على مدار الساعة

معاناة في سبيل المواطنة

21 يونيو, 2022 - 16:09
عباسي مدني اماك

سأتحدث قليلا عن فريقنـا المشارك في البطولة الدولية لمناظرات الجامعات، والحديث هنا أمـانة يمليها ضمير الزمالة أولا ولنقل واقع أحب مشاركتكم إيـاه.

 

 كنا أكثـر الفرق جمهورا، وتغلق القاعة أحيانا دون الوفود التي تأتي فقط لمشاهدة عروضنا، وكنا محط أنظـار الجميع ورقابته، وأطلقـوا علينا عدة أسماء، منها "جـوجـل" ومنها "البحوث" والكثير من أساليب التعبير: "من أي كوكب أنتـم ؟" ، "هل تحفظون الحجج دون كتابتها" ، "أنتم فلاسفة"، ولجان التحكيم كلها كانت تعتبرنا فريقا غريبا على حد وصف الأسطورة فهد.

 

أخذنا جميع الأدوار معارضة وموالاة، وجميع المواضيع (اقتصادية وسياسية واجتماعية) ولم نخسر أبدا قبل النصف النهائي.

 

(وسأعود لجدل سقوطنـا لاحقا، الجدل الذي نشب من لحظة إعلان النتائج حتى الآن في الفندق، وأنا أكتب لكم هذه الشعوذة..).

 

فعلى صعيد آخـر:

- كنا الفريق الوحيد الذي ليس له مدرب ولا مؤطـر ولا أكاديمية ولا هيئة، ولم نكن نتمتع بأي نوع من أنواع الرعاية.

- كنا الفريق الوحيد في العالم الذي يشارك بجهوده الخاصة، وأقـول الوحيد من بين كل فرق الدول المشاركة، مستثنيا التذاكـر التي منحت لنا من طرف اللجنة المنظمة، والفندق الذي لايوفر غير وجبة الفطور الصباحي، وكل ماسوى ذلك كان على نفقاتنا الخاصة، وليس ذلك أبدا لأننا لم نعهد إلى الجهات المعنية، فقد قابلنا رئاسة الجامعة في الموضوع  وكانت حجتها غريبة جدا: من يضمن لنا فوزكم !

 

أغلقنا ذلك الباب وذهبنا إلى إدارة المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية وقابلناها في الموضوع وكان ردهم سلبيا، ومنطوقه أنه سيطلع وزير الشؤون الإسلامية، وعدنا إليه في الموضوع فعلل أن الوزير مشغول في هذه الفترة بالحج ومايتعلق به ولا وقت لديه.

 

أغلقنا ذلك الباب نسبيا و واصلنا طرق الأبواب وشدينا الرحال إلى وزارة الثقافة، وبعد بعض المتابعات استطعنا لقاء الأمين العام للوزارة، وأخبرنا بكل حرفية أن وزارته غير معنية بهذه المواضيع أبدا، فلكوننا طلابا ينبغي أن نتوجه إلى وزارة التعليم العالي، وحاولنا شرح له أننا فريق وطني ولسنا فريقا جامعيا صرفا، وأن مشاركتنا الماضية في المناظرات المغاربية كانت خارج الإطار الجامعي تماما، بل من بوابة جمعية شبيبة الموقرة، بالتالي لسنا فريقا للجامعة مؤسسيا، ولم يكن متعاطيا مع الفكرة، وأصـرَّ على أن وزارتهم غير معنية بالفريق. 

 

أغلقنا ذلك الباب نسبيا وذهبنا إلى وزارة التعليم العالي واستكملنا تلك المطولات الإدارية التي كانت لنا "أتاش علبه" في أول المطـاف، و تابعنا الملف جيدا ولم نتمكن من لقاء لا وزير التعليم ولا الأمين العام الذي ذهبنا ونحن على وعد بلقائه يتجدد بعد كل غد، وحصل اليقين أخيرا أن ذلك الباب صار موصدا عندما طلبت سكرتيريا الوزير الأمنَ لإخراجنا من الوزارة، بالرغم من محاولتنا التحلي بمستوى من الود والسكينة، والإطـار بشكل عام لا يستدعي غير ذلك الأسلوب.

 

وبهذا كنا الفريق الوحيد من بين الفرق المشاركة جميعا الذي تنكـرت له دولته بجهازها الإداري وذهب يشق مطباته بنفسه، فكم كنا نستحي ونحن نسمع أقراننا يتغنون بما أتيح لهم وبما سيلقونه من تكريم وتبجيل حـال الفـوز، والرعاية المتواصلة التي وصلت حدود حضور مكلف من الوزارة العمانية السلطان قابوس لمؤازرة فريق بلده، من بداية البطولة حتى الآن.

 

كنا محرجين جدا، ولكننا ندرك ونؤمن بأن موريتانيا لنا جميعا.

 

وعن العلم الموريتاني وعدم رفعه في البطولة، فقد حدث ذلك:

 

١- لكون علمنا لم يكن متوفرا، أو على الأقل لم يكن لدينا كفريق.

 

٢- وأني -وهذا موقف شخصي لايلزم الفريق- لا أدري إن كان يحق لنا قانونيا رفع العلم في بطولة دولية، لنظهـر كممثلين لبلد لم يمنحنا تلك الصفة رسميا، على خلاف باقي الفرق التي لاقت حضورا رسميا معتبرا خاصة في الدوري الإقصائي، ومع ذلك سعينا جدا في الحصول على العلم ولكن للأسف لم نوفق في ذلك، وليست لنا صلة بمكتب الجالية.

 

سنعود لاشك بالتفصيـل.

 

كل الشكـر لكم جميعا إخوة/أخوات وزملاء أعزاء صاحبونا في أغلب هذه الفترة هنا في الرائعة اسطنبول، وهناك في مسقط الرأس وموضع القدم، فشكرا جزيلا..

والشكر خاص جدا للمفكـر العظيم محمد المختار الشنقيطي الذي حضـر رغم مشاغله الجمة لتشجيعنا، ولتشجيعنا فقط، وكان ذلك شرفا عظيما لنا..