بعد يوم من التنافس الانتخابي اتسم في كثير من مناطق البلاد بضعف الإقبال خاصة في فترات النهار الأولى؛ وبعد حملة انتخابية كثرت فيها المبادرات والتظاهرات التي اكتسى أغلبها مظهر الخدعة البصرية والولاء العكسي المبطن، بعد ذلك كله ظهرت النتائج الأولية والتي تقدمت رويدا رويدا إلى إظهار الحسم وانجلاء الحقيقة التي عبر عنها الناخبون في صناديق الاقتراع بإرادتهم الحرة غالبا..
ظهر أن بعض المناصرين كان يعتقد عكس ما جرت به رياح المحاضر التي وثقت فيها نتائج الاقتراع لكل مكتب على حدة، في عملية مشتركة المسؤولية، مشهودة التوثيق، منشورة الظل، ممكنة الاطلاع للكل، إن على مستوى المستخرجات التي تسلم لكل ممثل في كل مكتب أو من خلال موقع my ceni الذي يمكن لأي مواطن في أي ركن من منزله أن يطلع على أحدث المعطيات المنشورة عليه؛ تباعا، ويتثبت من دقتها أو العكس.
صحيح أن بعض المتنافسين على كرسي الرئاسة أبدوا تنكرهم للنتائج واعتراضهم على ما ظهر منها لحد الساعة؛ في شهوة خفية تحتكر رضاهم في فوزهم فقط، لكن هل يلزم رياح الحقيقة أن تجري تبعا لتلك الشهوة؟ أم أن تعرية الحقيقة هي الحسنة المنشودة..؟
إن تتبع تفاصيل النتائج والوقوف على جزئياتها؛ يقيدنا بشي من الإنصاف ويلزمنا بالاعتراف، اتصافا بشيم الأشراف، ولو على حساب أنفسنا.
من الأكيد جدا أن العمل البشري يعتريه النقص والقصور، وتحيط به الشوائب من كل جانب، لكن هل الشوائب أو المآخذ المرصودة بلغت مبلغ التعكير على صفو المسار العام للنتائج الانتخابية، وهل؛ فرضا، إذا وقفنا على ما ذكره بعض المترشحين في مناطق معينة أنه هو مكان التزوير، والجور، والتغيير، وقلب الحقائق؛ في إشارة منه موضعية تماما، هل إذا أخذ ذلك لصالحه وتم جمع كل تلك الأصوات في تلك الأماكن المذكورة وأضيفت إلى رصيد هذا المرشح سيغير من الأمر شيئا؟، أما أن هذه للإثارة فقط..؟
أعتقد؛ واعتمادا على ما ظهر من النتائج حتى الآن أن كل تلك المناطق التي ذكر فيها مرشح بعينه هذه الخروقات؛ أنها لو منحت له بكامل أصوات الناخبين فيها، بل إذا ضربت في نفسها مرات؛ لن تعطيه إمكانية اللحاق بالمتقدم المباشر عليه في هذه النتائج، وزيادة على ذلك نحن في زمن الصورة والفيديو ومن المستحيل تصديق الكلام المطلق على عواهنه، مع أنه من السهل الإتيان بصورة ما؛ صادقة أو مفبركة، فإنه لحد الساعة لم نسمع سوى كلام كان مفترضا قبل صدور النتائج، لأنه ببساطة حجة المهزوم وعزاء من امتنعت عنه صناديق الاقتراع كلا لا بعضا.
في الأخير، وتأكيدا لهذا الطرح، من الذي يمنع النظام الحاكم من إحكام التزوير إن كان ذلك قصده وعنده وسائله حسب هذا الزعم، مثلا لما يترك الهوة تتسع في نواذيبو مثلا بين المرشح الذي سيفعل ذلك لصالحه وهو متأخر بآلاف الأصوات عن الذي يشكو هذا التزوير المفترض، والحال نفسه يمكن قوله عن السبخة والرياض وأماكن أخرى متفرقة من البلاد، وعلى هذا القياس طبق على كل من تقدم على المرشح الرئيس في أي مكان من البلاد.
أعتقد أننا عشنا تجربة متقدمة في الممارسة الانتخابية علينا أن نستثمرها في المستقبل؛ فمن غير المنطقي أن تغطى مكاتب التصويب مثلا بممثلي المترشحين ويتسلمون مستخرجات للعملية الانتخابية المطابقة للمحاضر الموقعة من طرف هيئة الإشراف الموضعي، والتي تمكن مقارنتها مع المعلن رسميا على موقع اللجنة المتاح لكل مواطن في كل مكان، ونشرها للعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت البديل الإعلامي الذي يفضح التستر على كل الخرقات، أعتقد أن هذا كله يفند كل الادعات التي لا تسلك هذه المسالك في الكشف والتبيان، وفي الأخير تبقى الحقيقة حقيقة عصية على الانصياع خلف نزوات العاطفة فقط، ويبقى الادعاء هراء ما لم يتشح بسميك الإثبات، وقوي الدلائل، وواضح البرهان.