احتفل الشعب الموريتاني اليوم بالذكرى السابعة و الخمسين لعيد الاستقلال المجيد... خلال خمس سنوات مضت كنا حاضرين بقوة في هذه الاحتفالات كانت القنوات الحرة تزين البيوت وتبث فيهم عبير الفرح وترسم الابتسامة على وجوه لموريتانيين من خلال الأناشيد الوطنية والحوارات الثقافية والتاريخية المميزة...
كانت تعطي معنى للاستقلال وتضيف أشياء كثيرة على روح الاحتفال بهذه الاستقلالات كانت روح المنافسة بين القنوات الخاصة تجعلك ترتاح وأنت تتجول بين مختلف المواد المقدمة والتغطيات الخاصة بهذه المناسبات العزيزة علينا جميعا...
رصيد من أفلام وبطولات المقاومة يعززه إنتاج ضخم من المواد الفنية والعلمية امتلكته هذه القنوات دون غيرها... و اليوم وبعد هذا الجهد و العناء، وفي وقت تدخل البلاد فيه مرحلة متميزة من تاريخها... تغيب هذه القنوات وتعدم إرادة أصحابها في تحقيق أحلامهم بمواكبة مختلف تطورات البلاد...
وكأنما أريد لنا أن نغيب عن هذه اللحظة التاريخية وعندها نتساءل لماذا شركة البث لم توقفنا منذ خمس سنوات؟ لماذا شركة البث تتخذ قرارها بالتحديد في هذه الفترة؟ أما كان حريا بها أن تترك البث مستمرا إلى 31 دجمبر نهاية الحسابات المالية السنوية. حقيقة واحدة أمتلكها ولدي الشواهد عليها بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز ليس من أعطى الأوامر بشكل مباشر لإغلاق القنوات، لكن قدمت له التبريرات الواهية، تبريرات ليست في مصلحة موريتانيا ولا تخدم المصلحة التشاركية لرجال أعمال لبوا نداء وطنهم واستثمروا مئات الملايين في مشروع فاشل وغير مدروس، كما أنها لا تخدم مئات الشباب العاملين بهذه القنوات والذين راحوا أدراجهم في غيابات الضياع والبطالة، فهناك ألف طريقة للتعامل مع الأزمة ليست بالقطع التعسفي لبث القنوات واستخدام قوة القانون ضدها وتشويهها بأنها تتهرب عن التسديد وأنتم تعلمون أنها غير قادرة على التسديد وأنكم كنتم وراء إفلاسها وقد تعمدتم ذلك من خلال تجفيف منابع الدعم والإعلان.. و... والخ...
غيبت القنوات ولا ندري لمصلحة من! انتكس المشهد الإعلامي في موريتانيا ولا ندري لمصلحة من! ضاعت استثمارات بمئات الملايين ولا ندري لمصلحة من! ولمصلحة من تعامل مؤسسات إعلامية كأنها مخابز أو دكاكين لبيع المواد الغذائية.
لا بد أن تفهم الجهات التي كانت وراء القطع التعسفي لبث القنوات والتغييب المتعمد وغير المبرر لها أن الفرق بين الإعلام والتجارة شاسع ولا يمكن التعامل مع الإعلام بهذه الطريقة.
ومن هذا المنطلق نناشد رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بالتدخل الفوري لحل أزمة القنوات وعودتها إلى البث وتثبيت دعائم المشهد الديمقراطي التعددي، كما ندعو لإنشاء لجنة مشتركة تتضمن الوزارة الأولى وشركة البث وأصحاب القنوات لدراسة متأنية تتضمن تقييما موضوعيا لتجربة السنوات الخمسة الماضية، واستشراف مستقبل هذه القنوات باعتبارها مشروعا إستراتيجيا قدم لموريتانيا الكثير من المكاسب ولا يمكن التغاضي عنه ورميه دفعة واحدة في سلة المهملات، كما نطالب باستحداث وزارة للإعلام تكون وصية على هذا القطاع الحيوي والهام الضائع في دهاليز إدارات غير موجودة من الناحية القانونية.