على مدار الساعة

التقرير السنوي لمؤسسة المعارضة الديمقراطية 2017

6 فبراير, 2018 - 14:07

لقد قررنا  في مؤسسة المعارضة الديمقراطية منذ ثلاث سنوات الانتظام في إصدار تقرير سنوي يشخص الاختلالات الاجتماعية و الاقتصادية للبلد و يبحث عن حلول لمشاكل المواطنين و معاناتهم.

 

و قد حرصنا أن تكون التقارير الصادرة عن  المؤسسة مستندة  إلي  تقارير رسمية و أخري صادرة عن جهات دولية موثوقة، و ذلك من اجل تقديم تقرير متوازن و موضوعي ناقد للمعطيات الرسمية من زاوية استنطاق و مقارنة انعكاس الصور التي تقدمها الحكومة  مع واقع الميدان  و مبتعدا عن الارتهان لتقارير أجنبية، قد لا تكون بالضرورة متحيزة أو متحاملة، لأننا نري أنه ليس من المناسب الاعتماد عليها  كمرجع أساسي لتقييم و تشخيص حالة البلاد، حتى و إن كان بعضها يصدر عن هيئات متخصصة و ممولة للعديد من المشاريع بالبلاد، و لديها علائق شراكة وطيدة مع الحكومة.

لكن  الحكومة لازالت تمارس منطق إقصاء المؤسسة كشريك وطني بقوة القانون المنشئ و المنظم للمؤسسة و الذي ينص علي التشاور معها في القضايا الوطنية الكبرى و الضامن لها حق الولوج للمعلومات والمعطيات الأمر الذي  حال دون إصدار تقرير بالمواصفات التي كنا نرغب أن يكون عليها، و ذلك  رغم الطلبات والرسائل التي وجهنا للدوائر الحكومية بغية إشراكنا  حول تقييم السياسات الحكومية وأثرها على خدمة المجتمع ورفاه المواطن.

 

و رغم تمنع الحكومة من تزويدنا بالمعطيات بحكم تعطيلها للقانون المنظم للمؤسسة فإنا و التزاما منا بتعهدنا للرأي العام بدورية هذا التقرير نقدمه هذه السنة وفق المحاور التالية:
 

أولا: الحالة السياسية

تميزت الحالة السياسية للبلد بممارسات التجاهل و التغييب التي ينتهجها النظام تجاه أطياف عريضة في المعارضة و استمرار  التعامل الدوني مع خصومه السياسيين  و قد بلغ السلوك الارتجالي المزاجي لهذا النظام أوجه حين أقدم على  اتخاذ خطوات استفزازية في قضايا و قرارات تتطلب مستوي كبيرا من الإجماع الشعبي  و التشاور السياسي كإجراء استفتاء شعبي تشمل إلغاء مجلس الشيوخ و تغيير العلم و النشيد الوطنيين.

 

إن فلسفة التعاطي مع قضايا الشأن العام تنحي منحي تكريس منطق الفرد و تترجم سلوكيات النظام و ممارسته منطق تحييد المؤسسية كآلية حاكمة للإدارة و الحكم، كما تُقوض دور المؤسسات كأجهزة و هيئات راعية لمصالح الشعب و البلد.

 

لقد اتسمت سنة 2017 بتعديل دستور البلاد في خرق واضح للدستور و للإجماع السياسي و في ظل معارضة شعبية قوية تمثلت في ضعف الإقبال و عدم شفافية نتائج الاقتراع، كما  صاحب ذلك  بروز مزاج  شبابي قوي رافض لهذه التعديلات.

 

إن تعديل الدستور في ظل مشهد سياسي مضطرب وفي ظل وضعية غير مناسبة تطبعها التجاذبات السياسية ، كان خطوة  في غاية الخطورة ، فقد كان الأولي تطبيق الموجود من النصوص القانونية و الدستورية و احترام سير المؤسسات و العمل على مأسستها بدلا من استحداث ترسانة دستورية و قانونية غير أجماعية تكرس نفوذ الرئيس و تقلص دور السلطة التشريعية من خلال إلغاء مجلس الشيوخ مما يُقوض توازن  السلطات و يؤشر لتراجع جلي للممارسة الديمقراطية مقابل طغيان مظاهر التسيير الأحادي.

