بسم الله الرحمن الرحيم
يهمني أن أذكر القارئ في مستهل هذا المقال أني لست حديث عهد بتناول موضوع إصلاح القضاء فقد كتبت عنه أضواء تداولتها الأسرة القضائية سنة 1997 وفي شهر مارس من سنة 2010 نشرت كتابا تحت عنوان (مباحث في سبيل العدل، معالجات لواقع التردي القضائي في موريتانيا وضرورات الإصلاح، الفترة من 1997 حتى 2010) وأشفعت المؤلف بمقالات نشرت منجمة، وبوتيرة غير منتظمة على مدى السنوات الماضية، تمحورت حول ضرورة العمل على إصلاح القضاء الوطني. وإثر نشر القانون المتعلق بإنشاء المحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين مؤخرا، انجذبت للموضوع مجددا فارتأيت تناوله من خلال معالجة تبدأ بتقويم عمل القضاء الموريتاني في الوقت الراهن (أولا) قبل أن تبين أن قانون إنشاء المحكمة الجديدة يشكل كبوة في مسيرة الإصلاحات المؤسسية، فبدلا من الحفاظ على ما تحقق تراجعت، بصدوره، ضمانات المحاكمة العادلة في بلدنا لأن المحكمة المنشأة تشكل إعادة إنتاج للقضاء الاستثنائي (ثانيا) والقواعد التي تحكمها تكرس تراجعا في مجال المعايير الدولية للمحاكمة العادلة (ثالثا) وأختم المعالجة بمقتطفات تخدم الموضوع (رابعا).
أولا/ تقويم أداء القضاء الموريتاني
أعتقد أن أداء القضاء الموريتاني لم يتحسن خلال السنوات الأخيرة وأن ثمة اختلالات عميقة في عمل المحاكم الوطنية لعل من أهم أسبابها تدخل السلطة التنفيذية في عمل القضاء وتشاطرني في هذا الحكم لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، كما تعكسه ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الثاني عن مدى احترام موريتانيا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المؤرخ 23 أغشت 2019 (CCPR/C/MRT/CO/2) حيث أوردت اللجنة في تقريرها أنها (لا تزال تشعر بالقلق إزاء عدم كفاية ضمانات استقلال الجهاز القضائي والدور البارز الذي تؤديه السلطة التنفيذية في تنظيمه وإدارته. وتشعر اللجنة بالقلق إزاء عدم كفاية التدابير المتخذة لضمان الأمن الوظيفي للقضاة في الممارسة العملية. وعلاوة على ذلك، تشعر اللجنة بالقلق لأن رئيس الجمهورية هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الذي يضم أيضا وزير العدل، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى التدخل في الشؤون القضائية، لا سيما فيما يتعلق بانتهاك أعوان الدولة لأحكام العهد). انتهى الاستشهاد.
ويبدو أن الشركاء الأوروبيين العاملين على وقف الهجرة إلى الشمال عبر الإقليم الوطني، احتجوا مؤخرا على انتشار الفساد وغياب المحاسبة السائدين في بلدنا ولذلك ارتأت السلطة التنفيذية أن تقوم بتصرف عاجل كي لا تتأثر العلاقات مع الشركاء الأوروبيين الذين بدأوا يربطون تمويلاتهم للتنمية في بلدنا، بشرط حراسة حدودهم وأرضهم التي يسعون إلى أن لا يدخلنها اليوم عليهم مسكين. وبدلا من أن تسعى السلطات الموريتانية إلى استقصاء مكامن الداء وتعمل على التغلب عليه، بوضع أسس إصلاح قضائي جدي، فعال وشامل، يلاحظ أنها تكتفي بالحلول الوقتية وتقنع بتظاهرات ورتوش شكلية يصحبها تسويق إعلامي، يبدو أنه انطلى على المسؤولين غير المطلعين على حجم الأزمة، وصرفهم عن التفكير في إصلاحات ناجعة تفيد البلاد والعباد.
ولم تتضمن مخرجات المنتديات العامة حول العدالة، المنعقدة في انواكشوط من 5 إلى 11 يناير 2023، حلولا يمكن التعويل عليها لتجاوز الأزمة القضائية، لأنها خلت من أي توصيات تتعلق بالتعامل مع العنصر البشري الذي يتضمن نسبة غير صالحة، إما لنقص في الكفاءة العلمية أو الكفاية الأخلاقية أو كليهما، وهي نسبة تشكل عقبة لن ينجح الإصلاح دون إيجاد حلول تتيح تحييدها عن مراكز العدل بين الناس. وإبان مشاركتي في المنتديات المذكورة، التي حضرتها ضمن ممثلي الهيئة الوطنية للمحامين، بدا لي أن السادة القضاة ركزوا، وربما تواصوا، على انتهاز فرصتها لتحقيق مكاسب نقابية طغت على المشهد، وقد تكون مشروعة، إلا أنها لم تكن تناسب المقام.
