على مدار الساعة

سفير فرنسا بموريتانيا: ندعم مجموعة G5 ولا نتدخل في شؤونها الداخلية

18 ديسمبر, 2019 - 14:26
السفير الفرنسي بنواكشوط روبيرت موليي خلال حديثه للأخبار

تنويه واعتذار:

وردت ضمن نص المقابلة التي نشرتها الأخبار أمس مع السفير الفرنسي روبير موليي، مضامين مقال حول الربيع العربي لكاتب آخر لا علاقة له بالمقابلة، وقد أدمج فيها عن طريق الخطأ.

 

والأخبار إذ تنبه قراءها الكرام عن هذا الخطإ غير المقصود، والذي تم تصحيحه، فإنها تعتذر لسعادة السفير عنه.

 

تحرير الأخبار

 

الأخبار (نواكشوط) –  أكد السفير الفرنسي في موريتانيا روبير موليي أن بلاده تدعم القوة المشتركة لدول الساحل الخمس، ووصفها بأنها "مبادرة قوية لقادة دول المنطقة، ترمي إلى تعزيز حضور جيوشهم في المناطق الحدودية، التي تستخدم أحيانا كملاذ خاص من طرف الإرهابيين".

 

وأضاف موليي في مقابلة نشرتها صحيفة الأخبار إنفو في عددها اليوم الأربعاء أن فرنسا ليست عضوا في مجموعة دول الساحل الخمس" التي تأسست بمبادرة من موريتانيا، مردفا أن بلاده "تضع تجربتها ودعمها الفني والمالي تحت تصرف مجموعة الساحل، من أجل مساعدتها في عملية البناء، لكن ذلك ليس تدخلا في الخيارات السيادية لهذه المجموعة".

 

وجاء حديث موليي ردا على سؤال من الأخبار حول "رفض الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز فكرة فرنسا إدماج السنغال وساحل العاج بمجموعة دول الساحل الخمس.. وما إذا كانت باريس قد نالت رضا الرئيس الجديد محمد ولد الغزواني؟".

 

وبدأ موليي رده بالقول: "احتراما لقراء "الأخبار"، فإنني أبدد الفكرة، التي بني عليها هذا السؤال، وأعتبرها خاطئة، ففيه اعتبار فرنسا تتدخل في الشؤون الداخلية لمجموعة دول الساحل الخمس، وتحصل أو لا تحصل على رضا هذا الرئيس أو ذلك".

 

وفي الشأن الموريتاني توقع الدبلوماسي الفرنسي أن يتعزز حضور الشركات الفرنسية في البلاد "بفضل الحصيلة الأمنية في موريتانيا، وأفق التوقعات الواعدة في المجال الماكرو - الاقتصادي للبلاد، من خلال قطاع الغاز، الذي سيساهم بالتأكيد في مضاعفة النشاط الاقتصادي، وعائدات الدولة الموريتانية".

 

ولفت السفير إلى أن التبادل التجاري بين البلدين يشهد لذلك، مذكرا بما حصل مؤخرا بين اتحاد أرباب العمل الفرنسي، ونظيره الموريتاني.

 

وأشار الدبلوماسي الفرنسي أن التبادلات التجارية بين فرنسا وموريتانيا ارتفعت خلال عام 2018 إلى 180 مليون يورو، كحجم للصادرات الفرنسية نحو موريتانيا و40 مليون يورو كحجم للصادرات الموريتانية نحو فرنسا.

 

واعتبر أن أبرز القطاعات التصديرية الموريتانية نحو فرنسا، الحديد، والمواد الغذائية، كالزيوت والدهون، والمنتجات الزراعية، والصيد، مردفا أن بلاده احتلت المركز 13 ضمن زبناء موريتانيا 2018 محققة تقدما بنسبة 11.3% مقارنة بالعام 2017.

 

كما تحدث السفير في المقابلة عن استعداد فرنسا للمشاركة في بحيوية في أي اجتماع تقرر موريتانيا عقده مع شركائها في أطار "مجموعة استشارية"، مشيدا بكون قضية الوحدة الوطنية في قلب برنامج الرئيس محمد ولد الغزواني.

