على مدار الساعة

الأخبار إنفو: معظم البنوك مملوكة من تكتلات محدودة

7 مايو, 2016 - 11:16

الأخبار (نواكشوط) – قالت بعثة صندوق النقد الدولي إلى موريتانيا إن معظم البنوك – غير الأجنبية – في موريتانيا تعود ملكيتها لرجال أعمال محليين، مرتبطين بالتكتلات الاقتصادية، مشددة على أن هذه التكتلات غالبا ما تكون قريبة من قبيلة أو مجموعة معينة، دون تسميتها.

 

ورأت بعثة صندوق النقد الدولي التي أنهت زيارتها لموريتانيا يوم 22 يناير 2016 في وثيقة – غير منشورة – حصلت عليها صحيفة الأخبار إنفو أنه لا يوجد في موريتانيا فصل فعلي بين الإدارة وأصحاب الأسهم، والعمليات مع الجهات ذات الصلة في المجموعة الاقتصادية، واصفة هذه العلاقة بأنه "تفتقر إلى الشفافية"، كما تمتاز بـ"عدم الالتزام بأفضل الممارسات لإدارة المخاطر".

 

وأضافت أن تعقيد عمليات الحد من نقاط ضعف القطاع المصرفي، والقيود في مجال القدرة على الرقابة المصرفية أعاقتا فرض تلك التقنيات في الوقت المناسب.

 

وشخصت البعثة في وثيقتها وضعية القطاع المالي في موريتانيا بأنه: "هش ويعاني من نقاط ضعف هيكلية"، مشيرة إلى أن العلاقات الوثيقة بين التكتلات الاقتصادية تثير مخاوف بشأن المخاطر النظامية الأساسية، وتسلط الضوء على مشاكل الشفافية والحكامة.

 

انخفاض الودائع

البعثة أكدت أن موريتانيا واجهت منذ العام 2014 "استمرار الانخفاض في معدلات التبادل التجاري"، مشيرة إلى أن ذلك كان أقل وضوحا في عام 2015 نتيجة لانخفاض أسعار النفط وواردات المواد الغذائية، مشددة على أن انخفاض الودائع أدى إلى إعاقة قدرة القطاع المالي على توفير الائتمان.

 

وأضافت الوثيقة أن انخفاض نشاط التعدين أدى إلى تراجع عائدات الضرائب، وهو ما أدى بدوره إلى تباطؤ نمو الإنفاق الحكومي وتضرر الأنشطة غير الاستخراجية والطلب المحلي.

 

كما أدت عائدات الضرائب الأقل إلى انخفاض نمو النشاطات غير الاستخراجية وتحول القطاع العام إلى الشركات المملوكة للدولة، مما حد من السيولة في القطاع المصرفي.

 

وأشارت الوثيقة إلى أن عملية استعادة العملات الأجنبية (FX) من قطاع التعدين أدت إلى الضغط على الاحتياطيات، ومحدودية توافر العملات الأجنبية، مضيفة أن تأثير انخفاض أسعار خام الحديد خف بتأثير المخازن المالية وزيادة تمويل الديون الخارجية.

 

وأردفت قائلة: "تدهور الحساب المالي بسبب انخفاض استعادة / العملات الأجنبية FX من شركة اسنيم (أهم شركة تعدين مملوكة للدولة) أدى إلى ضعف الاستثمار الأجنبي المباشر. وارتفعت الاحتياطيات الإجمالية من 4.8 إلى 6.9 شهور من الواردات غير الاستخراجية خلال 2015، بتقليص البيع المباشر للعملات الأجنبية (FX)".

 

تآكل الاستثمار الأجنبي

الوثيقة توقفت مع انخفاض أسعار خام الحديد خلال الفترة 2014 – 2015 حيث فقدت نسبة 70% من قيمتها، معتبرة أن ذلك أدى لتآكل الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو ما أدى – حسب الوثيقة – لوضع توسع قطاع التعدين في موريتانيا في حالة انتظار.

