على مدار الساعة

موريتانيا دولة صناعية !!!

4 أبريل, 2017 - 01:19
الباحث والمهندس: الطيب ولد عبد

تسعى جميع دول العالم إلى أن تكون صناعية باستثناء موريتا نيا، ويظهر ذلك جليا من خلال عدم وجود أي سياسة واضحة وصريحة من أجل نقل التكنولوجيا الصناعية إليها، والسبب غريب ومثير للسخرية عند الدول الأخرى، أما عندنا نحن فهو واقع يحز في نفوسنا ونسكت عليه أو نهمس به همسا خفيف خوفا من جفاء صديق أو عداء مجتمع ...

 

إن اعتبار الصناعة لعنة تجلب لصاحبها العار والذم والنظرة الدونية والازدرائية في مجتمعنا لهو العامل الأول في عدم توجه غير الصنّاع إليها وعزوف أصحاب الصناعة التقليديين وأبناءهم عنها، ومن هذا المنطلق تعتبر دعوة موريتانيا لتكون صناعية مكتوب عليها الفشل ما لم تعتمد سياسات تصحيحية للعقليات الراسخة والمتجذرة في شعبنا .

 

إن مسؤولية التعليم في هذا المجال تعتبر جوهرية لما لديه من الإمكانيات الفنية والأدوات لإرساء العقليات الصحيحة والسليمة، ولكن مع الأسف وضعية تعليمنا اليوم الذي تنقصه الجدية والنزاهة والمهنية ليست في مستوى تمكنه من القيام بهذه المهمة النبيلة والمصيرية، إذ إنه ليس من المعقول في قرن اختراق الفضاء وتطور الصناعات أن تظل موريتانيا الدولة الوحيدة التي لا تمتلك مصانع ولا تجيد صناعة، حجتها في ذلك مجتمع مصر على العزوف عن الصناعة.

 

إن من يشاهد وزير التنمية التركي وهو يلمع حذاء مواطن يعمل ماسحا للأحذية، سيتبادر إلى ذهنه لماذا تركيا تفوقت على عالمنا العربي وصارت تماثل وتحاكي كبريات الدول الصناعية.

 

أما نحن فما فتئنا نزدري الصانع حتى تخلى عن صناعته وصناعة أجداده هربا من عارها وقلة مرد وديتها حيث تكتظ أسواقنا اليوم بصناعات أجنبية تنافسه وتقلل من عوائده، حيث أصبح لا يكسب منها سوى أنه "امعلم" وحتى هذا المعنى مشحون هو الآخر من السلبيات والترهات.

 

إن ما ينبغي فعله اليوم على أصحاب السياسة والجاه ومن خولت لهم ألقابهم وأنسابهم وأموالهم الجلوس على منابر الخطابة وأمام الكاميرات وعلى منصات المهرجانات وفي قاعات الندوات والمحاضرات أن يفهموا جمهورهم وحضورهم بحتمية تخلينا عن الاستهزاء بالمهن وأصحابها، وخصوصا ما كان منها صناعيا وحرفيا. وينبغي أيضا أن يطرحوا وجوب وضع برامج قوية في جميع مراحل الدراسة من الابتدائية وحتى الجامعية، تمجد الصناعة وأصحابها وتوضح من خلال ذلك أنها متاحة للجميع وليست حكرا على مجموعة أو فئة معينة، وأنه ليس فيها ما يدعوا للخجل والازدراء. وكذلك مناشدة الدولة من أجل مساعدة أصحاب المهن في تدوينها وحفظها من الاندثار ومحاولة تطويرها وإحياءها، وجلب ما أمكن من أجل أن يتم نقلها في صورة حداثية، لتواكب عالمنا اليوم مستعينة بالتكوين وإعادة التكوين لإنجاز هذه المهمة.

 

وبذلك قد تصبح موريتا نيا دولة صناعية.