كلمة الإصلاح تأسف على سماعها الدائم من المسلمين بأن هناك اجتماعا ينعقد بين الحين والآخر يحضره الأوربيين لمعالجة قضية التطرف الديني الذي اصطلح المسلمون وغيرهم على تسميته بالإرهاب ولكن هذه التسمية سواء نطق بها المسلمون أو غيرهم لا تعنى عند الآخر إلا المتطرفين من دعاة إتباع الدين الإسلامي.
والآن قرأت في المواقع أنه انعقد مؤخرا ملتقي تحت مسؤولية فرنسا ولكن يحضره العلماء والشيوخ من الموريتانيين.
ومن المعلوم أن القارئ المنصف إذا تأمل الموضوع وعلم أنه نقاش للتطرف الديني خاصة فسيدرك دون عناء تفكير أنهم سوف لا يتطرقون إلى أن هذا التطرف الديني المنسوب إلى الإسلام لا تمكن معالجته إلا بما أمر الله به المسلمين أن يعالجوا به أمورهم ككل وخاصة إذا خرجت طائفة متمردة على تعاليم الإسلام أو حتى متمردة على السلطة الشرعية الحاكمة سواء تأولت أو لم تتأول بل جميع ما يفسر بأنه محاربة لله ولرسوله أو نشر الفساد في الأرض في كل هذا عند المسلمين خاصة ما يعالجونه به معالجة شرعية مقتولها من السلطة شهيد إن استوفت مع القاتل شروط المعالجة الشرعية ولم يبق إلا البغي أو الفساد في الأرض.
وتجدر الإشارة هنا إلا أن ذكر محاربة الله ورسوله هنا معناها الخروج عن تعاليم الإسلام سواء كان بالقول أو الفعل أو الفساد في الأرض بأنواعه الكثيرة وكلها تدخل في البغي ومحاربة الله ورسوله.
ولكن المرء المسلم الآن لا يعرف من يوجه إليه هذا الميزان وهذه التعليمات الواضحة التي إن لم تنجح في الدنيا فنجاحها في الآخرة يجب الإيمان به وهو أفضل وأعظم وأسلم لأنه الدائم دواما لا نهاية له.
فإذا أراد المسلم أن يوجهها إلى ما يسمى الآن بالعرب المسلمين الذين هم الآن مكان انتشار هذه الظاهرة فسيجد أنواع التطرف في كل اتجاه حتى التطرف اللامعقول مجسم الآن أمام جميع العالم فيما يسمى عند البشرية بالأمة العربية فلو كانت البشرية كلها الآن جسما مجسما لكانت عورته تتمثل في الجامعة العربية مجتمعة وعندما تريد تبعيض جسمها لذهبت مصر إلى مكان العورة المغلظة وتتحمل معها السعودية والإمارات هذا المنظر فالمستمع لما ينشره الإعلام سيجد أن رئيس مصر أخرج فجأة ثلثي شعبه من الحياة على أرضه ولرأى مسؤولي السعودية والإمارات يضحك عليهم أكبر مخبول في العالم وهم يحاولون خلق جيوب له ليملؤوها بملايير الدولارات وهو يقول لهم هذه قروش بالنسبة لكثرة أموالكم: هذا كلام يتقزز منه كل عاقل غير مسلم ولا سيما مسلما يقرأ قوله تعالى {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} كما أن سماعه يمرض كل مسلم له غيرة على الدين ولا سيما إذا كان حملة هذا القول ينتسبون إلى العروبة والحياة فوق الأرض المقدسة..
ولذهبت الجزائر والمغرب بالعقل المخبول من الجسم لطول العداوة بينهما لعدم وجود عقل صحيح يصح منه التفكير ولكانت العراق وليبيا هما أجنحة هذا الجسم العربي المشلول لتشيع العراق وتنازع الليبيين على الميراث ويكون مرحاض هذا الجسم سوريا بمراقبة الأسد.
هذه الصورة التي نأسف على كتابتها هكذا هي التي لو كانت صحيحة في جسمها لتوجه إليها بصورة أولية مكافحة هذا التطرف الديني داخليا دون أن يشعر العدو الحقيقي المتأصل في هذه العداوة وهو الذي يسمي متطرف العرب والمسلمين بالإرهابيين ويقتل أبناءهم ونساءهم بآلة قتل كالحشرات لأن عروبتهم بالنسبة لهم جراثيم وتطرفهم في إسلامهم يعنى تحرك الجراثيم في نظرهم للفتك بجسم الإنسانية جمعاء فيجب القضاء عليهم أين ما وجدوا وأيا كانوا فليس فيهم عندهم أبرياء.
هذه الصفة الكاشفة أيضا لهذا العدو المخالف في الدين كيف يوجد عنده علاج لمكافحة تطرف العرب والمسلمين في دينهم.