 

وأشار الوثيقة إلى استفادة موريتانيا باعتبارها مستوردة للنفط من انخفاض أسعاره عالميا، مشددة على أن ذلك لم يمنع من التأثير السلبي على نحو كبير  على التبادل التجاري، متوقعة أن يكون هذا التأثير طويل الأمد، دون استبعاد تدهوره.

 

وتحدثت الوثيقة عن طلب السلطات الموريتانية ترتيبات ECF (وهو اختصار لأسهم التمويل الجماعي) وذلك لأمد ثلاث سنوات، وتم تقديم هذا الطلب خلال شهر يوليو 2015، مشيرة إلى تعليق المفاوضات بعد ذلك بسبب غياب التنسيق بين الفريق الاقتصادي الموريتاني، مردفة أن ذلك أعاق الاتفاق على برنامج للتكيف كان يمكن أن يتم دعمه من قبل صندوق النقد الدولي.

 

وتحدث الوثيقة عن تنفيذ جزئي لمشورة الصندوق بشأن السياسات، مشيرة إلى غياب ردة فعل سياسية مناسبة لما وصفته بالصدمة، مرجعة غيابها إلى ضيق قاعدة الإنتاج، وارتفاع معدلات الفقر، وضعف القدرة المؤسسية.

 

هشاشة بسبب الديون

بعثة البنك الدولي أكدت في وثيقتها أن موريتانيا تواجه هشاشة كبيرة في مجال الديون، ويعتبر خطر ضائقة الديون مرتفعا"، مرجعة ذلك إلى تدهور الآفاق العالمية ومراجعات الهبوط الكبير في أسعار المعادن، مطالبة بتحسينات على تحمل الديون، مؤكدة أنها تتوقف على تحسين ديناميات النمو، واحتواء التعاقد على ديون جديدة.

 

وشدد الوثيقة – غير المنشورة – على الحاجة إلى إجراء إصلاحات هيكلية متواصلة لتعزيز التنويع الاقتصادي من خلال تنمية القطاع الخاص، معتبرة أنه يمكن أن يساعد في ذلك وجود قطاع خاص أكثر تطورا على تحسين ديناميكيات الدين بسرعة أكبر من خلال معالجة أهداف التنمية وزيادة النمو.

 

وأضافت أن ديناميكية الديون تتطلب مراقبة أوثق، وتعزيز الحكم الرشيد.

 

وأشار إلى معالجة الفجوة في البنية الأساسية، يتطلب من السلطات توضيح الأولويات وتعزيز الكفاءة؛ وزيادة القدرة على إدارة الديون؛ وممارسة ضبط النفس في التعاقد على ديون جديدة لدعم مشاريع تعزيز النمو.

 

ورأت الوثيقة أن ينبغي للبنك المركزي الموريتانيBCM  أن يقوم بإدارة السيولة بطريقة أكثر استباقية للحد من تجاوز الحد وضمان التطبيق الصارم لأنظمة الصرف الأجنبي فيما يتعلق بالحدود اليومية على وضعيات العملات الأجنبية، مشيرة إلى أن يمكن منع المزيد من تقدير (ارتفاع) الأوقية إذا تعززت قيمة الدولار أكثر.

 

وأضاف الوثيقة أن آفاق الديون الخارجية قد ساءت مقارنة بـDSA  المعدة في 2014، مشيرة إلى أن تباطؤ النمو كان من العوامل الرئيسية التي ساهمت في تدهور قدرة موريتانيا على تحمل الديون. مردفة أنه في حال عدم توقع تخفيضات كبيرة في تراكم الديون، فإن السياسات الحالية لا توفر عناصر مضادة للتدهور.

 

ديون الكويت المستعصية

وثيقة صندوق النقد الدولي وصفت قضية الديون الكويتية على موريتانيا، بـ"القضية المستعصية وطويلة الأمد"، مؤكدة أنه لم – لحد الساعة - التوصل إلى اتفاق بين السلطات الموريتانية والسلطة الكويتية للاستثمار فيما يتعلق بهذه القضية، رغم بحث السلطات الموريتانية عن طريقة لتخفيفها. حسب الوثيقة.