وسعيا لكبح جماح مجتمع ألف التسامح مع الممارسات الاستعبادية ودأب على الهجرة التي تعتبرها غالبية أفراده طريقا للعيش الكريم، بغض النظر عن نظاميتها، سنت السلطات قانونا أنشأت بموجبه محكمة لمعاقبة متعاطي الاستعباد ومنظمي الهجرة السرية حرصت على أن تحمل مسؤوليتها لقاض فرد ولكنها، أدركت ذلك أم لم تدركه، أعادت العمل بالمحاكم الاستثنائية التي تمت تجربتها في حقب ماضية وارتبطت في أذهان الناس بتجاوزات كبيرة حدثت في ظل محكمة العدل الخاصة التي كانت محكمة عسكرية طبقت المبدأ الشهير: القائد لا يخطئ أبدا.
ثانيا/ عودة المحاكم الاستثنائية
صادقت الحكومة الموريتانية، بتاريخ 20 مارس 2024، على مشروع قانون يقضي بإنشاء المحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين وصوت البرلمان على قانون إنشائها يوم 10 سبتمبر 2024 وأصدره رئيس الجمهورية بتاريخ 8 أكتوبر 2024 ونشر في عدد الجريدة الرسمية الصادر في 30 أكتوبر 2024 وبذلك ازدادت الترسانة القانونية الوطنية بنص لا يعذر أحد بجهله ويجب أن يخضع له الجميع. وبنشر القانون يصبح في مرمى التعليقات والملاحظات ويغدو نقده الفني سائغا.
أنشأت موريتانيا المحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين بموجب القانون رقم 039-2024/ر.ج الصادر بتاريخ 8 أكتوبر 2024 وهي محكمة جزائية ابتدائية ذات اختصاص وطني، سيكون مقرها الرئيسي في ولاية انواكشوط الغربية ولكنها ستكون محكمة متنقلة لأن القانون نص على أنها تعقد جلساتها العلنية في الدائرة الإدارية أو البلدية للمكان الذي ارتكبت فيه الجريمة، وإن أجاز لرئيسها أن يقرر خلاف ذلك على سبيل الاستثناء. ويتوقع أن يعين رئيس المحكمة المتخصصة ومستشاراها وقاضي تحقيقها ووكيل الجمهورية الذي سيمثل النيابة العامة لديها، خلال دورة المجلس الأعلى للقضاء المتوقعة خلال شهر دجنبر الحالي (2024) وينص قانون إنشاء المحكمة المتخصصة على تشكلها من هيئتي حكم إحداهما تشكيلة جماعية تضم ثلاثة قضاة: رئيس ومستشاران لهما صوتان استشاريان والثانية تشكيلة فردية تقتصر على رئيس المحكمة أو أحد المستشارين ينتدبه الرئيس بأمر.
وعلاوة على ما يتوقع من صعوبات ناجمة عن المسافة ومشقة التنقل بالنسبة للمتهمين خارج انواكشوط الذين سينقلون إليه لاستجواب النيابة والتحقيق ويعودون مع المحكمة إلى المكان الذي اتهموا فيه لتتم محاكمتهم وما نص عليه قانون إنشاء المحكمة المتخصصة من تخل فوري للمحاكم العادية عن القضايا المعروضة أمامها عند بدء نفاذه، ومن المتوقع أن يثير بت المحكمة المتخصصة في القضايا المتعلقة بالقصر إشكالات لاحتمال تمسك المستشارين الاجتماعيين، اللذين نص قانون إنشاء المحكمة على إشراكهما في التشكيلة، بما يخوله قانون الإجراءات الجنائية للمحلفين من تصويت على القرارات المتخذة.
