على مدار الساعة

في حق جيل التأسيس، تمحيص للقراءة التشقلبية

24 أغسطس, 2017 - 20:11
عبد الله محمد

على أوراق الدولار، وفي الميادين العامة، تأرشفت صور زعماء الأمة وتماثيلهم، واشنطن، جيفرسون، لينكولن. الأول كان زعيما وطنيا في خضم الاشتباك الأمريكي- الانجليزي متقبلا للاستعباد البشع في سياقه الثقافي الاجتماعي قال حرفيا إن الهنود كالذئاب، والأوسط أحد كتبة دستور أمريكا وصاحب مقولة "إن القبائل المتخلفة (الهنود) على الحدود سوف تتردى في البؤس والبربرية وتتناقص عددا بسبب الحرب والفاقة وسنكون مضطرين لسوقهم إلى الجبال الصخرية مع وحوش الغابات" وأما الأخير فمحرر العبيد. تعددت المقامات والفلسفات الأخلاقية وبقي التمجيد الوطني لهم. رغم التباين واختلاف الحقب، بقي الثلاثة زعماء أمة ورموزا لها حتى اليوم في عصر النانو والفضاء. بقيت مراحلهم في ذاكرة الشعب وبقي التاريخ تاريخا، ولم تتناقض عناصر اللوحة لدى الأمريكيين.

 

من سوءات تناول التاريخ صره في لفافة الحكم التحيني بآخر معطى أفضت إليه مراحله. المفاهيم تحين لكن التاريخ لا تمارس عليه منهجية القطيعات البيستيمولوجية لأنه مجرى لها يتحدى أدوات البشر فهم في صفحة سيرورة الزمن مادة متصيرةٌ التاريخُ وعاؤها التوثيقي وخضمها الأخلاقي والمعرفي. من طرائف عصر التدوين المشاعة أداته أن يقرأ تاريخ هذه البقعة بعين ملغية للشرطية موغلة في الاشتراطية!

 

يستلقي جمهور من "نقاد" الكيبورد (تمييزا عن نقاد كتيبة القلم "بازبية" الحبر العاملة تحليلا بـ"مذكرة العمل") اليوم مثبتين كل مؤشرات التشكل في نقطة زمنهم الموضوعي اليوم ويصلبون التاريخ على عمود المزاج حكما على الأحداث بمقتضيات غيبياتها المستقبلية. بهذا المنطق تتم محاكمة تفتيشية معيبة شكلا ومبنى لجيل التأسيس في هذه البلاد من طرف محللي كهف الجهوزية الذين انبعثت قرائحهم غير مدركين لمرور الزمن ومعناه النفسي والاجتماعي والثقافي والسياسي. ولئن كان ورود فتية الكهف لمدينتهم المنفصلين عنها موضوعيا (توقف صيرورة وجودهم مع مجرى سيرورة الزمن) أفضى بهم إلى تبين الطفرة فإن محللي فئة 0 - 1 يفرضون على المدينة المنطقية فراغ تغييبهم للحيز التاريخي الفاصل بين إفاقة تحليلهم ونقطة جريان الأحداث في العقدين الخامس والسادس من القرن الماضي في هذه البلاد. إن جهل إكراهات وظروف التأسيس وتجاهل صفرية مقتضياته (فيفاء قبيلية استعبادية فقيرة تنمويا وجغرافيا أغلبها صحراء لم يعمر فيها المستعمر واكتفى بالطين الناشف) سمات مشتركة متقاطعة متشاكلة في مادة الحبر المسالة كلما تم التعرض لتلك الحقبة.

 

إن واقع الحال كما هو وارد في مجريات الأحداث يفيد بالحقائق الموضوعية الآتية:

- تنوعت الحالات الاستعمارية ولم تكون نسقا مستنسخا وهذا وارد لاختلاف الغايات وخصوصية كل بلاد وطبيعة إستراتيجية المستعمر الذي كان المتغير المستقل وكانت الحركة الاستقلالية، غالبا، له المتغير التابع (لم تكن الاستقلالات نتاجا لتفرد وسيطرة بل تفاهمات حيكت في ظروف فيزياء المصالح والقوة والضعف النسبيين مع يد نسبية القوة للمستعمر).

