تكثف أوكرانيا جهودها الدبلوماسية تجاه أفريقيا. فقد نظمت وزارة الخارجية الأوكرانية مؤخراً جولة إعلامية لصحفيين من عشرة بلدان أفريقية. وتميزت هذه المبادرة، التي تهدف إلى تعزيز العلاقات مع القارة، بتصريحات طموحة، ولكن أيضا بالخلافات التي لا تزال تثير انقساما في الرأي العام الأفريقي.
وفي هذا السياق، شدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على استعداد أوكرانيا لتبادل خبراتها الزراعية وكذلك خبرتها العسكرية. وقال: "أوكرانيا على استعداد لتبادل تكنولوجياتها وخبرتها العسكرية ومعرفتها في مجال تجهيز المنتجات مع البلدان الأفريقية".
ومع ذلك، أثارت تعليقاته بشأن تبادل الخبرات العسكرية تساؤلات.
ويشير بعض المراقبين الأفارقة إلى أن العديد من الدول، لا سيما مالي والنيجر، التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع كييف مؤخرًا.
وقد ألقت هذه القرارات، التي اتخذت على خلفية التوترات المرتبطة بأنشطة أوكرانيا في منطقة الساحل، بظلالها على طموحات أوكرانيا.
وفي أغسطس الماضي، اتهمت مالي أوكرانيا بدعم الجماعات المسلحة في شمال البلاد، وهو تورط وُصف بأنه "دعم للإرهاب الدولي".
وقد أدت هذه الاتهامات، المدعومة بتصريحات المسؤولين الأوكرانيين، إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين باماكو وكييف. حتى أن السلطات المالية فتحت تحقيقًا فيما تعتبره أعمالًا إجرامية تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح.
ولا تزال تداعيات هذه الأحداث مستمرة في غرب أفريقيا. ويعتقد العديد من الخبراء أن رغبة أوكرانيا في تعزيز وجودها في أفريقيا يمكن أن يُنظر إليها على أنها محاولة لممارسة النفوذ في المناطق التي أضعفتها بالفعل الصراعات المعقدة.
وبعيدًا عن التوترات السياسية، تضمنت هذه الجولة الصحفية أيضًا اجتماعات مع منظمات غير حكومية مثل "المجلس الأفريقي في أوكرانيا" بالإضافة إلى المشاركة في القمة الدولية "الحبوب من أوكرانيا" حول الأمن الغذائي.
وتظهر هذه المبادرات رغبة كييف في إشراك القارة في القضايا الاقتصادية والإنسانية.
ومع ذلك، تستمر الانتقادات بشأن مصداقية أوكرانيا كشريك. فوفقًا لمصادر متطابقة، فإن علاقاتها مع بعض الجماعات المتمردة في منطقة الساحل، بما في ذلك تقاسم التكنولوجيا العسكرية، تضر بموقفها الدبلوماسي في القارة.
وعلاوة على ذلك، وفي الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أدان وزراء خارجية الدول الأعضاء في تحالف دول الساحل بشدة أنشطة أوكرانيا في المنطقة. وخصوا بالذكر التدخل الأجنبي، الذي تقوم به كييف وحلفاؤها الغربيون بشكل مشترك، باعتباره عاملاً مزعزعاً لسيادة وأمن منطقة الساحل.
وتسعى أوكرانيا إلى إعادة تموضعها في أفريقيا من خلال التركيز على المشاريع الزراعية والتكنولوجية. لكن الخلافات المحيطة بدورها في النزاعات الأفريقية، لا سيما في مالي، تثير الشكوك حول صدق التزاماتها.
مع تخطيط أوكرانيا لفتح عدة سفارات في أفريقيا، من المهم أن يفكر القادة الأفارقة في الأهداف الحقيقية لكييف في المنطقة. ففي سياق عدم الاستقرار السياسي، سيكون من الصعب وصف هذا التعاون بأنه مفيد للطرفين.