على مدار الساعة

تفاصيل توزيع أموال بو عماتو حسب رواية الأمن

20 سبتمبر, 2017 - 13:18

الأخبار (نواكشوط) – بلغ مجموع المبالغ المالية التي اتهم القضاء الموريتاني رجل الأعمال المقيم في الخارج محمد ولد بو عماتو ومدير أعماله محمد ولد الدباغ بصرفها على شكل "رشوة" لأعضاء في مجلس الشيوخ، ونقابيين، وصحفيين حدود 200 مليون أوقية، كان لافتا التغطية على أسماء بعض الشخصيات التي تلقتها، باستخدام الأمن الموريتاني لعبارة "آخرين" في بعض تفاصيل المبالغ التي صرفها.

 

وبناء على هذا الاتهام وهو "تقديم الرشوة" أصدر القضاء الموريتاني فاتح سبتمبر مذكرات اعتقال في حق رجلي الأعمال ولد بو عماتو المقيم في مراكش المغربية منذ سنوات، وولد الدباغ الذي غادر موريتانيا يوم 25 إبريل الماضي ولم يعد إلى الآن.

 

وبدأ الملف المعروض الآن أمام القضاء الموريتاني، والذي وجهت التهمة فيه لـ22 شخصا، إضافة لشركات بو عماتو BSA يوم 10 أغسطس الماضي باعتقال أفراد من الشرطة بزي مدني لعضو مجلس الشيوخ ولد غده من منزله في مقاطعة تنسويلم بالعاصمة نواكشوط بعد ساعات من عودته من روصو إثر منعه من مغادرة البلاد.

 

تفاصيل المبالغ

وتكشف المعلومات التي حصلت عليها صحيفة الأخبار إنفو عن الملف الذي يشغل الرأي العام منذ أسابيع، أن تفاصيل الأموال التي اتهم الأمن الموريتاني محمد ولد بو عماتو ومدير أعماله ولد الدباغ تجاوزت 200 مليون أوقية، وذلك وفق التفاصيل التالية:

- 75 مليون أوقية للسيناتور محمد ولد غده، وذلك على ثلاث دفعات – حسب الأمن الموريتاني، الأولى كانت يوم 21 – 02 – 2017، وكانت 30 مليون أوقية، والثانية يوم  08 – 03 – 2017، وكانت 30 مليون أوقية، والثالثة كانت يوم 06 – 04 – 2017 وكانت 15 مليون أوقية.

- 40 مليون أوقية لمنظمة النساء معيلات الأسر، والتي تديرها الناشطة آمنة بنت المختار، وقال الأمن الموريتاني إنها تسلمت المبلغ عبر منظمة قام ولد بو عماتو بإنشائها تحت اسم "منظمة مساواة الفرص بإفريقيا"، وتولى إدارتها هينري تيليز.

- 25 مليون أوقية لمجموعة "كوتيدييه دي نواكشوط، وموري ويب" المملوكة لموسى صمب سي، وجدن ولد ديده.

- 14.4 مليون أوقية لموقع اكريدم، بمعدل 1.2 مليون شهريا.

- 20 مليون لمجموعة من الصحفيين تجاهل الأمن الموريتاني ذكر أسمائهم لأسباب لم يتم الإعلان عنها.

- 12 مليون أوقية سنويا للنقابيين الساموري ولد بي الأمين العام للكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا  CLTM، وعبد الله ولد محمد الملقب النهاه الأمين العام للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا CGTM، وذلك بمعدل 500 ألف أوقية شهريا لكل منهما.

- 8 مليون أوقية للمدير الناشر لصحيفة القلم أحمد ولد الشيخ.

- 12 مليون لنقيب المحامين السابق أحمد سالم ولد بوحبيني، وذلك بمعدل 1 مليون أوقية شهريا.

 

معلومات عن جرائم فساد كبرى

وكانت النيابة العامة في موريتانيا قد أعلنت يوم 18 أغسطس المنصرم عن توصلها بمعلومات "عن قيام أشخاص متعددين بالتمالؤ والتخطيط لارتكاب جرائم فساد كبرى عابرة للحدود ومنافية للأخلاق والقيم السائدة في مجتمعنا".

 

 وأكدت النيابة العامة عن فتح تحقيقات ابتدائية معمقة وشاملة تتعلق بتلك الجرائم، واعدة الرأي العام بإطلاعه "على المعطيات الأساسية التي تتكشف عن هذه الوقائع وغيرها"، وفق ما تسمح به الإجراءات القانونية.

 

وفي موضوع توقيف السيناتور ولد غده أسبوعا قبل إصدار البيان، ووصف محاميه للأمر بـ"الاختطاف"، و"الإخفاء القسري"، قال النيابة العامة إن توقيفه تم "طبقا لأحكام وترتيبات القوانين المعمول بها، وأتيح له اللقاء بمحاميه ضمانا لحقوق الدفاع".

 

وأشارت إلى أنه يخضع للتحقيق في "جرائم خطيرة أخذت مسالك غير تقليدية، وغير مسبوقة في تاريخ البلد"، مشيرة إلى أنه مشتبه به ضمن "تشكيل منظم يهدف إلى زعزعة السلم العام".

 

ملف قضائي بطابع سياسي

لفيف الدفاع عن السيناتور محمد ولد غده والمشمولين في ملفه أكد أن الطابع السياسي ظل مهيمنا على الملف، وذلك عبر "التطويع المؤسف للقضاء لأغراض طائفية، وهي التوجيهات التي تظهر بينة في التصريحات النارية الصادرة عن السلطات السياسية ضد مجلس الشيوخ بوصفه هيئة إجرام مع توجيه الأصابع ضد الشيوخ باتهامهم بشتى العبارات بعد تصويتهم ضد التعديلات الدستورية".

 

وشدد الدفاع على رفضه لكل الاتهامات التي وجهها القضاء لموكليهم "بسبب انعدام أي دليل يعضدها"، مردفة أن ولد غده وكل المشتبه بهم "يرفضون بقوة محاولات السلطة تحويل وضعية محرجة لها تتجسد في تشكيل لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ حول صفقات التراضي يترأسها ولد غده لصالحها".

 

تقديم الرشوة وقبولها

وكان النيابة العامة قد وجهت الخميس 31 – 08 – 2017 تهمة "تقديم الرشوة والمشاركة في تقديمها" إلى:

- رجل الأعمال محمد ولد بو عماتو.

- رجل الأعمال محمد ولد الدباغ.

- شركات بو عماتو BSA.

- السيناتور محمد ولد غده.

 

فيما وجهت تهمة "قبول الرشوة" لـ12 شيخا، هم:

1 - محمد الأمين ولد ابنيجاره شيخ مقاطعة تيشيت بولاية تكانت.

2 - سيدي محمد ولد سيدي إبراهيم، شيخ مقاطعة كرو بولاية العصابة.

3 - الشيخة والفنانة المعلومة بنت الميداح.

4 - محمد المصطفى ولد محمد أحمد شيخ مقاطعة مكطع الحجار بولاية البراكنه.

5 - الشيخ ولد الدد شيخ دائرة العالم العربي.

6 - محمد سيدي أحمد ولد محمد الأمين شيخ مقاطعة بوامديد بولاية العصابة.

7 - ينجه ولد أحمد شل شيخ مقاطعة بابابى بولاية البراكنه.

8 - محمد المصطفى سيداتي شيخ مقاطعة تجكجة عاصمة ولاية تكانت.

9 - فرفورة بنت محمد الأمين شيخة.

10 - مولاي الشريف ولد مولاي إدريس شيخ مقاطعة ولاته بولاية الحوض الشرقي.

11 - محمد سيدينا ولد أبكر شيخ مقاطعة تامشكط بولاية الحوض الغربي.

12 - أحمد محمود ولد السالك ولد الحاج شيخ مقاطعة وادان بولاية آدرار.

 

ونقابيين اثنين هما:

- الساموري ولد بي الأمين العام للكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا.

- عبد الله ولد محمد الملقب النهاه الأمين العام للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا.

 

وأربعة صحفيين هم:

- موسى ولد صمب سي المدير الناشر لصحيفة "يومية نواكشوط" ورئيس تجمع الناشرين الموريتانيين.

- جدن ولد ديده المدير الناشر لموقع "موري ويب".

- آمنتا هودو با المديرة الناشرة لموقع "اكريدم".

- أحمد ولد الشيخ المدير الناشر لصحيفة "القلم".

 

وعسكري سابق هو:

- الضابط السابق محمد ولد امبارك ولد يوسف، والذي قدم شهادة مصورة حول حادثة إصابة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز برصاصة في اطويلة يوم 13 أكتوبر 2012.

 

وقد أحال قاضي التحقيق السيناتور محمد ولد غده، والعسكري السابق محمد ولد محمد امبارك إلى السجن على ذمة التحقيق، فيما أصدر مذكرتي اعتقال في حق ولد بو عماتو، وولد الدباغ، ووضع بقية المتهمين تحت المراقبة القضائية، وهو ما استأنفته النيابة، ويتوقع أن تبت فيه غرفة الاتهام في محكمة الاستئناف مطلع الأسبوع القادم.

 

"تهمة" إسقاط التعديلات

أعضاء مجلس الشيوخ المشمولون في الملف اعتبروا أن تهمتهم الحقيقة هي إسقاط التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس ولد عبد العزيز، وذلك عبر تصويت أغلبيتهم عليها  بـ"لا" يوم 17 مارس الماضي.

 

ونفى أعضاء الشيوخ الذي خضعوا للتحقيق بشدة تهمة تلقي الرشوة، مستغربين اتهامهم بما وصفوه بهذه التهمة الساقطة، والتي تشكل إساءة لهم ولمسارهم المهني، كما نفاها الصحفيون والنقابيون المشمولون في الملف.

 

وكان لافتا اقتصار الاستدعاءات والتحقيقات على 13 شيخا من أصل 33 صوتوا بـ"لا" على التعديلات الدستورية، وكان بعضهم أكثر نشاطا من الأعضاء الذي تم استدعاؤهم.

 

ومن بين أعضاء مجلس الشيوخ الذي واجهوا التعديلات الدستورية بقوة شيخ مقاطعة باسكنو الشيخ ولد حننا، والذي تولى رئاسة لجنة الأزمة التي شكلها الشيوخ، إضافة لشيخ مقاطعة أكجوجت الشيخ ولد محمد ازناكي.

 

وقد التقى الأخير رجل الأعمال محمد ولد بو عماتو.

 

ويرتبط الشيخان بقرابة ماسة مع قادة بارزين في الجيش الموريتاني، ومن ذوي الرتب العالية فيه.

 

20 مليون دون "مستلم"

كما كان لافتا "التغطية" على أسماء أشخاص قال الأمن الموريتاني إنهم استلموا مبلغ 20 مليون أوقية من رجل الأعمال محمد ولد بو عماتو، حيث اكتفى – حسب مصادر على علاقة بالملف – بالقول إن الـ20 مليون استلمها صحفيون من رجل الأعمال محمد ولد بو عماتو دون تحديد أسماء من استملوها، أو استدعائهم للتحقيق معهم في إطار الملف.

 

وتقول شرطة مكافحة الجرائم الاقتصادية في موريتانيا إن ما حصلت عليه من محتويات جهاز كومبيوتر رجل الأعمال محمد ولد الدباغ وهواتفه يثبت تورط رجل الأعمال محمد ولد بو عماتو في تقديم أموال تصفها بـ"الطائلة" من أجل التحكم في الأحزاب السياسية والنقابات، ومؤسسات الإعلام في البلاد، لضرب مصداقية الحكومية، واستهداف الرئيس ولد عبد العزيز وأسرته.

 

المعارضة: ما يجري مسرحية

المعارضة الموريتانية وصفت في بيان صادر عنها توقيف ولد غده، والتحقيق مع عدد من أعضاء مجلس الشيوخ ونقابيين وصحفيين بأنها "مسرحية سيئة الإخراج يستهدف النظام من خلالها كوكبة من أبناء وبنات البلد الذين آلوا على أنفسهم الدفاع عنه وعن دستوره ومصداقيته في وجه نظام يصر على إفساد كل شيء واستهداف كل عنوان للخير والإباء والوطنية".

 

واعتبرت المعارضة أن "الجريمة الحقيقية للشيخ محمد ولد غدة وللشيخة المعلومة منت الميداح وكوكبة الشيوخ أنهم وقفوا مع دستور البلاد ورفضوا العبث به وأعطوا لمسؤوليتهم البرلمانية معناها الحقيقي يوم أسقطوا التعديلات الدستورية المشؤومة".

 

وأضافت أن "جريمتهم أنهم أقدموا على تشكيل لجنة تحقيق حول فساد النظام وصفقاته ونهبه وتطفيفه"، مردفة أن "جريمة الصحفيين أنهم يكتبون دون إذن ويقولون ما لا يرضي. ومشكلة قادة النقابات الكبيرة أنهم لا يخضعون ولا يأتمرون، وبمصالح العمال يتمسكون".

 

وتساءلت المعارضة في قضية رجلي الأعمال ولد بو عماتو وولد الدباغ قائلة: "كيف لرجل أعمال أن يرفض ويعارض، وهل يقبل أن يصرف ماله في غير مصلحة رأس النظام! لا بد من إسكاته وإفقاره ومضايقته هنا وفي الخارج".

 

وأكدت المعارضة أنها "تتابع بقلق هذه التطورات الخطيرة، وهذه الردة في مجال الحريات والحقوق العامة"، مشددة على وقوفها "بحزم مع المعتقلين والمتابعين وتشد على أيديهم في مواقفهم الوطنية النبيلة".