على مدار الساعة

ولد ببانا للأخبار: الأغلبية لا تشارك الرئيس التطورات التي يقدم لها (مقابلة)

8 مارس, 2018 - 12:47
النائب البرلماني والقيادي في الحزب الحاكم محمد ولد ببانا خلال حديثه للأخبار

الأخبار (نواكشوط) – قال النائب البرلماني محمد ولد ببانا إن الأغلبية – للأسف – "لا تشارك الرئيس التطورات التي يقدم عليها خوفا من بعضها البعض، خوفا من أن يفقد أحد منها منصبا أو موقعا معينا بعد أن تلصق به تهمة المعارضة، وأنه لم يقل هذا الرأي إلا لأنه أصلا يعارض بشكل سري، ويكتم معارضته"، ووصف هذا الأمر بأنه "إشكال خطير جدا، ومرض لا أعرف هل لدينا القدرة في قابل الأيام على مواجهته". حسب تعبيره.

 

واعتبر ولد ببانا في مقابلة مع الأخبار أن الأغلبية "لو كانت حاضرة لامتلكت القدرة على إيجاد آليات حقيقة لتطبيق الفكرة التي عبر عنها الرئيس محمد ولد عبد العزيز حول استمرار النهج القائم".

 

وشدد ولد ببانا على أنه يعتقد بشكل جازم أن "الرؤية التي عبر عنها فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز كانت جديرة بأن تناقش نقاشا أكثر فاعلية داخل الأغلبية، لكن – للأسف – الأغلبية، أو غالبيتها - غير قادرة – ولن أقول مريضة حتى لا أستفز أي أحد – غير قادرة في كثير من أطرافها على استثمار النقاط الإيجابية خوفا من فقدانها للولوج إلى مكان أو حضور معين. هذا من المشاكل المطروحة للأغلبية".

 

وأردف: "النهج الذي تحدث عنه الرئيس مبرر، فهو يرى أنه لديه نهجا يتميز بمحاربة الفساد، وباستحداث تنمية مستدامة، إضافة لمعالم أخرى عديدة، والرئيس له الحق أن يحافظ عليه في إطار من المشروعية المقبولة من طرف الجميع".

 

وأضاف ولد ببانا في حديثه للأخبار قائلا: "أنا اليوم أتكلم معكم بشكل صريح، وأعبر عن رأيي بشكل واضح، ولست خائفا، ولا طامعا، لا أتحرى منصبا، ولست خائفا من شيء قمت به في الماضي، أو أقوم به حاليا، ولدي – في الوقت نفسه – قناعة بما أنا مؤمن به من القيم والأفكار ومن التوجهات السياسية، وبالتالي أدعم الرئيس في هذه الفكرة من هذا المنطلق، من منطلق أني أؤمن أنه بإمكان هذا النهج أن يتواصل، إذا حوفظ عليه بطريقة سياسية مقبولة، وراضية للفريق السياسي الذي ينتمي إلى هذا التيار".

 

وتناولت المقابلة مواضيع أخرى عديدة، وهذا نص المقابلة:

 

الأخبار: لنبدأ من آخر التطورات، أجاز المجلس الوطني لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية خلاصات الأيام التشاورية المنظمة من قبل لجنة تشخيص واقع الحزب وتفعيل هيئاته، كيف ترون هذه الخلاصات؟ وما هي نظرتكم لهذه اللجنة؟

النائب محمد ولد ببانا: بداية أشكركم في الأخبار على هذه الفرصة، وأرجو أن تكون موفقة لتوضيح الرأي الخاص لدي حول بعض القضايا التي تودون الحصول على بعض المعلومات عنها.

 

بالنسبة للجنة تشخيص واقع الحزب الحاكم وتفعيل هيئاته، وكذا التطورات التي حصلت في الحزب مؤخرا، أنا كنت من المقتنعين بعدم جدوائية العمل المقام به، أو لأكون أكثر دقة، كنت أطمح أن تكون الطريقة التي تتم بها المعالجة مختلفة، وأن تخضع لمستوى من التشاور ما قبل تشكيل اللجنة، وأن تكون اللجنة نتاج تفاعل داخل الحزب، وإن كانت بإيعاز أو باقتراح أو توجيه من طرف قيادة الحزب، أو من طرف مؤسسيه أصلا، وطبعا، يرتبط هذا بتطورنا السياسي كمجموعة داخل الحزب.

 

وكم يؤسفني أن نكون بعد سنوات من ممارسة العمل السياسي داخل هذا الحزب، ما زلنا غير قادرين على اكتشاف أمراضنا، أو نتعرف على أعراضها، أو نمتلك القدرة على إحداث تحولات ولو بطريقة مشاركة بسيطة منا في تشخيص هذا الواقع ومحاولة حله.

 

ولهذا الواقع الكثير من الأسباب، وقد كنت أنا وبعض الشخصيات التي لديها ردة فعل – قد لا تكون إيجابية – على الطريقة التي تم بها تشكيل هذا اللجنة، وذلك لهذا السبب، لأننا كنا نرى أنه بإمكاننا أن نعالج الاختلالات التي يتعرض لها حزبنا، أو لدى بعضنا القدرة على ذلك، وحين يتم اكتشافها تكون لدينا القدرة على علاجها، مع أني شخصيا سبق وأن عبرت عدة مرات عن وجود مشاكل داخل الحزب تتطلب الحل، وذلك منذ 2010.