 

عمقت مخرجات التعديلات الدستورية الأخيرة شرخ الهوة بين النظام و جزء كبير من معارضته، بل تجاوزت ذلك إلي ظهور كتل و تيارات رافضة لهذه التغييرات من داخل منظومة النظام ككتلة الشيوخ التي أسقطت التعديلات على مستوي البرلمان.

 

إن دقة المرحلة السياسية التي تمر بها البلاد و حساسية الظروف الداخلية و الإقليمية كان من المفترض أن تحتم على النظام تقدير هذه الأبعاد و النزول من برجه العاجي لمعالجة الأزمة السياسية المستفحلة.

 

و بعيدا عن استخلاص العبر من الإخفاقات عمد النظام للتنكيل بمعارضيه فقد تم الإفراط في استخدام القوة و العنف ضد القوي السياسية التي خرجت للاحتجاج في الشارع ضد التعديلات الدستورية، و تم رفض الترخيص للعديد من أنشطتها الاحتجاجية، و الاعتداء علي قياداتها بالضرب مع منع الشيوخ من دخول مقرهم و اهانتهم و انتهاك حصانتهم.

 

لقد وجه النظام اتهامات إلي شخصيات وطنية بعضها مقيم بالخارج بالتآمر ضده ليدشن على خلفيتها  حملة استجوابات و اعتقالات  و ملاحقات طالت صحفيين و نقابيين و سياسيين و رجال أعمال مما ساهم في احتقان الوضع في البلد، كما استمرت مظاهر استهداف السلطة للأحزاب إضعافا و تفتيتا خاصة المعارضة منها و خنق حرية التعبير و الزج بأصحاب الرأي خلف القضبان.

 

و في الجانب الإعلامي، شهد الإعلام حالة إقصاء و احتكار و تراجع و أحادية، فالفضاء السمعي البصري الذي شكل أملا لكل الموريتانيين في القطعية مع عهود المنع و المصادرة و الصوت الواحد ، و الذي  سوق له النظام باعتباره انجازا تاريخيا في تكريس حرية و استقلال الإعلام، شهد  انتكاسة مدوية و يتعرض اليوم للإجهاض و التوقيف و الإغلاق بسبب ديون المؤسسات الإعلامية الخصوصية  المتراكمة و الناجمة عن ارتفاع تكاليف شركة البث و تجديد الرخص و مصاريف العمال و المعدات.

 

و زاد الطين بله اختفاء الصحف الورقية عن الأكشاك بسبب توقف الصحف عن الصدور على خلفية نفاد مخزون الورق لدي المطبعة الوطنية، مما جعل الحكومة تحتكر الأخبار الورقية عن طريق صحيفتي الشعب و الأوريزون، اللتين لم تسلما من التوقف المؤقت لأول مرة تاريخهما.

 

ثانيا: الوضع الاقتصادي

أثبتت المعطيات الرقمية للمؤشرات الاقتصادية و التقارير الصادرة عن الجهات المختصة استمرار تراجع الأداء الاقتصادي و معاناته من عدة اختلالات. فقد شهد الدين الخارجي تسارعا صاروخيا ، فموريتانيا تسجل أعلى مستوي في تنامي الديون الخارجية مقارنة بدول محيطها الإقليمي ، حيث ذكر تقرير صادر عن البنك الدولي في مايو 2017 أن ديون البلاد وصلت مع نهاية 2016 حوالي 100% من إجمالي الناتج الداخلي الخام، أي ما يمثل زيادة في حدود 20% في فترة عامين.

 

و اعتبر البنك أن هذه النسبة تعتبر مقلقة لأن متوسط معدل الزيادة التي شهدتها دول في شبه المنطقة تراوح في حدود 10%، لتكون موريتانيا الدولة الوحيدة في المنطقة التي تتجاوز هذا السقف.

