على مدار الساعة

خمس بين الغزو وكورونا..!

7 مارس, 2022 - 10:10
باب ابراهيم

لقد أخذت الكثير من الدول الدرس من فيروس كورونا، حين أغلقت كبرى دول العالم حدودها، ومنعت تصدير الدواء والغذاء، واليوم هناك ظروف دولية فرضها الغزو الروسي لأوكرانيا ووقعها على التجارة العالمية، والأمن الغذائي، والطاقة سيكون أشد حسب الخبراء والمحللين، وبدأ ذلك يظهر من خلال ارتفاع أسعار النفط، وانتظار تضاعف أسعار الشحن، وارتفاع أسعار المواد الغذائية..، فما هي الإجراءات التي اتخذناها للحد من وقع مثل هذه الظروف بعد تلك المشابهة لها؟

 

كان من المفترض بالنسبة لنظامنا على الأقل أن يأخذ الدرس من كورونا بعد اتضاح أنه حكم بدون مشروع جدي لتحقيق أمن غذائي، ولتبريره كل الفشل في النصف المنتهي من ولايته بظروف كورونا، حيث برر بها فضلا عن الإنفاق الذي وصل حد التبديد ارتفاع الأسعار وتأخر وإلغاء الكثير من المشاريع والتسريح الجماعي للعمال وصفقات التراضي، والتفويض البرلماني..، وإذا تجاوزنا كل ذلك وسألنا النظام وأعوانه عن المشاريع التي تم تنفيذها للحد من وقع مثل هذه الظروف في المستقبل فإننا لن نجد جوابا على أرض الواقع، خصوصا في مجال الغذاء والدواء، وأذكر هنا بتضاعف أسعار المواد الغذائية وعجز النظام عن ضبط أسعارها التي ظلت تتزايد يوما بعد آخر، فضلا عن الفشل في تأمين الدواء حتى لأصحاب الأمراض المزمنة، ولاشك أنكم تتذكرون شحنة الأدوية التي أسعفتنا بها الشقيقة مالي في العام الماضي، وأنكم تتذكرون السعر الذي وصلت إليه الطماطم"1000أوقية" بعد توتر لأيام بين المغرب والبوليساريو، وكل ذلك وغيره لم يدفع النظام إلى اتخاذ تدابير من شأنها أن تمنع تكرار مثل هذه الأمور في المستقبل، وخير دليل على ذلك ما يعيشه سوق الدواء اليوم وقطاع الصحة عموما، فضلا عن حديث المزارعين عن الخسارة المتتالية من موسم لآخر، مما يعني أن ظرف كورونا كان حاضرا لتبرير الإخفاق الحكومي دون أن يكون حافزا لعمل أي شيء يحد من وقع أي ظرف مشابه في المستقبل..!

 

لقد انشغل النظام بصفقات التراضي حتى حطم فيها رقما قياسيا" حوالي 70 صفقة تراضي في النصف الأول من 2021"، وبتدوير المفسدين، بنفض الغبار عن مومياوات الفساد وإعادتهم للخدمة من جديد لتعزيز الجبهة الفاسدة، والإجهاز على الأساس الشكلي للشفافية، من خلال إصدار المرسوم 058 – 2020 الذي بموجبه يتم تجاوز المدونة ولجان الصفقات، ووفقا له ستسير أموال الشعب بأحكام استثنائية، تمهيدا للتعديل الذي أجري على أحكام مدونة الصفقات، وهو تعديل أفرغها من محتواها وفعاليتها، فضلا عن عدم نشر تقارير محكمة الحسابات..، وزامن ذلك هجوم النظام على الحريات، بإصداره لنصوص تشرع له قمع أصحاب الرأي والمخالفين، وآخرها قانون الرموز وإلى هذه اللحظة بسجونه شباب اركيز والشاب حميده عبيد الله بعد أشهر من اعتقالهم، كما شغل الجبهة المعارضة بحوار أو تشاور اتضح في الأخير أنه لم يكن جديا بشأنه، وأنه كان مجرد ورقة لكسب الوقت..!

 

لقد أظهر النصف المنصرم من المأمورية تدهورا خطيرا عكسه الواقع على جميع الأصعد"الأسعار، الأمن، الصحة، التعليم، البطالة.."، مما أدى لتفاقم المشاكل الاقتصادية والمجتمعية بالبلد، في وقت لا نحتاج فيه لأي ظرف إقليمي أو دولي سيفاقم أكثر من مشاكلنا في ظل نظام فضل التقاعس بدل مواجهة المشاكل المزمنة التي يعيشها الوطن والمواطن وعلى رأسها الأمن الغذائي، وقد يتخذ أي ظرف جديد مبررا للإخفاق في النصف الباقي من مأموريته، بعد إرجاعه كل إخفاقاته في النصف الأول منها إلى الظروف التي فرضتها جائحة كورونا..!

 

لقد أصبحنا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى نظام جدي، على اطلاع بمشاكلنا، وبيده من البصيرة والعزم ما يمكن من حلها، متسلحا بمخزون يكفي من الجدية والصرامة في ذلك السبيل، بعيدا عن منطق الأقران والأقرباء والأصهار والمريدين، وما ذلك على الله بعزيز.