على مدار الساعة

مَعَالٍمُ المَشْهَدٍ السٍيًاسٍيٍ مَا قَبْلَ "الاٍسْتٍحْقَاقَاتٍ الثًلاَثَةٍ"

25 يوليو, 2018 - 17:04
المختار ولد داهي ـ سفير سابق

ترتفع يوما بعد يوم "درجة سخونة" المشهد السياسي الموريتاني بفعل الاستعداد تنظيميا وسياسيا ودعائيا وتسجيلا اقتراعيا للاستحقاقات الانتخابية الثلاثة (البلدية ،النيابية والجهوية) والتي جاءت أشراطها واقتربت ساعة تنظيمها في مناخ تنافسي "متوسط الاضطراب" يكثر فيه "الفاعلون السياسيون الجدد" ويُنافس فيه "بعض قدامي الفاعلين" بكل ما أوتوا من قوة سعيا إلى استعادة الألق السياسي أو طلبا لتثبيت مكاسب سابقة أو"خوفا من سيف الحل والحرمان من التمويل العمومي"..

 

وتُمَكٍنُ قراءة المشهد السياسي الموريتاني أسابيع معدودات قبل يوم اقتراع "الاستحقاقات الثلاثة" من استخلاص المعالم الخمسة التالية:

 

أولا: التضخم العددي للترشحات: أوضحت الأعداد الكبيرة للقوائم المترشحة للبلديات والمجالس الجهوية تضخما عدديا كبيرا للمترشحين حيث تجاوز عدد اللوائح المترشحة لبعض البلديات حاجز الخمسين لائحة متنافسة كما تجاوزت بعض الدوائر الجهوية خَطً العشرين لائحة متنافسة!! وهو ما شوش على المنظمين وأربك المراقبين ومثل خصما كبيرا من القيمة المعنوية للمترشحين.

 

ويرجع بعض المحللين ظاهرة التضخم العددي للمترشحين إلى بعض مقتضيات المدونة الانتخابية والقانون المنظم للأحزاب خصوصا ما يتعلق منهما بالحل والحرمان من التمويل العمومي للأحزاب التي لم تتجاوز عتبتي 1% و3% على التوالي من مجموع المصوتين بالشوط الأول للاقتراع البلدي وكذا تشجيع "التمثيل النسبي" وولوج الأحزاب "خفيفة الانتشار" على ولوج المقاعد البلدية والجهوية والبرلمانية.

 

ثانيا: تشرذمُ وتفتيت المشهد السياسي: يتسم المشهد السياسي بالتشرذم والتفتيت آَيةُ ذلك أن اللوائح البلدية والجهوية المشتركة بين حزبين سياسيين أو أكثر لا تمثل نسبة 10% من مجموع اللوائح المترشحة وهو ما يُبَرًرُ بالعجز - في مرحلة الشوط الأول - عن بناء تحالفات سياسية كبرى تُسهل على الناخب قراءة المشهد الانتخابي وتُيسر عليه الاختيار بين المتنافسين على أساس الرؤى و البرامج، كما يفسر فوضى الترشحات التجزيئية والشرائحية والمناطقية والقبلية...

 

ثالثا: التفاوت في التغطية الترابية بالترشحات لصالح أحزاب الأغلبية الكبرى: تظهر الاستقراءات تفاوتا كبيرا في تغطية الدوائر الانتخابية البلدية والجهوية بالترشيحات الحزبية حيث تصدر الاتحاد من أجل الجمهورية الأحزاب السياسية الوطنية بتغطية 100% من الدوائر الانتخابية فيما تراوحت الأحزاب الأخرى "واسعة ومتوسطة الانتشار" موالاة و معارضة بين نسبتي تغطية 60% و25% من الدوائر الانتخابية.

 

رابعا: ضغط الآجال الانتخابية: يشكو معظم المترشحين من ضغط الآجال الانتخابية وآجال إيداع الترشيحات وهو ما يفسر أن 75% من اللوائح المترشحة للمجالس البلدية والجهوية تم إيداعها في الساعات العشرة الأخيرة قبل انصرام آخر أجل لإيداع الترشحات كما أن المعلومات المسربة من مصالح اللجنة المستقلة للانتخابات تفيد بأن أكثر من ثلثي اللوائح البلدية والجهوية التي تم إيداعها لَمًا تكمل ملفاتها في حين لم يبق من الفسحة والرخصة الزمنية القانونية لإكمال الملفات المودعة إلا أقل من 48 ساعة.

 

خامسا: الاستفهام حول الجاهزية الفنية القصوى للجنة المستقلة للانتخابات: تَتَعَاضَدُ عوامل التضخم العددي الكبير للترشحات وما يستتبع ذلك من زيادة العبء على اللجنة المستقلة للانتخابات والبطء الملاحظ في التسجيل على اللائحة الانتخابية بالعديد من الدوائر الانتخابية واستقالة رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات واستبداله برئيس جديد لترسخ الاستفهام الذي يتردد على ألسنة الكثير من المحللين والمراقبين والفاعلين حول إمكانية تنظيم اللجنة للانتخابات في آجالها في ظروف مثلى تطمئن كافة الشركاء والخلطاء وهو استفهام يعزز بالنسبة لبعض المحللين من وجاهة تأجيل ذي طابع فني صرف خٍلْوٍ من التوابل السياسية "خفيف المدى" لبعض المواعيد الانتخابية.