جيدة في صفوف زملائه ومرضاه.
بين الطب والسياسة
لم تمهله السياسة طويلا حين قرر العودة النهائية إلى موريتانيا عام 2004، فبعد انقلاب 2005 الذي أطاح بالعقيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع، حصل انقلاب آخر سنة 2008 أطاح بالرئيس المدني الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، وأجهضت التجربة الديمقراطية الوليدة في البلاد.
انخرط سوماري في صفوف "الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية" على رأس مجموعة من الأطر مناهضة للانقلاب العسكري.
وبعد 9 أشهر من التظاهر والاحتجاج، تقرر إجراء حوار بداكار بين السلطة الجديدة ومناهضي الانقلاب، واختير سوماري عضوا في الوفد المعارض المحاور.
يقول في حوار مع وكالة الأخبار، إن الأمر أكسبه تجربة، ولكنه أيضا جعله يواصل مساره النضالي، خصوصا وأن "ما اتفق عليه لم ينجز".
آثر سوماري أن لا يترك الطب، وأن لا يطلق السياسة، إذ لا مشكل لديه مع التعدد، فقد كانت في بيته ثلاث زوجات، ولدن له 6 أبناء.
نال أوتوما عضوية أول لجنة وطنية مستقلة للانتخابات في موريتانيا، وأسس سنة 2012 حزب طلائع قوى التغيير الديمقراطي، قاطع الحزب انتخابات 2013 البلدية والتشريعية، وشارك في استحقاقات 2018، وفاز بمنصب عمدة بلدية السبخة، كما حصل على عضوية في المجلس البلدي بنواذيبو، وكذا عضوية عدد من المجالس في بلديات ريفية.
لكن الحزب الذي دخل البرلمان بمقعد واحد، لم تعمر تجربته السياسية طويلا، حيث حل من طرف وزارة الداخلية لعدم حصوله على النسبة المطلوبة، قرار يصفه سوماري ب"الظالم".
متعدد الألسن والثقافات
يُحدِّث سوماري وهو يجوب مختلف مدن وقرى البلاد لتقديم برنامجه الانتخابي، الموريتانيين بما يفهمون، فهو الوحيد من بين المتنافسين السبعة على كرسي الرئاسة، الذي يتحدث كل اللغات الوطنية: الحسانية، والوولفية، والبولارية، والسونونكية.
تطغى العفوية على جل خطاباته الدعائية، كما تطبع سلوكه أحيانا، فحين استقبلته مثلا نسوة بإحدى تجمعاته الانتخابية في الداخل بالرقص والغناء، لم يجد عناء في التفاعل معهن فبادلهن رقصا برقص، في مشهد أثار جدلا على وسائل التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض.
يتحدث أوتوما لغة فرنسية صقيلة، لا تخلو من لكنة باريسية، أكسبته إياها سنوات الدراسة والعمل الطوال بفرنسا، لكن ما يميز لغته، أنها تتجاوز حدود تخصصه العلمي، نحو مجال أرحب مع ثقافة واسعة، يحرص صاحبها على التمسك بالأصل لغة وثقافة وهوية.
يرى سوماري أن "لا سبيل إلى التنمية" في موريتانيا "دون حل مشكل الوحدة الوطنية والتعايش السلمي"، وأن "السلم الأهلي" هو أولوية الأولويات.
ويقدم نفسه كمعارض للنظام الحالي، وقد دعا مرات عدة الرئيس منتهي الولاية الباحث عن ولاية رئاسية ثانية محمد ولد الغزواني، لمناظرة يطرحان فيها إشكالات البلد وتصورات الحلول.
دعوة لم يتفاعل معها ولد الغزواني، لكن بعض الفاعلين في حملته الانتخابية، ردوا بأن وجود سوماري ضمن منافسي الرئيس وهو "الموظف" الرسمي، يعتبر مؤشرا على "تقدم الديمقراطية" في البلد.
"مهاتير" موريتانيا
في حوار له مع وكالة الأخبار، قدم سوماري نفسه على أنه "سياسي اللحظات الكبرى"، وأن موريتانيا تمر حاليا بإحدى "اللحظات الكبرى" في تاريخها.
ولم يخف في ذات الحوار إعجابه بتجربة ماليزيا، التي "حققت إقلاعا ونموا بفضل جهود طبيب" في إشارة إلى مهاتير محمد الطبيب الجراح، الذي حول ماليزيا خلال عقدين من بلد زراعي إلى صناعي.
ويرى سوماري أن موريتانيا بحاجة إلى "إعادة التأسيس"، ويؤكد ضرورة أن تكون هناك "قطيعة مع تقسيم المجتمع من طرف الدولة العميقة، التي تستهدف بالأساس الحفاظ على مكانتها".
اقتصاديا، يعتبر سوماري أن اعتماد الدولة بشكل كبير على القروض لتمويل المشاريع "غالبا ما يفشل، مما يترك الديون على عاتق الأجيال القادمة"، ويرى بفشل مندوبية "تآزر في معالجة الفقر".
والحل في نظره يكمن في تفعيل فريضة الزكاة، فهي "كفيلة بحل مشكل الفقر"، كما أن "تحقيق تنمية مستدامة، مرتبط بضرورة إصلاح النظام الاقتصادي والاجتماعي" للبلاد.
يقول أنصاره إن اختياره "المصباح" شعارا، هدفه تسليط الضوء على "جل الاختلالات التي تعاني منها موريتانيا"، ويؤكدون امتلاكه للحلول.
ويرى منتقدوه أن الأمر لا يعدو "شعارات فارغة"، و"حديث حملة"، وأن الحكم "يحتاج أصحاب تجارب في السياسة والوظائف".