 

إن عجز الحكومة عن خلق مصادر اقتصادية متنوعة و الاعتماد على الاقتصاد الريعي، الذي  اضعف القدرة التنافسية للاقتصاد و افقده  المرونة  أمام الصدمات الخارجية جلب تحديات جمة للاقتصاد الوطني  كتراجع النمو و العجز عن امتصاص البطالة  و الحد من الفقر الذي لا يزال يشكل تحديا مستمرا، و تدهور قيمة الأوقية ، فبالرجوع لصفحة البنك المركزي الموريتاني على الانترنت نجد أن الأوقية لهذا العام فقدت حالي 17% من قيمتها أمام اليور و حيث كان سعر التداول في يناير 2017 هو 385  أوقية مقابل  1ورو، ليصل إلي  450 أوقية  في ديسمبر من نفس السنة.

 

و مواصلة لمسلسل الارتباك في معالجة الإختلالات قامت الحكومة   بإصدار عملة جديدة كمحاولة لعلاج تدهور قيمة الأوقية، دون أن يصاحب  هذا الإجراء اتخاذ التدابير المناسبة في مثل هذا النوع من الحالات.

 

لقد دفعت هذه الوضعية الصعبة لانتهاج سياسة الضغط الضريبي المجحف على الخواص و ذلك من اجل تعبئة الموارد، و نتج عن هذه السياسية لجوء التجار لرفع الأسعار مما جعل المواطن يتحمل عبئا كبيرا لا قبل له به.

 

إن عيوب البيئة الاستثمارية تتجاوز الثغرات القانونية و غياب البني التحتية إلي ما هو اخطر كعدم تكافئ الفرص و انتشار المحسوبية و الزبونية في المجال، . فلا يكفي للاستثمار أن تتوفر في المستثمر كل الشروط التي تخول له العمل بحرية إذ بات مطالبا بالاعتماد على وسيط نافذ يكون دليله نحو الصفقات و حاميه من المضايقات.

 

و في ظل هذه الوضعية الاقتصادية الصعبة، المتمثلة في تراجع معدلات النمو، تواصل الحكومة الاستمرار في سياسية النعامة و الهروب إلي الأمام بإعلانها عن برنامج النمو المتسارع و الرفاه المشترك، و هو برنامج لا تسنده طفرة اقتصادية و لا معطيات واقعية.

 

فمتطلبات هذا النوع من الإستراتيجيات تستدعي وجود أسس صحيحة لمناخ سياسي هادئ و ظروف مواتية لاستغلال الموارد الطبيعية و ترقية مناخ الأعمال، و هي شروط تكاد تكون مفقودة في البلد، فالوضع السياسي في أزمة تراكمية و  ترتيب البلاد في مناخ  الأعمال يأتي في ذيل المرتبة، فموريتانيا رغم تحقيقها تحسنا ب10 نقاط في مؤشر دووينغ بزنس لا تزال في الترتيب 150 على المستوي العالمي، حسب آخر تصنيف عالمي.

 

إن التقييم الموضوعي لخطط و برامج الإطار الإستراتيجي أكد إن الفقر لا زال منتشرا بنسبة كبيرة ، و بالتالي يكون وضع خطة  للنمو المتسارع و الرفاه المشترك، اقرب إلي خطة شعبوية ديماغوجية لا تراعي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية الحقيقية للأسر و لا  تراعي حتي و مشاعر المواطن.

 

كما ان المؤشرات الإقتصادية التي تتصادف مع السنة الأولي(2018) من دخول هذا الإطار حيز التنفيذ توحي بتراجع في نسبة النمو و ذلك بسبب الآثار المحتملة للجفاف على خلفية نقص الأمطار ، و ما لذلك  من تأثيرات مباشرة على الإنتاج والإنتاجية الزراعية بشقيها النباتي والحيواني.

 

و ذلك في وضع ظل معدل النمو في تدهور مستمر، حيث نزل من 6.8%   سنة 2012 إلى 3% سنة 2017 .

 

إن قراءة سريعة لميزانية 2018 تتطلب منا الوقوف عند بعض الأرقام المعبرة حيث أن بند "الرواتب" الذي يشكل أهم دخل الموريتاني الذي يعيش بطالة غير مسبوقة في حدود 33% يمثل نسبة 22% ويبقى مستوى الأجور من أضعف الأجور في المنطقة حيث يكون من اللازم أن يكون مرتبطا مع الميزانية في حدود لا تقل عن 33% مع العلم أن صعودا في الأسعار يلوح في الأفق في الأيام الأولي من إصدار العملة الجديدة رغم ما كانت عليه من صعود.