 

الأخبار: يرى البعض أن اللجنة بدت كما لو كانت لجنة إصلاح إداري، أي أنها لجنة فنية تضم مجموعة من الكفاءات يمكنها القيام بإصلاحات إدارية، لكنها لا تمتلك خبرة سياسية تخولها معالجة الاختلالات المسجلة في هذا المجال؟

النائب محمد ولد ببانا: ملاحظتي الأولى، ستكون أننا لم نستطع أن نكون نحن أصحاب المبادرة، هذا بالنسبة لي هو أكبر خطإ، وأبرز ملاحظة.

 

والملاحظة الثانية هي أنه كانت لدينا تخوفات نظرا لأشخاص اللجنة – رغم كفاءتهم في مجالاتهم – لكن لم نكن نتصور أنهم ستكون لديهم القدرة التامة على التشخيص الدقيق للوضعية السياسية، وعلى فهم المحيط السياسي الذي يشتغل فيه الحزب فهما صحيحا، وعلى تقديم الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة.

 

يمكن أن يتميزوا بقدر من الولاء، والكفاءة في المجال الإداري يمكن أن تمنكهم من الدقة في مجالات أخرى، وبغض النظر عن كل هذا فقد عبرنا للجنة منذ بداية علمها عن كل هذا الآراء، وكنت ممن أخبرهم بذلك بكل صراحة، وبشكل مباشر.

 

لقد أخبرتهم أني لدي تخوفا من عدم قدرتهم على توضيح المشاكل المطروحة، وفهمها الفهم الصحيح، واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها، لكن اليوم، وبعد مرور هذه الأسابيع، وتنظيم الأيام التشاورية، وما دار فيها، وكذا اجتماع المجلس الوطني، ومصادقته على قانونية الحلول المقترحة، كل هذه الإجراءات أوجدت لدي تصورا أن التشخيص الذي تم، والحلول التي تم الخروج بها – وبمشاركة الجميع – أخذ مسارا فيه نوع من الصواب، وذلك بغض النظر عن من قدمها.

 

فقد كانت أكبر مشكلة يعاني منها الحزب هي عدم انتخاب هيئاته، وهذا – كما ذكرت سابقا – تم طرحه منذ 2010، وذلك في المؤتمر الذي حضرته كعضو في المجلس الوطني، وقد قلت في اجتماع المجلس الوطني إننا لم نكن نتصور أن بعد كل هذا الزمن، وبعد الكثير من التطورات السياسية، يأتينا مدير ديوان الرئيس أو مستشار بلائحة تضم أعضاء المجلس الوطني، وأعضاء المكتب التنفيذي، وأكدت أن المناسب هو أن يتم انتخابهم تماما كما تم انتخاب المناديب القادمين من الداخل.

 

الأخبار: وهل ترون أن هذا تغير الآن بعد الإجراءات الأخيرة المقترحة من اللجنة؟

النائب محمد ولد ببانا: المؤكد هو أن أصحاب القرار، واللجنة، أخذا بهذا المبدأ، على الأقل حتى الساعة، فقد شخصوا خلال الأيام التشاورية، وفي الحلول المقترحة خلالها أن أساس المشكل هو عدم انتخاب هيئات الحزب، وأنها من المشاكل الأساسية المطروحة، كما أكدوا أنه لا بد من إيجاد آلية موضوعية وشفافة لولوج الفاعلين والمناضلين للمراكز القيادية في الحزب عن طريق الانتخاب، وأنه لا توجد طريقة أخرى غيرها.

 

كما أن الإصلاحات التي تم اقتراحها وأجازها المجلس الوطني تحاول كلها أن تلبي هذا الاحتياج، وإذا سارت الأمور بهذا الشكل فأعتقد أننا أمام تطور مهم جدا، وهو أن المجلس الوطني – غدا – بعد اكتمال الانتساب لن يصله إلا من نجح في ذلك عن طريق المناديب، والمكتب التنفيذي لن يصله إلا من جاء عن طريق أصوات أعضاء المجلس الوطني، ورئاسة الحزب وبقية قياداته لن تكون له طريق سوى أصوات أعضاء المجلس الوطني، هذا إذا تمت المحافظة على ما تم تمريره، لأن المحافظة عليه ستجعلنا أمام حالة جديدة داخل الحزب.

 

الأخبار: هل يعني هذا أنكم تؤكدون أن خامس رئيس لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية لن يكون معيّنا – كما قيل عن رؤسائه السابقين – وإنما سيكون منتخبا؟

النائب محمد ولد ببانا: هذا ما ذكرته لجنة تشخيص واقع الحزب وتفعيل هيئاته في تقاريرها، وهو ما تم نقاشه، ووضعت قوانين من نظام أساسي ونظم داخلية من أجل تلبية هذا الاحتياج، لا يمكنني الآن أن أجزم لك – بشكل مطلق – أن هذه النتيجة حتمية، ولكن المؤشرات، والظروف التي دارت فيها النقاشات تدل على أننا نتجه بهذا الاتجاه، وما سيحدده هو جرأة وقدرة المناضلين على تطبيق هذا النصوص، ومنع التلاعب بها مرة أخرى حتى تصل هذه الإصلاحات إلى غايتها.