 

وتناولت المقابلة مواضيع أخرى متعددة، وهذا نص المقابلة:

الأخبار إنفو: ما هي المشاريع التي دعمتم أو ستدعمونها في موريتانيا؟

السفير روبير موليي: بارتباط مع شركاء آخرين في تحالف الساحل، نفذت الوكالة الفرنسية للتنمية، بالتعاون مع السلطات الموريتانية العديد من المشاريع، فقد قدمت 230 مليون يورو، بين عامي 2012 و2018.

 

وتتعلق المشاريع قيد الإنجاز بقطاعات التعليم، والتكوين المهني والدمج، وصحة الأم والطفل، والطاقة المستديمة، والمياه والصرف الصحي، وقطاع التنمية المحلية والريفية، وقطاع العدالة، وكذلك التنوع البيولوجي.

 

ففي قطاع المياه والصرف الصحي على سبيل المثال، تعمل الوكالة الفرنسية للتنمية منذ عام 1984 في ولايات الشمال الجنوب والشرق الموريتاني، وفي نواكشوط أيضا، إضافة لتعزيز بحيرة إديني.

 

ويجري العمل منذ 2012 في 3 مشاريع، بغلاف مالي إجمالي يصل 54 مليون يورو، (منها 15.3 مليون يورو، مقدمة من الاتحاد الأوروبي)، وذلك في كل من كيدي ماغا، ولعصابه، وكوركول، والحوض الشرقي، والحوض الغربي.

 

وقد تحققت بالفعل نتائج أولية ميدانية لهذه المشاريع، ستسهم في النهاية في توفير الولوج إلى الماء الشروب، لـ283000 شخص، وتعزيز النظافة الصحية لنحو 715000 شخص، وتحسين، وتوفير الصرف الصحي لـ280000 شخص.

 

وفي قطاع الطاقة المستديمة، تتدخل كذلك الوكالة الفرنسية للتنمية منذ 1984 خاصة بمصاحبتها للشبكة الكهربائية لنواكشوط.

 

وقد قدمت 36 مليون يورو، منذ عام 2012، منها 12 مليون يورو من طرف الاتحاد الأوروبي، مكنت من تركيب محطة للطاقة الشمسية بقدرة 2.2 ميغاوات.

 

وتتيح محطة الطاقة الهجينة بكيفة، والتي دشنها الرئيس ربيع 2019، ولوج 265000 شخص للكهرباء، وتحسين الولوج إليها لصالح 58000 شخص آخرين.

 

وفي 39 بلدة، ذات كثافة سكانية تقل عن 500 قاطن، فإن 17340 شخصا، يستفيدون من ولوج جديد للكهرباء. كما أن مدرسة الحِرَفْ التابعة لصوملك، ستستفيد قريبا من مشروع دعم بغلاف مالي يصل 12 مليون يورو.

 

ولأن موريتانيا التزمت بنهج اللامركزية، فإن الوكالة الفرنسية للتنمية، تصاحب قطاع التنمية المحلية. وهكذا فقد ضخت ما بين عامي 2012 - 2018 حوالي 8 ملايين يورو، لتمويل أزيد من 1000 مشروع بلدي، بـ73 بلدية، في ولايات كوركول، وكيدي ماغا، والعصابه، لفائدة 915000 شخص، للولوج للبنى التحتية القاعدية، خصوصا المدارس، والمراكز الصحية، والماء الشروب، إضافة إلى مشاريع التنمية الاقتصادية، الهادفة إلى تحسين ظروف عيش السكان.

 

وقد ساهم هذا المشروع بقوة في ظهور الفاعلين البلديين، وخلق ديناميكية فيما بين البلديات من خلال رابطات العمد.

 

ومتابعة لدعمها التاريخي لقطاع اللامركزية والتنمية المحلية في موريتانيا، قدمت الوكالة الفرنسية للتنمية عام 2018 منحة بقيمة مالية إجمالية وصلت 12.7 مليون يورو، لمدة 5 سنوات، في نفس الولايات، بإخضاع الإشراف والوصاية لوزارة الداخلية واللامركزية الموريتانية.

 

وستستفيد قريبا من دعم مماثل ولايتي الحوضين الغربي والشرقي.

