الأخبار (الفاظلة – ضواحي جكني) – "يوم الاثنين 16 إبريل غادرت قرية الفاظلة إلى مدينة جكني في موعد طبي اعتيادي، ركبت عربتنا رفقة والدتي وتوجهنا إلى المركز الصحي، وهناك قدموا لي دواء فقدت إثره الوعي، لأنتقل بعد ذلك كما أخبروني بين عدة مستشفيات قبل أن أعود البارحة".
هكذا تلخص الفتاة أيده بنت الداه (30 سنة) رحلة غاب عنها أكثر تفاصيلها بسبب فقدها للوعي بعد ساعات من الوصول إلى المركز الصحي في مدينة جكني بولاية الحوض الشرقي.
وتضيف أيده: "لقد أجروا لي فحصا للبول، ثم حقنوني بحقن انتهى بعدها كل شيء، لقد فقدت الوعي، وفقدت ذاكرتي، ولم أستعدهما بشكل طبيعي إلى الآن رغم مرور أسبوعين على الحادثة".
معاناة بين المستشفيات
الخظرة بنت سلمى والدة الفتاة أيده، تقول إن واقع القرية وعزلتها، وانعدام الخدمات فيها يجعل معاناة سكانها متجددة، مشيرة إلى أن رحلة أيده بدأت من البحث عن حمار لجر العربة من القرية إلى جكني (7 كلم)، وبعد العثور عليه والوصول إلى المركز بدأت رحلة أخرى بين المراكز والصحية والمستشفيات، أتعبتهم كثيرا، واستنزفت جيوبهم.
تقول الخظرة إن الله من على ابنتهم بوضع ابنها أثناء حجزها في المركز الصحي بجكني، غير أن حالتها الصحية تفاقمت، وبعد أربعة أيام في المركز الصحي بجكن يفرر المركز نقلها إلى مستشفى العيون.
حصلت الأسرة على سيارة أحد الأقارب لتنقلهم إلى اعوينات الزبل (80 كلم) عبر طريق رملي مليء بالمطبات، ومن اعوينات الزبل استطعنا – تقول لخظيرة – تأجير سيارة بعشرة آلاف أوقية إلى مدينة العيون عاصمة الحوض الغربي (90 كلم).
ظلت الحالة الصحية للفتاة أيده تراوح مكانها – تقول لخظيرة – حيث وصلت غيبوبتها، كما فقدت الرؤية، وبعد 15 يوما أخبرنا الأطباء أن حالتها عادية، وان ارتفاع حرارتها هو الذي أدى لما وصلت إليه، أعطونا أدوية، وطلبوا منا مراجعتهم بعد ثلاثة أشهر.
إنفاق فوق الطاقة
الشيخ ولد المداني أحد مسني القرية، ورافق أيده خلال رحلتها من جكني إلى العيون، قال إنه لم يواكبها أثناء تنقلها من قرية الفاظلة إلى جكني لأنه غادرت في موعد اعتيادي، غير أنه أبلغ بتدهور حالتها الصحية، وحاجتها للرفع إلى مستشفى العيون.
وأكد ولد المداني أن التنقل بين المستشفيات من جكني، إلى اعوينات الزبل، فالعيون، وكيفة، كلف الأسرة صرفا يفوق قدرتها بكثير، وشارك العديد من ساكنة القرية في تحمل عبء الرحلة العلاجية المطولة.
وأضاف ولد المداني أنه إضافة لتأجير السيارة من اعيونات الزبل إلى العيون، وقد صرفنا 26 إلى 27 ألف أوقية في الوصفات الطبية. بقينا في العيون ليلة أو ليلتين ثم وجهونا إلى كيفة للعلاج فيها، حيث أجرنا سيارة الإسعاف العمومية بـ30 ألف أوقية، ولم أواكب ما صرف في كيفة لكن أبلغت أنها كان مبلغا كبيرا.
فيما أكملت لخظيرة سرد ما أنفقت الأسرة في كيفة بقولها إنه زوج الفتاة صرف أكثر من 100 ألف أوقية قدم بها من جكني، كما اتصل على ذويه وأرسلوا له 40 ألف أوقية، وانتهت هي الأخرى، وقبل يومين قدمت أنا له مبلغ 10 آلاف كانت بحوزتي، كما أرسل لي أحد الأقارب 22 ألف أوقية، وهي التي عدنا بها إلى قريتنا البارحة.
انعدام للخدمات الصحية
النوه بنت مسعود قالت إن قريتهم لا توجد فيها أي خدمات صحية، وإن يضطرون لنقل أي إصابة عدة كيلومترات على جكني، وليس لديهم أي وسيلة نقل سوى العربات التي تجرها الحمير، وأحيانا يمضون ساعات يبحثون عن الحمير في ظل قلتها في موسم الجفاف الحالي.
وأشارت بنت مسعود إلى أن الفتاة أيده كانت لديها مراجعات مع الطبيبة الموجودة في جكني، وكانت لا تمكث يوما إلا وراجعته في اليوم الثاني، وأن الطبيبة أبلغتهم بارتفاع حرارتها، واحتجزتها، حيث وضعت ابنها، لكنها بقيت في المستشفى أربعة أيام قبل أن ترفع إلى العيون، ومنها إلى كيفة.
ووصفت بنت مسعود حال قريتهم والعديد من القرى الأخرى بالإهمال، والتهميش، واللا مبالاة من قبل الحكومة، مردفة بقولها: "الحكومة ترمي بنا، وتهملنا في بداوتنا هذه، ونحن لا حول ولا قوة".