 

الأخبار: بناء على ما ذكرتموه، هل نتوقع أن يعرف المؤتمر القادم للحزب الحاكم تنافس أكثر من مرشح، وتقديم برامج انتخابية، وتنظيم حملات، وتنافس؟

النائب محمد ولد ببانا: كما تعلم، فالعملية الديمقراطية عملية متكاملة، الحزب جزء من هذه العملية، إذا أخذنا بهذا الإصلاح حتى وصلنا إلى قيادة الحزب عن طريقه، فإننا سنكون – حينها – في مواجهة تطور من نوع آخر في تعاطينا مع الانتخابات الرئاسية، وهو أن تكون أنفس المناضلين وعامة المنتسبين للحزب لديهم توق كبير إلى أن تكون آراؤهم في الانتخابات الرئاسية تخرج من نفس البوتقة، وهي إما عبر التشاور، أو الانتخاب، أو التوافقات، وهذه قضايا مهمة قد يقودنا لنا هذا الإصلاح.

 

الأخبار: يتحدث بعض المتابعين أن ما يجري الآن داخل الحزب الحاكم ليس سوى إعداده في شكل يجعل رئاسته على مقاس الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد أن يفرغ لها عقب رئاسيات 2019؟

النائب محمد ولد ببانا: على كل حال، لن أقف في وجه هذا الفهم. لكني أفضل القول إن هذه الإصلاحات التي من ضمنها أن يكون المجلس الوطني يضم كافة البرلمانيين المنتمين للحزب، وأعضاء الحكومة المنتمين للحزب، بالإضافة لـ90 عضوا منتخبا، ومكتبا تنفيذيا منتخبا، وقيادة من خمسة أشخاص منتخبين، لأن الوزير الأول حين يكون منتميا للحزب سيكون مصادقا على تعيينه من طرف الأغلبية في البرلمان وهذا مرجعية شرعية انتخابية معتبرة، ورئيس البرلمان إذا كان من الحزب سيكون منتخبا من خلال زملائه البرلمانيين، وهذا شرعية انتخابية معتبرة، وبالتالي أعتقد أن هؤلاء الأشخاص جديرين بأن يكونوا هم الموجهين السياسيين للحزب، في ظل كثرة أعضاء المجلس الوطني التي يفرضها ضرورة الانتشار في قطاعات أخرى.

 

لذا أنا أفضل أن أفهم هذا التطور على أنه متطلب زمني لمواكبة الأحداث، أكثر من فهمه وفق الصيغة الأخرى، لأنه لا علم لي بها، ولا اعتراض لدي شخصيا عليها، وإذا جاءت في سياق طبيعي وديمقراطي فستكون خطوة عادية.

 

الأخبار: في كلمتكم خلال حفل العشاء الذي نظمه رئيس الحزب على شرف الكتلة البرلمانية، بداية العام الجاري دعوتم لبناء الحزب على أسس مختلفة عن الأسس التي كانت تبنى عليها الأحزاب الحاكمة، واعتبرتم أن المنتمين لهذا الحزب يجمعهم برنامج موحد حكم عملهم طيلة هذا العقد، كما أشرتم للخلاف الواقع بين الحكومة وقيادة الحزب وبعض البرلمانين، وهنا سؤالان، الأول أين وصل هذا الخلاف؟ والثاني هل ترون أن تشكيل هذه اللجنة جاء استجابة لطلبكم؟

النائب محمد ولد ببانا: طبعا، أنا أرى أن هذه الإصلاحات أجابت على الكثير من التساؤلات من الناحية الفنية، القوانين التي تم إيجادها، الإجراءات الفنية التي اتخذت، تدل على أن هناك فهما لهذا المتطلب الذي سبق وأن طالبت به شخصيا.

 

فيما يتعلق بالصراع، أنا أرى أنه قضية من الطبيعي أن تقع، ولا يمكنني تقديم إجابة لك حول ما إذا كان ما زال قائما أم لا، لأن الجميع الآن وصل لمستوى آخر، فقد دخلنا في موضوع تطوير الحزب، وفي التحضير للانتخابات البرلمانية، والجهوية، والبلدية والتحضير لكل هذا الملفات، وبالتالي لا أعتقد أنه يوجد الآن من يهتم في الوضعية الحالية بالعلاقة مع الحكومة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، الجميع الآن يوجه اهتمامه لمستقبل الحزب من خلال الانتساب، والانتخابات المقبلين.

 

طبيعي أن تقع – غدا – صراعات أثناء الانتساب، وأثناء التنصيب، وأثناء الترشحات، وقد تأخذ نفس الخلفيات التي كانت قائمة، وقد لا تأخذها، ولكن أعتقد أن الصراع الذي كان قائما في طبيعته متجاوز، لأن الوقت تجاوزه، وبالتالي أصبحنا أمام استحقاقات جديدة، الكل يعمل على أن يكون جزءا منها وفاعلا فيها.