 

الأخبار إنفو: موريتانيا بصدد تنظيم طاولة مستديرة من أجل جلب التمويلات. هل يمكنها أن تأمل في الحصول على دعم فرنسي؟

السفير روبير موليي: إن الحضور الفرنسي إلى جانب موريتانيا ثابت تاريخيا، وطبقا لتلك الروح، فإن فرنسا تعتبر من ضمن الممولين والداعمين الرئيسيين للتنمية، في إطار تحالف الساحل، الذي يهم جزء منه موريتانيا.

 

وأذكر في هذا السياق أن الوزير الفرنسي للشؤون الخارجية، شارك في 6 دجمبر 2018 في مؤتمر تمويل برنامج الاستثمارات ذات الأولوية لدى دول الساحل الخمس.

 

وفي 17 سبتمبر 2019 وصل إلى نواكشوط المبعوث الخاص الفرنسي إلى الساحل السفير كريستوف بيغو، لتأكيد التزامات الوزير إلى جانب باقي الشركاء في تحالف الساحل، كالبنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، ودول أوروبية أخرى، والعديد من المؤسسات الأممية.

 

وبالإضافة إلى التمويلات الفرنسية المحضة، تسعى فرنسا جاهدة لتعبئة الممولين الآخرين في إطار تحالف الساحل بصفة عامة، وعلى المستوى الموريتاني بشكل خاص. ومن جانب آخر، إذا قررت السلطات الموريتانية جمع شركائها سنة 2020، في إطار "مجموعة استشارية"، فإن فرنسا بكل تأكيد ستشارك بحيوية.

 

الأخبار إنفو: تعترف باريس بالتقدم الذي أحرزته نواكشوط على الصعيد الأمني.. فلماذا المواصلة في تصنيف بعض أجزاء موريتانيا ضمن المنطقة الحمراء؟

السفير روبير موليي: للإجابة بوضوح على سؤالكم، فإن الإصرار على إبقاء منطقة حمراء بموريتانيا، مرتبط مباشرة بالنشاطات العدائية للجماعات المسلحة الإرهابية، على مقربة من الأراضي الموريتانية.

 

فهذه الجماعات تكرر بانتظام تهديداتها ضد المصالح الغربية، وخصوصا الفرنسية، في كامل منطقة الساحل.

 

إن هذا التصنيف الذي تقوم به وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، هو موجه أساسا إلى المسافرين الفرنسيين، الذين تلتزم حكومتنا بتزويدهم بالنصائح الدقيقة، والوثائق، والأهداف، بشأن المخاطر المحتملة في كل أنحاء العالم.

 

إن الهجمات الإرهابية، التي عرفتها موريتانيا بين 2005 و2011، تأثر منها في مناسبات عدة مواطنونا، وكان من المنطقي في هذا السياق، أن تأخذ نصائحنا للمسافرين، في الاعتبار حقيقة التهديد، ولعل ما مكننا من التخفيف المتزايد للتصنيف، الاستعداد التام للسلطات الموريتانية لتتقاسم معنا تقويمها الذاتي للمخاطر، والإجراءات المتخذة، لمواجهتها، في مناخ من الثقة، كان مقدرا جدا.

 

وهكذا، ففي مارس 2017، ومن أجل الأخذ في الاعتبار الجهود المقدرة لموريتانيا للسيطرة على الوضعية، ونظرا للنتائج التي تم إحرازها، حصل أول تخفيف فيما يخص التصنيف.

 

وقد ترجم ذلك سريعا في العودة النشطة للسياح الفرنسيين إلى موريتانيا، خصوصا إلى ولاية آدرار الجميلة.

 

وقد أجرينا تحديثا للتقويم في الشتاء الماضي، وفي مارس 2019، كان هناك تخفيفا جديدا ذي دلالة، تم طبقا لتشاور معمق مع السلطات الموريتانية، أشيد هنا بروح المسؤولية التي طبعته.

 

ولدينا كل المبررات للاعتقاد بأن الموسم السياحي الجديد - الذي افتتح في 19 أكتوبر من طرف السلطات الموريتانية، والذي استدعيت له – جدير بتأكيد عودة السياح الفرنسيين إلى موريتانيا، وهو أمر يستحق تقديري وتهانئي الحارة.