وبالانطلاق من تعريف الاستثناء لغة وهو: خروج حالة خاصة عن القاعدة العامة المتعارف عليها، يمكن وصف المحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين بالمحكمة الاستثنائية لعدة أسباب: فهي محكمة خاصة لأنها تشذ عن مبدأ القاضي الفرد المعتمد في المحاكم الابتدائية الوطنية دون أن تعد ضمن التشكيلات الجماعية لأن مستشاريها لا يصوتان على اتخاذ القرارات التي ينفرد بها رئيسها المكين. وأخمن أن محرر مشروع نص إنشاء المحكمة اقترح في البداية وصفها بالمحكمة الخاصة ولكن إرث محكمة العدل الخاصة وصيتها الاستثنائي أديا لاقتراح تغيير وصف المحكمة من خاصة إلى متخصصة، فجاء تغيير التسمية على حساب الدقة، فعلى أي أساس توصف المحكمة الناشئة بالتخصص؟ وهل ستجد السلطات قضاة متخصصين تعينهم في المناصب المستحدثة؟
وجدير بالملاحظة أن هذه المحكمة ذات التشكيلة (شبه الجماعية) ليست المحكمة الابتدائية الوحيدة التي تضم عدة أعضاء إذ تشترك معها في ذلك المحكمة الجنائية، خماسية التكوين إذ تتشكل من ثلاثة قضاة ومحلفين اثنين (والتي سيقتطع جزء من اختصاصها ليناط بالمحكمة المحدثة) والمحكمة التجارية التي تضم ثلاثة قضاة ومحكمة الشغل التي تضم قاضيا رئيسا ومساعدين من خارج سلك القضاء والمحكمة المختصة في محاربة الفساد التي تتكون من ثلاثة قضاة: رئيس ومستشاران وهي ذات اختصاص وطني أيضا، فعلى الرغم من وجودها في انواكشوط، إلا أن اختصاصها يمتد إلى كل أرجاء الإقليم الوطني وتتقاطع في ذلك مع المحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.
إن الطابع الاستثنائي للمحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين يتجلى فيما قرره قانون إنشائها من كون أصوات أعضائها استشارية أي أن قناعتهما غير ملزمة لرئيسها مما يعني أن انتداب عضويها شكلي لأن رئيسها يتخذ القرارات لوحده ويمكن أن ينطق بعقوبات جنائية تصل حد السجن عشرين سنة وهذه عقوبات شديدة لم تكن تحكم بها، طبقا للقانون الموريتاني، غير المحاكم الجنائية التي تتشكل من خمسة أعضاء: ثلاثة قضاة ومحلفان. وسيجمع رئيس المحكمة المتخصصة بين محكمتين إذ سيتصرف لوحده عن محكمة الجنح تارة وعن المحكمة الجنائية تارة أخرى ولئن جلس إلى جانبه، خلال جلساته العلنية، القاضيان المستشاران وهمسا في أذنه فإنه غير ملزم برأييهما وبذلك يختلف هذان المستشاران عن باقي نظرائهم في المحاكم الموريتانية الذين يتمتعون بأصوات تداولية تتيح لهم، إن هم اتفقوا، أن يتخذوا قرار المحكمة وإن لم يصوت رئيسها لصالحه.. وربما عير (عاير) المستشارون العاديون المستشارين الاستثنائيين بقول جرير:
وبقضى الأمر حين تغيب تيم
ولا يستأذنون وهم شهود.
ثالثا/ التراجع عن المعايير الدولية للمحاكمة العادلة
تعد المحاكم المحايدة والمستقلة شرطا لا غنى عنه للمحاكمات العادلة وهي ضمانة مكرسة في المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: "لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه" وفي المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية: "الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أي تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون.." ويقتضي الحق في المساواة في الولوج للمحاكم أن يتم التعامل مع القضايا المتشابهة بالطريقة ذاتها وقد بينت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، أن هذا يعني أنه في حال تشكيل محاكم خاصة للفصل في فئات معينة من القضايا، يجب أن يستند ذلك إلى أسس موضوعية ومعقولة لتبرير التمييز بين تلك المحاكم والمحاكم العادية. وقد صرح وزير العدل في تبرير العدول عن التداولية في تشكيلة المحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين أن التداول يؤدي لتدافع المسؤوليات!؟ ومن اللافت أنه تحدث بمناسبة تصويت الحكومة على مشروع القانون عن اختصاص المحكمة المتخصصة واختصاص المحاكم العادية (كما قال) مما يثبت تأسيس وصف المحكمة المتخصصة بالاستثنائية.
وليست المحكمة المتخصصة المنشأة في موريتانيا أول تراجع عن ضمانات المحاكمة العادلة على المستوى الدولي فقد دفعت ظروف خاصة بعض البلدان لسن قوانين أنشأت بموجبها محاكم استثنائية مماثلة فبعد أن أخضعت بريطانيا إيرلاندا الشمالية لإدارتها المباشرة في سنة 1972 قررت أن تتابع قضائيا بعض المتهمين بالإرهاب ودفعت خشية لندن من تعاطف المحلفين مع المتهمين إلى إصدار قانون 1973 الذي أنشأ مسطرة جنائية خاصة أنشئت بموجبها محاكم ديبلوك Diplock Courts التي لا تتضمن تشكيلتها محلفين وتصدر قراراتها عن قاض فرد بخلاف ما تنص عليه المسطرة الجنائية العادية المعمول بها في بريطانيا.. وتعقيبا على إنشاء هذه المحكمة الإنجليزية الخاصة عبرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عن انشغالها بسبب التمييز في الإجراءات واعتبرته تجاوزا، إبان دورتها الثالثة والسبعين، موضوع التقرير رقم CCPR/CO/73/UK الصادر بتاريخ 6 دجنبر 2001.