 

الأخبار: لمن ستصوت لرئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية خلال المؤتمر القادم؟

النائب محمد ولد ببانا: قد أترشح شخصيا (يضحك). على كل حال إلى حد الساعة لم أسمع بترشح أي شخص لرئاسة الحزب، وما أؤكده هو أني سأدخل الانتساب بشكل فعال، وبروح جديدة، وكلي أمل أن تجد هذه الإصلاحات النور بشكل عملي، وأن تطبق بشكل حقيقي، وإذا ما تم ذلك فإن أي شخص يصل إلى قيادة الحزب عن طريق الانتخاب سأكون من المدافعين عن برنامجه، وأكون عونا له، المهم أن يكون منتخبا، وأن لا يكون معينا.

 

الأخبار: كل الفعل السياسي في البلاد الآن يطبخ على نار 2019، ويجري تداول أسماء شخصيات باعتبارها المرشحة لخلافة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، من أبرزها قائد أركان الجيوش الفريق محمد ولد الغزواني، والعقيد المتقاعد الشيخ ولد بايه، ويجري الحديث عن انقسام داخل الأغلبية حولهما، أيهم أوفر حظا لنيل دعمك في الانتخابات القادمة؟

النائب محمد ولد ببانا: (يضحك) لحد الساعة لم أسمع عن انقسام على هذا النحو، ولم أسمع حتى اليوم أي نقاش جدي وعملي حول من سيترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وما أؤكده هو أن أملي كبير في الأغلبية التي أنتمي إليها، والحزب الذي أنتمي إليها تحديدا أن ينجح في الاختبار القادم، وأنا متأكد أنه إذا نجح في هذا الاختبار، وتجاوزه بطريقة سليمة ومضبوطة، فإنه سيكون قادرا على إخراج المرحلة المقبلة بطريقة إيجابية.

 

الأخبار: اختيار مرشح للرئاسة يختلف عن انتخاب رئيس للحزب، فرئيس الحزب سيختار وفقا للآليات الموجودة في النظام الأساسي للحزب، بينما المرشح يمكن أن يتم التوافق عليه ويختار من خارج الحزب، هل حسمتم في الأغلبية مرشحكم في الانتخابات الرئاسية القادمة؟ أو ناقشتم طريقة اختياره؟ وهل أصبحتم تتعاطون مع تأكيد الرئيس ولد عبد العزيز المتكرر بأنه لن يترشح لمأمورية جديدة كأمر واقع؟

النائب محمد ولد ببانا: شخصيا لم أحضر أي نقاش داخل الأغلبية، ولم أتشارك التفكير مع أي شخص في الأغلبية حول هذا الموضوع. قناعتي الشخصية هي أن ما أعلنه الرئيس يجب أن يحترمه الجميع، وأعتقد أنه تفكير تقدمي جدا بالنسبة للجميع، وأن ما ينقص المنطقة التي نعيش فيها – بصورة عامة – هو أن تكون فيها قيادات تقرر ثم تلتزم بما قررته، هذا هو ما ينقص المنطقة الإفريقية بصورة عامة، والعالم الثالث، كما أن الأمثلة الموجودة اليوم في العالم، والمحمولة على الرؤوس هي الأمثلة التي برعت في هذا الاتجاه، بمعنى أنها وضعت أسسا سليمة لعملية سياسية منظمة منضبطة، ينعم فيها الشعب بالرخاء والتقدم. القادة الذين يساهمون في هذا النوع من الاتجاهات لن تسلمهم شعوبهم إلى المجهول أو إلى الفراغ، أو إلى عدم المبالاة، بل على العكس من ذلك سيلعبون أدوارا متميزة جدا في مستقبلها، وفي ذاكرتها التاريخية.

 

أما أن يكون هناك تفكير عملي في هذا الاتجاه، فأنا لم أسمع به، ولم أحضره، وأعتقد أنه ما زال لديه الوقت.

 

الأخبار: من الإجراءات التي أعلنت عنها اللجنة ضمن إجراءات إصلاح الحزب إطلاق عملية الانتساب، ألا ترون أن الظرف الآن غير مناسب لها في ظرفية الجفاف الذي تعرفه العديد من مناطق البلاد، وخصوصا في المناطق الشرقية، وأن مناضلي ومنتسبي الحزب سيكونون مشغولين عن هذه الحملة بسبب وضعية ثروتهم الحيوانية؟

النائب محمد ولد ببانا: هذا صحيح، لا شك أن المنطقة الشرقية، بل حتى المناطق الأخرى من البلد – بكل أسف – تمر بظروف مناخية صعبة تؤثر على وضعها الاجتماعي.

 

ولكني أرى أن المقاربة التي اعتمدها الحزب في هذه الظروف، إذا ما تم احترامها فلن تكون العملية مكلفة، وهي أنهم يتركون الناس تنتسب بشكل حر، وتنتخب بشكل حر، وأن لا تكون هناك هذه الوصاية الدائمة من طرف الفاعلين على المفعول بهم، وهي الطريقة التي تجعل الشعب في ظروف تفرض عليك أن تهتم بجميع احتياجاتهم، وهذه مقاربة صعبة، وأثبتت فشلها في الماضي، ولا يأخذها أي حزب إلا وولدت له مشاكل وعقبات كبيرة.