 

إن ميزانية الاستثمار لسنة 2018 تخصص لقطاعي الصحة و التعليم نسبة 2،4 % من الميزانية،  و يعتبر هذا دليلا كافيا على أن الحكومة لا تهتم بهموم وأولويات الشعب الذي يعشعش فيه الفقر بنسبة كبيرة (46%).

 

إن هذه السنة تنذر بجفاف وضعف في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، و هو ما لم يحسب  له النظام حسابا يذكر في ميزانية سنة 2018.

 

إن التباين في الأولويات والتمويلات ملفت للانتباه حيث توجه فقط  3.7 مليار أوقية لقطاع الثروة الحيوانية في هذه السنة الخاصة  مقابل 14 مليار أوقية خصصت لتشييد قصر للمؤتمرات، مع العلم أن قطاع البيطرة على سبيل المثال يوفر أكبر نسبة في الدخل القومي الوطني (15%) ويوفر أكبر حاضنة للتشغيل في بلادنا.

 

إن عدم وجود إطار برمجي للميزانية  CDMT على المديين القصير والمتوسط يشكل عائقا حقيقيا أمام ملاءمة النفقات الأساسية وتحديد الأولويات في بلدنا ويفتح المجال أمام الارتجالية مما ينعكس سلبا على شتى أنحاء الحياة بما في ذلك مناخ الأعمال والعدالة في موارد الدولة بين مكوناتها جهاتها.

 

ثالثا: الحكامة و محاربة الفساد

إن الطريقة التي تدار بها السلطة تجسد المركزية المطلقة، المتمثلة في سحب صلاحيات المسئولين و تغيبهم عن دائرة صنع القرار و الإفراغ شبه الكامل للإدارة من محتواها.

 

       و في موضوع محاربة الفساد،  لا يزال موضوع الفساد احد القضايا الشائكة التي تنخر صورة البلد ، فالنظام الذي كان يتبجح بجهوده في محاربة الفساد ، كلما تحدث عن الفساد ،  أثناء خرجاته الإعلامية الأولي  لم يعد يمتلك تلك الروح التفاعلية حاليا حين يتحدث عن الفساد.

 

إن التعتيم على نتائج عمليات التفتيش التي تقوم بها كل من المفتشية العامة للدولة  و محكمة الحسابات و التعاطي المشبوه و الانتقائي مع المتهمين بالفساد و استبعاد المشاريع الكبيرة و المؤسسات الرئيسية بالبلد من دائرة التفتيش  كلها أمور باتت تلقي شكوكا كبيرة على شعار محاربة الفساد، الذي رفعه النظام الحالي منذ انقلابه على السلطة المدنية سنة 2008.

 

إن التقارير الدولية و التحقيقات الصحفية الاستقصائية الجادة التي قامت بها بعض الصحف المحلية، تكشف للأسف الشديد حجم و انتشار الفساد و مستوي التستر عليه من طرف دوائر النفوذ في السلطة.

 

فالتقرير الذي أعدته مؤسسة "شيربا الفرنسية" المتخصصة في محاربة الفساد في أفريقيا و نشرته في سبتمبر الماضي ، و الذي  تم إعداد نسخته الأولي سنة 2013 حذرت فيه المؤسسة  المانحين من التعاطي مع الحكومة الموريتانية و لفتت انتباههم حول مستوي استشراء الفساد. و  أشار التقرير في نسخته المحدثة في سنة 2017 أن الفساد ازداد خطرا و انتشارا، ملفتا أن مظاهر ذلك تمثلت في نهب موارد البلاد و مقدراتها الاقتصادية من طرف المجموعة الحاكمة.

 

و اعتبر التقرير أن ظاهرة صفقات التراضي المشبوهة مع الشركات الأجنبية ساهم في تبخر الموارد و ضعف الجوانب التنموية و الاجتماعية و تراجع تحسن مناخ الأعمال بالبلاد. و حذر "شيربا" المؤسسات الدولية من مغبة التمادي في منح موريتانيا مساعدات مالية، معتبرة أن هذه المساعدات ساهمت فقط في زيادة منسوب الفساد.