 

الأخبار إنفو: الناس في الساحل معادون للقوات الدولية، ومن ضمنها "بارخان"، حيث يتهمونها بالسلبية واللامبالاة. لقد مزقت ليبيا بعد التدخل الفرنسي، فهل يعد ذلك فشلا لهذا التدخل؟

السفير روبير موليي: إن الصعوبات والهشاشة في مالي، والناجمة عن الأزمة 2011 - 2012، لا يؤرخ لها بالأزمة الليبية. فالأزمة الليبية لم تكن لها نفس التأثيرات في مختلف دول المنطقة.

 

وأرى - إن كان ذلك مهما - أن نفس المظهر بدول الساحل، مرتبط بالمصاعب الداخلية بها. يقال ذلك لمن يتحدثون عن الفشل الفرنسي، أو أي فشل في العالم، والذين لا يترددون في تشويه حقيقة الأحداث، أو زرع نظريات المؤامرة.

 

إنهم يجدون من السهل تجاه من عهد له بعض التفويض، رفع لافتات لإثارة ضجة ضد دولتنا، لأنه من السهل دائما الانتقاد، أكثر من اقتراح أعمال بناءة تستجيب للأزمات المتعددة، التي تجتاز الساحل. من جهتي أفضل قراءة أكثر إنصافا وموضوعية، وأقل اختزالا للأحداث.

 

إن سؤالكم يدفعني أولا للتذكير ببعض الأساسيات بشأن الوضعية الإقليمية والقوات الدولية الموجودة هناك. فالمينيسما لها حضور فقط في مالي، وهدفها مسايرة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة الذي تشرف عليه الجزائر، ودعم عودة الدولة المالية في إطار الاتفاق، وتأمين المواطنين المدنيين.

 

وبخصوص عملية "سيرفال" أذكر بأن التدخل الفرنسي في مال جاء بطلب من سلطات البلد، وبإذن من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبموافقة من الاتحاد الإفريقي. وبخصوص عملية "برخان" التي تلت ذلك، فقد جاءت وفقا لتعاون مع دول المنطقة، وبشراكة مع الاتحاد الأوروبي وعدد من دوله الأعضاء، ودول أخرى حليفة.

 

لقد عملت فرنسا على تطوير حضورها، لمواجهة إعادة تنظيم المجموعات الإرهابية على مستوى الساحل، وذلك من خلال أهداف مزدوجة.

أولا: محاربة المجموعات المسلحة الإرهابية، الساعية إلى إعاقة اتفاق السلم، بل وأشمل من ذلك، إلى تقويض حضور الدول في المنطقة، بهدف فرض نموذجها المجتمعي العنيف والظلامي على السكان المدنيين. وترافق "برخان" كذلك جيوش دول المنطقة، والتي تعبر عن الحاجة إلى ذلك.

 

يعتبر هذا الطابع الأخير للحضور الفرنسي غير معروف، ولكنه يشكل العمود الفقري، لالتزام جيوشنا في الساحل، إنهم يكونون إخوتهم في السلاح بالساحل، ويرافقونهم في معركتهم.

 

ولهذا السبب نحن ندعم القوة المشتركة لدول الساحل الخمس، فهي مبادرة قوية لقادة دول المنطقة، ترمي إلى تعزيز حضور جيوشهم في المناطق الحدودية، التي تستخدم أحيانا كملاذ خاص من طرف الإرهابيين. إن كل ما ألاحظه، هو الطلب الملح للسكان المدنيين، من أجل العيش في سلام وأمن. فهل من مطلب أكثر شرعية وطبيعية من هذا؟

 

الأخبار إنفو: بعد سنوات من التدخل في مالي.. هل قضت فرنسا على الجهاديين؟

السفير روبير موليي: لقد منع التدخل الفرنسي الحاسم، المجموعات المسلحة الإرهابية لحد الآن من الوصول إلى هدفها المتمثل في زعزعة الاستقرار في عموم غرب إفريقيا.