 

والأحسن منها أن يترك الشباب والنساء والرجال ينتمون لهذه المشروع السياسي بطريقة حرة، وبدون أي تنظيم قبْلي، أن يأتي العداد لمنطقة معينة وبإشراف من إدارة الحزب، ويطلب منهم الانتساب للحزب إذا كانت راغبة في ذلك، ففي هذه الحالة إذا كانت هناك ظروف اجتماعية أخرى لن تؤثر على انتسابها.

 

أما إذا بقينا في المقاربة القديمة، وهي أن الفاعل السياسي عليه أن يجر مقاطعة بأذيالها حتى تنتسب، فهذا سيرتب عليه أنه عليه أن يطعمها ويسقيها، وربما يكسوها كي تنتسب، وبالتالي يكون انتسابها زائفا.

 

وهنا يكون من اللازم أن يطرح الفاعلون السياسيون هذه الإشكاليات التي أعتقد أنها تبرر بقاؤهم في إدارة الشعوب من أجل مصالح عامة – ربما -، لكن – أيضا – من أجل تموقع سياسي دائم وثابت، هذه هي الوضعية السياسية التي نوجد فيها، وكان على اللجنة أن تعالجها بالإضافة إلى المعالجة الفنية لنصوص الحزب، وذلك من خلال تحديد من هم الناخبون الكبار الذين نريدهم؟ وهل ما زلنا نعتمد المقاربة التقليدية للأحزاب الحاكمة باعتمادها على شيوخ القبائل والفاعلين المحليين بما يترتب على ذلك من النظر لوضعهم الاقتصادي والاجتماعي، ومساعدتهم؟ أم نريد أن نستفيد من هذا الجيل الجديد الشاب الذي يريد أن ينتمي إلى حزب يخدم من خلاله بلده، ويخدم من خلاله مصالح البلد العامة، ونترك له الفرصة بشكل حر حتى يعبر عن آرائه.

 

أعتقد أن اعتماد هذه المقاربة الأخيرة سيكون أفضل في تطوير الديمقراطية، وفي تطوير الحزب ذاته، وفي رفع الحرج حتى عن الفاعلين أنفسهم في أنهم لا بد أن يكونوا شيوخ "كانتونات" معينة.

 

الأخبار: عبرتم عن عدم رضاكم عن عجز الحزب عن معالجة اختلالاته الذاتية، وأبديتم رضاكم عن عمل اللجنة الفني في إصلاح الحزب، هل يعني هذا أنكم غير راضين عن أدائها السياسي؟ وهل ترون أن دورها انتهى، وأن بقية العمل يمكن لهيئات الحزب أن تقوم به؟

النائب محمد ولد ببانا: أعتقد أن اللجنة، وقيادة الحزب الحالية، وكل الفاعلين السياسيين أمام اختبار الانتخاب في هذه العملية المقبلة، أعمال ما قبل الانتخاب تمت، التهيئة تمت، وعندما ينتسب المناضلون ويعبرون عن آرائهم أعتقد أننا انتقلنا إلى وضعية أخرى.

 

إذا كان أعضاء اللجنة – وفيهم طاقات سياسية - مهتمين بشكل جماعي أو بشكل فردي فقد يكونون في الواجهة في المستقبل، وهنا لا حرج عندي من التعامل مع أي شخص منهم استطاع بكفاءته السياسية، وبقدراته الانتخابية أن يلج إلى مراكز قيادية، فإذا القضية تنتهي عندما يبدأ الانتساب، وبعد الانتساب نحن أمام مرحلة أخرى تفرزها هذه العملية، ونحن نتطلع إلى أن نعمل مع من أفرزته.

 

الأخبار: هل حسمتم موضوع انتخاب المجلس الوطني للحزب؟

النائب محمد ولد ببانا: أعتقد أن هناك توجها للانتخاب عبر اللائحة وبالنسبية أيضا، وهذا هو الأساس لأنه إذا لم ينتخب المجلس الوطني بطريقة شفافة، فالعملية كلها لا معنى لها، المجلس الوطني سينتخب عبر اللائحة وبالنسبية، وبالتالي هذا ما يفتح الباب أمام طموحات المناضلين والمنتسبين للولوج إلى مراكز صنع القرار بطريقة شفافة، وهذا هو المعيار العادي والطبيعي لاستثمار قدراتهم في هذه المرحلة، من التهيئة إلى الانتساب.

 

الأخبار: قلتم إنكم كنتم تودون أن تكون اللجنة المكلفة بتشخيص واقع الحزب وتفعيل هيئاته نتاج تفاعل داخل الحزب، كما أن بعض أعضاء اللجنة دخلوا الحكومة ممثلين لحزب آخر، وبعضهم لا يعرف له انتماء للحزب الحاكم، هل عجز قادة الحزب عن إصلاحه، واضطروا للاستعانة بأشخاص من خارجه؟

النائب محمد ولد ببانا: قد يكون حكمي الشخصي على اللجنة خاطئا، بشكل واضح وصريح، عندما رأيت أسماء اللجنة – ونظرا لعدم تجربة بعضهم السياسية – كان من الأجدى عندي أن تضم نوعيات أخرى.

