على مدار الساعة

للإصلاح كلمة في ثوب برقية عاجلة موجهة للمسلمين عند رأس رمضان

4 أبريل, 2022 - 23:59
الأستاذ محمدو بن البار

أولا: أعاده الله علينا وعليكم باليمن والرحمة والسعادة، وبعد فهذه وصية عامة لكل مسلم؛ فكما أن كل صائم مخاطب وحده أمام الله بهذا الصوم فسيكون جزاؤه مثل ذلك.

 

وعليه فلينظر من يخاطبه يقول تعالى: {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} أي: يأيها البالغ سن فهم خطاب الله نفسه هو الذي كتب عليك الصيام عند حلول رمضان سواء كنت ملكا أو ماسح أحذية وما بين ذلك.

 

إذا عليك أن تتوقف هنا لتتبين هنا من يخاطبك وبأي صفة كنت وعد إلى القران لمعرفة ذلك، ولتسمع قوله تعالى: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور} فعندئذ اخرج عن المنزل لتنظر إلى ما بين يديك من السماء والأرض والظلمات والنور، فإذا بقيت منك بقية فانظر حقيقتك واسأل نفسك من أنا؟ حتى يخاطبني خالق هذا الكون فسيرد عليك المولى عز وجل بحقيقته وحقيقتك بقوله تعالى: {إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى}.

 

وهنا يظهر استقلالك بخطاب الله لك واستقلال مجازاته لك على عملك.. ووقفتك هذه للنظر فى ملكوت السماوات والأرض وأن عسى أن يكون قد اقترب الأجل لا بد أن تذكرك بالنظر فى نفسك من أين أتيت؟ وما مصيرك؟؛ فسيجيبك القران إجابة تستوى فيها أنت ومن حولك مهما كان شكله ومواهبه يقول تعالى: {هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل}.

 

ولهذه الآية مثيلاتها كثيرة فى القرآن لا بد أن يضع فيها المفكر بعد قراءتها خده على الأرض مستسلما لحقيقته الماثلة أمامه وبها يتيقن نتيجتها المصاحبة لها ولكن فى علم الغيب أمامه ثم إلى ربكم تحشرون... إليه مرجعكم جميعا... وإلينا المصير إلى آخر ذلك من الآيات التي يتيقن بها مصيره كتيقنه لصدق رؤيته لحياته كما وصفها الله، وكل هذا منزل من ربك بالحق.

 

وبعد تمكن هذه العقيدة نعود لقضية رمضان حاملين لها وراغبين أن تبشرنا الملائكة بأمر ربها ساعة انتهاء أجلنا بقوله تعالى: {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم}.

 

ومن أسباب لقاء هذا الوعد كما قال الله: {أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه} فتحه تعالى لهذه المواسم ليعطى للمعوزين فى العمل بأوامره فرصة عند مواسمه التى يفتحها لمضاعفة ثمن سلعة المسلمين ولكن بشرط أن يقدمها المسلم خالصة ليبيعها لله وحده، فالله دائما يشبه عمل المسلم بالتجارة والأجر عليها بالثمن يقول تعالى: {يايها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تومنون بالله ورسوله} إلى آخره.

 

فموسم رمضان من هذه المواسم التي يمتد فتحها٣٠ يوما  وكل ما تأخر أيام الموسم يزيد الله في ثمن السلعة حتى تأتى ليلة القدر يكون ثمن السلعة فيها لا يتخيله البائع ولا يعرف قدره إلا الله وقربه الله لتشويق المسلم بأنها خير من ألف شهر..

 

وأنبه هنا على أن هناك تسمية لرمضان قاصرة وهي كونه ضيفا لمجرد طرو حضوره ورحيله ولكن بعض الضيوف مقامه ثقيل ورحيله راحة غير تارك لأي خير إلا إذا كان هو من أهل الخير.

 

بل هو موسم لربح السلعة المقدمة إلى الله كما يدل على ذلك آيات وأحاديث كثيرة، فمن الآيات أن الله أنزل بين آيات أحكام الله في الصوم قوله تعالى: {وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليومنوا بي لعلهم يرشدون}.

 

وهذه الآية كما هو معلوم تولى الله الإجابة فيها للعبد السائل عنه دون أن يأمر رسوله بتبليغه إلا بلفظ الآية كما أنزلت وأتبع هذه الخاصية للآية بقوله: {أجيب دعوة الداعي إذا دعاني} دون ذكر أي حرف عطف.

 

أما الأحاديث فمنها قوله صلى الله عليه وسلم: (كل عمل بن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به). هذا الحديث عنده تفسيران:

الأول: أن أركان الإسلام الأخرى تشاهدهم الناس مثل الصلاة والزكاة والحج وتكتب أجرها الملائكة، أما الصوم فلا يرى الالتزام به إلا الله فيتولى هو الجزاء عليه،

والثانd: أن جزاء العبادات الأخرى يقضي منها ما على صاحبها من  ديون الناس ولكن أجر الصوم يجزي به صاحبه ولا يقضى به الدين.

 

وعلى كل حال، فأحسن ما يقوم به المسلم فى رمضان هو الإنفاق والانفراد بالله ولو دقيقة لمناجاته بالدعاء بعد كل عبادة كما يفعل الأنبياء.

 

وكل عام وأنتم بخير وصوم مقبول وذنب مغفور.