حين اشترى عثمان رضي الله عنه بئر رُومة وجهز جيش العسرة اتضحت ملامح النهج الذي يجب على كبار التجار المسلمين الأثرياء السير فيه، نهج معالمه ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
غير بعيد عن هذا الموضوع كنت أتمنى أن يبادر اتحاد أرباب العمل في موريتانيا إلى الإعلان عن منحة سنوية تستهدف خمسين طالبا من المتفوقين في مختلف شُعب الباكلوريا على أن تراعي هذه المنحة الحاجة المتغيرة لسوق العمل الوطني ونوع وجودة التكوين الجامعي بالإضافة إلى إبعاد معايير الاختيار لهذه المنحة عن الوساطة والمحسوبية وغيرها من مفردات الظلم الشنيعة.
لطالما تمنيت كذلك أن أقرأ خبرا عن توزيع اتحاد أرباب العمل الموريتانيين خمسين سيارة إسعاف مجهزة تجهيزا مناسبا على مختلف المستشفيات الجهوية في الداخل، وما أسعد ذلك الخبر لو انتهى بتعهد من ذات الاتحاد بدفع مصاريف وقود هذه السيارات وصيانتها ثم استبدالها كل أربعة أعوام تقريبا.
في متتالية الأمنيات المرتبطة بالموضوع أمنية تتعلق بافتتاح اتحاد أرباب العمل الموريتانيين لخمسين صيدلية من نوع خاص، مميزات هذه الصيدليات أنها تغطي كافة التراب الوطني وتختص ببيع أدوية الأمراض للمزمنة ذات المصدر الموثوق والحفظ الجيد والأسعار الرمزية، وتكتمل الأمنية بوجود آلية محصنة لهذه الأدوية من أي تلاعب أو فساد وذلك بالاتفاق مع وزارة الصحة.
أمنية أخرى بحجم تأميم مينفرما تتلخص في مشاهدتي عبر التلفزيون الوطني لرئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين وهو يعلن أن موريتانيا ستتوقف عن تصدير الحديد الخام بنسبة مائة في المائة، لأن جزءا من ذلك الحديد سيذهب لمصانع الحديد والصلب التي بناها رجال أعمال وطنيون، وأن هذه المصانع ستوفر آلاف فرص العمل للشباب وستعتمد - حسب الامكانيات - على الطاقات النظيفة.
كم هو جميل أيضا أن يقوم رجال أعمالنا ببناء مساكن اقتصادية أو استصلاح أراضي من وطننا ذي المساحة الكبيرة، ما شاء الله، شرط أن تباع هذه المنازل أو القطع الأرضية المستصلحة بالتقسيط للمعلمين والممرضين ومن على شاكلتهم من موظفي الدولة ذوي الرواتب المحدودة.
من بين الأمنيات المتزاحمة والتي لا يكفي هذا المقال لنشرها تظهر أمنية دار للنشر غير ربحية يمولها رجال أعمالنا لنفض الغبار عن مخطوطاتنا المهددة وإظهارنا لكافة الأمم بوصفنا البادية العالمة الوحيدة في العالم.
قد لا نخرج عن الموضوع عند ذكر الشيء وضده، ففي حضرة الأمنيات يستبد بي القلق من تفشي المخدرات بين شبابنا وقد أثبتت الرياضة نجاعتها في محاربة هذه السموم، لذا أتمنى أن يفهم رجل الأعمال الوطني القيمة المالية والاجتماعية للاستثمار في الرياضة وخصوصا كرة القدم التي يحبها الشباب الموريتاني.
السيد زين العابدين المحترم،
لكي تتحقق هذه الأمنيات لا بد من محاربة اتحادكم للاحتكار والغش وجشع بعض رجال الأعمال، فقد كان عثمان رضي الله عنه سمحا إذا باع وسمحا إذا اشترى، يكتفي بالربح القليل، سحيا لا يستغل الناس يبغض الاحتكار وينفق على الفقراء ويساعد صغار التجار.