على مدار الساعة

عطش مزمن في كبرى مدن الشرق وانتظار لوعود لم تتحقق (فيديو)

21 مايو, 2018 - 18:35
أطفال يستجلبون مياه الشرب لأسرهم (الأخبار)

الأخبار (كيفة) – تعيش مدينة كيفة منذ سنوات على وقع معاناة مزمنة مع موجة عطش متجددة، تعيشها أحياء في المدينة أغلب أشهر السنة، فيما عاش سكان المدينة أمل وعود حكومية بحل الأزمة، تحدث بعضها عن ربط المدينة بفم لكليتة في ولاية كوركل، قبل أن يتحدث الوزير الأول بداية 2018 عن دراسة لربطها بنهر السنغال.

 

سكان مدينة كيفة نظموا خلال السنوات الماضية العديد من الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بحل مشكلة العطش، فيما أعلنت الحكومة عن إجراءات مؤقتة من بينها تعميق بعض الآبار في محيط المدينة إضافة لدراسات للبحث عن مياه جوفية لحل المشكلة المتفاقمة.

 

وتعد مدينة كيفة عاصمة ولاية العصابة وسط البلاد ثاني مدينة من حيث عدد السكان، حيث يتجاوز عدد سكان المقاطعة 110 عشرة آلاف، وهو ما يشكل مصدر ضغط كبير على الخدمات الأساسية، حيث تعجز منشئاته عن تغطية حاجياتهم، وتتربع مياه الشرب على رأس أولويات مطالب السكان.

 

شبكة بلا مياه

ورغم وصل أغلبية منازل المدينة بشبكة المياه، وانتظام صدور الفواتير، فإن العديد من السكان يقولون إن مياه الشرب لا تصل حنفياتهم إلا في فصل الشتاء، ويعتمدون في بقية فصول السنة على شراء المياه عبر العربات التي تجرها الحمير، أو عبر الصهاريج.

 

مالك ولد كرل – وهو أحد ساكنة كيفة – قال إن الماء لا يتوفر لهم إلا نادرا، مشيرا إلى أنه فوجئ أمس بحنفيته وهي تقطر، وقد تمكن من ملئ بعض الأواني، واصفا الأمر بأنه غريب، حيث اعتادوا على انقطاع المياه طيلة فصول السنة باستثناء فصل الشتاء.

 

واعتبر ولد كرل أن العطش يشكل مصدر معاناة السكان الأولى، مضيفا أن السلطات تحدثت أكثر من مرة عن حل المشكل دون أن يلمسوا أس تغيير في واقع هذه الخدمة.

 

مريم من سكان حي المطار قالت إنه لا يجدون الماء سوى لأسابيع ثم ينقطع، ليفرض عليهم اللجوء للصهاريج، مردفة أن يؤجرون الصهريج بأربعة آلاف أوقية، ويوزعون بقية الصهريج على الجيران لأن حاوية المياه لا تزيد طاقتها على برميلين.

 

وطالبت مريم السلطات بسرعة التدخل لوضع حد لهذه المعاناة المتجددة، والتي يزداد وقعها في فصل الصيف، حيث ترتفع الحاجة إلى المياه، وكذا في شهر رمضان.

 

محمود ولد أحمد – مالك عربة لبيع المياه – أكد أن أحياء عديدة في المدينة تعيش عطشا متجددا مع كل موسم صيف، مبديا استياءه من توقف الحنفيات العمومية عن بيع المياه، وهو ما شكل فرصة لملاك الحنفيات الخصوصية.

 

وأشار ولد أحمد إلى أن الحنفية العمومية تبيع لهم البرميل بـ50 أوقية، في حين أن الحنفيات الخصوصية كانت تبيعه لهم بـ100 أوقية قبل أن ترفع السعر إلى 200 أوقية، مؤكدا أن هذا ينعكس على أسعار بيع المياه للمواطنين، حيث يتضاعف سعرها، لافتا إلى أن سعرها يصل أحيانا إلى 1000 أوقية.