 

و اعتبر التقرير أن ممارسات هذا الفساد انعكست على الأوضاع التنموية و الاجتماعية مما جعل   موريتانيا رغم مواردها المالية الهائلة لا تزال تحتل المرتبة 156 من  بين 188 بلدا يجري تصنيفها في مؤشر التنمية البشرية و بحسب مؤشر التنمية نفسه فإن 55.6% من الموريتانيين يتعرضون للفقر و حوالي 30% يتعرضون للفقر المدقع.

 

يوشك أن يكون الفساد اليوم سوسة و أحد  معاول الهدم، التي  تدك حصون المؤسسات الوطنية الكبيرة ، و لا أدل على ذلك ما تصفية كل من المؤسسة الوطنية لصيانة الطرق"انير"، و وكالة النفاذ الشامل ، و المصاعب المالية التي تواجه  الشركة الوطنية للإيراد و التصدير "سونمكس"، الشركة الوطنية للصناعة و المناجم "اسنيم"، و التي بموجبها تشارف الشركتان  الوقوع في درك الإفلاس و التصفية، و لا يستبعد ان تلحق مؤسسات أخري بقائمة المؤسسات المهددة بالإفلاس نتيجة خطر الفساد.

 

رابعا:الحالة المعيشية و الاجتماعية

إن مظاهر الحالة الاقتصادية و الاجتماعية الصعبة للمواطنين يمكن تلمسها بكل سهولة في ضعف القدرة الشرائية للمواطنين و تراجع و تدني الموجود من الخدمات على مستوي المدن، و شبه انعدامها في الأرياف.

 

أن استمرار ارتفاع الأسعار في ظل وضع اقتصادي متدني مع إصرار الحكومة على عدم خفض أسعار الوقود ضيٌق على المواطنين في أرزاقهم، فالمواد الغذائية المستوردة تشهد ارتفاعا مضطردا و أسعار الأسماك و اللحوم هي الأخرى في صعود دائم.

 

أما في الوسط الريفي فحدث و لا حرج، فغياب الخدمات أصبح يمثل سمة بارزة، و تزداد أوضاع ساكنة الوسط الريفي سوءا و ترديا مع ندرة التساقطات المطرية التي بدأ شبح تأثيراتها يلقي بظلاله على المنمين و المزارعين، في ظل غياب خطة رسمية جادة لمعالجة الآثار المحتملة لهذه الظاهرة و التي بدأت تلوح في الأفق بعد انحسار المراعي و نضوب المصادر المائية.

 

و يزيد من معاناة سكان المناطق الداخلية ضعف شبكة الطرق و المواصلات و إهمال المطارات الداخلية و وقف العمل ببعضها و غياب رحلات الطيران الداخلي في أغلب المناطق الداخلية و مركزة  الموجود من الخدمات الرئيسية كالصحة و التعليم و التشغيل في نواكشوط.

 

و قد دق  تقرير صادر عن منظمة الأغذية العالمية ناقوس الخطر، معتبرا  أن موريتانيا من بين 28 بلدا إفريقيا مهددا بمجاعة و  بحاجة لدعم غذائي في غضون الأشهر المقبلة.

 

و يعد ارتفاع نسبة الفقر في فترة وجيزة و بوتيرة متسارعة  سابقة في تاريخ البلاد إذ يتفشى الفقر في أكثر من %46 من العائلات الموريتانية و يصاحب ذلك  مستوى عال من البطالة يفوق %37 من السكان النشطين ، حيث يصل إلي سوق العمل سنويا ما يزيد على 20000 من الشباب الذين تقل أعمارهم  عن 25 سنة.

 

و في نفس الصدد  صدر تقرير عن المقرر الخاص لقضايا حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فيليب آلستون ، كشف فيه أن ثلاثة أرباع الموريتانيين يعيشون تحت فقر مدقع، و أن شريحة لحراطين تعتبر من أهم الشرائح تضررا من الفقر و انعكاساته.

 

و على مستوي التعليم لازالت موريتانيا تقع ضمن قائمة الدول الأقل إنفاقا على قطاع التعليم كما تترجم نسبة الولوج، التي تصل  حدود 80% على التعليم الأساسي  ضعف معدل الولوج للتعليم الذي يبلغ متوسطه العالمي حوالي 90% .