إن انعقاد هذا الملتقى فوق دولة موريتانيا الإسلامية وبحضرة علمائها وشيوخها ولكن فوق قطعة أرض تمتلكها فرنسا سياسيا لمعالجة التطرف الديني العربي الإسلامي أشبه بالبحث عن شيء في الغرب وهو قد ضاع في المشرق.
فالعلماء الموريتانيون ليس عندهم نصوص يقدمونها لمكافحة التطرف إلا النصوص الإسلامية والاستدلال بها أمام الجانب الفرنسي يشبه تنابز اليهود والنصارى فيما بينهم المذكور في القرآن {وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب}.
ومن هنا أود أن أقول إن علينا نحن الموريتانيين خاصة أن ننتهز الفرصة وندرك جيدا أن الله سائلنا عن ما اختصنا به من عطائه لنا المتميز.
فالمستمع لوزير الشؤون الإسلامية الشاب في إذاعة القرآن وهو يعطي دروسا تارة من أصول الفقه وتارة من الفقه نفسه بذلك الأسلوب المنساب بالتفصيل المؤثر في أذن كل سامع ذاهبا مباشرة إلى قلبه موزعا توزيعا عادلا على جميع حواسه يدرك دون عناء أن موريتانيا عندها الاكتفاء الذاتي لمعالجة التطرف الديني علما وأسلوبا وفهما وأخلاقا، وليست معالجته في موريتانيا فقط لأن المتطرفين من موريتانيا نتيجة لتربيتهم البيئية بالأخلاق الموريتانية الأصيلة سهل رجوعهم إلى الحق عندما يسمعونه ممن يمثلون الحق الشرعي في الوقت الذي يدركون فيه أن محاوريهم يعتقدون أنهم يوقعون عن رب العالمين ولكن الذي على موريتانيا وعلى وزيرها للشؤون الإسلامية الذي أعطاه الله هذا العطاء المعرفي الخاص الذي نسمعه عن طريق محاضراته الكاشفة عن حقيقة الإسلام وروحه التي أوحاه الله بها على محمد صلى الله عليه وسلم أن يبدأ اقتراحا عمليا يحتسبه عند الله، وقطعا سوف لا يكون رئيس الدولة عندنا هو الهيئة المانعة عن فعل هذا السبق الخيري الإسلامي الصريح والصحيح لأن السيد الرئيس لا شك أنه يجب أن يكون نتيجة لما ورائياته الإسلامية من الذين يسابقون إلى الخير في الدنيا وهم سابقون له في الآخرة كما نرجو له ذلك.
فيقوم هذا الوزير الشاب المتمكن من موضوع مهنته أن يطلب انعقاد اجتماع لوزراء لشؤون الإسلامية ولا أقول هيئة المؤتمر الإسلامي لأن ذلك يأكل هو وجامعة الدول العربية في معي واحد في الشرق الأوسط معنى ذلك أنه اقترن بالحمار وسيقا إلى اللا مبالات وعلمه الشهيق والنهيق.
ولكن أريده أن يستدعى وزراء الشؤون الإسلامية أو ما يتنزل منزلتهم في دولهم ويتذاكر معهم أو يذكرهم بأن الله سائل السلطة الإسلامية في كل دولة إسلامية عن معالجتها للمتطرفين الدينيين فيها، ويذكرهم كذلك بخطورة سماحهم فوق أرضهم بقتل الإسلاميين ولو متطرفين بسلاح عدوهم فسيقـتلون هم على السكوت على ذلك يوم محشرهم مع اختلاف الموتـتين لأن قتل المتطرف سوف يلقى ربه بعده مباشرة وسوف يعامله بما كان الرب مطلعا عليه من فعل المتطرف حسب نيته في تطرفه أما الموتة الأخيرة للسلطات فإنها سوف تكون من أنواع الموت في الآخرة كقوله تعالى {إنه من يات ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيي} وقطعا لا أعلم في الدين أكثر جرما ممن يستطيع أن يعيد متطرفا إلى رشده ومع ذلك يختار قتله عن ذلك سواء بيده وتكون العقوبة إذا تركه يقتل بيد عدوه الديني أعظم لأنه إذا كان يأمل 1% في رجوعه دون قتله ومع ذلك قتل فإن النصوص القرآنية والأحاديث الصحيحة تبـين ما يلقاه فاعل ذلك من العقاب يقول تعالى {يأيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فـتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلك لست مؤمنا} الخ ا ما يفهم من لآية.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لأسامة: "أقـتلته بعد أن قال لا إله إلا الله وكرر عليه القول" الخ الحديث الصحيح.
هذا المؤتمر عندما ينعقد تحت شعار: "السلطة في الدول الإسلامية" تدعوا كل من عنده فكرة عن الطريق المستقيم في الإسلام أن يحضر إلى المؤتمر لمناقشتها مع الراسخين في العلم من أئمة المسلمين.
