على مدار الساعة

مسكين طائر الحُبارى...فرحته لن تدوم طويلا

12 مارس, 2018 - 17:29
 المهندس: الهيبة سيد الخير

تعد الطيور حيوانات فقارية، من ذوات الدم الحار، تضع البيض، وهي ثنائية الحركة، وذات أجنحة وريش يبلغ تعدادها ما يناهز عشرة آلاف نوع على مستوي العالم وبذلك تكون أحد أغنى صفوف الفقاريات بالأنواع.

 

تعتبر موريتانيا من أكثر الدول غنى بأنواع الطيور، حيث يتواجد على أرضها 548 نوعا، أي ما يمثل نسبة 5.48% من تنوع العالم، فلنأخذ مثلا عدد الطيور في السعودية فهو 488، بينما تضم الجزائر 402، وليبيا 339، أما مصر فتضم481، وسوريا 386 نوعا، وقطر 211 نوعا، أما أوربا فتضم فقط 953 نوعا.

 

تنتمي طيور موريتانيا إلى 23 رتبة مختلفة، سنتطرق هنا لإحداها وهي رتبة الحُباريات Otidiformes والممثلة في بلادنا بسبعة أنواع، أي ما يعادل 21% من تنوع العالم من الحُباريات، وهي طيور مهددة بالانقراض وتقع على اللائحة الحمراء للتحالف الدولي لحماية الطبيعة UICN، كما أنها محمية حسب مقتضيات معاهدة CITES، وهي على حافة الانقراض في بلادنا بسبب القنص الجائر، وتدهور موائلها ويطلق على أنواعها الكبيرة "لحبارة" أما الأنواع الصغيرة "احبيرت الرك" وهي:

 

لحبارة Chlamydotis undulata (Outarde houbara)

طائر حُباري واسع الانتشار، ومتوسط الحجم، الذكر أكبر حجما من الأنثى، ويتراوح وزنه ما بين 1.2 و3.2 كغ ويعيش منعزلا باستثناء فترة التكاثر، ويمتلك هذا الطائر نظاما غذائيا متنوعا يضم أساسا الحشرات والسحالي والأفاعي والثمار البرية.

 

لحبارة Ardeotis arabs (Outarde arabe)

طائر حُباري متوسط الحجم، يبلغ وزنه 4.5 كغ، وكان هذا الطائر واسع الانتشار في بلادنا، خصوصا بين أشجار السنط، وله نظام غذائي متنوع، يشمل الزواحف الصغيرة والبذور والصمغ العربي.

 

لحبارة    Neotis denhami(Outarde de Denham)

طائر حُباري كبير الحجم قد يبلغ وزنه 10 كغ، وهو من الأنواع المهاجرة وله نظام غذائي متنوع يضم العقارب والنمل الأبيض والضفادع، وبالرغم من كونه على وشك الانقراض في بلادنا، إلا أنه يتواجد بأعداد مقبولة في عدة دول إفريقية كأنغولا ووسط إفريقيا.

 

لحبارة Neotis nuba(Outarde nubienne)

طائر حُباري متوسط الحجم يبلغ وزنه 5 كغ وهو نوع غير مهاجر.

 

احبيرت الرك Lissotis melanogaster (Outarde à ventre noir)

طائر حُباري صغير الحجم لا يتجاوز وزنه 2.5 كيلوغرام، ويبدو شكله غريب بسبب طول العنق والساقين، وهو سهل التميز بسبب ريش بطنه الأسود، وينتشر عادة في السهول القصيرة الأعشاب، ولا يعد من الطيور المهاجرة، إلا أنه مع ذلك يقوم بهجرات داخلية ويغتذي على الحشرات والفقريات الصغيرة والبذور.

 

احبيرت الرك Eupodotis senegalensis (Outarde du Sénégal)

طائر حُباري صغير الحجم وزنه 1.5 كيلوغرام، جيد التخفي وبطيء الحركة، وغالبا ما يتواجد ما بين الأعشاب أو الشجيرات، ويعيش في مجموعات صغيرة وله صوت حاد يسمع من عدة كيلومترات، يتغذى الطائر على الحشرات والسحالي والثمار البرية.

 

احبيرت الرك Lophotis savilei (Outarde de Savile)

طائر حُباري من أصغر الأنواع التي تنتشر في إفريقيا وفي بلادنا.