 

لكن مع الوقت – وللأمانة – وبشكل موضوعي، الخطوات التي أقدمت عليها اللجنة حتى انتهى عملها تصب في صالح اللجنة، ولا تصب في صالح التصور الذي كنت أتبناه قبل إقدامها على العمل، لأن المخرجات كانت على المستوى، وما ينقص الآن هو فقط ما سيحدث في المستقبل، إذا كانت الخطوات المقبلة في مستوى مخرجات العمل الحالي، فإننا أمام تطور إيجابي بالمطلق، وإذا حدث العكس – لا قدر الله – فأعتقد أنهم قاموا بجزء إيجابي، وتم الفشل في جزء آخر.

 

الأخبار: إذن التحدي من وجهة نظركم، هو تحدي حرية الاختيار داخل هيئات الحزب؟

النائب محمد ولد ببانا: طبعا، وترك الفاعلين السياسيين لهذه المخرجات تمضي إلى نهايتها بطريقة آمنة، لا تتدخل فيها، ولا تسيرها لمصلحتها، وأن تترك هذه القواعد الناظمة للعمل السياسي عن طريق الانتخاب داخل الحزب من بدايتها إلى نهايتها كحكم بين مختلف الفاعلين السياسيين في الحزب، وأعتقد أنه إذا تم النجاح في هذه النقطة فنحن أمام بنية سياسية قوية تقف على شرعية حقيقة من منسبيها.

 

الأخبار: في ميدان العمل البرلماني، كنتم عضوا في البرلمان السابق 2006 – 2013، كما انتخبتم في البرلمان الجديد، هل يمكنكم المقارنة بين البرلمانيين؟

النائب محمد ولد ببانا: المقارنة غير واردة في بعض النواحي، فالوضعية التي اشتغل فيها البرلمان الأول مختلفة عن وضعية البرلمان الحالي. تميزت وضعية البرلمان الماضي بوضعية سياسية من مستوى معين، كما أن طبيعة البرلمانيين مختلفة، فالبرلمان الماضي كان يتشكل من مختلف الطيف السياسي في البلد ككل، والبرلمان الحالي توجد فيه بعض الأطراف السياسية فقط.

 

وهناك اختلاف آخر، وهو أن أكثرية البرلمان الماضي كانت من مجموعات لها تجربة طويلة في المجال السياسي، وحتى في المجال العلمي، وهي صورة تناقصت في البرلمان الحالي.

 

الأخبار: تناقصت لصالح التجار الذي سجلوا حضورا كبيرا في البرلمان الجديد؟

النائب محمد ولد ببانا: طبعا، والسبب في ذلك هو مقاطعة أحزاب المعارضة، لأن مقاطعتها جعلت المنافسة محدودة في أحزاب من تيار معين في الأغلبية، وبعض أحزاب المعارضة، وهذا غيب أطرافا في المعارضة وجعل الاختيارات في الأغلبية غير مدروسة بما يكفي.

 

الأخبار: ألا ترون أن المال السياسي أصبح له دور متزايد قد يشكل خطرا على العمل السياسي في البلاد؟

النائب محمد ولد ببانا: شخصيا أعتقد أنها مسألة سلبية جدا، وأن يجب أن توضع لها ضوابط في المستقبل، طبعا يجب أن تكون ضوابط سياسية، لا يمكن أن تكون ضوابط قانونية.

 

أنتم تعلمون أنه في العالم أجمع يبدأ تطور التجربة البرلمانية برجال الأعمال ثم تصل لتقليص حضورهم لصالح فاعلين في مجالات أخرى، وأنا أخشى أن يحصل لدينا العكس.

 

أنا أنظر إلى البرلمان المقبل، وأتخوف أن أي شخص لا يمتلك الأموال سيكون من الصعب عليه أن يتمكن من دخوله، وبالتالي فهذه إشكالية مطروحة، وطبعا سيؤثر ذلك على أداء البرلمان، كما أثر على أداء البرلمان الحالي، وعلى الأحزاب السياسية – وهذا سبق وأن طالبت به – أن تحسن الاختيار لمرشحيها في المستقبل، وأن يكون لصالح الفاعلين السياسيين على حساب الفاعلين الاقتصاديين، دون أن يتم إقصاؤهم بشكل مطلق، لكن تكون هناك منطقية في وجودهم داخل الغرفة البرلمانية.

 

الأخبار: المعارضة المقاطعة تشكو غياب الحوار، المعارضة المحاورة تشكو أيضا غياب التشاور، الأغلبية تشكو هي الأخرى، وهناك مآخذ لدى بعضهم على الطريقة التي تم بها اختيار اللجنة التي كلفت بتشخيص واقع الحزب، ألا ترون أن هذا يؤثر سلبا على الأجواء السياسي في البلاد؟

النائب محمد ولد ببانا: مسار التشاور في البلاد مليء بأشياء لا تكفي مقابلة كاملة للبسط فيه، وتحديد المسؤول عنه، وبصورة عامة فالتشاور أفضل من عدمه، وهذا لا يخفى على أحد، وأعتبر شخصيا أن على كل الأطراف أن تسعى للحوار والتشاور، وأن تستثمر أي بصيص أمل تراه في الطرف الآخر.

