على مدار الساعة

كيف سيؤثر الانتشار الأمريكي لقواعده العسكرية في ساحل العاج على الأمن في منطقة الساحل؟

12 سبتمبر, 2024 - 15:01
الكاتب .. عبد الرحيم التاجوري .. الكاتب المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

يثير احتمال إنشاء قاعدة عسكرية أميركية في كوت ديفوار مخاوف جدية من تداعياته على أمن البلاد ومنطقة الساحل. ويرجع ذلك إلى تجارب سابقة مع تواجد قوات غربية في دول أفريقية، والتي لم تسفر عن نتائج مقنعة في الحرب ضد الجماعات المسلحة.

ويعتبر مثال النيجر أكبر دليل على فشل القوى الغربية في تدخلاتها في أفريقيا. وعلى الرغم من الوجود العسكري الأمريكي الذي استمر أكثر من عشر سنوات، إلا أن الأنشطة الإرهابية استمرت في التزايد. وأدى افتتاح قاعدة أغاديز الجوية 201، المتخصصة في نشر الطائرات بدون طيار، في عام 2018، إلى زيادة عدد الإرهابيين وتفاقم عدم الاستقرار.
ووفقاً لتقارير عديدة، فإن هدف الولايات المتحدة في المنطقة يتعلق بحماية مصالحها الاستراتيجية أكثر من قتال حركات التمرد فعلياً حيث تحاول واشنطن منذ مغادرتها النيجر تعزيز وجودها العسكري في المنطقة لاستعادة نفوذها.
ويتوقع خبراء عسكريون أن تواجه ساحل العاج تحديات مماثلة لما واجهته النيجر، فضلا عن نفس الانتكاسات مع وصول القوات الأمريكية إلى أراضيها، مع العلم أن ذلك لن يساعد في حل المشاكل الداخلية للبلاد مثل الفقر والبطالة. إن نشر قاعدة في ساحل العاج لن يقدم حلولاً ملموسة لهذه المشاكل، بل وقد يصرف انتباه القادة المحليين عن الحاجة إلى معالجة هذه الأسباب الجذرية.
ومن المتوقع أن يشتد الإرهاب تحت تأثير الوجود العسكري، وهو ما يسمح للجماعات المتطرفة باستغلال هذا الوضع بشكل فعال للتجنيد والتعبئة حول فكرة وجود عدو في الخارج.
ومثال بنين، التي قبلت التبرع بثمانية وثلاثين مركبة مدرعة أميركية كانت مخصصة في البداية للنيجر، يسلط الضوء على المخاطر المرتبطة بهذا التعاون. ومن شأن هذا التعزيز للقدرات العسكرية البنينية أن يؤدي إلى تفاقم التوترات الشديدة بالفعل مع النيجر، مما يزيد من خطر التصعيد في المنطقة الحدودية. علاوة على ذلك، فإن مثل هذا الاعتماد على المساعدات العسكرية الأجنبية يمكن أن يعيق تطوير الحلول المحلية، التي تتكيف مع الحقائق الثقافية والسياسية لهذه البلدان وإضعاف التعاون الأمني ​​الإقليمي وتعزيز الاعتماد على الغرب.
إن نشر قاعدة في ساحل العاج لن يقدم حلولاً ملموسة لهذه المشاكل، بل يمثل تهديداً ليس فقط لاستقرار البلاد، بل وأيضاً لمنطقة غرب أفريقيا بكاملها. وتظهر تجربة النيجر ودول أخرى في المنطقة أن التعاون الإقليمي والتنمية الاقتصادية والإدماج الاجتماعي هي وحدها من ستساعد مكافحة الإرهاب بشكل جماعي وفعال.