إن إنشاء أي محكمة بطريقة سوية يقتضي احترام الإطار التشريعي الذي ينظم السلطة القضائية ولذلك يتعين أن تقوم موريتانيا بمراجعة قانون التنظيم القضائي وأن تجعله قانونا نظاميا، أسمى من القوانين العادية، وأن يتضمن شروطا لإنشاء المحاكم وتنظيمها لأن إنشاءها بقانون، تصادق الحكومة على مشروعه دون حساب وتتكفل أغلبيتها البرلمانية بالتصويت عليه دون عتاب، قد يمس من الحقوق ويلحق الضرر بمصالح البلاد وسمعتها.
وكما ذهبت إليه المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان فإن الهدف من مطلب أن تكون المحكمة منشأة بموجب القانون هو ترسيخ اليقين والاستقلالية فلا بد من إطار قانوني ينظم بموجبه القانون، المنبثق عن البرلمان، التنظيم القضائي لضمان عدم الاعتماد في تنظيم السلطة القضائية في مجتمع ديمقراطي على السلطة التنفيذية.
رابعـا/ مقتطفات تخدم الموضوع
وأنقل فيها للقارئ، دون تصرف، فقرات من كتابي المذكور في المقدمة (1) وتوصية صادرة لموريتانيا عن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة (2).
1. ورد في الصفحة 213 من كتاب "مباحث في سبيل العدل، معالجات لواقع التردي القضائي في موريتايا وضرورات الإصلاح، الفترة من 1997 وحتى 2010" ما نصه:
(ومهما يكن فإن من المؤكد أن إصلاح النظام القضائي في موريتانيا لن يتأتى بين عشية وضحاها لأن عمق الأزمة وعدم سلامة الأسس التي أقيم عليها البناء القضائي تحتم القيام بعمل مدروس وواثق لا سبيل إليه إلا ببذل جهد جماعي. فالبناء القضائي الموريتاني أسس على مراحل دون اعتماد أسس وخطط علمية، أضيف إليه وهدم منه حتى أضحى كالعمارات القديمة التي تعمد بعض الدول اليوم إلى الاحتفال بهدمها والأدهى من ذلك أن وضع النظام اتسم بالارتجالية حيث أثقل بمحاكم وغرف كثيرة "محاكاة للآخرين" دون أن تكون لها ضرورة أو يكون مقدرا لها في الأسس فأضحى مصدرا لقلق مستمر بالنسبة للمواطنين والمستثمرين الأجانب الذين يتهيبون اللجوء إليه ما وسعهم ذلك اتقاء التردي في وضع لا يمكن التنبؤ بنتائجه.
وعليه فإن واجب الدولة الموريتانية، يقتضي أن تبدأ في دراسة نظام قضائي بديل توضع خططه دون تسرع بالتعاون مع الخبراء لتحديد المقادير والمعايير المناسبة على أن يكون موضوع إجماع قبل مباشرة وضع الأسس والدعائم لتشييد صرح جديد لعدالتنا.
وفي انتظار أن تنتهي الدراسات ويكتمل الصرح المرتقب يمكن أن تستمر الدولة في إدخال تحسينات طفيفة على البناء الحالي، تحسينات لا تقوض الأساس القائم ولا تكلف الدولة أعباء إضافية في بناء ستضطر لهدمه ولو بعد حين، يمكن القيام بإصلاحات استعجالية "لا مساس لها بالأصل" لتحسين الأداء القضائي بالاعتماد على أفضل القضاة مع التركيز على المحكمة العليا بحيث تتمكن من الاطلاع بدور أفضل في رقابة القرارات القضائية وتقويمها وإعادة النظر في تفعيل المجلس الدستوري كي يلعب دورا محوريا في دولة المؤسسات).
2. ضمنت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، في الفقرة 39 من تقريرها CPR/C/MRT/CO/2 الصادر بتاريخ 23 أغشت 2019 توصية للدولة الموريتانية، جاء فيها:
(ينبغي أن تحترم الدولة الطرف، في الممارسة العملية، مبدأ استقلالية القضاء، الذي تكفله المادة 89 من دستورها مع الحرص على تعيين قضاة المحاكم والمدعين العامين بصورة مستقلة على أساس معايير موضوعية وشفافة تتيح تقييم مؤهلات المرشحين، ووفقاً لمتطلبات الأهلية والكفاءة والاحترام. وينبغي لها أيضاً ضمان الاستقرار الوظيفي للقضاة، واستقلالهم، واستقلال المدعين العامين، عن طريق صون عمل القضاء من أي تدخل خارجي).
والله من وراء القصد.