على مدار الساعة

صيف موريتانيا الساخن: إضرابات وجفاف وانتساب وانتخاب

20 مايو, 2018 - 16:24

الأخبار (نواكشوط) – دخلت موريتانيا صيفها الحالي بعناوين كبرى، أضفت على موسم الصيف سخونة على سخونته، حيث تتعرض مناطق واسعة من البلاد لجفاف ماحق، يهدد الساكنة، وثروتهم الحيوانية، فيما تواجه قطاعات حيوية كالصحة والتعليم إضرابات واحتجاجات، إضافة للاحتجاجات المطالبة بمياه الشرب في مناطق مختلفة من البلاد بينها عواصم ولايات داخلية، وذلك في وقت يواصل فيه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية حملة تنصيب وحداته استعدادا لمؤتمره العام، وتستعد البلاد لاستحقاقات انتخابية حدد الثاني من سبتمبر القادم موعدا مبدئيا لشوطها الأول.

 

رباعي الإضرابات، والجفاف، والانتساب، والانتخاب، مصادر سخونة في صيف موريتانيا للعام 2018، وهي سخونة يتوقع أن تتواصل حتى منتصف العام القادم تاريخ انتخاب رئيس جديد للبلاد في أول استحقاق انتخابي من نوعه، بمغادرة رئيس منتهية ولايته للسلطة لتسليمها لرئيس منتخب.

 

صحيفة "الأخبار إنفو" تقف مع هذه العناوين للاقتراب منها أكثر، وتتبع تفاصيلها، وقراءة مساراتها وسناريوهاتها المتوقعة.

 

جفاف.. وارتباك التعاطي الحكومي

بدأت بوادر الجفاف الذي تتعرض له مناطق واسعة من موريتانيا منذ وقت مبكر، وتوقعت الجهات الحكومية نظرا لانخفاض مستوى الأمطار المسجل في موسم الخريف الماضي، حيث أعلنت منذ وقت مبكر عن نيتها إطلاق برنامج استعجالي لتوفير الأعلاف بسعر مخفض.

 

وفي مناطق تركز الثروة الحيوانية بدأ ملاكها في وقت مبكر الهجرة، وتتبع المرعى في المناطق الحدودية مع مالي، مع انتظارهم للبرنامج الحكومي لتوفير الأعلاف، فيما قرر بعضهم البقاء داخل الأراضي الموريتانية.

 

وتوقع منمون ومنتخبون في المناطق الشرقية من البلاد تعرض الثروة الحيوانية لخطر حقيقي، وخصوصا الأبقار، والتي تقدر ثروة موريتانيا منها بـ1.907.420 رأسا من البقر، وكذا الضأن والذي تبلغ تقديراته 11.816.395 رأسا، فيما يقدر إجمالي ثروة موريتانيا من الحيوانات بـ23.139.933 رأسا، حسب تقديرات مصالح وزارة البيطرة الموريتانية.

 

ويواجه المنمون الذين هاجروا بثرواتهم إلى الأراضي تحدي توفير المياه لسقايتها، كما يشكون من الإتاوات التي تفرضها السلطات المالية، فيما يشتكي من فضلوا البقاء على الأراضي الموريتانية من انعدام المراعي، وتأخر تنفيذ البرنامج الاستعجالي الحكومي لتوفير الأعلاف، وغلاء أسعارها في الأسواق العادية. وذلك حسب تصريحات عدد منهم لفريق الأخبار الذي زارهم في مناطقهم.

 

وقد أعلنت الحكومة نهاية ديسمبر الماضي عن بدأ البرنامج الاستعجالي، وعن تسيير أسطول من الشاحات لتوصيل الأعلاف، غير أن المنمين قالوا إن ما وصل منها كان قليلا، وإن آليات توزيعه كانت غاضمة، وغير شفافية.

 

يوم 11 يناير أعلنت وزيرة البيطرة فاطمة فال بنت اصوينع أن الحكومة ستوفر الأعلاف بشكل يكفي كل الثروة الحيوانية، وفي كل ربوع الوطن، ولم تفرق بين من يملك مئات الرؤوس، ومن لا يملك سوى شياه قليلة في منزله، غير أن الناطق باسم الحكومة محمد الأمين ولد الشيخ يوم 26 إبريل المنصرم أن الحكومة وزعت 20 ألف طن من الأعلاف، مؤكدا أنه "ليس مطلوبا أن تتحمل جميع تكاليف المواشي".