- كان نصيبنا من الاستعمار احتلالا مضطرب المجرى غير منشئ لمركزية ارتكاز قار عميق كما حدث في بعض الجوار (كان ثمة مشروع كوبولاني وفشل ومن ضمن بواكير إفشاله الميدانية ذات البعد النفسي إستراتيجيا مقاومة رمزية لكنها مغيرة لمجرى كان ممكنا وهذا مكمن أهميتها فيما يعرف بموقعة تجكجة).

 

لسنا مسؤولين عن ذلك لنجلد ذاتنا ونخلق مجدا استرجاعيا مقارنة بنماذج أخرى، ولنا أن نفتخر بمجرى الأحداث فيه. لكن لا يمكن الجزم فيما لو تشكلت قناعة لدى العاصمة الاستعمارية آنذاك بضرورة البقاء والتمادي في الانتشار بأن ذلك المسعى كان ليتوقف لمجرد حدوث عمليات مقاومة غير منظمة وإن كانت مخلصة في سياقها الجهادي، الذودي عن هيبة قبلية أحيانا، ومصلحية سعيا لبقاء "سلطوي" ليس قطعا بوجهة نظر استشرافية لمشروع دولة (في بدايات القرن). تحدث بعض العسكريين الفرنسيين عن ممانعة ومسعى لقطع مجرى الانخراط في عملية استعمارية واسعة في هذه الربوع ضمن وجهة النظر الاستعمارية نفسها كان مصدرا لامتعاض الميدانيين المتوغلين.

 

على أن ذلك لا يقلل من مصداقية الفعل المقاوم نفسه لأنه جوهر متحقق وفق لغة المبادئ والقيم لا الديموغرافيا والإحصاء. أستغرب مثلا كيف يقلل أحدهم من شأن المقاومة لدينا لأننا لم نبذل مليون شهيد! لكل أمر سياق وأحداث التاريخ لا يتم تلدينها لاحقا لتقولب في معايير تصنيفية استندارية. حتى ولو لم يبذل المقاومون غير حصى الرمل في عين فرنسي لكان شرفا ومقاومة. أؤكد على هذه النقطة لأنها تفسر الشق الآخر، في ذهنية محللي 0 - 1 دائما، في استقلال جهود جيل الاستقلال لاحقا بالمنطق الفارغ نفسه الذي يتقالّ به البعض مجهود المقاومة. فيوصف جيل التأسيس بالعملاء المتفرنسين ويوصف جيل المقاومة بقطاع الطريق والانتحاريين!

 

- قل أن تقوم قائمة لمشروع استقلال كان فيه المتصدرون غير محتكين ثقافيا بالمستعمر وملتقطين بذكاء سياسي لفرص الظرف القائم في عصرهم (حتى مع وجود المقاومة المسلحة والثورات الشعبية المنكل بأهلها). على الإطلاق. مكمن السبب في أن دورة الاستعمار والغزو والتحرر والتبعية الضمنية، تتشكل وفق تراتبية صيرورة معينة يكون تمددها زمنيا ونفسيا واجتماعيا تابعا لظروف منها المباشر في فيزياء القتال وعوامل البقاء للصائل ودرجة ممانعة المصول عليه، ومنها الكيميائي الثقافي الذي يكون فيه التفاعل حضاريا، رغم شقة الاحتلال، متحققة بعض ظروفه فيكون في عباءة المستعمر، دون أن يرغب في ذلك، بعض عوامل إفشاله لاحقا بعد تشكل مستوى معين من معرفة خباياه وفهم مشروعه ولا يكون ذلك إلا ببعض الاختراق التفاعلي لبنيته الثقافية ومعرفة تاريخه وكل ذلك مرهون موضوعيا بدرجة من التعليم يكون فيها المتلقي الوطني حائزا على فرصة بعرض بطيء نسبيا رغم تسارع الفعل العسكري الاستغلالي وإكراهاته، فيتعرف على خصمه ويتعرف على ذاته أيضا (لا يقدر البعض منا اليوم أننا باحتكاكنا مع الآخر، بغض النظر عن معيار القيم في أسباب حدوثه، نتعرف على ذواتنا). لا يتم ذلك مع سبق الإصرار والترصد إنما كتداع تفاعلي.

