على مدار الساعة

رب أسألك الشفاء من أخطاء الأطباء؟!

20 فبراير, 2018 - 15:30
 سيدي أحمد مولود

في ظل الجدل الدائر بشأن تزوير الأدوية والأخطاء الفادحة التي يرتكبها الأطباء الموريتانيون في حق المرضى، والتي باتت مثارا للسخرية والتندر، وما أثارته وفاة الإداري ولد أحمد شلاَّ من لغط حول الموضوع، حين كشفت الفحوصات الطبية في إسبانيا أن سبب تلف رئته يعود إلى تناوله لجرعات من دواء مزور في موريتانيا، فطفق المدونون يكتبون ويوثقون نوادر القصص في هذا المجال، كلٌ يدلي بشهادات ومعلومات حول حادثة مُعيَّنة من هذا القبيل.

 

في خضم هذا الجدل المتصاعد كتبتُ تدوينة قلت فيها إنني أعرف امرأة كانت تعاني من وجع المرارة، وأجرى لها أحد الجراحين عملية جراحية، فبرأت من المعاناة التي كانت تحدث لها من المرارة، لكنها صارت بعد فترة من الزمن تنتابها آلام حادة في الجَنب، فقابلت طبيبا آخر مُختصا في أمراض البطن طلبا لتشخيص ما تجده، فلما أجرى لها الفحوصات اللازمة أكد لها أن كلية الجانب الذي تجد فيه الألم قد استلت بالكامل خلال العملية الجراحية التي أجريت لها حول المرارة!؟ فلما قررت هي وذووها الإبلاغ عن الجريمة ورفع دعوى قضائية ضد الجاني، علمت بذلك جهات أخرى من أقارب الجراح، فسعت جاهدة مستغلة ما أوتيت من نفوذ ووجاهة لوأد القصة المشينة، وذلك بالضغوطات والوساطات المختلفة، حتى طوي الملف وأفضى الأمر إلى الصلح؟! مع التنبيه إلى أن الضحية لم تتهم الجراح بسرقة كليتها، لكن ما تؤكده ويؤكده الطبيب الثاني أنها استلت من مكانها خطأ أو عمدا...

 

ما إن كتبت التدوينة حتى تقاطرت عليَّ تعليقات القراء ما بين مستنكر للقصة البشعة مُصدق لها بسَرْد حادثة مماثلة تعضُدها وتقويها، ومُكذب يتهمني بحب الشهرة ولفت الأنظار بنشر الشائعات والأراجيف المضللة، وكانت أكثر التعاليق إنصافا وعقلانية تلك التي جاءت من قبل الأطباء، حيث اتخذت طابعا علميا جادا، فنَّدوا من خلالها استحالة صحة الخبر، نظرا لانعدام الترابط بين الكلية والمرارة، وتباعد المسافة بينهما في الجسم، هذا مع تبايُن الهيئة التي يكون عليها المريض عند إجراء العملية، حيث يتطلب الأمر في عملية المرارة أن يستلقي المريض على ظهره، بينما يلزم في عملية الكلى أن يستلقي على بطنه، إلى غير ذلك من الأدلة والبراهين؟!

 

لم أجد بُدا من الاستكانة والانحناء أمام هذه العاصفة الهوجاء من القذف والسخرية والتكذيب المجاني، من قبل خليط من الناس لا يوحده نسَب ولا يجمعه سَبسَبٌ، فقررت حذف التدوينة ريثما أقوم بتحقيق أوفى وأدق مع الضحية وذويها، خاصة بعد أن نصحني أحد الأطباء المقربين بحذف الخبر لبُعده عن الواقعية واستحالته من الناحية الطبية لأنه سيُعرِّضُني للسخرية ويَضربُ مِصداقيتي في الصميم.

 

قمت بعد ذلك بأعلى درجات التحقيق والتدقيق والتحري، فكانت خلاصة ما توصلت إليه أن الضحية كانت تعاني من ألم حاد في البطن، فلما أجريت لها الفحوصات الطبية كشفت عن شحمة فوق الكلية، وهو ما تطلب إجراء عملية جراحية عاجلة، لكن الطبيب الجراح ارتكب خطأ فادحا حيث قطع الكلية بأكملها خطأ، وبعد أن فعل فعلته المشينة أصيب بالخجل وكتم عنها الأمر، حتى كشفته أجهزة الطبيب الثاني الذي شخص المرض وهي الآن توجد في حيْ دُبي بمقاطعة توجنين بالعاصمة نواكشوط، والقصَّة يعرفها القريب والبعيد وتناقلها الكبير والصغير، ولو لا أن الملف قد طوي وآل إلى الصلح، وهي لا تحب الافصاح عن اسم الجاني امتثالا للحكمة الشهيرة (إلِّ لاهِ يردم ما إنتك) لأفصحت عن اسم المرأة والجرَّاح.

 

والتحريف الذي وقع في القصة غلط يعود لقريب الضحية، أما أنا فما زدت على نقل المعلومات بدقة وأمانة دون تهويل أو تبديل، والغرض من الكتابة عن الموضوع ليس نبش الماضي، بل تسليط الضوء على الأخطاء الفادحة التي يرتكبها شذاذ الأطباء بسبب الإهمال وعدم المبالاة...

 

ومعذرة للأطباء النبلاء..