وقبل انعقاد المؤتمر يختار لهذا النقاش أئمة مستقيمون في أنفسهم أولا ومتضلعون ومطلعون على كل أنواع الحركات الإسلامية المسماة بالإرهابيين عند غير مصر والسعوديين والإمارات لأن إرهابي هذه الدول المذكورة لا يعنى الإرهاب الإسلامي بل تعنى كل ما يرفض أفكار سلطاتها المتطرفة بالمعنى الصحيح والتي تنحصر في ما قاله المولى عز وجل عن فكرة فرعون عن نشاط موسى الإصلاحي في قوله تعالى {وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم وأن يظهر في الأرض الفساد}.
ولكن هذا المؤتمر يجب أن يوجه دعوة مباشرة إلى ما يسميه الغرب صراحة بالإرهابيين مثل: القاعدة وفروعها إذا كانت لها فروع وكذلك داعش وكل من آمن بفكرتها ، فهاتان الهيئتان أظن أنهما هما اللتان عندهما فهما للإسلام أكثر تشددا أو على الأقل هذا الفهم لا يعول على أن المجتمع في العالم أصبح قرية واحدة ولا بد من استخراج المصلحة العامة للإسلام في التعامل مع الواقع ولكن صحيحا أن هذه المصلحة لا بد لها من فهم علماء مختصين يظهرونها هي وأدلتها من القرآن والحديث والإجماع وباختصار العمل على صياغتها في سياق يؤمن بإسلاميته كل مطلع عليه، وتفهم السلطة هنا أنها سلطة دنيوية على المصلحة العامة في أقطار المسلمين، والسلطة سواء حصلت بالوراثة السلطوية أو بصناديق الاقتراع فهي سلطة محدودة مشتركة بين مسؤولي السلطة والشعب كل سوف يسأل أمام الله عن ما بين له في إتباع العلاقة مع الآخر في النصوص الشرعية وهذه المساءلة لا بد من وقوعها.
فإذا حصل اجتماع بين قادة هذه الحركات والعلماء الراسخين في العلم بعيدين كل البعد عن النفاق لأي جهة وما أكثر هذا الوصف في علماء اليوم ولا سيما في الشرق الأوسط الموبوء بحب السلطة على نمط السلطة الجاهلية لا تفكير في العقوبة الأخروية ولا مشاركة في الرأي إلى حقيقة ما نعرف جميعا من السلطة المنسوبة مع الأسف إلى العروبة والإسلام فسوف تكون بإذن الله النتيجة مضمونة لصاحب الحسنة.
وهذه القمة إذا انعقدت بإذن الله فإن أول إجراء ستتفق عليه أن تقول بصراحة للدول الأوربية ارفعوا أيديكم عن قتل المسلمين أيا كانوا واتركونا نحن وأمتنا المتطرفة سوف نقتل منها ما يستحق القتل تحت الأوامر الإسلامية الكفيلة بتحقيق نشر الإسلام والهدوء والسكينة في جميع ربوع أراضينا أما أنتم فسوف نضمن لكم ألا يصلكم بعد اليوم أي أذى من أي متطرف ديني ينتمي إلى العروبة أو ينتمي إلى أي دولة إسلامية، أما معاملتكم أنتم مع المسلمين الحاملين لجنسيتكم فذلك شيء يعنيكم، فإذا كان عندكم ثأر في أي قضية من هؤلاء المتطرفين فحان أن ينتهي أثرها من كثرة ما قتلتم منهم من الأبرياء بالطائرات العمياء الخ.
فمعلوم أن أي شخص ولو غير متطرف ولا سيما إذا كان عنده تأويلا فسوف لا يترك رؤية مخالف له في الدين يقتل أبناءه ونساءه وسيزداد الحقد والكراهية للسلطة الإسلامية إذا رآها تقتله بالاشتراك مع عدوه الديني.
أما الإجراء الآخر بعد طلب الأوربيين برفع أيديهم عن قتل المسلمين فعلى كل دولة إسلامية أن تحصى ما في هذه المنظمات الحاملين لجنسيتها وتعلن عفوها العام عنهم إذا رجعوا إلى دولهم واشتركوا في الحوار الإسلامي الخاص داخل كل دولة إسلامية ولا شك أنه عندئذ سوف يعود الكثير والكثير ويدلي بما عنده عن فهم الإسلام ليناقش معه.
هذه أظنها هي أسهل وأقرب طريقه إلى إنهاء الإرهاب الملصق بالإسلام وهو دين السلام.
وفي الأخير فإنني أتيقن أنه بعد انقضاء القرون الثلاثة الفاضلة فسوف لا يخلوا أي قرن من سلطة وشعب وأشخاص غير فضلاء، ولكن إذا تمسكت أي أمة بكتابها وطبقته في سلطتها على شعبها فسوف يسهل أمامها سلوك الطريق المستقيم في حياتها وعلى كل حال فالله يقول للجميع {اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير}.