 

وعموما، إذا كانت القواعد الناظمة للعلاقة بين الأغلبية والمعارضة آمنة، فإن هذا يعوض شيئا ما غياب الحوار، آمنة للمشاركة السياسية، من قبيل طمأنينة الأطراف للمشاركة في الانتخابات من خلال لجنة مستقلة للانتخابات ومن خلال قوانين وضوابط تضمن مستوى كبيرا من الشفافية، وأعتقد أن هذا إذا وجد يحسن شيئا ما، ويعطي مبررا معقولا للمشاركة السياسية، وهو ما قد يفضي في المستقبل إلى نوع آخر من الحوار السياسي في ظروف أخرى.

 

الأخبار: هل يعني هذا أنكم تدعون لتشاور حول تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات؟

النائب محمد ولد ببانا: بالتأكيد، وأعتقد أن أكبر إشكال نواجهه في تاريخنا الحديث هو أن نطمئن لحكم الانتخابات، أحزاب المعارضة كانوا يرفضون المشاركة لأن وزارة الداخلية هي المشرفة على الانتخابات، وكانوا محقين حينها، وعندما تم استحداث لجنة مستقلة للانتخابات حدث تحول فعلي، لكن في الانتخابات الماضية لوحظ ضعف في أداء اللجنة المستقلة للانتخابات، وهو ما يتطلب توسيع المشاركة فيها، وتوسيع التشاور حولها، حتى تكون أداة مقبولة وآمنة للتعبير عن إدارة الناخبين.

 

الأخبار: تشاور حتى مع المعارضة المقاطعة؟

النائب محمد ولد ببانا: إذا أرادت ذلك، وكانت لها نية إيجابية تجاه المشاركة وتقديم ملاحظاتها حول هذه الآلية، فحينها أعتقد أن هذا شيء جيد، لأنه سيضمن أن يكون جميع الفرقاء مشاركين في إيجاد هذه الآلية، ومطمئنين للنتائج،

 

الأخبار: تتحدث أطراف عديدة في الأغلبية وعلى رأسها الرئيس محمد ولد عبد العزيز عن مواصلة ما يصفونه بـ"النهج السياسي" حتى بعد مغادرة الرئيس، هل ترى أن لديكم القدرة على ذلك؟

النائب محمد ولد ببانا: بالتأكيد، أنا أعتقد – بشكل جازم – أن هذه الرؤية التي عبر عنها فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز كانت جديرة بأن تناقش نقاشا أكثر فاعلية داخل الأغلبية، لكن – للأسف – الأغلبية - أو غالبيتها - غير قادرة – ولن أقول مريضة حتى لا أستفز أي أحد – غير قادرة على في كثير من أطرافها على استثمار النقاط الإيجابية خوفا من فقدانها للولوج إلى مكان أو حضور معين. هذا من المشاكل المطروحة للأغلبية.

 

النهج الذي تحدث عنه الرئيس مبرر، فهو يرى أن لديه نهجا يتميز بمحاربة الفساد، وباستحداث تنمية مستدامة، إضافة لمعالم أخرى عديدة، والرئيس له الحق أن يحافظ عليه في إطار من المشروعية المقبولة من طرف الجميع.

 

ولو كانت الأغلبية حاضرة – كما أسلفت – لامتلكت القدرة على إيجاد آليات حقيقة لتطبيق هذه الفكرة، لكن للأسف الأغلبية لا تشارك الرئيس التطورات التي يقدم عليها خوفا من بعضها البعض، خوفا من أن يفقد أحد منها منصبا أو موقعا معينا بعد أن تلصق به تهمة المعارضة، وأنه لم يقل هذا الرأي إلا لأنه أصلا يعارض بشكل سري، ويكتم معارضته، وهذا إشكال خطير جدا، ومرض لا أعرف هل لدينا القدرة في قابل الأيام على مواجهته.

 

أنا اليوم أتكلم معكم بشكل صريح، وأعبر عن رأيي بشكل واضح، ولست خائفا، ولا طامعا، لا أتحرى منصبا، ولست خائفا من شيء قمت به في الماضي، أو أقوم به حاليا، ولدي – في الوقت نفسه – قناعة بما أنا مؤمن به من القيم والأفكار ومن التوجهات السياسية، وبالتالي أدعم الرئيس في هذه الفكرة من هذا المنطلق، من منطلق أن أؤمن أنه بإمكان هذا النهج أن يتواصل، إذا حوفظ عليه بطريقة سياسية مقبولة، وراضية للفريق السياسي الذي ينتمي إلى هذا التيار.

 

الأخبار: يفصلنا حوالي سنة عن الانتخابات الرئاسية 2019، وهي انتخابات تفرض انتقالا مع الانتخاب، وليس مجرد الانتخاب بسبب الاستحقاق الدستوري غير المسبوق في تاريخ البلد، ألا ترون أن هناك تأخرا في التحضير لهذا الاستحقاق، سواء على مستوى الأغلبية أو المعارضة؟

النائب محمد ولد ببانا: هذا صحيح، والسبب فيه هو ما كنت أتحدث عنه آنفا، الأغلبية تعودت على أنها لا يمكن أن تتصارح، سأتحدث لك بصراحة، بعضهم عندما يقرأ هذا الكلام سيتهمني بأنني من المعارضة (يضحك). أنا لست مجبرا على موقفي، ولا توجد أي قوة يمكن أن تجبرني على اتخاذ موقف معين، موقفي مع النظام، ومع الرئيس اتخذته بكامل إرادتي، وبقناعتي المطلقة، وما زلت والحمد لله أحتفظ بالقدرة على التعبير عن رأيي مع موقفي.