 

ولكن يبقى هناك أن هذه المجموعات تستفز بشكل يومي الاستقرار، وتفاقم - بلا شفقة - المخاطر بشأن مصير السكان المسالمين.

 

وتبقى عودة الدولة في مختلف أبعادها العسكرية والمدنية، هي وحده الضامن لدحر هذه المجموعات.

 

الأخبار إنفو: أين نحن اليوم من الانتشار الفعلي للقوة المشتركة لدول الساحل الخمس؟ هل لا تزال موريتانيا ترفض التدخل في شمال مالي؟

السفير روبير موليي: لما قررت دول الساحل الخمس تجميع جهودها، رسمت دول المنطقة أهدافا طموحة للاستجابة لأكبر التحديات وهي المخاطر التي تتربص بالحدود وتؤرق السكان المحليين.

 

وتواصل القوة المشتركة حاليا صعودها، وتعدد عملياتها على مستوى المفاصل الثلاثة، محرزة نتائج واعدة. وكمختلف الشركاء، الذين أظهروا التضامن مع القوة المشتركة، فإن فرنسا رافقت هذه الدينامية، وبذلت جهودا كبيرة في سبيل ذلك.

 

لقد نجحت موريتانيا في مواجهة الجماعات المسلحة، التي نفذت هجمات على أرضها خلال عامي 2005 و2011 من خلال إجراءات شجاعة، أمنية، وسياسية، وإدارية، وفرضت بذلك السيطرة على الوضعية، ولهذا، فإنها أصبحت مثالا في المنطقة، وكل من يبحث عن الأمن بالمنطقة، يعول على قيادتها، خصوصا في إطار رئاستها المستقبلية لدول الساحل الخمس، لتوجيه مسار الأحداث نحو ما يتطلع إليه السكان.

 

الأخبار إنفو: متى سيحل مشكل التمويل الدائم لدول الساحل الخمس؟

السفير روبير موليي: إن الجماعات الإرهابية في الساحل تهاجم دولا بعضها هش للغاية، يفتقر غالبا إلى أبسط الوسائل. وهكذا، فإن دول الساحل تتركز جهودها على محورين: محور عسكري، يتمثل في القوة المشتركة، ومحور تنموي، لأن الدول الخمس فهمت ضرورة تحسين ظروف معيشة السكان، بشكل ملموس وعاجل.

 

إن هذين المحورين مكلفان جدا، ويفرضان تضامنا هاما، من طرف المجتمع الدولي. وقد لبت فرنسا النداء، إلى جانب العديد من الشركاء، خصوصا على مستوى تحالف الساحل، فقدمت مساهمتها الذاتية على شكل تمويل لمشاريع تنموية، ووسائل وتجهيزات، وتكوين كذلك.

 

وهكذا فقد شارك وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، دجمبر 2018 بنواكشوط، في أعمال مؤتمر تمويل برامج الاستثمارات ذات الأولوية لدى دول الساحل الخمس، وعلاوة على 280 مليون يورو المقدمة من الوكالة الفرنسية للتنمية، لتمويل مشاريع قيد التنفيذ، أعلن عن 220 مليون يورو، خاصة بمشاريع جديدة، وفي أقل من عام بعد ذلك سرعنا الوتيرة وتجاوزنا هذا الالتزام.

 

وقدمنا منحة بغلاف مالي يصل 80 مليون يورو، لتمويل مشاريع تهم قطاعات المياه، والتكوين المهني، والاستصلاح المائي - الزراعي، والرعي، والتنمية المحلية. وقد لاحظت مؤخرا في زيارة للحوض الشرقي النتائج الأولية لهذه المشاريع على أرض الواقع.

 

وينتظر تقديم منحة إضافية بقيمة 86 مليون يورو نهاية دجنبر 2019، فضلا عن 61 مليون يورو، كالتزام خلال العام 2020.

 

وتقدم فرنسا كذلك على غرار باقي شركاء دول الساحل الخمس، دعمها على شكل تعاون فني وعملياتي في المجال العسكري والأمني، كما تدعم كذلك من خلال تحريض - بلا كلل - شركائها من أجل الوفاء بالالتزامات التي تعهدوا بها.

