على مدار الساعة

غزّة.. لا حلّ لهم إلا بالإبادة.. لكنها النهاية ولا عزاء للخائفين

13 يوليو, 2024 - 23:18
عبد الرّحمن فودي ماريكا

المشهد الواضح

ونحن نعيش ربما آخر مراحل طوفان زوال الكيان الصهيوني فإنه لا حاجة إلى مقدمة يعرفها الجميع وتؤدي للملل، ولا إلى تمهيد يشتت انتباه القارئ؛ فالمشهد ماثل أمام العالم أجمع: كيان محتل ضعيف بانت هزالته رغم خنوعِ أنظمة عربية له ونفاقِ أخرى غربية له، في مواجهة مقاومة صغيرة عددا ضعيفة عدة على بقعة صغيرة تتوسط خريطة العالم تهزمه في ساعات معدودة في أسرع معركة خاطفة حاسمة وأقسى هزيمة يتلقاها الكيان المحتل في تاريخه القصير المشؤوم، يتبع ذلك محاولة انتقام همجية وإبادة دموية، تتقوى بخذلان عربي ونفاق دولي غريب!! ..كل ذلك بيّنٌ لا يحتاج طولَ كتابة مما يحتاج منه لردّات فعل على أرض الواقع كل بما يملك وليس بما يستطيع..

 

لكن، ومن خلال ثنايا الحدث الأبرز في العالم لن تألوَ مختلف التحليلات وأصناف التصنيفات، والتي من خلالها دوما يكتشف المهتم حقائقَ ويكتشف أسراراً ويحُلّ طلاسم تلتقي كلها في محطة نهائية عنوانها أن المنطقة لن تكون كما كانت عليه قبل هذا اليوم المشهود، يوم الـ22 ربيع الأول 1445 هـ (عشرة أيام فقط بعد ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسّلام) السابع من أكتوبر.

 

المشهد الأخير

يعيش العالم الآن هذا الإصرار الاسرائيلي الصهيوني الغريب على التمادي في القتل بارتكاب مئات جرائم الإبادة الجماعية التي لا تدل على رغبة في التهجير بل على  شهوة واستمتاع بسفك الدماء، دماء النساء والأطفال والشيوخ ومحاولة القضاء البيّن على كل أشكال الحياة في القطاع بدءً من الحصار والتجويع في أقبح صوره وانتهاء بالتدمير الممنهج للمدارس والأحياء السكنية ودور العبادة ومراكز الصحة واللجوء والتموين، واستهدافِ سيارات الإسعاف وشاحنات الإغاثة على قِلتها، وقصف صفوف المدنيين الجوعى العطشى الجرحى المتجمهرين حولها، والتمادي في عمليات تعذيب وقتل الأسرى في السجون، جرائم غير مسبوقة أدت لإدانة دولية غير مسبوقة للكيان من طرف شخصيات دولية ومنظمات حقوقية وإنسانية وهيئات قانونية حريصة على سلامة العالم!! 

 

كل تلك التصرفات لا يبررها - برأيي المتواضع- من ناحية إلا شعور المحتل المنهزم وحلفائه والمتواطئين معه بفقدانهم السيطرة على المشهد، على الأوراق وعلى الأرض، وشعورُه كذلك باليأس وقد بات يتأكد له وللعالم يوما بعد يوم من قرب نهايته تحت قيادة ذلك التحالف النازي (الحكومي) العنصري المقيت المترهل رغم محاولاته اليائسة استبعاد ذلك،  ومحاولاته المرتبكة للمد قليلا في عمر كيانه الغاصب؛ ومن ناحية أخرى محاولته التغلب على قناعة باتت تتأكد للعالم بأن تلك المعركة وهذا الحرب يخلقان الآن - رغما عنه - جيلا عاش طوفان الأقصى وقاسى همجية حكومته النازية وجيشه السفاح وتصرفاته الانتقامية الدموية في غزة والضفة، هذا الجيل الذي طبع في ذهن أطفاله أكثر مشهد يستقوي به في كفاحه ومقاومته المشروعة في سبيل أرضه وحياته.. جيل في طور التكوين أكرهَ له وأحرَصَ على اجتثاثه وطرده من أرضه أكثر من جيل صانعي الطوفان حملة القرآن والياسين والشواظ والفدائي.. فلا حلّ آخر أمامه سوى إبادته! فمن يدري أكثر من هذا المحتل وحلفائه من الغرب والعرب أنه جيل تشبع قتلا وتهجيرا وخذلانا، وسيتربى مقاوما قويّ الشكيمة بحيث صار قادرا في المستقبل القريب على أن يذيقه يوما أصعب وأعظم عليه من يوم السابع من أكتوبر 2023 إن قُدّر - لا قدّر الله تعالى - لكيانه العيش بضع سنوات أخرى؟

 

لقد بات العالم الآن منطقة غير صالحة لبقاء هذا الكيان الغاصب، ولم تعد غالبية دُوله تستسيغ التعايش مع خرافة دولته المارقة، وجــيل الشباب حول العالم كله صار واعياً وأكثر بما يجري في فلسطين عامة وفي غزة خاصة، وأصبح واضحا للجميع التصنيفات الحقيقية التي كرسها طوفان الأقصى من أن هذا هو المحتل الغاصب، وهؤلاء هم المقاومون أصحاب الحق الناصع، وذلك هو المتواطؤ المنافق، وأولئك هم المتخاذلون الجبناء..

 

حقائق صنعها صمود أصحاب الأرض الساعين لاسترجاعه، ويجزم الكثيرون بأن ذلك سيتحقق في أقرب وقت.. وغـزّة كانت وستبقى جزءا من أرض أولى القبلتين تحميها بدماء رجالها ونسائها وأطفالها، وهي أرض الرجال {الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثيرًا وَانتَصَروا مِن بَعدِ ما ظُلِموا وَسَيَعلَمُ الَّذينَ ظَلَموا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبونَ} الشعراء: 237.