على مدار الساعة

“الفلاح”..رائدة حركة التعريب بإفريقيا

12 ديسمبر, 2017 - 12:27
سيدي ولد عبد المالك - كاتب وباحث مختص في الشؤون الإفريقية

تعتبر مدارس الفلاح إحدى التجارب الرائدة في نشر علوم اللغة العربية والثقافة الإسلامية بإفريقيا، فقد تأسست المدارس في نهائية حقبة وجود الاستعمار الفرنسي بإفريقيا مشكلة رافدا ثقافيا مغذيا لحركة التطلع لنفخ الروح في الثقافة الإسلامية التي تأثرت كثيرا بنشاط وجهود الاستعمار لطمس الهوية الإسلامية.

 

تعود بداية تأسيس الحركة إلى سنة 1941 حين أسس رائد الحركة العلامة الحاج محمود باه مدرسة "الفورابية" لتعليم القرآن وعلوم اللغة العربية بقريته “جييويل” الواقعة في الجنوب من موريتانيا، التي اتسع نشاطها بعد أن قرر العلامة محمود توسعة نشاطه التعليمي والدعوي بالمنطقة.

 

حركة إصلاحية

وتعتبر الفلاح حركة إسلامية إصلاحية تسعي لترسيخ علوم اللغة العربية والتعاليم الإسلامية بإفريقيا، ولعبت الحركة أدوارا كبيرة في نشر العلوم الإسلامية والعربية في منطقة غرب إفريقيا، وكانت مصدر إزعاج وقلق لاستعمار الفرنسي، الذي رأي فيها مشروع قوة إصلاحية تغيرية محافظة على مشروع نشر قيم الإسلام.

 

خضعت المدارس قبل استقلال دول المنطقة عن الإدارة الفرنسية في عام 1960 لإدارة موحدة، إلا أن استقلال هذه البلدان جعل لكل مدرسة من مدارس الحركة في بلد معين نظامها الخاص بها. في عام 1974 تحول اسم المدارس إلى "حركة الفلاح للثقافة والتربية الإسلامية في السنغال".

 

تُعرف "الفلاح" نفسها على أنها جمعية إسلامية تنتهج نهج السلف الصالح، وتهدف إلى تعليم الشباب المسلم وتربيته على الأخلاق الإسلامية وتنقية عقيدة المجتمع من الشوائب الفاسدة والعودة به إلى الكتاب والسنة.

 

وظهرت المسحة السلفية في تعاليم الحركة وفي اسمها التأسيسي الذي كان بعنوان: "حركة الفلاح للثقافة الإسلامية السلفية".

 

الشيخ المؤسس

أسس مدارس الفلاح الحاج محمود باه (1905 - 1978)، ويعتبر العلامة محمود باه أحد  أبرز أعلام الحركة. بدأ تعليمه في المدارس القرآنية بموريتانيا ثم رحل إلى مناطق مختلفة من البلاد لتعميق معارفه الشرعية العلمية.

 

في عام 1928 سافر باه للدراسة بالمملكة العربية السعودية، وأمضي فيها قرابة 12 سنة، والتحق هناك بعدة مؤسسات تعليمية منها جامعة "الأصولي"، والمدرسة العليا "مدرسة الفلاح"،  التي تخرج منها سنة 1939 بدبلوم إجازة تدريس في الفقه والحديث.

 

عاد إلى وطنه الأم موريتانيا سنة 1940 وقد لقي بعد عودته مضايقات من الاستعمار الفرنسي، الذي كان يُبدي تخوفا من نفوذه وحركته الإصلاحية. شهدت الحركة مع بداية تأسيسها توسعا إقليما حيث استطاعت تكوين مؤسسات تعليمية بالسنغال ومالي وموريتانيا والكاميرون.

 

وابتعثت مدراس الحركة أولى دفاعاتها إلى الخارج (الأزهر الشريف بشكل رئيسي) في بداية خمسينات القرن الماضي، حيث كانت الحركة تمنح لطلابها الراغبين في مواصلة دراستهم بالخارج شهادات ختم الدروس الابتدائية، التي تؤهلهم مواصلة الدراسة.

 

وتعتبر مدارس الحركة في السنغال من أكثر المدارس الإقليمية حيوية وتنظيما، حيث بلغت  معاهدها ومؤسساتها التعليمية على عموم البلاد حوالي 52 مؤسسة سنة 2014. وعملت المؤسسة في السنوات الأخيرة على إدخال بعض المناهج التعليمية المستقاة من مواد الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

 

للحركة الفضل في تخريج الآلاف من حملة الثقافية العربية والإسلامية بغرب إفريقيا، والذين أصبح للكثير منهم شأن في تعزيز وجود هذه الثقافة في المجتمعات الإفريقية وفي حركة الصحوة الإسلامية.

 

نقلا عن موقع إسلام أون لاين