 

الأخبار إنفو: رفض الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز فكرة فرنسا إدماج السنغال وساحل العاج بمجموعة دول الساحل الخمس.. هل نالت باريس رضا الرئيس الجديد محمد ولد الغزواني؟

السفير روبير موليي: احتراما لقراء "الأخبار"، فإنني أبدد الفكرة، التي بني عليها هذا السؤال، وأعتبرها خاطئة، ففيه اعتبار فرنسا تتدخل في الشؤون الداخلية لمجموعة دول الساحل الخمس، وتحصل أو لا تحصل على رضا هذا الرئيس أو ذلك.

 

إن فرنسا ليست عضوا في مجموعة دول الساحل الخمس، التي تأسست بمبادرة من دولتكم، وبلادي تضع تجربتها ودعمها الفني والمالي تحت تصرف مجموعة الساحل، من أجل مساعدتها في عملية البناء، لكن ذلك ليس تدخلا في الخيارات السيادية لهذه المجموعة.

 

الأخبار إنفو: تهتم فرنسا بقضايا حقوق الإنسان في موريتانيا.. ما هو تعليقكم على مذكرة التوقيف ضد رجل الأعمال الموريتاني الفرنسي محمد ولد بوعماتو؟

السفير روبير موليي: بالفعل يشكل تعزيز حقوق الإنسان أحد مميزات السياسة الخارجية الفرنسية، ذلك أن حقوق الإنسان في قلب قيمها، ولقناعتها بأنها تشكل مكونا ضروريا للسلام والازدهار العالمي.

 

إننا نتصرف بطريقة عامة، بخصوص تأييدنا، وبشأن مختلف الأحداث التي نساند، كمسابقة التحكيم الدولية، التي تنظم سنويا في نواكشوط، نقوم بذلك أيضا بشكل ملموس مع مشاريع مختلفة، كمشروع "عدالة" لدى الوكالة الفرنسية للتنمية، أو مشاريع لدعم المجتمع المدني.

 

وعلاوة على العمل العام، فإننا نبعث برسائل، عندما نقدر أن القيم في خطر، لكننا نبعث بها، دون أن نعطي دروسا، وفي سرية، ما أمكن ذلك، لأن عرضها علنا يضر بالسكينة الاجتماعية، وقد يؤدي إلى أحداث عكسية. كما أننا نقوم بذلك في إطار من احترام سيادة الدول، واحترام استقلال العدالة، وطبقا لهذه الثنائية، سأحتفظ بالتعليق على أية قضية عدلية.

 

الأخبار إنفو: ما موقع فرنسا من الوحدة الوطنية في موريتانيا؟

السفير روبير موليي: الوحدة الوطنية، ولكن أيضا اللحمة الاجتماعية، في موريتانيا، كما في خارجها، يسهمان في الاستقرار، ويشكلان قوة ضبط يرتكز عليها الحكم.

 

وللإجابة على سؤالكم، فإنه لا يمكنني إلا أن أشيد بكون هذه القضية في قلب برنامج الرئيس محمد ولد الغزواني وحكومته. إن كل المترشحين خلال الحملة الانتخابية الأخيرة كانوا ضد عدم تكافؤ الفرص، وعبروا في برامجهم الانتخابية عن الإرادة تجاه تقليص ذلك.

 

إن برنامج السياسة العامة للحكومة، والأعمال الأولى للحكومة، مشجعة وتجعلنا متفائلين تجاه: برنامج اجتماعي جديد لصالح المحرومين، وزيادة ميزانية التعليم الوطني، وخطابات الرئيس تعلن إعادة تأسيس المدرسة الجمهورية، والإجراءات المتخذة بشأن القطاع الصحي.

 

لقد أوضح الرئيس الغزواني مدى وعيه بهذه الرهانات. إنه يستند إلى الاستماع والتشاور، ومسؤولية الإدارات من أجل ضمان تحسين خدمة المواطنين، ومنهجه يفتح آفاقا واعدة لصالح الدولة.