 

فيما أعلن مسؤول في مفوضية الأمن الغذائي – عبر الإذاعة الرسمية – أن الحكومة لن توفر الأعلاف لملاك القطعان الكبيرة، وأن على هؤلاء أن يتحملوا مسؤولية قطعانهم.

 

منمون في المنطقة الحدودية بين ولايتي الحوضين الشرقي والغربي وصفوا البرنامج الاستعجالي الذي أعلنته الحكومة الموريتانية بهدف توفير الأعلاف لهم بأنه "فخ"، مؤكدين أن من سقطوا فيه يحاولون الآن – ربما بعد فوات الأوان – تلافي الأمر، وإنقاذ ما بقي من أملاكهم التي تواجه الموت جوعا بفعل انعدام أي أثر للبرنامج، وعجزهم عن توفير الأعلاف على حسابهم الخاص.

 

واتفق منمون تحدثوا للأخبار من قرى بالحوض الغربي، ومن اعوينات الزبل بالحوض الشرقي على أن العديد منهم علقوا آمالا كبيرة على البرنامج عن الإعلان عنه، وتفاءلوا خيرا بسرعة الإعلان عنه، وحجم المبلغ المخصص له، غير أنهم يتخوفون أن يأتي الجفاف على قطعانهم وتنفق بينهم أيديهم قبل أن تصلهم الأعلاف عبر برنامج الدعم الحكومي.

 

إضرابات في الصحة والتعليم

ومع بداية موسم الصيف، دخل عمال القطاع الصحي في إضراب مفتوح عن العمل ابتداء من الاثنين 07 مايو، وذلك بعد أشهر من التلويح بالإضراب، وبعد لقاءات جمعتهم مع مسؤولين حكوميين من الرئيس محمد ولد عبد العزيز، إلى وزير الصحة.

 

ويرفع الأطباء مطالب من بينها مجانية الحالات المستعجلة في المستشفيات الموريتانية، ومواجهة تزوير الأدوية، وإشراك الأخصائيين في شراء التجهيزات، إضافة لتحسين ظروف الكادر الطبي، ورفع رواتبه.

 

وأعلنت نقابات الأطباء أن نسبة التجاوب مع الإضراب كانت كبيرة وتراوحت ما بين 90 إلى 95%، مؤكدين أنها شلت القطاع الصحي، وأدت لإلغاء 1000 استشارة طبية في مستشفيات نواكشوط الثلاث الكبرى، إضافة لـ45 إلى عملية يوميا.

 

وحمل الأطباء الحكومة مسؤولية ما يعانيه المرضى وذويهم، معتبرين أن تعنتها ورفضها التجاوب مع مطالبهم هو السبب في وصولهم لمرحلة الإضراب المفتوح.

 

وفي قطاع التعليم يواصل طلبة الجامعة احتجاجاتهم الرافضة لقرار وزارة التعليم العالي بشأن المنح، ويساندهم عدد من الطلبة الموريتانيين في الخارج، فيما دخل الدكاترة العلميون المتعاونون مع كلية العلوم بجامعة نواكشوط في إضراب مفتوح منذ أسابيع.

 

وعلى مستوى التعليم الأساسي نفذ المعلمون احتجاجات وتوقفوا عن التدريس في بعض الولايات، وخصوصا في ولاية آدرار، فيما سجلت مدارس تكوين المعلمين في أكجوجت والعيون احتجاج التلاميذ على تأخر منحهم.

 

ويتربع العطش ومطالب توفير الشرب على أسباب الاحتجاجات الداخلية، وأمام القصر الرئاسي، حيث يحتج سكان عدد من المدن رافعين هذه المطلب، ومن بين المدن التي احتجاج سكانها للمطالبة بمياه الشرب، كيفة، والعيون، وتجكجة، وعدل بكرو، جكني، وولاته، وغيرهم.

 

انتساب وصراعات القادة

ومن بين ملفات الصيف الساخن في موريتانيا حملة انتساب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية تحضيرا لمؤتمره العام، وتوقف عدد منتسبي الحزب عند 1.133.088 منتسبا، بعد إلغاء 16 ألف منتسب بسبب تكرار تسجيلهم، أو عدم بلوغهم السن القانون للانتساب، ويمثل عدد المنتسبين نسبة 81.5% من مجموع اللائحة الانتخابية، فيما يكسر حاجز المصوتين في كل الاستحقاقات الانتخابية في تاريخ البلاد.

