على مدار الساعة

تجربة مدمن فيسبوكي

31 يناير, 2018 - 19:10
الب معلوم

قرأت ذات يوم لأحد السحرة التائبين أنه دخل عالم السحر من حيث لا يعلم فكان طالبا مجدا همه الوحيد أن يرتقي في درجات الماهرين في كتاب الله عز وجل لكن رحلة الطلب قادته إلى شيخ مشهور أقنعه أن هذا القرآن له أسرار وعلم باطني هو العلم الحقيقي، ومنذ ذلك الحين زلت قدمه وهوى في ظلمة السحر والعياذ بالله.. هذه القصة فيها شيء يشبه سبب دخولي عالم الفيسبوك فقد كنت مولعا بالكتب ومن عادتي الحرص على المطالعة أثناء الأسفار وفي أماكن العمل وأوقات الفراغ وأجد سعادتي في ذلك.

 

كنت أسمع عن القارة السادسة (الفيسبوك) ولكن لا أعرف عنها إلا القليل فليس لدي حساب يمنحني عضوية في ذلك المجتمع.

 

ومع الأيام بدأت أنجذب إلى عالمها الافتراضي الذي طالما قيل لي عنه الكثير من الأساطير والحقائق أيضا.

 

أدهشني جدا هذا العالم الأزرق وأسرني عن كل ما سواه من هوايات وأنشطة ولم يمض إلا قليل حتى نلت حظا من الشهرة لا أستحقه ولم أكن أحلم به من قبل فاستهوتني بعدما كنت فيها من الزاهدين وزادني ذلك انهماكا وتعلقا به.

 

واليوم بعد سنوات من صحبة هذا المارد الفيسبوكي هذا ما حصدته:

1 - تعرضت لخسارة تجارية كبيرة بعد ما كنت قريبا من عتبة النجاح ولي ذكر في السوق فشغلني الفيسبوك عن أعمالي فرجعت القهقرى..

2 - كدت أنسى عالم الكتب والمطالعة التي كانت شيئا أساسيا في حياتي وتراجع مستوى المعرفة عندي إلى أبعد الحدود.

3 - ورطني الفيسبوك بالخوض في كثير من اللغو والمهاترات والمجاملات والصراعات العبثية وأتوب إلى الله من ذلك كله.

4 - أقر أنني ربما قصرت في حق أهل أو أقربين أو معارف لصالح التفاعل مع الأبعدين والأصدقاء الافتراضيين.

5 - سرق مني الفيسبوك أوقاتا مباركة ثمينة كم أشعر الآن بالحزن أنها ضاعت مني هدرا إنا لله وإنا إليه راجعون.

6 - وصلت درجة الإدمان حتى ما عاد لي هم سوى انتظار إعجابات هنا أو ملاحقة تعليقات هناك.

 

والحق أقول لكم إنه إذا كان في البحر عجب وفي النساء عجبان فإن في الفيسبوك عجائب وغرائب لا تنتهي منها أني رأيت صفحات أصحابها لا يحسنون إنشاء ولا يقيمون إملاء ومع ذلك ينظرون في دهاليز السياسة المحلية وقضايا العلاقات الدولية أو يتخوضون في عويصات المسائل الفقهية ولهم جمهور ومعجبون كثر.. ما شاء الله..

 

كما جاورت مدونين أقعدهم الكسل عن العمل لكنهم لا يفتؤون يشنون الغارات بالليل والنهار انتقادا للحكومة والموظفين وأصحاب الشأن العام.

 

هذا نزر من تجربة سنوات مع الفيسبوك كتبته على عجل وقد ركزت فيه على الجانب السلبي لأنه أخطر وأكثر حضورا من الجانب الإيجابي الذي يكاد ينحصر في مكسب وحيد فقط هو التعرف على آلاف الأصدقاء الرائعين من أبناء وطني الذين أحببتهم وأحبوني.

 

والآن فإن علاقتي بالفيسبوك بدأت تعرف فتورا أتمنى أن يصل إلى حد القطيعة وأنصح الأصدقاء وجميع القراء أن لا يستعبدهم هذا المارد ويسحرهم بأضوائه الزائفة فلا خير فيه. وإني لكم ناصح أمين.