على مدار الساعة

"أنتم، أهل العربية"!

24 مارس, 2017 - 13:15
بقلم/ م. محفوظ ولد أحمد

اللغة العربية لغة "ازوايا والطلبة"، باختصار لغة الدراويش! أما لغة "العرب" والصنادرة فهي الفرنسية!

 

ليس هذا كلاما علميا، ولا ينبغي له أن يكون. إنه خطاب عامي (العامي هو الخالط بين الجهالة والسذاجة)، ولكنه في نفس الوقت خطاب سائد منذ فترة؛ ليس فقط لأن "الصنادرة" سادوا، ولكن لأن منهم من ساد!

 

أما المعنى فلا يستقيم؛ فمن جهة كل العرب، وكثير من الصنادرة، لغتهم العربية، يُجلونها ويعتزون بها، بغض النظر عن مستوياتهم في إتقانها؛ ومن جهة أخرى فالزوايا كثير منهم يجيد اللغة الفرنسية ويتقن ثقافتها أكثر من أي ناطق آخر بها؛ بل هم ـ مع الأسف ـ من زرع هذه اللغة وأقام لها الزينة في هذه البلاد!

 

لكن يبدو أن بعض المعشر الذين قدمهم دهرهم برطانة فرنسية رديئة، لا يتتعتعون في اللغة العربية بمشقة ويهتكون أستارها ويُعجمون حروفها، حبا لها وتعلقا بإتقانها...!

 

إنهم، بعاميتهم "المتأخرة"، يواجهون جهلهم وعيايتهم بلغتهم، بالسخرية منها والتحقير بمستخدميها، وهو تحقير نابع في الواقع بالافتتان بالفرنسية والهاجس الداخلي على قلة زادها هي أيضا!

 

لذلك فإن الاستهزاء والإشارة بابتسامة سخرية إلى "أهل العربية"، تفسر وفرة الاستطراد والاستشهاد بالعبارات الفرنسية أثناء الحديث بالعربية على وجهها الصحيح: استنقاص لقدرات اللغة العربية أكثر منه جهلا بمفرداتها ومصطلحاتها...

 

وأعترف بأن هذا الموضوع هنا كله في غاية التفاهة، لأنه يشبه تضييع الوقت والوقار تسكعا في باحات صالات السينما الرخيصة في نواكشوط وروصو أو اللوغة... في بداية سبعينيات القرن الماضي على طريقة "الأرابزان" المحاصَر!

**

لما ذا ينص الدستور على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية لهذه البلاد؟

 

لو انطلق المُوحُون بالتعديلات الدستورية، وخاصة تعديل الرموز الوطنية، من الواقعية لكانوا أدرجوا ضمنها تغييرا أو "تحسينا" على المادة السادسة من الدستور المتعلقة باللغة الرسمية!

 

لكن ربما كان الأمر أكثر صعوبة وتعقيدا من رسم خطين أحمرين!

 

وهناك حل آخر أكثر بساطة هو التجاهل؛ الدستور ليس قرآنا، خاصة إذا كتب بلغة القرآن، وتمسك بها!!

*

قرر فخامة رئيس الجمهورية العدولَ عن العدولِ عن إجراء استفتاء شعبي، بعدما أسقط مجلس الشيوخ التعديلات الدستورية.

 

وقد فعل الصواب وراعى العرف والمصلحة حين استشار جمعا من خبراء القانون والدستور الذين "لا يمارسون به السياسة" (يبدو أن هناك فرقا بين السياسة والتزلف!) فأشاروا إلى فخامته بتفعيل المادة 38 من الدستور، دون المرور بغرفتي البرلمان.

 

وقد أثار هذا اعتراضا قويا وسؤالا جليا: لما ذا لم يفعل فخامته ذلك أولا ولا يمر بالبرلمان؟

 

والجواب واضح وبسيط: في المرة الأولى: فعل ذلك بموجب مقتضيات الدستور (الباب 11) لأنه كان متأكدا من موافقة "الأغلبية" المسيطرة على التعديلات.

 

أما وأنه ظهر أنهم لم يوافقوا فلا حاجة إلى طريق الدستور المسدودة!!

(إذا تعارض الدستور مع رغبة الرئيس "فالباس في الدستور")!

**

السؤال الكبير إلى السادة الخبراء الذين أجازوا إجراء الاستفتاء بدون المرور على البرلمان بناء على عموم المادة 38 هو:

ما هي فائدة المواد 99 و100و101 من هذا الدستور، وهل هي فعلا حشو وتناقض في نصه، ولما ذا لا يُلحق حذفها بالتعديلات الحالية، تحريرا وتنقيةً للدستور من الحشو والتناقض؟؟!!