 

ودخل الحزب الحاكم المرحلة الثانية من التحضير لمؤتمره وهي تنصيب الوحدات، وقد أثارت العملية صراعات بين قادته أدت لتوقيف العملية في أكثر من منطقة، وذلك بعد تصاعدها وتخوف الجهات الأمنية من خروجها عن السيطرة.

 

وسجل توقف العملية بسبب الصراعات في جكني، وتمبدغة، وانبيكت الأحواش بولاية الحوض الشرقي، وفي أم الأحياظ بولاية الحوض الغربي، وفي القدية بولاية تكانت، وفي ألاك وأغشوركيت بولاية البراكنه.

 

وتبادل قادة الحزب الحاكم الاتهامات بالتزوير وبتسجيل أشخاص غير حاضرين، واستجلاب آخرين من مناطق بعيدة لتغيير التركيبة السياسية في منطقته، وأعلن عمدة بلدية انبيكت الأحواش سيدي أحمد ولد امخيطير تجميده هو والجماعة السياسية التي ينتمي لها المشاركة في عمليات تنصيب وحدات حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، احتجاجا على ما وصفه بعمليات التزوير التي تمت خلال الأيام الماضية إثر ضغوط من الوزير الأول يحي ولد حدمين.

 

وحدد الحزب لعملية تنصيب الوحدات 15 يوما، ينتظر أن تسفر عن مناديب انتخاب هيئاته من فروع، وقطاعات، وأقسام، واتحاديات، فضلا عن مناديب المؤتمر العام.

 

سيل الانتخابات

كما تستقبل موريتانيا خلال الصيف الحالي سيل انتخابات ينتظر أن يبدأ سبتمبر القادم، وتنظيم خلاله أربع استحقاقات انتخابية تكون نهاية منتصف العام القادم بانتخاب رئيس جديد للبلاد.

 

وتبدأ الانتخابات بالاستحقاقات التشريعية والبلدية والمحلية في سبتمبر القادم، حيث أكد مصدر في اللجنة المستقلة للانتخابات أن أعضاء اللجنة يتجهون لإقرار تاريخ الثاني من سبتمبر القادم موعدا للشوط الأول من الانتخابات، فيما ينظم الشوط الثاني يوم 16 من الشهر ذاته.

 

ويتوقع أن تشكل الانتخابات موسما ساخنا في مختلف البلاد، بفعل التنافس الذي ستعرفه في ظل إعلان منتدى المعارضة مشاركته في الانتخابات، إضافة لأحزاب المعارضة المحاورة، فيما لم يحسم حزب تكتل القوى الديمقراطية موقفه من المشاركة، وإن حضرت المطالبة بها بقوة في آخر نشاط له.

 

وسيزيد من سخونة التنافس بين الأطراف السياسية زيادة عدد مقاعد البرلمان ككل، وكذا زيادة المقاعد التي يتم انتخابها بالنسبية، حيث يبلغ عددها 87 مقعدا، موزعة على اللائحتين الوطنيتين (المختلطة والنساء) بـ40 مقعدا، وعلى لائحة نواكشوط بـ18 مقعدا، إضافة لتسع دوائر يتم الانتخاب فيها بالنسبية، وهي (نواذيبو (4 مقاعد)، كيهيدي (4 مقاعد)، كيفة (3 مقاعد) ألاك (3 مقاعد)، سيلبابي (3 مقاعد) آمرج (3 مقاعد)، كوبني (3 مقاعد)، الطينطان (3 مقاعد) امبود (3 مقاعد).

 

وحددت لجنة متابعة نتائج الحوار السياسي شهري أغسطس وسبتمبر، على أن تكتمل إجراءات انتخاب البرلمان الجديد قبل أكتوبر القادم، ليلتئم في دورة المصادقة على ميزانية العام الجديد.

 

وتدخل البلاد في العام 2019 في مضمار السباق نحو القصر الرئاسي، وهو مضمار بدأ المتسابقون فيه الإعلان عن أنفسهم حيث أعلن عدد من السياسيين نيتهم الترشح للرئاسة في يتم تداول أسماء شخصيات أخرى باعتبارها من بين الأسماء المرشحة لدخول هذا النزال.

 

نقلا عن صحيفة الأخبار إنفو الأسبوعية