على مدار الساعة

كلية الطب، الحلم الكابوس!

3 نوفمبر, 2017 - 16:33
محمد محمود سيدي محمد ـ طالب

مذ أول يوم رأت فيه كلية الطب بنواكشوط النور ذات صباح من صباحات 2006 ، بدأت طريق الألف ميل بشبه خطوة مرتجفة على درب مترع بالتحديات ومفروش بالشوك والشوك فقط،

 

قدر الله لها أن يلجها خير أبناء هذا البلد متحدين كل الصعاب عازمين على أن يحققوا الحلم او يحققوه متسلحين بالصبر والصبر فقط، رغم بعد مقر الكلية حينها من معظم الطلاب كانوا يتشجمون العناء ويبذلون قصارى الجهد كل يوم في رحلة الشتاء والصيف ذهابا وإيابا ولربما قطع الواحد منهم بضع الكيلومترات سيرا على الأقدام حتى يصل ولربما قضى الواحد منهم يومه ضامرا البطن لسان حاله ينشد:

ولقد أظل على الطوى وأبيته   حتى أنال به كريم المأكل

 

لم يكن الجوع ولا العطش ولا بعد الكلية وغيرها من العوائق ليقف في وجه من شربت نفوسهم كأس القناعة ورويت أرواحهم من كؤوس العزيمة والإصرار على الحلم. يخاطب الواحد منهم نفسه متمثلا قول المتنبي:

ذريني أنل مالا ينال من العلا   فسهل العلا في السهل والصعب في الصعب

تريدين إدراك المعالي رخيصة        ولابد دون الشهد من ابر النحل

فتجيبه نفسه أن سر على بركة الله ...

 

لكن ورغم كل ذالك جرت الرياح بما لا تشتهي سفن الإدارة وإضرب الطلاب ووقفوا صفا صفا وعقدوا العزم على أن لا تراجع ولا انتكاسة حتى تتحقق المطالب السبع الشهيرة التي من بينها على ما أذكر: "التلقيح ضد فيروس الكبد الوبائي، و توفير النقل وتحسين التدريب و غيرها من المطالب".

 

وكالعادة وقف أساتذة المحترمون ضد إرادة الطلاب وواصلوا التغاضي والتغافل، لا بل ذهبوا في خيار القمع فأتت المجالس التأديبية وطرد الطلاب و تمت عسكرة الجامعة بجيش عرمرم لكن كل ذلك القمع والتنكيل لم يكن ليثني من عزائم الطلاب الأبطال فواصلوا الاعتصام في ظل خيمتهم الشامخة المنصوبة بقلب مباني الكلية الناشئة يرددون جماعات ووحدانا "لحصيرة جات .. الخيمه جات ... لاه انگيل لاه انبات.... تحت الخيمه تحت الخيمه ... كل انهار وكل اظليمه"، وصمدوا هناك إلى أن آتاهم الله النصر فغلبت الإدارة وأزلامها وانقلبوا خاسرين ...

 

ودارت الأيام وانتقلت الكلية إلى مقرها الجديد خارج المدينة يظن الناظر إليها أنها أسست لطلاب يملك كل واحد منهم سيارته الشخصية ؟! ..

 

فأتت بذالك الانتقال مشاكل عديدة عل أولها مشكله النقل ، لكن الطلاب قرروا الصبر إلى حين لعل وعسى ، لكن ظهرت مشكلة أخرى هي مشكلة توقيت الامتحانات الظالم فطالب الطلاب الإدارة بكل رفق بتصحيح الوضعية لكنها رفضت وأبرم نائب العميد الداد ول بشير يمينه المعروف "والله العظيم الكريم ماتوخر بدقيقه وحده".

 

 وأبرم الطلاب عزمهم أيضا على أن لا يقبلوا بسياسة الفرض هذه وواصلوا احتجاجاتهم وواصل العميد ونائبه الاستعانة بقواتنا الباسلة فكان القمع متوفرا وبكل المقاييس وبمباركة وزارة التعليم العالي ممثلة في وزير التعذيب العالي سيد ولد سالم ، لكن أبا عزم الطلاب أن ينثني ورفضوا الامتحانات لتقوم الإدارة بعد ذالك بتزييفها والاستعانة بطلاب من خارج الكليه للإدلاء بتصريحات تلفزيونية، أذكر حينها جيدا حين تنكر لنا أساتذتنا المحترمون ورفضوا التعاطي معنا وحين طردوا كل من الدكتورين حبيب الله ولد اگاه وعبدو ولد محمد الأمين بغير وجه حق يذكر!

 

وجاءت بعد ذاك ظروف دهر فرضت على الأساتذة أنفسهم أن يتجرعوا من نفس الكأس التي سقونا منها مرارا وتكرارا، لكننا لم نرضى أن نعاملهم بمبدأ التغافل والتغاضي بل أشدنا بشرعية مطالبهم ولم نقف ضدهم أبدا!

 

واليوم وبعد أزيد من شهر من إضرابهم تم طرد الطلاب من التدريب بالمستشفيات التي يعمل بها أساتذتنا المحترمون كنوع من الاحتجاج على رفض الدولة التعاطي معهم!

بربكم أنبئوني بأي ذنب قتل الطالب!؟