 

وأشارت الوثيقة إلى سعي الطرفين لتقييم الديون السلبية بالإضافة إلي المتأخرات في الفائدة. مضيفة أن موريتانيا تبحث عن مقارنة في هذه المعالجة بما يتفق مع مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون، وذلك تماشيا مع سياسة نادي باريس لتخفيف المديونية.

 

وأوردت الوثيقة تفاصيل الديون الخارجية للحكومة خلال العام 2015، والنسب المائوية بحسب العملات، وذلك على النحو التالي:

 

-         الدينار الكويتي: 27%.

-         اليورو: 20%.

-         الريال الإسلامي: 11%.

-         الريال السعودي: 5%.

-         ايوان الصيني: 5%.

-         الدولار السويسري: 4%.

-         الدولار الأمريكي: 1%.

-         عملات أخرى: 27%.

 

وأكدت الوثيقة انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 2%، وذلك بنسبة بلغت 6.6% عام 2014، وأرجعت هذا الانخفاض إلى تراجع إنتاج خام الحديد، وانخفاض الاستثمار في مجال التعدين، وتباطؤ قطاع البناء ونمو الصيد. مشيرة إلى انخفاض معدل التضخم بنسبة: 2.8% على أساس سنوي في نهاية عام 2015 بسبب انخفاض أسعار المواد الغذائية وارتفاع سعر الصرف.

 

وشدد الوثيقة على أن العجز المالي لسنة 2015 (باستثناء المنح) ازداد تدهورا رغم ارتفاع عائدات النفط المحلية وتحويلات الصيد، مشيرة إلى انخفاض عائدات الصناعات الاستخراجية بنسبة: 4.7%.

 

وتحدثت الوثيقة عن زيادة العجز بعد عام 2013 بموازاة تراجع أسعار المعادن، مما جعل الاقتصاد عرضة لانخفاض الإنفاق العام، ووصفت الجهود المبذولة لتقليص النفقات الجارية خلال السنوات الماضية بأنه مطلوبة لكنها غير كاف للتعويض عن انخفاض الإيرادات، مشيرة إلى الدعم الذي حصل جراء المنح والإيرادات من انخفاض أسعار النفط، مردفة أن اتساع العجز المالي أدى إلى هبوط المخازن المالية وزيادة الديون الخارجية.

 

وأكدت الوثيقة الحاجة الملحة لإستراتيجية الاستثمار الموريتانية، وكذا الرقابة الصارمة للاستثمارات العامة خارج الميزانية. مردفة أن تعزيز إدارة الديون تتطلب التنسيق المؤسسي القوي، وتغطية أفضل للقطاع العام، وتعزيز الحكم الرشيد

 

وأشارت الوثيقة إلى الحاجة لتجديد النظام التكنولوجي للمعلومات لدى البنك المركزي، وتنفيذ خطط إدارة النقد، وذلك لكي يعمل حساب الخزينة الموحد بصورة كاملة.

 

وقالت الوثيقة إن بعثة صندوق النقد الدولي ناقشت إمكانية رقابة دولية لجميع البنوك، مشيرة إلى عرض قانون جديد للمصارف، ونظام جديد للبنك المركزي سيتم تقدميه أمام البرلمان (2016) مما يؤدي إلى تطوير الحكامة المؤسسية، وتوفير إطار للقرارات المصرفية، وسيوفر مساعدة في حالة نقص السيولة محددا دور البنك المركزي عند الأزمات المالية، وسيشفع بتقييم آلية تأمين الودائع.

 

البنوك: ركود الودائع وحضور أجنبي

وثيقة صندوق النقد الدولي أكدت هيمنة البنوك على القطاع المالي في موريتانيا، مؤكدة مواجهتها لتراجع نمو في الودائع، وذلك بسبب تراجع النمو الاقتصادي، والمنافسة من صندوق الإيداع والتنمية (CDD)، وأشارت إلى أن هذا التراجع جاء بعد سنوات من النمو القوي نسبيا، وبدأ تباطؤ نمو الودائع بشكل كبير منذ منتصف 2014.

