على مدار الساعة

مساهمة في إنارة الرأي العام حول بعثة السلام الأخضر (غرينبيس) الأخيرة لبلادنا

31 مايو, 2017 - 03:11
المهندس: الهيبة ولد سيد الخير

تعتبر منظمة السلام الاخضر (Greenpeace) من أكثر المنظمات البيئية الدولية مصداقية، وتأثيرا على صناع القرار، وهي تحمل الهم البيئي العالمي، كما أنها تساعد الحكومات الفقيرة على الاستغلال المستدام لمواردها الطبيعية، وقد قامت المنظمة بتنظيم بعثة لتوثيق أنشطة مصائد الأسماك على متن سفينة Esperanza، والتي طافت مياه ست دول غرب إفريقية من ضمنها موريتانيا لمدة شهرين، وقد سعت المنظمة لتسليط الضوء على نهب الموارد البحرية لتلك الدول، وذلك بتوثيق تلك الممارسات وحشد الرأي العام الوطني من أجل صيانة موارد تلك البلدان الفقيرة.

 

قررت المنظمة إجراء بعثات تفتيش بشكل مشترك مع طواقم خفر السواحل لتوثيق المخالفات وكنوع من التدريب، وقد شمل التفتيش 37 سفينة وٌجد أن 13 منها تحوي انتهاكات جسيمة، وقد لفت انتباهي عدم إجراء المنظمة لعمليات تفتيش في بلادنا بشكل مشترك مع خفر السواحل علما أنه الجهة المخولة بالمراقبة والتفتيش، خصوصا أن المنظمة لا تملك ذلك الحق وبالتالي فلا تستطيع صعود السفن بدون إذن مالكيها، وعند استفساري للمنظمة كان جوابها بأنها تعتبر أن موريتانيا قطعت أشواطا كبيرة في مجال المراقبة خصوصا بريادتها لإنشاء منظمة الشفافية في قطاع الصيد وبالتالي ركزت جهودها علي الدول الرخوة، لكن البعثة بالرغم من أنها لم تقم بالتفتيش فقد سجلت ملاحظات وانتهاكات وخروقات خطيرة، بمجرد إبحار سفينتها ومراقبتها لأنشطة الصيد، ومن ضمن تلك الملاحظات:

 

- امتناع نصف سفن الصيد في مياهنا من تفعيل نظام التعريف الأوتوماتيكي SIA وإن فعّلته فبشكل متقطع وهذا يعني أن تلك السفن تخفي مواقعها؛

- لجوء سفن الصيد الصناعي إلى نطاق الصيد المخصص للصيد التقليدي ومزاحمتهم للصيادين التقليدين في منافسة غير شريفة؛

- العبث والاستهتار بالموارد الوطنية وصل لحد رمي السفن الأجنبية للأسماك في البحر نافقة، وقد وثقت المنظمة رمي أسماك الكوربين courbines الثمينة ليتلقفها الصيادون التقليديون، في حين تصل أسعار الأسماك الرديئة لمستويات غير مسبوقة، ويتساءل المكلف بمهمة في المنظمة السيد Bolei Liu بحرقة ومرارة كيف يمكن رمي أسماك ثمينة الواحدة منها تستطيع إطعام أسرة كبيرة لأيام عديدة.. ويستطرد قائلا لقد أثر فيّ مشهد قفز أصحاب الزوارق لتلقف تلك الاسماك!؛

- تُذكر المنظمة بأن منظمة الأغذية والزراعة FAO كانت قد أصدرت تقريرا منذ 6 سنوات يؤكد بأن أنشطة الصيد السطحي وصيد القاع في غرب إفريقيا تجاوزت الحدود المقبولة ومعدلاتها هي الأعلى عالميا، وهذا طبعا لا يروق للجهات التي تصدر التراخيص وتدبر المصائد.

- طالبت المنظمة باتباع سياسة إقليمية موحدة لتسيير الموارد البحرية بشكل مستدام ومنسجم بما يضمن استفادة المجتمعات المحلية بشكل عادل ومنصف.

 

في الوقت الذي تعترف فيه دول غرب إفريقيا بحجم التحديات في قطاع الصيد، وتغتنم الفرص لتدريب طواقمها وإظهار شفافية قطاعاتها، وتتشارك رقابة شواطئها مع المنظمات البيئية الدولية، يقفز صناع القرار عندنا على الواقع وينشؤون المبادرات الدولية ويصرفون عليها مئات ملايين الأوقية ويطيرون إلى أرخبيل إندونيسيا لإلقاء المحضرات في تسيير الموارد البحرية، وطبعا يساندهم طاقم من المجتمع المدني والذي سيكون حجر الزاوية في المبادرة!.
 

لقد نجحت مبادرة الشفافية في قطاع الصيد في استثنائنا من جهود المراقبة باعتبار أننا بدأنا نقنع العالم بشفافية قطاع الصيد فنحن أصحاب مبادرة دولية!، لكن أول جولة في مياهنا اثبتت أن قطاع الصيد عندنا أوهن من بيت العنكبوت.

 

سبل تطوير الشفافية

لقد صرفت بلادنا مئات ملايين الأوقية للإطلاق مبادرة الشفافية وترتكز تلك الشفافية على دور المجتمع المدني في المراقبة، وإشراك الفاعلين في صنع القرار، وحسن تدبير المصائد المستند إلى مؤسسات بحثية مستقلة وموثوقة وحرفية، لتحديد كميات المصائد، ولا شك أن هذا البناء سليم إن كانت ركائزه قوية، لكن الواقع يقول إن نسيج المجتمع المدني لا زال بعيدا من أداء هذا الدور، وأن الفاعلين هم آخر من يعلم في القطاع، وأن المؤسسات البحثية تأتمر بأوامر الوزارة ناهيك عن قلة حرفيتها، وبالتالي فالجهود يجب أن تذهب لتعزيز ركائز البناء قبل الشروع في بناء صرح عبثي.