 

أهمية البيئية للحُباري

تُعد الحُباري مكونة هامة في نظامنا البيئي، حيث تلعب أدوارا هامة في توازنه، فهي مسؤولة عن ضبط أعداد الحشرات، والعديد من مفصليات الأرجل والزواحف والفقاريات الصغيرة، هذا فضلا عن كونها جزءا من تراثنا الثقافي ومنشط لذاكرتنا الشعبية.

 

واقع حماية الحُباري في بلادنا

تعد الحُباري والظباء في بلادنا أكثر الطرائد تعرضا للقنص، لقيمة لحومها في الموروث الشعبي، وقد كانت منتشرة بشكل واسع في بلادنا، إلا أن تراجع موائلها بسبب موجات الجفاف وقطع الأشجار، أدى إلى انخفاض أعدادها بشكل كبير، ومما زاد الطين بلة انتشار الأسلحة والسيارات العابرة للصحراء، وتحسن نظم الملاحة واللوجستيك، حيث أوشكت على الانقراض إن لم تكن بعض أنواعها انقرضت تماما، حيث لا يُعرف بالضبط وضعها الحالي في بلادنا.

 

لم يشفع للحُباري تحريم مدونة الصيد لقنصها ،كما لم تشفع لها المعاهدات الدولية، ولم تتم مراعاة قيمتها البيئية والثقافية والجمالية والسياحية، فهي اليوم يتيمة وما من بواكي لها، فوزارة البيئة - وبالمناسبة يكفيها هذا الشق من اسمها - لا تهتم سوى للمناسبات البيئية الممولة من تازيازت أو MCM ، أو بدراسات تقييم الأثر البيئي لمصانع موكا وغيرها من أنشطة التلويث، فوسائل التواصل الاجتماعي تعج بمشاهد التعدي على الحياة البرية والموثقة بالصوت والصورة، لأنواع محمية بقوة القانون، ومع ذلك فلن تجد شجبا ولا استنكارا ولا عتابا، من تلك الوزارة، ناهيك عن المساءلة، فالحياة البرية تتعرض لتخريب ممنهج وبشكل واضح لا يخفي على أحد.

 

لقد اطلعت على مراسلة لوزارة البيئة، تجيب فيها على استمارة حول حماية الأنواع المدرجة في ملاحق معاهدة CITES، وقد كانت الإجابات صادمة، وتعكس درجة الاستهتار بمواردنا وبالتزاماتنا الدولية.

 

توطين طائر الحُباري في الشمال الموريتاني

شاهدت في الأيام الماضية حملة إعلامية واسعة لعملية إطلاق 200 طائر حُباري في الشمال الموريتاني، تم إكثارها في أحد فروع الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى IFHC، وهو مؤسسة دولية ممولة من دولة الإمارات الشقيقة، وتعنى بإكثار طائر الحبارى في مناطق انتشاره عبر العالم، ولا شك أن هذه المبادرة طيبة، وقد كان من الممكن أن تعطي نتائج إيجابية، لكن الحملة الإعلامية المرافقة لم تكن موفقة، وقد ترتد عكسا، فتلك الطيور المسكينة فرحتها بنيل الحرية لن تدوم طويلا، حيث سيتربص بها جيش من القناصين، بدأت قهقهات استهزائهم تسمع في كل مكان، ولا شك أن بعض تلك الطيور طهيت في مراجل المفسدين، فقد كان من الأجدر إطلاقها بسرية تامة، أما الحماية الحقيقية فتكون بنشر الوعي وبالتطبيق الصارم للقوانين، وعندها فقط يكون لعملية التوطين معني وفائدة.

 

إن الهوايات متعددة ولعل أشهرها في العالم تلك المتمحورة حول جمال الطيور وتصنيفها، كما أن روابط حماية الطيور عديدة، فمثلا هنالك رابطة Cigognes sans frontières الأوربية والتي تبذل جهودا جبارة للمحافظة على طائر النعيجيات Ciconia nigra الذي يقضي فترة الشتاء في مناطقنا الداخلية، خصوصا ولايات الشرق، فلماذا نكتفي بهوايات قد تسبب فناء تنوعنا الحيواني، ولماذا يا تري يبقى المجتمع المدني متفرجا؟

 

من المؤسف والمخجل أن نعتمد على الآخرين في كل شيءـ فهل يعقل أن نطلب الدعم لجلب الطيور، لكي يقنصها بعض المفسدين!، فقد كان الأولى بوزارة البيئة أن تعتذر عن عملية التوطين، حتى توفير الحد الأدنى من الحماية، خصوصا أن ثلث تلك الطيور يُرصد بالأقمار الصناعية وستؤكد وضعه في القريب العاجل.