 

لمن يدرس التاريخ بعين تحليلية متجردة أن يدرك ذلك ولا يعني هذا الفهم أن نربط وفق منهج تفسيري غبي بين وجود حالة استعمارية وانبثاق متمحض السببية للنهضة عنها أو نضج معين اكتنف تفاعلاتها. ذلك الربط بين الاستعمار وحصول بعض بعدياته التنموية ثقافيا واقتصاديا من خلال الاحتكاك الحتمي لا يستقيم إذا اعتمد في ميزان قيمي كأن نقول إن الاستعمار سبب نهضة مصر الحديثة لأنه أدى لاكتشاف حجر رشيد وشيوع الطباعات وحدوث حركة الترجمة والابتعاث، فتكون بذلك دماء المصريين ورأس سليمان الحلبي المخترقة أحشاؤه بالخازوق، والمعروضة في متحف اللنسان في فرنسا، وروث خيل بونابرت في الرواق العباسي في الأزهر، وامتهان كرمة المصريين عموما كلها تفاصيل غير جوهرية. "ذ كل وحد"، ولا يختلط إلا على المتحمسين غير المميزين بين التاريخ كمجرى متجرد من القيمية (التي هي حكم عرْضي أخلاقيا على معايير معينة) وبين تشكلات الحضارة التي هي تفاعل بين البشر قد ينحمل على متجه الغزو أو يصل حرا في جاذبية المنطق والمصالح.

 

لا معنى إذا لتجريم جيل التأسيس بمعرفة لغة المستعمر وتأثر شبابه بنزعة التحديث الشكلاني وابتلائهم بفيروس الصدمة المباشرة (المفارقة أن تلك الصدمة كانت اشد على أجيال لاحقة) ولا بدرجة معينة من التعاطي وفق سياق مختلف تماما (تعاملوا فيه بيد خالية من أي سلاح ولم يكونوا حتى مدعومين بقاعدة شعبية محلية فالنضج الوطني والوعي السياسي كان عملة نادرة لأسباب معروفة). لم يكن المختار وجيله محمولين على أعناق مليونيات مطالبة بخروج المستعمر بل كانوا أفرادا من طلائع الانتلنجنسيا التي عبرت البحر شمالا والتقطت خيطا يفضي لمجال جديد على البقعة المنكبية (الدولة، الاستقلال، السياسة ). لم يكونا، كسياسيين يافعين، ممارسين لمعارضة مريحة في وطنهم الواحد مواجهة لحكومة على غرار الحدامينية والخازندارية اليوم بل متعاملين مع دولة استعمرت شرقا وغربا وعرفت بتنميطها للاستعمار في بعده الثقافي فاستطاعوا هم بذكاء "احذوكية لخيام" أن يتكيفوا معه من داخل المظلة وأن يحققوا فيه معادلة فن الممكن (طبعا ذلك الممكن يبدو تافها لمن تتغذى شبكة طاقة جهازه اللوحي بكهرباء بنيت محطتها بعد أن تخلل الشيب رأس المختار رحمه الله عملا في البناء السياسي والتنموي من الصفر الجبري).

