على مدار الساعة

معذرة أيها السادة الوزراء... ضاعت الحقوق من كثرة الأخطاء

22 مايو, 2017 - 15:58
محمد فال / يحي

منذ أشهر تم تطبيق قانون المؤاءمة الجديد والذي يفترض فيه أن يصلح حال الموظفين في أسلاك الوظيفة العمومية، وهو أمر في غاية الأهمية، بل إنه ضروري جدا، فمنذ عقود وميزانية الدولة منهكة بسبب الرواتب التي تسدد لعمال وهميين وآخرين يتلقون أكثر من  راتب في عدة قطاعات وغيرها من المشاكل التي جعلت ميزانية الدولة في عجز مستمر بسبب هذا الفساد المستشري في قطاع الوظيفة العمومية وهو أمر يجب أن تسعي الإرادة السياسية في البلاد إلى حله  في أسرع وقت ممكن.

 

القانون الجديد والذي رأى النور 27/04/2016 هو مرسوم بحمل الرقم: 082/2016 قدمته وزارة الوظيفة العمومية على أنه حل سحري لمشاكل الرواتب والأجور لموظفي ووكلاء الدولة، وأصبح ساري المفعول بداية الشهر التاسع من نفس السنة.

 

لكن الإصلاح يفترض فيه أن يكون شموليا وأن يأتي من قاعدة الهرم ليكون ناجعا وليس العكس، فإصلاح المنظومة القانونية يفترض أن يراجع ما كان من الحقوق مثبت بقوانين وما هو مكتسب لبعض الأسلاك  لكي  يشمله القانون الجديد، على أن الحقوق التي يجب أن يشملها النص القانوني يجب أن تكون محل تدقيق حتي تكون العملية تكاملية من جهة، واستمرار في المضمون الإداري من جهة أخرى ليكون الحل ناجعا.

 

فلا يمكن قبول أن يكون القانون الجديد محل تناقض مع قوانين مسيرة لقطاعات اكتسبت بموجبها أجورا وتعويضات مستحقة من العمال الأسلاك في ذلك القطاع، فهذه المستحقات يترتب عليها حقوق لأولئك العمال والموظفين وتعريضها للضياع بموجب القانون الجديد يترتب عليه ضياع حقوق مكتسبة أو حتى يكفلها القانون وهو ظلم ما بعده ظلم. لا سيما في الأسلاك ذات العلامات القياسية الصغيرة نسبيا (المعلمون الأساتذة وغيرهم).

 

لا جدال ولا مراء في أن المقصد من تطبيق هذا القانون هو الإصلاح ولكن الإصلاح إذا شابته أغلاط بهذا الحجم وترتب عليه ظلم فادح إلى هذه الدرجة يجب أن يكون محل مراجعة شاملة من مختلف القطاعات التي تسير الأسلاك، والتي ينطبق عليها هذا القانون، مراجعة تشمل جميع الحقوق التي يكفلها القانون بموجب مراسيم سبقت هذا المرسوم ولم يتعرض لإلغائها في نصه.

 

أوقف القانون الجديد تقدمات في أسلاك الوظيفة العمومية على الأقل دائما في الأسلاك ذات العلامات القياسية الصغيرة نسبيا وهو أمر يعرض الكثير من الحقوق للضياع.

 

كما عطل اللجان المختلطة التي كانت تنظر في ضياع حقوق العمال الذين قصرت الإدارات المركزية في حقهم بفعل نقص مواردها أو عدم اتخاذ قرارات الترسيم في الوقت المناسب  وهو ما يعرض حقوق العمال في تلك الأسلاك إلى الضياع فكم من أساتذة ضاعت عليه أربع  أو ست سنوات، لأن الإدارة المركزية لم تبعث مفتشا إلى داخل البلاد حيث يزاول هو عمله، وكم من معلم ضاعت عليه سنوات، وكم من رقيب في الشرطة ضاعت عليه سنوات لأن بعض مرؤوسيه لا يرغبون في تمرير ملفه وكم من... كل هذه الحقوق أصبحت اليوم في مهب الريح أكثر من أي وقت مضي فقد كانت تلك اللجان على الأقل تنتشل بعض تلك الحقوق من الضياع.

 

على سبيل المثال لا الحصر، علاوات مقتطعة وأخرى لم تسدد.. هذه هي حال أساتذة التعليم الفني منذ أشهر وهو أمر يجعل الأساتذة في إعاقة مادية لا بد أن تؤثر سلبا على أدائهم الوظيفي في تقديم الدروس والأعمال الوظيفية الأخرى.

 

بحساب بسيط نجد أن علاوة مثل علاوة الطبشور والتأطير ستكلف الدولة أقل من 120 مليون سنويا لجميع أساتذة قطاع التكوين المهني مثلا، وهو رقم صغير جدا بالمقارنة مع الميزانية المرصودة للقطاع 4 مليار أوقية، في حين تبلغ علاوة التجهيز وعلاوة البعد، أقل من 60 مليون سنويا لجميع الأساتذة الممارسين في القطاع على كامل التراب الوطني، وهى لم تسدد إلى حد هذا اليوم متأخرة أكثر من 7 أشهر، هذه الأرقام الصغيرة جدا نسبيا هي مشاكل كبيرة اليوم لأساتذة التعليم الفني، لأنها حقوق ضاعت بجرة قلم، وتفاقم الوضع إلى أن أصبح لا يحتمل.

 

في بداية تطبيق قانون المؤاءمة الجديد اقتطعت نسب معتبرة من الرواتب الأساسية ومن العلاوات التي تصاحب الراتب، وبعد نقاشات ومداولات اتضح أن الأمر خطأ فادح تم تصحيح الخطأ دون أن تكلف الجهات المخطئة نفسها عناء الاعتذار إلى آلاف الموظفين البسطاء، وتمت لملمة الموضوع بعيدا عن أعين المدققين في تلك الأخطاء، واليوم بعد  أشهر من التطبيق ها هي الجهات المسؤولة نفسها تعيد الخطأ نفسه هذه المرة على أرضية العلاوات الثلاثية (كل ثلاثة أشهر).

 

إن موقف الحال الآن  يتطلب من وزارة الوظيفة العمومية ووزارة المالية والقطاعات التي تدير المصادر البشرية إعادة مراجعة شاملة للقوانين والمساطر المطبقة على أسلاك الوظيفة العمومية بما يضمن عدم ضياع الحقوق والمكتسبات التي يتفيأ العمال من أهل العلامات القياسية الصغيرة نسبيا ظلالها غير الوارفة أحيانا.