 

و إجمالا: فإن سنة 2017 حملت مظاهر سياسية و اجتماعية و اقتصادية مدعاة للقلق حيث تراجعت الممارسة الديمقراطية لصالح التسيير الأحادي و الاستبدادي و شهد الجانب الاجتماعي زيادة كبيرة في مستويات الفقر من خلال سياسات التفقير التي تمارسها الحكومة تجاه المواطنين من خلال غلاء الأسعار و تدني الخدمات و انتشار الفساد و شهد الاقتصاد الوطني انتكاسة كبيرة في ظل غياب سياسات و رؤى حاكمة تُغلب المصالح العليا للبلد في التخطيط و التنفيذ.

 

لقد اتسمت سياسات النظام بطغيان منطق الفرد، فمنذ انقلابه على السلطة  تفاقمت الأزمة السياسية و الاجتماعية حين فشل في تسيير العلاقة بمعارضيه و خلق حساسيات فئوية و عنصرية تهدد اليوم منظومة التعايش الاجتماعي  و اعتمد مقاربات انتقائية لمكافحة الفساد و الفقر كما اخفق  في تقديم نظرة بعيدة المدى للبلد تعمل على تعزيز لحمة الموريتانيين  حول مشروع جامع حقيقي في جو من الطمأنينة و الوئام و الثقة.  إن الحالة الراهنة للبلاد باتت تنذر بالقلق و لعل شواهد الضعف البنيوي للاقتصاد الناجمة عن زيادة المديونية  و ضعف القدرة التنافسية للاقتصاد و انتشار المحسوبية و الزبونية في الإدارة توظيفا و ترقية و تراجع الاستثمارات و تدهور مناخ الأعمال و هروب رؤوس الأموال و تفاقم التوترات الاجتماعية و تزايد الفقر و البطالة  و انحسار التجربة الديمقراطية  و استخدام القضاء و الإدارة لتصفية الحسابات و التخبط الدبلوماسي  خير دليل على حالة الانكفاء التي تعيشها البلاد على مختلف المستويات .

 

و في ظرفية كهذه فان مؤسسة  المعارضة الديمقراطية تدعو الي:

  • إطلاق سراح معتقلي الرأي و في مقدمتهم الشيخ محمد ولد غده و وقف المتابعة بشأن الشيوخ و النقابيين و الإعلاميين.
  • فتح حوار جاد حول ضمانات الشفافية من اجل تبادل سلمي علي السلطة
  • تشكيل حكومة توافقية مكلفة بمواجهة الأوضاع الاجتماعية الصعبة للمواطنين و الإشراف على تنظيم استحقاقات انتخابية نزيهة.
  • القضاء على المتبقي من الإسترقاق و معالجة آثار الظاهرة بكل حزم و مسؤولية، و ما يتطلب ذلك من تمييز ايجابي لصالح ضحاياه.
  • وضع خطة فعالة لإنقاذ المنمين و سكان الريف.
  • فتح الإعلام العمومي أمام الطيف المعارض  و إنهاء احتكاره من طرف السلطة و دعم الإعلام الحر و المستقل.
  • العمل على ترسيخ ثقافة الديمقراطية من خلال الترخيص للمشاريع الحزبية التي تقدم اصحابها بملفات.
  • الاستجابة لمطالب حمالة ميناء نواكشوط المستقل و وضعهم في الظروف المناسبة.
  • الكشف عن مصير المواطنين اسحاق ولد المختار و رشيد مصطفي و إعادتهما لذويهما.
  • الاهتمام بالجاليات في الخارج، و في مقدمتها جاليتنا بالمملكة العربية السعودية، و التي باتت تواجه صعوبات جمة اثر إصدار المملكة لقرارات أخيرة تضيق على الوافدين.

كما لا يسعنا في نهاية هذا التقرير إلا أن نوجه دعوة لرفاق الدرب في المعارضة الوطنية من اجل حثها على المزيد من الوحدة و اللحمة بين بما يضمن خلق تناوب فعلي في الاستحقاقات الرئاسية المقبلة.

 

 

و الله ولي التوفيق