على مدار الساعة

المخابرات الموريتانية ورد المظالم

16 سبتمبر, 2024 - 13:50
محمد الأمين العادل

تنتهج المخابرات الموريتانية أساليب عديدة النيل من شخص بسبب أو بدون سبب، فبينما أنت تسير في العجلة والمنظومة الفاسدة قد تجد نفسك خارج الملعب، بعدما نُبحت كثيرا وربما عضضت وسقط عنك رداؤك وبقيت على قارعة الطريق في حالة يرثى لها، ربما لأنك فقط شخص مستقيم أو لسبب آخر.

 

عنكما تكون أنت المستهدف ستجد القوم قد توزعوا عليك إلى ثلاثة فرق، إحداها للشيطنة؛ وهي التي ستحاول إفقادك عقلك وشغلك عن ما تقوم به وتسويد الأمور أمامك، والثانية ستشوه سمعتك وستثبت أنك فقدت عقلك بالفعل، وكيف أنك لم تفلح بشيء، بل ستبهتك بالإشاعات، والثالثة والأخيرة هي التي ستراقبك وستنقل معلوماتك وتحركاتك وربما تفكيرك.

 

ثم ستجد الناس بجوارك قد جندت بالأساليب العادية، وأساليب أخرى كالتحريض والتخويف، وهي تكفي ليتم الانتباه لك ونقل معلوماتك وإشعارك أنك منبوذ، وجعل إبليس يضحك منك، ثم قد يتم اللجوء إلى التمثيل والتقليد أو التمييع الذي يكفي لإظهارك بصورة لا تريدها، ودائما بسبب أو بدون سبب ودائما بدون اعتذار ودون رد للمظالم ودون محاسبة.

 

لقد كان أحد أبناء هذا الوطن رجل دولة قوي، كان يعمل في رئاسة الجمهورية، وكان يطمح للرئاسة، وفي إحدى المرات تعثرت رحلة كان قد برمجها إلى الخارج بدون سبب، ثم انقلبت حياته رأسا على عقب بعد ذلك، وزهد في كل شيء، وفي مرة خرج مع جماعة الدعوة وكان له صديق مقرب، فرق له كثيرا بعدما رأى انقلاب حاله من رجل دولة طموح إلى درويش زاهد خارج مع الدعاة، فاعترف له أن تعثر تلك الرحلة والمشاكل التي واجهته كانت بسببه فصدم، واشتد به الأمر، فذهب من هناك وهو غير منتبه ولا يرى شيئا من شدة الصدمة.

 

رجل آخر من أبناء هذا الوطن اتهمه نظام سابق وأشاع أنه جاسوس، وتم إبعاده، ودار الزمن وسقط النظام، وتعاقبت الأنظمة والرجل يذوق البؤس والفقر ويزداد فقرا وبؤسا، أنظمة تسقط وأخرى تصعد، والمسكين على حاله حتى أقر الجميع أنه لم يكن جاسوسا.

 

سياسي موريتاني شهير معروف بالحكمة والبلاغة والبيان، وفي إحدى الحملات عليه أشيع أنه بال على المصحف الشريف، ونالت منه تلك الإشاعة كثيرا وأضرت بسمعته وشعبيته، ودار الزمن وبعد مدة من الزمن قدم إليه أحد عناصر الأمن واستسمح منه وطلبه العفو، وأخبره أنه هو من كان وراء إطلاق تلك الإشاعة.

 

عندما يستشري الفساد في دولة يكون الذنب ذنبان على مخابراتها، فذنب أنها شاركت في هدم البلد وإعاقته عن التقدم وأكل مال شعبه ومص دمائه، وذنب أنها استهدفت المصلحين والأبرياء وحرمتهم ووقفت في طريقهم وهدمت حياتهم، فقط لأنهم لم يقبلوا أن يبيعوا الوطن، ولم يقبلوا أن يأكلوا مال الشعب، ولم يقبلوا أن يستضعفوا طائفة منهم، وذنبها الأكبر أنها لا تستطيع إصلاح ما أفسدت.

 

تنبيه: نقصد بالمخابرات هنا الكتلة النافذة المتحكمة في مصائر الناس التي تعمل في الخفاء بصمت وسرية، البعض يسميها الدولة العميقة، أو المجتمع الاستخباراتي، والتي تشمل قطاعات عديدة ومجالات متشعبة.