 

كان الأمر ليختلف لو أنهم تصرفوا من دوائر ناظمة ذات قواعد شعبية في كيان له حس بمفهوم الدولة فننعتهم اليوم بالمتمصلحين (كما يفعل بعض معارضينا اليوم حين يقايض موقفا مبدئيا لعرض سلطوي). أتحدى كل ذي قلم، أو لسان باحث بذاكرة سليمة وبروح غير مكروبة بهم المصلحة الآنية أو مبتلاة بشطط الجهوية، مختص أو متطفل على المجال أو من عموم الناس المتابعين أن يعطينا صورة موثقة للعقود التي سبقت الاستقلال تظهر فهما وطنيا وروح نضج حاملة لمشروع سياسي دولاتي وقواعد شعبية ثائرة حاملة لنخبها الطلائعية على الأكتاف وحاملة أرواحها على نعوش التضحية. أتحدى. كنا قبائل ومجموعات عائشة على نظام معين لا وجود فيه لفكرة المركز والعمران والحوزة (مجرد مفهوم الحلة والحاسي والغزي ولحريثة والتنمية التقليدية والمجد الفكلوري الطبقي الزيرسالمي). ليس قدحا في وجودنا التاريخي فلقد كنا ممركزين لكن ثقافة دينية وتصوفا خلاصيا، لكن حتى في البعد الديني كانت السياسة التوحيدية على المشترك والشأن العام والثقافة الاستطلاعية للآخر شبه معدومة لدينا والمساعي القليلة التي بذلت من مجددين (في سياقات مختلفة) لم تنل غير منطق التآمر والتجاهل (من شر بب إلى مؤتمر تندوجة).

 

حتى الجهود التي بذلها المقاومون الميدانيون ووجهت أحيانا في سياقاتهم القبيلة بممانعات وطعن في الظهر. اجتمع انمحاء الشخصية المركزية السياسية المحققة لشرط التشاور وانبثاق الرأي الوطني (كما في مخزنيات مجاورة) وانعدام تكرس فكر المواجهة العسكرية لطبيعة النظام التنافسي القبلي القائم واستغلال المستعمر لكل الفراغات (المادية في اتساع الفيفاء والاجتماعية ممثلة في جزر التأمر البدوي وإكراهات الفقر ومستقبلات ثقافة اتفكريش الأناي البدوي). فهل بقي غير الطفرات وعزائم الرجال واستغلال كل ظرف، وهذا جوهر الخضم الذي امتد من منتصف القرن الماضي إلى قيام الدولة (التأميم واستتباب الشكل الحوزاتي ودخول الشتات القبلي في سياج الدولة).

 

- كون استقلالنا تم نتيجة لتضافر عوامل خارجية خاصة بالمستعمر وسياسته الإقليمية وداخلية على مستوى وعي النخب الطلائعية الملتقطة للخيط (وليست كلها بالمناسبة) كل ذلك لا يعيب مصداقية الاستقلال نفسه، ولا ينفي شرف المقاومة في سياقها، تماما كما أن خروج المؤسسين من عباءة (حتمية ثقافية) الفرنسيين لا يعيب وطنيتهم. من المفارقات التي يقفز عليها محللو 0 - 1 كيف أن نظرية المؤامرة ومنطق التخوين لو كان وجيه الطرح لكان اسم البلاد غير اسمها الحالي ودستورها كلائحة داخلية لجمعية هواة صيد غربية وليس ذا منبت إسلامي، ولكان الشمال والجنوب والشرق والغرب ضمن النطاق السيادي لكيانات أخرى ولكان نواكشوط بورتيركو يلبس رئيسها كيلوطا ويضع سلسلة ووشما على قفاه وعملتها سلة من الدرهم والفرنك الإفريقي وموانئها محطات راحة لوجستية لمستهلكي الحانات الرخيصة من بحارة الأطلسي (لدينا أمثلة لعينات قريبة من ذلك في دول كانت نخبها متفرنسة على غير تفرنس ول داداه).

 