 

وأرى أن السبب الذي جعل الأغلبية غير قادرة على استشراف المستقبل، مع أن كل واحد منها يستشرفه الآن في منزله حين يكون وحده يبحث عن المستقبل، لكنهم غير قادرين على أن يجتمعوا ويتحدثوا عن المستقبل بشكل صريح وبشكل صائب وفعال وسليم.

 

أنا أرى أن الأغلبية – إلى اليوم - غير مهيئة لأن تعبر عن موقفها من الانتخابات الرئاسية 2019 في هذه المرحلة.

 

الأخبار: لماذا الأغلبية غير مهيئة للتعبير عن موقفها من الانتخابات وهي أضحت قريبة؟

النائب محمد ولد ببانا: للأسباب التي ذكرتها سابقا. أنا شخصيا عندما عبر رئيس الجمهورية عن هذا التوجه الذي عبر عنه، إذا عبرت الآن عن قبوله سينظر له بعضهم على أنه موقف من الرئيس، وهو على العكس من ذلك، أنا أعتقد أنه موقف لصالح الرئيس، لأني حين أرى شخصا يقدم على مسألة نبيلة في نظري، أو مقبولة سياسيا، أو هي ما ينبغي أن يكون أعتقد أن هذا تقدير له وليس طعنا فيه.

 

العكس هو الصحيح، الذين يطعنون في الرئيس هم الذين يكذبونه، وهم الذي يحاولون – كما حاول غيرهم في الأنظمة الماضية – أن يجعلوا من رمزية الشخص عاملا سلبيا عليه، ويظهر مع الوقت أنهم غير متمسكين به، والأمثلة لدينا في هذا السياق كثيرة، من زمن معاوية ولد الطايع، ومن أزمة أخرى قبل ذلك، في كل مرة يأتي رئيس ويظهر منافقون يظهرون ما لا يبطنون، ويبطنون ما لا يظهرون.

 

أنا شخصيا أعتقد أن الرئيس قام بمجهود استثنائي في تنمية هذا البلد، وأنه خدم بلده خلال السنوات الماضية، ولست متأسفا على أني دعمت هذا النظام، وأني ساهمت بلساني وبمجهودي – حسب طاقتي – في أن أُسس لهذه النظرة التنموية التي أفادت الكثير من الفقراء في موريتانيا، فوزعت القطع الأرضية على سكان أحياء الصفيح، وفكت العزلة عن آخرين، ووفرت المياه والكهرباء لآخرين، وأنا مسرور ومرتاح لأني ساهمت في هذه المرحلة بمجهودي.

 

لكن أعتقد أن المحافظة على أُسس الجمهورية بطريقة لائقة ومقبولة تحدٍّ علينا جميعا أن نتجه لكسبه خاصة وأن فخامة الرئيس هو من يقودنا إلى هذا الاتجاه، ومع ذلك أنا من الذين يدعون إلى المحافظة على هذا النهج من خلال الرؤية التي يقدمها رئيس الجمهورية لكن لا أقبل أي رؤية أخرى ولا أتعاطف معها، لأني أعتقد أنه حتى من يتحدثون عنها، يتحدثون بطريقة غير لائقة.

 

وفي الأخير أؤكد لكم، كما ذكرت في أثناء المقابلة، أنني أنتمي لهذا الحزب، وهو بالمناسبة ثاني حزب أنتمي له في حياتي، وقد حضرت بداية تأتسيسه، وقمت فيه بأدوار كبيرة جدا، أحمد الله تعالى عليها وأشكره.

 

كما أود أن أقول إنني دعمت الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال المرحلة الماضية، وإنني ما زلت أدعمه، بكل جد، وبكل ثقة، وبكل قناعة، وأرجو من الله أن يوفقه في الوصول بهذا البلد إلى بر الأمان، وبطريقة مقبولة وترضي الجميع، وأذكره أن المجموعات التي كان يقول لنا إن من مهماته الأساسية القضاء على نهجها، وعلى النفاق الذي تنتهجه، وعلى توجهاتها التي لا تخدم  المصلحة العامة، أذكره بأن هذه المجموعات ما تزال تتكاثر، وأنهم جديرون بالمحاربة، تماما كالمفسدين، ومن يقفون في وجه تنمية البلد، فهم بحاجة إلى حرب مشابهة للحرب على المفسدين، تستهدف هؤلاء الذين لا يعبرون في مواقفهم عن أي اقتناع، ولا عن أي حقائق تهدف لتطوير البلد، ولا حتى مصلحة الرئيس نفسه، وإنما يعيشون على هذه الظاهرة العاطفية أكثر منها سياسية، أو مقنعة، وبالتالي أرجو للرئيس التوفيق، وأرجو للحزب التطور، وأن يكون الامتحان المقبل إيجابيا بالنسبة له، وأن نخرج منه بحزب قوي، قادر على مواصلة الحكم بطريقة ناضجة، ومسؤولة.