على مدار الساعة

من يزرع الكراهية لا يحصد إلا مثلها

19 مايو, 2017 - 10:42
محمود محمد لمليح  كاتب وباحث في سلك الماستر

تتنوع الصناعات في هذا العالم الرحب، فهناك صناعة التكنولوجيا التي غيرت مجرى العالم، كما أن الحب صناعة والفن صناعة فإن الكراهية صناعة كذلك.
ولكن في وطني مازالت الصناعة متوقفة عند نشر الكراهية والبغضاء بين شرائح مجتمعنا، حيث تخصصت ثلة من الناس في صناعة هذه السلعة الرائجة.

تعرف موسوعة (ويكيبيديا) الكراهية بأنها: (مشاعر انسحابية يصاحبها اشمئزاز شديد، نفور وعداوة أو عدم تعاطف مع شخص ما أو شيء أو حتى ظاهرة معينة، تعود عموما إلى رغبة في عزل أو تدمير الشيء المكروه، ويكمن للكره أن ينبني على الخوف من غرض معين أو ماض سلبي أو شخص معين نتج عن التعامل مع ذلك الفرد أو الشخص، ويمكن للناس أن يشعروا بالنزاع والمشاعر أو الأفكار المعقدة التي تستلزم الكره).
وذكر الفيلسوف (ديكارت) أن الكراهية هي إدراك أن هناك شيئا سيئا في مجتمع مع الرغبة في الانسحاب بعيدا عنه، أما (أرسطو) فقال: إن الكراهية هي الرغبة في إبادة الكائن المكروه.

الوحدة الوطنية ونبذ الكراهية، شعارات رنانة بتنا نستمع إليها في بداية ونهاية كل خطاب وكأننا أصبحنا نعيش في المدينة الفاضلة، التي يعيش بها المجتمع بحب ووئام تحت سقف متين من مبادئ العيش المشترك.

لكن لو خرجنا من هذه الصورة المثالية ونظرنا لواقعنا نراه يناقض ذلك تماماً، فلو نظرنا إلى شبكات التواصل الاجتماعي لوجدنا أن ثمة موجة كراهية أغرقت مجتمعنا، حيث أصبح فضاء التواصل الاجتماعي وخاصة (Facebook) فضاء لنشر الكراهية والبغضاء بين شرائح المجتمع .

ونجد أيضاً أن الغالب الأعم من مجتمعنا عند الوقوف على الاختلاف تصل سيول الشتائم إلى الطعن في الأصل، هذا لم يكن ليحصل لولا الإرث الذي أخذناه من البيئة التي تربينا فيها.

وعندما نرى بعض سياسيينا والذين من المفترض فيهم أن يكونوا من نخبة المجتمع وقدوته، يتخذون مواقفهم وفق مصالحهم الضيقة حتي لو كانت على مصلحة البلد، فعلى سبيل المثال نراهم يصعدون من وتيرة الخطابات العنصرية والطعن في ما بينهم عند أي موقف يختلفون فيه ونراهم يتصارعون ويتناحرون بسبب مواضيع بسيطة.

إن ما يحدث اليوم في وطننا العزيز يستحق أن نضع عليه المجاهر الفاحصة، وأن نسبر الأغوار بعمق لمعرفة ما يحدث من عنف ونشر للكراهية بين أبناء وطننا.

أين الذين يحرضون على الكراهية بين شرائح مجتمعنا من قول الله عز وجل :(يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون)، وقوله :(ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين).

وتجدر الإشارة إلى أن محطة إذاعية واحدة كانت كافية لإشعال حرب أهلية لم تحمد عقباها في روندا عام 1994 حيث راح ضحيتها مليون شخص خلال ثلاثة أشهر، مسجلة بذلك أعلى معدل قتل شهده التاريخ البشري في فترة زمنية محدودة..

إن ديننا الإسلامي الحنيف يحرم الكراهية والبغضاء، ويدعو إلى التسامح والتعايش السلمى، فتجب محاسبة كل من يحرض على الكراهية والتفرقة بين مكونات مجتمعنا.

من يزرع الكراهية لا يحصد إلا مثلها، ومن يحارب أهل بيته فلن يرث إلا الرياح العاتية المدمرة، ولأن الإنسان يحمى ويتسيد بالقانون فلابد من قانون صارم يجرم الكراهية، ويتصدى لشرورها حتى نحافظ على سلمنا وتماسكنا الاجتماعي، للحد من هذا التيار الجارف القابل للتوظيف السياسي والقادر على هدم ما بني بقرون بأيام قليلة.