استيقظ الشعب الموريتاني غداة تشكيل الحكومة على خرق واضح لتقليد عريق ظلت كل الأنظمة تحافظ عليه باختلاف نظرياتها ومشاربها وحتى توجهاتها الفكرية و الإديولوجية إلى آخر أيام من مأمورية فخامة الرئيس محمد و لد الشيخ الغزواني؛ حيث لم تضم هذه الحكومة فقيها كما تعوّد الشعب.
طبعا ليس هناك أدنى شك فقد شهد القطاع الإسلامي في عهد المأمورية الأولى نهضة خلاقة عكست مدى اهتمام فخامته بالشأن الإسلامي ، فعلاوة على رفع درجة الوزارة المعنية إلى درجة سيادة . وضخِّ الأموال الطائلة التي وجهها إلى الأئمة والعلماء وشيوخ المحاظر و جوائز التشجيع و اكتتاب الأئمة والمؤذنين و بناء المساجد وتأثيثها وغير ذلك مما يعسر إحصاؤه .
ولا مطعن في توجه معالى الوزير الأول فإن الرجل تربى في أحضان أسرة ترعرعت بين محظرة انيج وحضرة اكرج .
ولا اعتراض أيضا على معالى الوزير الجديد للشؤون الإسلامية فالوزارة ليست محظرة تتطلب شيخا يشرح النصوص ويبين الغوامض من العلوم ولا هي نازلة فقهية تستدعي محنكا يستنبط ويشتهد بل هي الإدارة وتسيير الافراد و المال و معالي الوزير قادر على أن يمسك الملف بقوة .
بل هي أمور لم يألفها الشعب فقط حكومة ليس فيها فقيه. مما ترك تساؤلات لدى البعض وشكوكا فى نفوس آخرين واعتراضات عبّر عنها الجميع من خلال كتابات تتفاوت في الأسلوب والغرض إلا أنها فتحت الباب واسعا أمام مروّجي الشائعات وهواة صناع الأخبار المغرضة حيث روَّج البعض أنه توجه جديد يعبر عن أزمة ثقة بين النظام والفقهاء الموالين له، وآخرون يرون بمحض التحليل أنه عزوف من العلماء عن المشاركة في حكومة معالي الوزير الأول المختار ولد الجاي لسبب غامض.
وهناك من لا يتورع عن القول إن عدم تعنين فقيه في الحكومة الجديد مقدمة رسالة لم ينشر بعد نصها . إلا أن هناك من يرى أن الأمر محض صدفة وخطأ من المشرفين على اختيار الأشخاص وغياب النصح المحض.
لكن الحقيقة والحقيقة المجردة هي أن عدم وجود فقيه داخل التشكلة الجديدة سيشكل فراغا لا مسد له سواء على صعيد العمل الحكومي وإعلان مواقف النظام من القضايا المطروحة،فمن الضرورة بمكان أن يتحدث فقيه وزير أمام صولات الباطل أو خلال معالجة المشاكل المحدقة ذات الطابع الإسلامي، وكذلك التمثيل خارج البلد .فالعالم العربي والإسلامي يعول كثيرا على ما هو موجود في جعب علماء الشناقطة، لكن ليس بالضرورة أن يكون وزيرا للشؤون الإسلامية المهم أن يحمل صفة وزير .
فالذي يعترض عليه الجميع هو عدم وجود فقيه وزير وما يخلف ذلك من نقص داخل جهاز حكومي نحن نمد يد التضرع إلى الله أن يكون أنجح فريق حكومي قاد البلاد.