على مدار الساعة

في اليوم العالمي للغة العربية: كشف حساب

18 ديسمبر, 2025 - 15:49
محمدُّ سالم ابن جدُّ

الثامن عشر من دجمبر اليوم العالمي للغة العربية. يوم عظيم دون شك، لا في حد ذاته؛ فالسنة كلها تقريبا أيام عالمية لمسميات مختلفات القيمة والدلالة.. لكن تعلقه بأهم لسان بشري أكسبه أهمية فائقة..

 

(عليك بأرباب الصدور فمن غدا ** مضافا لأرباب الصدور تصدرا)

 

في هذا اليوم أقف مع نفسي محاولا الإجابة على سؤال كبير.. ماذا قدمت للغة الضاد؟

 

وإذا اقتصرت على الأهم، ثم على ما هو مخلد في الطروس فسأقتصر على أربع وقفات:

1. حققت تفسيرين لكتاب الله تعالى، أولهما "مراقي الأواه إلى تدبر كتاب الله" للشيخ أحمدُّ بن احمذيه (ت 1387هـ/ 1966م) رحمه الله في مجلدين (2001 - 2002م) ولم ينشر عملي لسبب لا يخص بي، ولكنه يزين مكتبتي لله الحمد. وثانيهما الريان في تفسير القرآن للشيخ محمد بن محمد سالم رحمه الله (ت 1302هـ/ 1885م) وهو من 7 أجزاء لكن عند ما طبع احتاج كل جزء إلى عدة مجلدات.

 

عملت في تحقيق الريان من مستهل سنة 2010 إلى مستهل سنة 2019 وأنجزت منه في هذه المدة خمسة أجزاء تضمنها 20 مجلدا. ثم استأنفت العمل في الجزء السادس بداية العام الجاري، وآمل من الله التوفيق والقبول لنفسي وللناشر وللقارئ ولكل ذي علاقة.

 

وبالمناسبة يجري العمل الآن على طبع الأجزاء الخمسة المنجزة في مصر، ويتوقع وصولها قريبا بإذن الله، وربما يختلف عدد مجلداتها عن الطبعة الأولى.

 

2. حققتُ وشرحتُ شواهد القاموس المحيط للفيروز آبادي المرة الأولى في تاريخ المكتبة العربية حسب علمي، ونشرت الحصيلة في كتاب سميته "ذيل الطاؤوس بتحقيق وشرح شواهد القاموس" دام العمل فيه سنوات، وصدرت طبعته الأولى سنة 2010 وشارفت نسخها النفاد الآن، وفيه تناولت 262 شاهدا، أسوق موضع الشاهد من القاموس المحيط، ثم أحدد بحره وضربه واسم القائل وكنيته ولقب شهرته (في أول ذكر له) ونسبه في الغالب، وأتناول النص: كم عدد أبياته، ومطلعه وموقع الشاهد منه (رقم البيت) مع إيراد الأبيات المرتبطة بالشاهد، ما لم تتعذر. وكثيرا ما أورد طرفة أو موضوعا أراه مهما، يتعلق بالشاهد أو نصه أو قائله أو موضوعه، دون الميل إلى الإطالة والاستطراد، ودون الإفاضة في ذكر ما هو مشهور، وعند نسبة الشاهد إلى أكثر من قائل أرجح بالدليل، وعند استواء الأدلة أتوقف تاركا الحكم للقارئ الكريم.

 

كما شرحت شرحا مفرداتيا، أغلب ما أوردته في هذا العمل. وقد زودته بستة ملحقات:

- أحدها للشواهد ذاتها،

- وثان لإيضاح المعلومات العروضية التي لم أر داعيا للإطالة بذكرها كلما وردت،

- وثالثٌ للأعلام ممن نسبت لهم شواهد، مع الإحالة إلى مصادر تراجمهم بدقة،

- ورابعٌ لجدولة قوافي الشواهد وبحورها وقائليها ومواقعها من الكتاب،

- وخامس للمفردات اللغوية الغريبة المشروحة، مع الإحالة إلى الشواهد التي وردت فيها وتبيين الجذر اللغوي، وعند تعدده أقتصر على واحد تحت ضغط الجدولة التقني،

- وسادس للمراجع والمصادر كما تقتضي الأمانة العلمية؛

 

وكلفني المنهج الذي رسمته لنفسي جهدا يفوق بأضعاف ما يمكن أن أتكلفه لو عدلت عنه إلى منهج أقل دقة وصرامة، ولو لم أعايش القاموس المحيط منذ بلوغي لاحتجت فترة أطول وكانت النتيجة أقل.

 

3. عملت في المعجم التاريخي للغة العربية خمس سنوات (من صدر عام 2019 إلى نهاية عام 2024) ضمن جيش من اللغويين في ثمان دول عربية، ويقود كتيبة الموريتانيين فيه الشيخ الخليل النحوي حفظه الله.

 

يرصد المعجم الدلالات اللغوية للمفردات، ويتتبعها عبر خمس حقب تاريخية تبدأ قبل الإسلام وتمتد إلى اليوم؛ مستشهدا بأقدم ذكر في كل حقبة، ويفرد العهد الإسلامي بثلاثة شواهد أحدها من الكتاب، وثان من السنة (إن ورد اللفظ فيهما أو في أحدهما) وثالث من سائر كلام الناس، ورَبُّ العمل هو مجمع الشارقة للغة العربية، ويرعاه حاكم الشارقة شخصيا، وقد صدر العام الماضي في 127 مجلدا (الصورة) فصار بذلك أضخم كتاب معروف ودخل موسوعة "غينيس" بهذا الاعتبار.

 

4. كتبت لجريدة الشعب سلسلة "القاموس الخفيف" التي بدأ نشرها في مثل هذا اليوم من عام 2019 وتتبعت فيها لغة السياسة والإعلام دون إطالة ولا إثقال، وأرجو أن تكون أفادت المتلقي الكريم، وقد وفرت لي هذه السلسلة مادة ثلاثة مجلدات أرجو أن يصدر أولها قريبا بإذن الله.