مع أن العيش في الخلاط يؤثر على التركيز فإن أضراره لا تتوقف بتوقفه عن الدوران. إنه يجعل العقل لا يكف عن الاقتناع بأن كل شيء من حوله يدور، هذا هو حال الجميع الآن: النخب والدهماء..
السيد محمد ولد عبد العزيز شخصية فريدة، الذين لا يحبون قول ذلك يعتبرونه محظوظا لكنه في الحقيقة يمتلك نفس طويلا… إنه بارع للغاية… القدر - كما يقال - إما أن ترافقه وإما أن يسحلك خلفه، الجميع يعي ذلك ما عدى معارضي ولد عبد العزيز فهم يرفضون تماما السير مع قدرهم..
لم يتلاعب رئيس موريتاني بمعارضيه في الداخل والخارج قدر ما فعل عزيز.. من دكار مرورا بصناديق أكرا ورصاصات اطويله وحل مجلس الشيوخ وانتهاء بالمأمورية الثالثة… حطم المعارضة كدائرة مستقطبة للنفوذ.. لقد حشر السيد أحمد ولد داداه في مضيق الجهوية، وكبل السيد مسعود ولد بلخير بالعظمة، وقص أجنحة اليسار بتواصل (الحزب الوحيد الذي لديه ملامح في هذا البلد) وكبح تواصل بالديمقراطية.. فما الذي تبقي من جيش طروادة؟ الملياردير بوعماتو وثعلب الصحراء المسيو الشافعي؟
الملياردير:
لنكن واقعيين المال والعلاقات لا نفع منهما بدون السلطة… الملياردير بوعماتو قد يكون محور اهتمامي أنا ومدونين هنا وكتاب هناك وبعض من لديهم مشاكل معيشية: فواتير، سكن، ترفيه.. الاحزاب الوهمية ومواقع النسخ واللصق التي تملأ العالم والمنظمات الحقوقية الثرثارة تأسست خصيصا لتقتات على صراع أمثال الملياردير بوعماتو مع السلطة، أما الدبابات فلها أهلها.. ثم إن هناك سؤال ملح بودي الإجابة عليه من طرف بوعماتو، لماذا تأخرت مواجهته للرئيس كل هذه المدة.. إلى وقت قريب ظل الجميع يشكك في خصومته للرئيس وهو يصر علي عدم تسريب ما يوحي بموقف مناوئ، ثم فجأة يقتحم الميدان بتحريض الغوغاء على الفوضى الملونة. وبإنشاء المنظمات الإقليمية المناوئة للدكتاتورية.. من الذي دخل فجأة على الخط ليمنح رأس المال هذه الشحنة الدافعة من الشجاعة؟
الثعلب:
فيما يخص المسيو شافعي فهو عادة يتحرك وفق إرادة جهات أخرى أقل براءة من رأس المال، وباختصار حيث يكون الشافعي فعالا يصبح عزيز أكثر فاعلية..هذا استنتاج آخر لما بات يعرف (بأكرا كيت) ..أؤكد على مفردة استنتاج… حتى لا يظن القارئ أنها معلومات… مواجهة السيد محمد ولد عبد العزيز والمسيو الشافعي ليست وليدة الأمس… كان على المعارضة أن تستنتج ذلك.. لا أحد يكف عن وصف الرئيس بالجنرال لكن الجميع نسوا الكلونيل. الذي وشح من طرف الرئيس السابق السيد معاوية وحاز ثقته.. هذا الكولونيل كان موجودا هناك في الساحل علي كوكب الأزواد حيث أجهزة مخابرات العالم تسرح وتمرح وحيث اللا قانون لعبة الجميع وكانت موريتانيا تتحسس طريقا في أزواد مستخدمة لغة الجميع هناك بمن فيهم استخبارات الديمقراطيات الغربية وعملاؤهم.. (هناك ) كل شيء مباح وصناديق أكرا من الأشياء الأكثر براءة ونظافة قياسا بغيرها.. لا بد أن من سرب التسجيل تلقى توبيخا شديد اللهجة من أشباح العالم الخفي، فما قام به بعيد عن الاحترافية ومناف تماما لقانون عالم المعلومات الذي يقدسه عملاء استخبارات العالم أجمع بمن فيهم أمريكا وفرنسا وباكستان.. لا بد أن عدم رد الرئيس محمد ولد عبد العزيز كان محل تقدير (هناك)… ومحل تقدير كبير جدا..
عظمة القائد ليست بالضرورة في سعيه لتحقيق المجد دائما.. قد يكون السعي في بناء وحماية شعبه أسمى.. لكن لا أحد ممن يتلقون الرواتب الضخمة كلف نفسه مشقة توضيح سعي هذا الرئيس في هذا المنحى فقط تلك الأسطوانة التي تغالب الزمن من عهد الرئيس السابق السيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع.. ينزعون اسم الماضي ويلصقون اسم الحاضر والنتيجة: مفردات كثيرة من قبيل يعيش ويسقط والإنجازات… ربما عن غير قصد رسخوا فكرة الزعيم الفظ الصارم في أذهان الناس حتى بعد تلقيه رصاصات اطويله وفقده لابنه البكر، سأبقى مصرا على هذه الحالة الإنسانية.. اللحظة الموغلة في العاطفة والتي مرت دون أن يوقدوا شمعة واحدة.. تمد جسرا من أي نوع بين الشعب والرئيس.. لقد اتضح الآن أنهم كانوا مشغولين بالاصطفاف خلف مصالحهم.. الأمور التافهة نفسها مرة أخرى..
الجناح المدني (السياسيون):
إنهم سادة دوائر النفوذ من سياسيين ورجال أعمال وكتاب، النساء والرجال الذين نبتوا حول الرئيس واقتاتوا على "كاريزماه" وأصبحوا شيئا يذكر ومعظمهم لم يكن كذلك من قبل.
مهما كان السيد ولد عبد العزيز بالنسبة للبلد ولهؤلاء فإننا نعرف أنك عندما تصل إلى اليابسة فمن السهل أن تنسى اسم الربان الذي قاد السفينة بك أثناء العاصفة.
عدم الامتنان واللؤم السياسي والإيغال في النفعية وتغليب المصالح الخاصة خلطة سيئة للغاية وبالغة السوء في الأماكن المزدحمة ولا مكان أكثر ازدحاما الآن من بلاط الرئيس لذلك نحن حقا قلقون على مستقبلنا.. مستقبل الأمهات والأخوات والبنات.. مستقبل بلد تحت مستوى البحر والنهر…
يتواصل…