 

سلسة احتجاجات

ونظم عدد من شباب مدينة كيفة وقفات احتجاجية أمام القصر الرئاسي، كانت آخرها يوم 14 مايو الجاري طالبوا خلالها بوضع حد لمعاناة السكان مع العطش، والتي تتجدد كل عام دون أن تتحرك السلطات لحلها.

 

ونظمت الوقفة من طرف مبادرة أطلقت على نفسها "ارواية كيفة"، وذلك بعد سلسة أنشطة حول الموضوع.

 

وأكد القائمون على المبادرة في تصريح للأخبار أن حراكهم نجح في رسالة الساكنة إلى الجهات الرسمية، للحصول على الماء الصالح للشرب، نافيا أن تكون لتحركه أي صبغة سياسية.

 

واعتبر القائمون أن تحركه أثمر وعيا وتجاوبا كبيرا، في صفوف سكان المدينة حول حقهم في الماء، معتبرا أن اتهامه بالتسييس تنسفه الوقائع، مردفين أن الحراك أسسته مجموعة من أبناء المدينة، و المنحدرين منها داخل الوطن وخارجه، آمنت بأن الحق في الحصول على الماء، مطلب لا تراجع عنه، منسلخة من مواقفها السياسية وتوجهاتها الفكرية، في سبيل نجاح الحراك وعدالة مطلبه، معلنة بأن حقها وحق ساكنة المدينة في الماء، أسمى من المصالح الضيقة و الإكراهات السياسية".

وزير المياه والصرف محمد الأمين ولد آبي 2013

 

وعود لم تتحقق

وخلال السنوات الماضية تلقى ساكنة مدينة كيفة العديد من الوعود الحكومية بإنهاء معاناتهم مع العطش، وذلك عبر مشاريع متنوعة كان من بينها تعميق الآبار الموجودة في المنطقة كحل مؤقت، والربط بمياه سد فم لكليته كحل جذري للقضية.

 

وزير المياه والصرف الصحي محمد الأمين آبي أعلن مدينة يوم 19 يوليو 2013 اكتمال دراسة تزويد مدينة كيفه بمياه الشرب من سد فم لكليته بولاية غورغول، مؤكدا أن الأشغال في المشروع ستنطلق منتصف السنة القادمة (أي 2014).

وأكد ولد آبي خلال حديثه للسكان المتعطشين لحل لأزمة العطش في المدينة ذات الكثافة السكانية الكبيرة أن "المشروع سيمكن من تزويد مدينتي كيفة وكرو بمياه الشرب بقدرة إنتاجية تصل إلى 10 آلاف متر مكعب يوميا عبر شبكة أنابيب سحب بطول حوالي 170 كلم".

الرئيس محمد ولد عبد العزيز إبريل 2015

 

وفي الـ20 من إبريل 2015 (بعد عام من وعد وزير المياه ببدء أشغال المشروع)، أكد الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال لقاء بأطر العصابة بمدينة كيفة "الحل النهائي لمشكل المياه في كيفه يتمثل في ضخ الماء انطلاقا من فم لكليته"، مردفا أن "الدراسة المتعلقة بهذا الشأن قد اكتملت" دون الحديث عن موعد لبدء الأشغال.

 

ووعد ولد عبد العزيز السكان "بإرسال حفارة قريبا إلى المدينة لتعميق الآبار الموجودة بها وتوفير المزيد من المياه الصالحة للشرب".

الوزير الأول يحي ولد حدمين أمام البرلمان يناير الماضي

 

وخلال مثوله أمام البرلمان يوم 26 يناير الماضي اكتفى الوزير الأول يحي ولد حدمين بالقول: "وفي سبيل تنويع مصادر التزويد بماء الشرب، والحفاظ على المياه الجوفية، ينتظر أن تساعد نتائج دراسات جدوى مشاريع الولوج إلى ماء الشرب من المياه السطحية إلى تزويد كيفة، وكرو".

 

ولم يشر الوزير الأول في خطابه إلى المشروع الذي أكد وزير المياه 2013، اكتمال دراسته وقرب انطلاق أشغاله، والرئيس 2015 اكتمال دراسته، بأي إشارة، وهو مشروع تزويد ربط المدينة بمياه سد فم لكليته بولاية كوركل.