على مدار الساعة

نحو إستراتجية شاملة لوحدة وطنية كاملة

13 يونيو, 2017 - 02:04
إسلمو أحمد سالم

في عالمنا الإسلامي المتفجر الأركان، أخشى ما يخشاه الفرد هو أن يتحول أمنه واستقراره وكده على عياله، وآماله وتطلعاته إلى خوف وفزع ونار ودمار، و في موطن كموطني المتعدد الانتماءات الاجتماعية والمشارب الفكرية، المتنازع بين شمال يسحبه للشمال، وجنوب يجر للجنوب، وباحث عن دور و عن مستوى ثقافي ليلعب ذلك الدور، يكون الملح هو إيجاد بوتقة مرضية، لا حيف فيها، يرضى بها الجميع، لتأمين مستقبل للأجيال القادمة وصهرها في مجتمع موحد آمن مطمئن، يأمن حاضره ويؤمن مستقبله واستمراره.

 
في موريتانيا لا يرفض الفلاني الذي يتلو قرآن الفجر تدريس أبنائه اللغة العربية، ولا السوننكي المربع في باحة منزله يتلو ويسبح بمسبحته ذلك، ولا الشيخ وسط تلاميذه في أعماق الوطن تدريس أبنائه اللغة الفرنسية، ولا يفهم الكهل الحرطاني الحامل محراثه في حقله ما يدور من حوار، ويعترف الجنوبي بثقافة الشمالي العربية ويعترف الشمالي بارتباط الجنوبي بامتداده الاجتماعي في دول الجنوب وثقافتهم الفرنسية.

لا يتحمل المدني الحساني مسؤولية أحداث 66  ولا أحداث 89 فكلها مسؤوليات حكومات قائمة وأفراد قضوا، وليس من الإنصاف محاكمة جزء من المجتمع عليها .
 

وليس من الإنصاف تحميل الجيل الحالي مسؤولية عبودية مورست من طرف رجال قضوا على آخرين كذلك، كما أنه ليس من الإنصاف معاملة أبناء الأرقاء بنفس الأسلوب الذي عومل به آباؤهم دفهم أنتي أحرار من لحم ودم يستحقون الندية.

أكبر معوق حالي موريتانيا هو الفارق الثقافي بين شريحة الحراطين وباقي المواطنين، وهي مسألة تحتاج إلى عمل لا إلى تنظير، فيجب تطبيق التمييز الإيجابي بطريقة صارمة، وافتتاح المدارس وتشجيع التدريس فيها وتوجيه المجتمع المدني والدعاة والمحاظر نحو آدوابة، وإعلان حرب لا هوادة فيها للقضاء على هذا الفارق.
 

يجب توحيد النظام التربوي والقضاء على مظاهر التخلف باحترام القانون وتركيز مفهوم الدولة وإحياء روح الانتماء للوطن وتوسيع مجال ممارسة الديمقراطية في حرية الرأي وحق الانتخاب مع احترام القانون.

لا خوف على إخوتنا الزنوج من التطرف فقد باتوا أكثر تحضرا وإحساسا بالمسؤولية وإيمانا بالدولة الموحدة، لكننا يجب أن نتخلى عن فكرة الهيمنة الثقافية وفرضها، بتنوع الثقافي عامل إثراء وليس معوقا تنمويا..
 

لا يطالب إخوتنا الحراطين بغير الحق الثابت في المواطنة المتكافئة مع الآخرين، وهي مسألة لن تأتي بغير القضاء على الفارق الكبير البين في الثقافة والمستوى الاقتصادي .

منذ نشأة الدولة، بل وقبل ذلك، ونحن نستورد حلول مشاكلنا، وتستثمر في خلق القلاقل، ولكن المستقبل والأمن فيه يتطلب أن ننطلق من ذواتنا وثوابتنا، لنخلق فضاء يجمعنا لا دور للغير فيه.
 

في موريتانيا نحتاج إن نجتمع ويستمع كلنا للآخر ويسعى معه لحل مشاكله، ونفهم أن السفينة إن غرقت فهي تغرق بالجميع...