فرغم كل ثقافة الرجل الفرنسية وارتباطه الاجتماعي بفرنسا بقي رجل دولة وطني التوجه قبل بتحدي التصدر لزعامة ورشة ـ وصفته جريدة فرنسية مساء الاستقلال بالمخبول ـ رأسمالها فضلات الذئاب وسم الأفاعي وبنيتها التحتية الإدارية بقية من تنكنولوجيا الأربعينات محمولة من اندر بشق الأنفس ومقرها خيمة وسط أفرنان وشعبها شتات على مليون ملم مربع . تلك أحلام الرجال الوطنين، ولو نطقوا بلكنة موليير وازرقت أعين خصوصياته الشخصية وتأوربت ثقافتهم. يكفي الرجل أنه جمع الرؤوس في سياج واحد وصهر نسبيا شواذ الشطط القبلي الزعاماتي ولم يترك البلاد إلا وقد حمل حامل الجدول الخماسي التاريخي خماسية عسكرية وحمل حامل الوروارية رواية لإميل زولا. خرج منها شبه مشرف على الشلل حاملا من متاع الدنيا حقيبة يد بها أدوات حلاقة على إثر انقلاب (بغض النظر عن مسوغاته المرحلية ومسألة الحرب) كان من الممكن أن يتسبب في نسف للمشروع الوطني برمته لو استغل الرجل وقود النزعات المحلية وسعى للبقاء أو حرق الأرض كما حصل في حالات أخرى.

 

الآن، حين نحلل سياسة المختار كرجل رئيس لدولة (العقد الثاني أساسا) يمكننا الاختلاف معه بكل أريحية منطقية لكن بإلزامية التمعير بمعايير سياقه. من يتحدثون عن الحزب الواحد في الستينات بمنطق تعددية "لابول" لا يدركون أن مواجهة شتات البدو الذين لم تقم لهم مركزية لتكرس منطق (اشياخة اعل لخو) ضمن مشروع دولة مركزية لم يكن مجالا ورديا للتعاطي على طريقة الجمهورية الخامسة الفرنسية بانتكاساتها التشكلية منذ سقوط الباستيل حتى خطاب ديجول الأغشتي في باريس المحررة! في التاريخ المحلي لم نر حاضرة عامرة مطلقا (ولاتة وشنقيط ذات سياقات منفصلة عن السياق الحساني الزواتيتي المنبثق عن التحول الأساسي في مجتمع البيظان لاحقا) ويكفي تأمل واقع قرون متتالية وكون الطلل الحضاري أوتاد خيم ودماء مبعثرة ليعرف أنه لولا بقية مما ترك محمد صلى الله عليه وسلم لما وُصل معاصرونا من جيل الواتساب بنسب وجود لسابقيهم من جيل صيدح. من المفارقات العجيبة التي استوقفتني كثيرا وكتبت عنها أنه كان عصر فيه الحزب واحد والآراء متعددة (لم يكن المختار في جانب الرأي الفني والمشورة حتى القبلية المستخدمة لخصائص المجتمع والقبيلة كحقيقة موضوعية جارية، بمتفرد بالرأي) وأنه في عصر "التعددية" أصبح الرأي واحدا وأحيل القارئ إلى كم الاحزاب ومنسوب ماء التعددية في الرأي.

 

بالعودة للاستهلال، ينبغي التمييز بين الذاكرة الوطنية وبين التاريخ كمجرى. لو حكم الأمريكيون معايير اليوم لقام المنحدرون من الهنود بتسوية مجسم واشنطن ولداس مارتن لوثر كينج رأس تمثاله وكذلك هم فاعلون بجيفرسون، لكنهم وضعوهم، ضمن نسق الدولة الأمريكية، في سياق واحد حتى مع لينكولن التحرري النبيل كزعماء أمة ومؤسسين محتضنين في الذاكرة الجمعية. القراءة النقدية للتاريخ تختلف عن المضغ المزاجي له وتجاهل ذاكرة الأمة التي تكرست مفرداتها بأحداث ذلك التاريخ وفق سياقاتها الموضوعية. لن يبقى لذاكرة الشعوب معنى إذا خيض في التاريخ بمنطق استنتاجي متشقلب الرؤية يكون محاكما للأحداث بسياقات غيب لواحقها بعد تحقق المعرفة بما حدث (التحليل خارج الشرطية الحتمية في الإزاحات عبر الزمن). لا معنى لانتقاد بائع طعام مستخدم للمايكروييف الرخيص المشاع اليوم لصانع الفرنة التقليدي لأول مرة في سياق تشكل هو فيه المسؤول عن حل إشكال الايقاد البقائي في القرية. #إلذاك.

 

نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك.