على مدار الساعة

عمدة يكتب: لطفا أيها الساسة تفقدوا البوصلات

3 ديسمبر, 2017 - 00:04
عمدة بلدية دار النعيم بولاية نواكشوط الشمالية اكناته ولد النقرة

في عالم السياسة كما المرور شارات لتنظيم السير وخطوط للعبور وسوح للاستعراض وحتى مضامير للسباق، وهي كلها ضوابط ومحددات لضمان تمايز الخطوط والخنادق بين الفرقاء، وحماية الصحة العقلية والنفسية للمواطن العادي من تلاعب الساسة وكيدهم لبعضهم بعضا، فبعض تلك الشارات تظهر لمرة واحدة فقط عند بداية الطريق وفي نهايته، أو عند بعض المطبات والمنعرجات الفارقة، وما عدا ذلك قد تتداخل الخطوط والمضامير لحد التماهي أحيانا، فقد تنبهك الشارة في بداية الطريق إلى ضرورة الفرملة يسارا إذا كنت ممن اختاروا سبيل المعارضة، وهو طريق غير سالك بالضرورة، لتفاجأ في نهاية المشوار بأنك تتسكع على رصيف الموالاة خصوصا إذا كنت ممن لا يمتلكون بوصلة سياسية في الأصل أو ممن فقدوها بالتقادم بعدما أعيتهم سنون السياسة الكالحة فما أبقت لهم في قوس الصبر من منزع.

 

لقد استمرأ الكثير من ساستنا السير من دون بوصلات ولمفازات طويلة أحيانا، فلا تستغرب إذا فتحت عينيك ذات صباح لتجدهم قد تبادلوا المواقع والأدوار دون أدنى شعور بالحرج أو الحاجة – فنيا - على الأقل للتوقف عند الإشارات أو حتى تخفيف السرعة المطلوب لدى تبديل الخطوط أو المرور بمنعرجات، حيث يحتفظون على الدوام بنفس قوة الدفع في الموقع الجديد.

 

إن ممارسة الترحال المستمر في الزمن السياسي المحلي مسلك شائن والأسوأ منه لجوء البعض ممن يتدثر بيافطة المعارضة لممارسة العادة السرية سياسيا مع السلطة ممارسة تضطر الموقع للهاث تكيفا كي يلحق بالموقف المتقدم عليه أشواطا في رحلة الهروب إلى الأمام من استحقاقات حالة سرعان ما يضحى بها قربانا على مذبح "إكراهات المرحلة" حينا أو مصلحة الحزب / المشروع أحيانا أخرى.

 

إن مسؤولية أحزابنا وبخاصة تلك التي تدعي منها الطهرية السياسية كبيرة في حراسة خطوطها السياسية ومرجعياتها الفكرية أو المذهبية، وفي تطبيق نظمها الداخلية ولوائحها القانونية على المخالفين سواء بسواء، وإظهار الجدية والصرامة في ذلك حفاظا على مصداقيتها واحتراما لعقل المواطن وكسبا لثقته، فمجرد رفع يافطة الموالاة أو المعارضة لا يكفي لوحده لتحديد الخط السياسي وتحصينه من الاندياح يمينا أو شمالا، فقديما سيقت إلى المقصلة مدام رون بتهمة معاداة الحرية، وهي المناضلة المتحمسة التي أفنت صدر شبابها في المناداة بالحرية والدفاع عنها حتى توج نضالها رفقة زملائها من الأحرار بنجاح الثورة الفرنسية في: 1789م ويدور الزمن دورته حين تبدأ الثورة في أكل أبنائها، ويأتي الدور على "رون" وتحاكم في عهد دعي الثورة "ماكسميليان" وقبل أن يلتف حبل المشنقة من حول رقبتها زفرت زفرتها الأثيرة:

إيه أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك..

وأنا أقول إيه أيتها المعارضة كم من البخور يحرق باسمك زلفى للسلطة.

 

نقلا عن صفحته على فيسبوك