 

الأخبار إنفو: ما هي المقارنة التي يمكنكم إجراؤها بين محمد ولد عبد العزيز ومحمد ولد الغزواني؟

السفير روبير موليي: بصفتي سفيرا لفرنسا، فإن مهمتي هي العمل مع السلطات الموريتانية، وأن أتحاور معها بنجاح، وأتطلع لأن أؤدي مهمتي في ظروف مميزة.

 

أنا محظوظ بأن توليت مهامي بموريتانيا في فترة مفصلية تاريخية، فقد كانت أول مرة يحصل فيها تناوب تكاملي للسلطة، في إطار يحترم الدستور.

 

وأقدر أنه ليس من مهامي إجراء مقارنة بين رئيسي دولة.

 

الأخبار إنفو: ما رأيكم في تراجع اللغة الفرنسية بموريتانيا؟

السفير روبير موليي: ها هو ذا سؤال يطرح على باللغة الفرنسية، وأجيب عليه مسرورا بالفرنسية كذلك. تشكل اللغة العربية واللغات الوطنية تراثا لغويا لها قيمة كبيرة في موريتانيا، ولها شرعية الاعتزاز بذلك.

 

إن استخدام اللغة الفرنسية، وإن لم ينص عليه دستوريا، إلا أنه واقع مرتبط بتاريخ موريتانيا. أفهم أن البعض لأسباب تتعلق بالهوية، أو لأسباب سياسية، لا يقدر هذا الواقع، لكن هذه الحقيقة في حد ذاتها مكسب.

 

وهذا المعطى، هو بدلا من مواصلة معركة في نظري متجاوزة، لماذا لا يعتبر تعددا لغويا، وثراء حقيقيا، وانفتاحا على العالم.

 

وبالخصوص فإن الشباب جزء معتبر منه يدرس في بلدان فرانكفونية، وكثيرا ما أستقبل طلبات بمرافقة الإدارات والهيئات الخاصة، وحتى الخصوصيين من أجل تطوير التعليم بالفرنسية.

 

وأعتقد أن الفرنسية، كما العربية وكل اللغات الدولية، هي عامل تشغيل في كل العالم. وبوجود 5 تحالفات فرنسية، خاضعة كلها للنظام القانوني الموريتاني، تمتلك موريتانيا واحدة من أهم الشبكات وأنشطها في دول المنطقة، في بلد تعداده السكاني يناهز 4 ملايين نسمة.

 

إن تعاوننا مع الجامعة يتيح لطلاب الأقسام التحضيرية الرفع من قيمة التعليم بالفرنسية إلى جانب اللغة العربية، كما يتيح للطلاب الموريتانيين بالأقسام التحضيرية الاندماج في النظم الفرنسية بكبريات المدارس وهذا نجاح في حد ذاته.

 

وأذكر أنه مع نجاح 8 طلاب موريتانيين بالمدارس متعددة التقنيات بفرنسا، صنفت موريتانيا الأولى عالميا بهذه الدورة في ربيع 2019 بقسم الجامعة الدولية الفرانكفونية.

 

هناك الكثير من الفوائد في نظري حين تلعب ورقة التعدد اللغوي، بتطوير الفرنسية إلى جانب العربية، دون جعلهما في منافسة.

 

وفي هذا المجال فإن من الأفضل للمرء امتهان البراغماتية، بدل البقاء حبيس معارك خلف الكواليس، أو قراءات إديولوجية.

 

أنا بالنسبة لي السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن يطرح: ما الذي تحتاجه موريتانيا؟ وما الذي تحتاجه الشابات الموريتانيات والشبان الموريتانيين من أجل مستقبلهم؟

 

الأخبار إنفو: ما الذي أعجبكم أكثر أو لم يعجبكم في موريتانيا؟

السفير روبير موليي: أقدر بشكل خاص الحنكة والعمق لدى شركائي الموريتانيين، وأيضا حسن الوفادة الحارة دائما. فبعد سنة أولى خصصت بالأساس لمعرفة الملفات، بدأت مؤخرا أعدد أسفاري، سواء بشكل خاص أو رسمي، أتواصل خلالها مع السكان، وأطلع على المشاريع التي ندعم، كما حصل مؤخرا بالحوض الشرقي. وفي كل مرة أعود واثقا من قدرة موريتانيا على أن تكون جزءا من مسار إيجابي.