 

وقالت الوثيقة إن القطاع المالي الموريتاني كان في العام 2014 يتكون من 16 من البنوك التجارية المرخصة، وبنكي شركات، و5 بنوك إسلامية وشركة تأجير تم تحويلها إلى بنك، إضافة لـ31 مؤسسة تمويل أصغر، مشيرة إلى أن "بروكابك PROCAPEC" يعتبر الشبكة الوحيدة النشطة لمؤسسات التمويل الأصغر حيث تتوفر على 51 فرعا.

 

تنضاف لهذه القائمة اثنتين من المؤسسات المالية المتخصصة (صندوق الإيداع والتنمية وFCI)؛ و4 شركات التأجير، و32 صرافة، و12 شركة تأمين، و2 من صناديق التقاعد.

 

ووصفت وثيقة صندوق النقد الدولي البنوك المحلية بأنها هي أكبر قاعدة استثمار للديون السيادية المحلية، مشيرة إلى عدم وجود أي سوق للأسهم في البلاد.

 

وقدرت الوثيقة إجمالي أصول البنوك بحوالي 2 مليار دولار أمريكي (42.7%) من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يمثل أكثر من 90% من إجمالي موجودات القطاع المالي.

 

وأشارت الوثيقة إلى ارتفاع عدد البنوك بشكل كبير، حيث منحت 8 تراخيص منذ 2007، 4 منها منذ العام 2012، وزاد عدد البنوك الأجنبية إلى 6 بنوك، وذلك بعد أن كان هناك بنك أجنبي واحد في العام 2015.

 

وبلغت حصة البنوك الأجنبية من إجمالي أصول القطاع المصرفي نحو 30%.

 

صعوبات أمام "CAPEC"

الوثيقة أشارت إلى صعوبات تواجهها صناديق القرض والادخار "CAPEC" وذلك منذ العام 2009، ووصفتها بالصعوبات الكبيرة، وأرجعتها إلى الاختلاسات، وسحب الودائع، وسوء الإدارة، مشيرة إلى ارتفاع جودة أصولها.

 

وتحدث وثيقة صندوق النقد الدولي عن البدء في تدابير وقائية لدعم هذه الشبكة منذ العام 2010، مشيرة إلى أنه كانت دون ضمان الانتعاش الكامل والقدرة المالية، معتبرة أن المخاطر التشغيلية، وعدم الحصول على معلومات موثوقة حول الائتمان، وضعف القدرة، وضعف مساعدة الإشراف تشكل أبرز العوامل التي تفسر الصعوبات التي تواجه هذا القطاع في استعادة قدرتها على البقاء.

 

توصيات متعددة

صندوق النقد الدولي أصدر في ختام وثيقته – غير المنشورة – جملة من التوصيات للسلطات الموريتاني لتلافي الوضع الاقتصادي في البلاد، من بنيها "استصدار جدول زمني يحدد تواريخ قيام بيع أذون خزينة مستقلا عن سندات الخزينة"، و"اعتماد التعليمات المطبقة على عدم احترام النظم العالمي لسوق الصرف وتطبيق العقوبات على من يكرر المخالفة بما في ذلك تطبيق تعليق المشاركة في مزادات سوق الصرف (بعد إنذارين)".

 

كما أوصت بعثة الصندوق التي زارت موريتانيا بـ"القضاء على كل العقوبات والنسب المطبقة على تعاملات سوق الصرف العالمي"، و"تشجيع إنشاء شركات تأمين ذات سمعة جيدة"، و"إحالة مراجعة ومتابعة صندوق الإيداع والتنمية وشركات التأمين إلى البنك المركزي"، و"نشر الوضعيات النقدية للبنوك بإشراف من البنك المركزي عند نهاية يونيو بعد انتهاء السنة".